Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عربي ودولي

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 8:57 صباحًا - بتوقيت القدس

بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

البروفيسور جمال حرفوش: توقيع الرئيس بوتين على إمكانية استخدام السلاح النووي تحوّل خطير في قواعد الردع الدولي

طلال عوكل: نتنياهو لن يتراجع عن ضرب البرنامج النووي الإيراني وقد يلقى تأييداً ومشاركة من إدارة ترمب

د. دلال عريقات: الحروب تنتهي على طاولة المفاوضات والتوترات عادةً ما تسبق الحلول الدبلوماسية والسياسية

نزار نزال: العالم يقترب من مشهد خطير قد يُفضي لاستخدام "النووي" وإمكانية الانزلاق لحرب عالمية ثالثة

د. رائد أبو بدوية: إدارة بايدن تريد تجهيز أوكرانيا لوضع تفاوضي أقوى استعداداً لحكم ترمب بعد دعمها بالصواريخ

د. سعد نمر: التهديدات النووية بالرغم من خطورتها سوف تظل جزءاً من خطاب الردع ولن تتحول إلى واقع

 

تتصاعد التوترات الدولية والتحذيرات من انزلاق العالم نحو مواجهة نووية، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وبسبب التصعيد بين إسرائيل وإيران.


ويرى كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن المخاوف تتزايد من تأثيرات هذه الأزمة المعقدة على الأمن والاستقرار العالمي، مؤكدين أن المواقف المعلنة تعكس واقعاً دولياً مضطرباً، حيث أصبحت التهديدات النووية جزءاً من لعبة الردع الجديدة، في وقت تتصارع فيه القوى الكبرى على النفوذ الإقليمي والدولي. 


ويشيرون إلى أن التحركات الروسية، المتجلية في توقيع الرئيس فلاديمير بوتين على مرسوم يتيح استخدام السلاح النووي، تشكل مؤشراً على تحولات خطيرة تهدد النظام الدولي القائم على توازنات قديمة.


من جهة أخرى، يلفت الكتاب وأساتذة الجامعات إلى أن إسرائيل تقف عند مفترق طرق استراتيجي مع تصعيد تهديداتها بضرب المنشآت النووية الإيرانية الإيرانية، ما قد يشعل صراعاً إقليمياً واسع النطاق.


في المقابل، يرى الكتاب وأساتذة الجامعات أن الدبلوماسية، بالرغم من التحديات الكبيرة، لا تزال السبيل الأنسب لتخفيف حدة التوترات ومنع العالم من الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة لا يمكن احتواؤها.

 

أزمة عالمية ذات أبعاد استراتيجية تتسم بتهديدات نووية 

 

يعتقد البروفيسور د. جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، أن العالم اليوم يواجه أزمة متشابكة ومعقدة ذات أبعاد استراتيجية تتسم بتهديدات نووية مباشرة وتصعيد إقليمي ممنهج. 


ويؤكد حرفوش أن تهديدات إسرائيل المتكررة بضرب المنشآت النووية الإيرانية ليست مجرد تصريحات عابرة، بل تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقويض وتقييد النفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط. 


ويرى حرفوش أن هذا التصعيد الإسرائيلي يرفع من احتمالية اندلاع صراع إقليمي واسع النطاق، خاصة في ظل تزايد الاضطراب في التحالفات الدولية وتباين المصالح بين القوى العظمى.


من جهة أُخرى، يشير حرفوش إلى المرسوم الصادر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إمكانية استخدام السلاح النووي، واصفًا إياه بأنه تحول خطير في قواعد الردع الدولي. 


ويوضح حرفوش أن العالم يشهد انتقالاً من مرحلة اعتُبر فيها السلاح النووي الملاذ الأخير إلى مرحلة جديدة تتمثل في التهديد الفعلي بالتصعيد النووي. 


هذا التحول، بحسب حرفوش، يعكس تآكل النظام الدولي الذي قام على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، حيث باتت القواعد القانونية غير قادرة على ضبط سلوك القوى الكبرى، ما يزيد من تعقيد المشهد الدولي ويهدد استقرار النظام العالمي.


