تقترب ذكرى مرور 50 عامًا على حرب أكتوبر (1973)، حرب "يوم الغفران" بحسب تسميتها الإسرائيلية. ويحيي الإسرائيليون الذكرى في موعدين: وفقًا للتقويم العبري الذي صادف يوم الإثنين الماضي، وبموجب التاريخ الميلادي، الذي يصادف يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ولا تكاد تمر ذكرى سنوية لحرب 1973 من دون أن يُكشف النقاب في إسرائيل عن خبايا وصراعات الجنرالات خلالها. وبشكل عام، تؤكّد الكشوف الجديدة أن إسرائيل لم تتوقع هذه الحرب، وانتقدت نفسها على ذلك بشدّة بالغة، مع العلم، بحسب إحدى الروايات، بأنها تلقت إنذارًا بشأن نية مصر وسورية شنّ الحرب، لكنها لم تقتنع بهذا الإنذار، "إذ وصل إليها قبل الهجوم العربي بيوم واحد فقط" على ذمّة بعضهم. كما أن عنصر المفاجأة، وهو أحد أهم عناصر الحرب عامة، كشف ضعفًا في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وخصوصا شعبة الاستخبارات العسكرية. ولقد جرى تناول هذا الجانب بتوسّع على مدار الأعوام الماضية.
وإذا ما غضضنا الطرف عمّا تحمله هذه الكشوف من تداعياتٍ شتّى كانت متعلقة في حينه بالجوانب العسكرية الصرفة، فإن طريقة التفكير النسقيّة وراء تلك الصراعات فيها ما يحيل إلى مسألتين متصلتين من حيث المعنى والمبنى، وكانت بدورها الدافع لصوغ أهم الافتراضات التي كانت مهمةً، ليس في تلك الفترة فحسب، إنما أيضًا في ما تلاها من فترات.
المسألة الأولى أن ما ساد لدى المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية، على أعتاب حرب 1973، هو أن تجهيز الجيش الإسرائيلي لأي حرب قد يخوضها يجب أن يتمّ لا على أساس القوة التي يمتلكها الخصم العربيّ الذي سيحاربه، وإنما بناء على تقديرات إسرائيل نياته. وهذا استنتاج قال به جميع الذين أخذوا على إسرائيل، بمؤسّستيها السياسية والعسكرية، استغراقها حتى الثمالة في مشاعر النشوة التي انتابتها بعد الانتصار الذي حققته في حرب 1967. وهي مشاعر تسبّبت، إثر تلك الحرب، بشيوع تقديراتٍ لدى المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية في ما يخصّ قوة مصر وجيشها مبنية على النيات والرغبات أكثر مما على قوتهما الحقيقية، وفي مقدمتها التقدير بأن مصر لم تعد قادرة على شنّ حربٍ ضد إسرائيل. وشهد أحد الضباط الإسرائيليين من الذين اشتركوا في حرب تشرين أنه سمع بنفسه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت يقول في دورة ضباط من فرقة المظليين إن "مصر باتت دولةً يُرثى لها"!
ويستأنس القائلون بهذه المسألة بشهادة وزير الأمن الإسرائيلي إبّان حرب 1973، موشيه ديّان، أمام لجنة أغرانات، وهي لجنة التحقيق الإسرائيلية الرسمية التي تقصّت وقائع حرب تشرين، الذي أكّد أن خطأه الكبير تمثل في تقييمه الذي قلّل فيه من قدرات الجيش المصري، وبالغ في تقييم قدرات الجيش الإسرائيلي.
أمّا المسألة الثانية فتحيل بدورها إلى عامل المفاجأة، ولكن ليس من احتمال شنّ الحرب، إنما من قدرة العرب عمومًا على شنّها. وفي هذا الصدد، كتب ميخائيل ميلشتاين، وهو أحد أبرز الباحثين الإسرائيليين المختصين في الشؤون العربية، وهو مسؤول أمني سابق، أن المحاضر الجديدة بشأن مداولات الحكومة الإسرائيلية عشية نشوب حرب 1973 وفي أثنائها التي كشف النقاب عنها حديثًا في مناسبة مرور نصف قرن عليها، تجسّد بالملموس كيف أن المفاجأة الرئيسية التي انتابت القيادة في إسرائيل لم تكن من مجرّد انفجار الحرب يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر، وإنما من سلوك الجانب العربي. ويمضي هذا الباحث قائلًا: ذُهلت القيادة الإسرائيلية من مجرّد أن الجيوش العربية حاربت بجسارة وعزم، وحصدت نجاحاتٍ، وأبدت حكمة وإدراكًا، وأجادت في تفكيك شيفرة طريقة التفكير الإسرائيلية، وعملت بهدي منطق إستراتيجي مُركّب، استصعب الخبراء في إسرائيل فك ألغازه. وخلص إلى أن جذور هذه المفاجأة الإسرائيلية كامنة في نظرة الاحتقار حيال الإنسان العربي والمزروعة في منبت رؤوس القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل، وكذلك في أوساط الجمهور العريض، وتعمقت أكثر فأكثر عقب حرب 1967.
أقلام وأراء
الجمعة 29 سبتمبر 2023 9:26 صباحًا - بتوقيت القدس
قراءات إسرائيلية مستجدّة لدروس حرب 1973