ويرى أن استمرار الحرب الإقليمية فترة طويلة قد يكون جزءاً من استراتيجية أمريكية ضمنية، تهدف إلى استخدام الصراعات الحالية كورقة ضغط سياسية. 


ويشير حرفوش إلى أن الإدارة الأمريكية قد تستفيد من إطالة أمد هذه الأزمات، خاصة في ظل الانقسام السياسي الداخلي الذي تشهده البلاد، فيما يُعول بعض الأطراف على مرحلة انتقالية بين إدارة الرئيس جو بايدن وعودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قد يسعى لاستثمار المرحلة المقبلة لتحقيق مكاسب استراتيجية، وهو ما يعقد الجهود الدبلوماسية ويؤخر الوصول إلى حلول سلمية.


وحول مسألة استخدام السلاح النووي، يؤكد حرفوش أن هذا الخيار ليس مستبعداً، لكنه يخضع لحسابات عسكرية وسياسية معقدة، فمن الناحية العسكرية، استخدام السلاح النووي يتطلب توفر أهداف ذات قيمة استراتيجية حاسمة، وقدرة على تحقيق توازن نسبي بعد تنفيذ الضربة، وهو ما يجعل من الصعب اللجوء إليه حتى في أشد السيناريوهات. 


ومن الناحية القانونية، يشدد حرفوش على أن استخدام السلاح النووي يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة، لكونه يؤدي إلى تدمير واسع النطاق ويخلّف خسائر بشرية كارثية.

 

استغلال الثغرات القانونية أو الادعاء بـ"الدفاع عن النفس"

 

لكن حرفوش يحذر من أن بعض القوى الكبرى مثل روسيا أو الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استغلال الثغرات القانونية أو الادعاء بـ"الدفاع عن النفس" كذريعة لتبرير استخدام هذا النوع من الأسلحة.


سياسياً، يعتقد حرفوش أن اللجوء إلى السلاح النووي سيؤدي إلى نقطة تحول كبرى في النظام الدولي، حيث سيعيد رسم التحالفات الدولية ويضعف المؤسسات الأممية، مثل الأمم المتحدة، مما قد يدفع العالم إلى حالة من الفوضى غير المسبوقة. 


ويشير حرفوش إلى أن بوادر نشوب حرب عالمية ثالثة تلوح في الأفق، لكن تبقى التساؤلات حول شكل هذه الحرب في العصر الحديث، الذي لم يعد يعتمد فقط على المواجهات العسكرية التقليدية، بل يشمل أيضًا الحروب الاقتصادية، والسيبرانية، والمعلوماتية.


ويعتبر حرفوش أن التصعيد المتزامن بين القوى الكبرى في مسارح جغرافية متعددة، مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، يعزز من خطر وقوع صراع شامل. 


ويعتقد حرفوش أن السباق المحموم على تعزيز الترسانات النووية يزيد من تعقيد الوضع، فيما تعكس تصريحات ترمب حول هذه المسائل إدراكاً لطبيعة التحولات الجيوسياسية، فالتنافس بين القوى العظمى يدور حول الموارد والمناطق الاستراتيجية، في وقت ينقسم فيه العالم بشكل حاد بين الشرق والغرب.


وبالرغم من أهمية الدبلوماسية كأداة لتخفيف حدة التوترات، يشير حرفوش إلى أنها تواجه تحديات كبيرة بسبب تآكل الثقة بين القوى الفاعلة. 


الأزمات الحالية، وفقاً لحرفوش، تتطلب إطاراً تفاوضياً جديدًا يتجاوز النماذج التقليدية، ويشترط توافر إرادة سياسية حقيقية، مدعومة بضمانات دولية فعالة. 


ومع ذلك، يشدد حرفوش على أن الحلول الدبلوماسية لن تكون فعالة ما لم يتم إصلاح النظام الدولي ليصبح أكثر عدالة وشفافية، مع ضرورة إشراك الأطراف الإقليمية في صنع القرار.

 

العالم يعيش في أجواء حرب عالمية ثالثة

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن العالم يعيش عملياً في أجواء حرب عالمية ثالثة، التي بدأت ملامحها تتجسد مع الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي جاءت نتيجة سلسلة من التحركات والاستفزازات الأمريكية التي تهدد الأمن الاستراتيجي لروسيا. 


الولايات المتحدة، وفق عوكل، لم تدخر جهداً في تعبئة الإمكانات الاقتصادية والعسكرية لحلف الناتو بهدف إلحاق الهزيمة بروسيا، وفي مواجهة هذا التحدي، أظهرت كل من الصين وكوريا الشمالية وإيران دعمها الصريح لروسيا، مُشكّلةً بذلك جبهة معارضة قوية.


ويلفت عوكل إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، مستغلاً ما تبقى له من وقت في البيت الأبيض، أعطى أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى لقصف العمق الروسي، ما يُعد تجاوزاً للخطوط الحمراء الروسية، وهذا الأمر دفع روسيا إلى تعديل وتفعيل عقيدتها النووية، ما ينذر بتصعيد غير مسبوق للصراع في الساحة الأوروبية، في محاولة لقطع الطريق على وعود الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي تعهد بوقف الحرب إذا عاد إلى السلطة، وبذلك يبرز التوتر بين السياسات المتبعة من بايدن وتلك التي قد يتبناها ترمب حال فوزه مجدداً في الانتخابات.


وفي ما يتعلق بالاوضاع في آسيا، يشير عوكل إلى أنه في تايوان تبقى بؤرة متفجرة، خصوصاً أن ترمب يَعِد بوضع التنافس مع الصين واحتوائها على رأس أولويات سياسته الخارجية. 


ويرى عوكل أن هذه الديناميكية في آسيا تشكل تهديداً مستمراً، وتبقي الوضع قابلاً للانفجار في أي لحظة.

أما في الشرق الأوسط، يوضح عوكل أن الوضع يمثل حلقة أُخرى من حلقات الحرب العالمية الجديدة، تتجسد بشكل خاص في الصراع على من يسيطر على المنطقة، وهو ما يفسر الدعم الغربي المكثف لإسرائيل. 


في هذا السياق، يرى عوكل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يتراجع عن حلم ضرب البرنامج النووي الإيراني، وهو هدف قد يلقى تأييداً ومشاركة من إدارة ترمب بعد عودته إلى الحكم، لكن السؤال المعلق هنا هو: هل ستجرؤ إسرائيل على تنفيذ هذا المخطط خلال فترة بايدن، أم ستنتظر إدارة ترمب؟


عوكل يشير أيضاً إلى أن توجيه ضربة عسكرية لإيران يتطلب في المقابل تحييد الجبهات المفتوحة حالياً ضد إسرائيل، خصوصاً في ضوء الضغط الهائل الذي يمارسه محور المقاومة، والذي يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل مباشر. 


وبرغم الدور المحتمل للدبلوماسية في تحقيق هدنٍ تكتيكية، إلا أن عوكل يعتقد أن الصراع في المنطقة لن يهدأ، مؤكداً أن القضية الفلسطينية، بأرضها وشعبها، ستظل في صميم هذا الصراع المتصاعد.

 

سر التوازن النووي تجاوز للخطوط الحمراء الدولية

 

ترى  د. دلال عريقات، أُستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية، أن العالم يمر بمرحلة خطيرة تشهد تشابكاً غير مسبوق للأزمات الإقليمية والدولية، محذرة من أن التوترات المتصاعدة على جبهات متعددة تهدد الاستقرار العالمي.


وتبرز عريقات بشكل خاص التهديدات الإسرائيلية المتكررة بضرب المنشآت النووية الإيرانية، إلى جانب استمرار التصعيد الروسي في أوكرانيا، مشيرة إلى أن ذلك يطيل أمد الحرب ويعكس تراجع الالتزام بالقوانين الدولية، وسط التركيز المتزايد على الخيارات العسكرية.