دلالات
المزيد في أقلام وأراء
الكوميديا والسقوط في فخ الابتذال
رمزي الغزوي
قرار نتنياهو آخر مسمار في مواجهة الدولة العميقة
فراس ياغي
غزة قبل ثلاثة عقود.. حلم «سنغافورة»
جيمس زغبي
مخاطر الهدنة من دون وحدة وحل سياسي
هاني المصري
خازن الجحيم!
إبراهيم ملحم
الأولويات الوطنية وسندروم التآكل الذاتي
جمال زقوت
ضرب الحوثي والعين على إيران
طلعت إسماعيل
جرائم تتجاوز كل الخطوط الحمراء
حمادة فراعنة
تصيّد الحرب.. ضرب من الجنون
بهاء رحال
سوريا الآن في أخطر مفترق طرق
عريب الرنتاوي
غزة في الميزان.. نظرة على حركات التحرر العالمية
هل توجه أمريكا وإسرائيل ضربة عسكرية استباقية لإيران؟
راسم عبيدات
والناس نيام !
ابراهيم ملحم
ويتكوف إذ ينقلب على نفسه!
إبراهيم ملحم
معوقات نجاح المرحلة الانتقالية للإدارة السورية الجديدة
كريستين حنا نصر
هل سيحقق المجلس المركزي الإصلاح الشامل ويواجه التحديات الوطنية المصيرية؟
بسام زكارنة
حماس أول الخارجين عن مقررات القمة العربية!
د. رمزي عودة
موقف .. هل حقاً تراجع ترامب عن فكرة التهجير؟
سياسات واشنطن المعادية لفلسطين
حمادة فراعنة
الحضور الفلسطيني والانحسار الإسرائيلي
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
حماس أول الخارجين عن مقررات القمة العربية!

اجتماع عربي طارئ بالقاهرة يناقش التصعيد الإسرائيلي في غزة
منظمة التعاون الإسلامي تدين استئناف عدوان الاحتلال على قطاع غزة
قطر تدعو المجتمع الدولي للتصدي بحزم لسياسة التجويع بغزة
الأشغال الشاقة المؤقتة 10 سنوات لمدانين بمحاولة اقتطاع جزء من الأراضي الفلسطينية لضمها إلى دولة أجنبية

غزة: استشهاد قيادات من حماس جراء غارات جيش الاحتلال
نتنياهو: من الآن فصاعدًا المفاوضات ستجري تحت النار
الأكثر قراءة
إقالة رئيس الشاباك.. نتنياهو يغرق الدولة لينجو برأسه

حماس أول الخارجين عن مقررات القمة العربية!

ضبط 6 أطنان من المواد الغذائية الفاسدة في محافظة رام الله والبيرة
760 وحدة استيطانية ومعهد ديني يهودي.. التفكجي لـ"القدس": بلدية الاحتلال تفصل البلدة القديمة جغرافياً وديمغرافياً بكتلة استيطانية ضخمة

رئيس الوزراء: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال تستدعي من المجتمع الدولي التحرك العاجل لوقفها

استشهاد الناطق باسم سرايا القدس "أبو حمزة" وعائلته في عدوان الاحتلال
غزة: استشهاد قيادات من حماس جراء غارات جيش الاحتلال

أسعار العملات
الأربعاء 19 مارس 2025 9:44 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.67
شراء 3.66
دينار / شيكل
بيع 5.18
شراء 5.16
يورو / شيكل
بيع 4.01
شراء 4.0
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 870)
شارك برأيك
قراءات إسرائيلية مستجدّة لدروس حرب 1973