تسعى القوى الكبرى، وفقاً لعريقات، إلى تغيير موازين القوى لصالحها، ما يزيد من احتمالية وقوع صدامات كبرى، وإذا استمرت الأطراف في هذا النهج، فقد نجد أنفسنا أمام سيناريو كارثي يتطلب تحركاً عالمياً مكثفاً للحد من التصعيد ومنع الانزلاق نحو مواجهة مباشرة واسعة النطاق. 


وبالرغم من التهديدات المتصاعدة باستخدام السلاح النووي، تشير عريقات إلى أن اللجوء الفعلي لهذا الخيار سيكون مدمراً للجميع، إذ يعتمد الردع النووي على مفهوم الخوف المتبادل من انهيار النظام العالمي وفناء البشرية.


وتعتقد عريقات أن كسر التوازن النووي يعني تجاوزاً للخطوط الحمراء الدولية، ما سيؤدي إلى عزلة شاملة لأي طرف يستخدم السلاح النووي. 


ومع ذلك، ترى عريقات أن التهديدات المستمرة تضع العالم في حالة تأهب دائم وتثير مخاوف متزايدة من احتمالية التصعيد. 


وتؤكد عريقات أن خطر نشوب حرب عالمية ثالثة لا يزال قائماً، وإن لم يكن مؤكداً، في ظل الأوضاع الراهنة. 

وتوضح عريقات أن الأطراف الفاعلة في النزاعات تدرك حجم الكارثة التي قد تنجم عن تصعيد شامل، مشيرة إلى أن التصريحات المثيرة، سواء من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب أو غيره من القادة في العالم، قد تعكس جزءاً من لعبة السياسة العالمية، لكنها تُبرز في الوقت ذاته القلق المتزايد من تراكم الأزمات والصراعات.


وتشدد عريقات على أهمية البحث عن حلول دبلوماسية وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، حيث إن الدبلوماسية لا تزال خياراً ممكناً، لكنها تواجه عقبات كبرى في ظل التصعيد العسكري والعناد السياسي. 


وتلفت عريقات إلى أن التاريخ يؤكد أن الحروب تنتهي في نهاية المطاف إلى طاولات التفاوض، والتوترات عادةً ما تسبق الحلول الدبلوماسية والسياسية، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لفتح قنوات الحوار، حتى لو كانت غير مباشرة، والعمل بجد على تهدئة التوترات المتصاعدة.


وترى عريقات أنه لا يمكن للمجتمع الدولي الوقوف مكتوف الأيدي، بل يجب تفعيل دور المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، لتكثيف الضغوط من أجل استئناف المفاوضات قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة.


وتشير عريقات إلى أن تصريحات ترمب بشأن إقامة عالم خالٍ من الحروب تقوم على رؤية ترتكز إلى الازدهار والاستثمار، من خلال سيناريوهات ربحية يمكن أن تُرضي مختلف الأطراف المتنازعة، لكنها تظل جزءًا من خطاب سياسي قد يكون بعيداً عن الواقع المتأزم.

 

ضربات نووية تكتيكية محدودة التأثير على نطاق جغرافي ضيق

 

يحذر الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال من أن العالم يقترب من مشهد خطير قد يفضي لاستخدام السلاح النووي، لكن ليس بالمعنى الاستراتيجي الواسع الذي يدمّر مدناً بأكملها، بل من خلال ضربات نووية تكتيكية محدودة التأثير على نطاق جغرافي ضيق، مشيراً إلى إمكانية الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة.


ويوضح نزال أن هذه التطورات تأتي على خلفية تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث منحت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستعمال صواريخ قادرة على ضرب العمق الروسي، في تصعيد واضح يهدد بتحويل الصراع إلى مستويات خطيرة.


من جانب آخر، يحذر نزال من أن إسرائيل قد تستغل الفوضى الإقليمية لتنفيذ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. 


ويقول نزال: "هذه هي اللحظة الذهبية لنتنياهو، الذي يحاول استغلال حالة عدم الاستقرار الممتدة من غزة إلى الضفة الغربية وصولاً إلى تعثر المفاوضات في لبنان، ليضرب المنشآت النووية الإيرانية". 


ويرى نزال أن التوتر في الجبهة الشمالية، وتزايد الحديث عن رغبة إسرائيلية في توسيع نطاق عملياتها إلى الجنوب السوري، يعكس تحضيرات إسرائيلية لاحتمال استهداف البرنامج النووي الإيراني، بمساعدة أمريكية محتملة.


وفي ما يتعلق بردود الفعل الإيرانية، يوضح نزال أن طهران قد تكون أعادت النظر في أي هجمات استباقية على إسرائيل، وأنها تستعد لتداعيات أي هجوم محتمل على منشآتها النووية. 


ويقول نزال: "إن وجود ترمب في السلطة يمنح الإسرائيليين راحة أكبر ودعماً واضحاً، مما يعزز احتمالات تنفيذ مثل هذه الضربة".


ويحذّر نزال من أن أي هجوم إسرائيلي على هذه المنشآت قد يتسبب في ارتباك هائل في المنطقة، وربما يؤدي إلى تسرب إشعاعات نووية وفوضى على نطاق واسع في الشرق الأوسط. 


أما بشأن احتمالات اندلاع حرب عالمية ثالثة، فيرى نزال أن هذا السيناريو قد يكون وشيكاً في حال تصاعد الصراع، سواء في الجبهة الأوكرانية الروسية أو في حال اندلاع صراع بين الولايات المتحدة والصين، وهو أمر حذّر منه ترمب أكثر من مرة. 


ويقول نزال: "إن روسيا قوة كبرى تملك إمكانات هائلة، وإذا تعرضت لهجمات أوكرانية تصيب العمق الروسي، فإن الأمور قد تتجه نحو استخدام السلاح النووي التكتيكي، وبالتالي إمكانية توسع الصراع".


من ناحية أخرى، يشير نزال إلى أن العالم يشهد تغيرات في موازين القوى لا ترضي الولايات المتحدة، فهناك صعود لقوى جديدة كالصين وروسيا، اللتين تسعيان لإعادة تشكيل النظام العالمي بطريقة تقلّص الهيمنة الأمريكية. 


وفي هذا السياق، يلفت نزال إلى أن هذه الديناميكيات المعقدة تزيد من فرص نشوب حرب عالمية ثالثة، خاصة مع استمرار التوترات في مناطق أخرى مثل الكوريتين وإيران وإسرائيل.


ويقول نزال: "أصبح من الصعب إيجاد حلول دبلوماسية شاملة تُرضي جميع الأطراف، ما يزيد احتمالات التصعيد العسكري الشامل".


ويعرب نزال عن تشاؤمه، قائلاً: "أعتقد أن العالم يسير بخطى ثابتة نحو حرب عالمية ثالثة، نحن نشهد تضييقاً في خيارات الحلول السياسية، وأصبح التصعيد العسكري هو الاحتمال الأقرب".

 

تعديل محتمل في العقيدة النووية الروسية

 

بدوره، يعتقد د. رائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، أن التقارير المتداولة بشأن تعديل محتمل في العقيدة النووية الروسية، والذي لم يُصدّق رسمياً بعد عليه، جاء كرد روسي على الخطوة الأمريكية التي سمحت لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى لضرب العمق الروسي، مع ذلك، لم تستخدم كييف هذه الصواريخ بعد، ما يُبقي الباب مفتوحاً لتفسيرات أخرى حول سياق هذا التصعيد.


ويرى أبو بدوية، أن ثمة تطوراً في التصعيد بين موسكو وواشنطن، حيث تعكف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تحفيز أوكرانيا لتوجيه ضربات موجعة لروسيا، بهدف تحسين موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية. 


ويعتقد أبو بدوية أن الأمر لا يتعلق بتصعيد عسكري عقب السعي لدعم أمريكا لأوكرانيا بالصواريخ؛ بل أن إدارة بايدن تريد تجهيز أوكرانيا لوضع تفاوضي أقوى استعداداً لحكم ترمب، الذي أعلن مراراً أنه يعتزم إنهاء الحرب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.


ويلفت أبو بدوية إلى أن هذه الاستراتيجية الأمريكية تأتي بينما تُشير التوقعات إلى أن الرئيس المنتخب دونالد ترمب سيضغط من أجل وضع حد لهذه الحرب الروسية الأوكرانية بعد تسلمه زمام الأمور في البيت الأبيض.

 

تحضير الأرضية لحلول دبلوماسية

 

ويعتقد أبو بدوية أن هذه الديناميات السياسية تسعى إلى تحضير الأرضية لحلول دبلوماسية، مع احتمالية بدء محادثات غير رسمية مدفوعة بمبادرات دولية. 


ويشير إلى المقترح التركي، الذي تسعى فيه تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تقديم حل للصراع خلال قمة العشرين. 


ويوضح أبو بدوية أن المقترح التركي يتضمن وقف العمليات العسكرية، وإنشاء منطقة عازلة دولية، وتأجيل انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو لعشر سنوات على الأقل، مشيراً إلى أن بعض الأوساط الأمريكية تقترح حتى 20 عاماً كتأجيل ممكن. 


ويلفت أبو بدوية إلى أن هذا المقترح بدأ يحظى بقبول متزايد لدى بعض الدول الأوروبية، التي تدرك أن عودة ترمب قد تعني إجبار أوكرانيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.


ويلفت أبو بدوية إلى أن أوروبا هي المتضرر الأكبر من هذا الصراع، حيث أن الدول الأوروبية قد تكون غير قادرة على دعم أوكرانيا بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، ما يجعل مستقبل المساعدات مرهوناً بالتحولات في السياسة الأمريكية. 


ويرى أبو بدوية أن ترمب، بعد تسلمه زمام السلطة، لن يوقف الدعم العسكري لأوكرانيا بشكل مباشر، بل قد يُبقيه قائماً بصورة أو بأخرى حتى تأمين طاولة المفاوضات. 

 

المقترح التركي أساس أي تسوية محتملة

 

ووفق أبو بدوية، فإنه من المرجح أن يشهد المستقبل القريب خطوات ملموسة نحو إنهاء الصراع من خلال الوساطات الدولية، التي لن تسمح بانتصار دبلوماسي لأي طرف دون مكاسب متوازنة. 


في الوقت ذاته، يبقى المقترح التركي، وفقاً لأبو بدوية، الأساس لأي تسوية محتملة، مع ضمان تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية بأسلحة متطورة لدرء أي تهديدات روسية لاحقة.


ويشير أبو بدوية إلى تفاصيل جوهرية تشمل التفاوض على المناطق التي سيطرت عليها روسيا، وتجميد العمل العسكري، وإنشاء منطقة عازلة بإشراف دولي، وفي المقابل يمكن أن تحصل أوكرانيا على اتفاقيات لتعزيز قدراتها الدفاعية بأسلحة نوعية، تضمن لها الحماية من أي تقدم روسي مستقبلي، ويعكس هذا تصاعد التوترات الحالية والحديث عن التصعيد النووي المتبادل، الذي يظل احتمالاً غير مرجح، لكنه يبقي الجميع في حالة تأهب.


بشكل عام، يؤكد أبو بدوية أن كل السيناريوهات الحالية تتجه نحو حلول سلمية مدفوعة بظروف دولية متغيرة، وأن الجهود الدبلوماسية ستلعب دوراً رئيسياً في المستقبل القريب، كما أن الحرب قد لا تنتهي بسرعة، لكن تسارع الأحداث يشير إلى مفاوضات مقبلة، مدفوعة بتغيرات في البيت الأبيض والضغط الدولي المتزايد على أطراف النزاع.

 

استخدام الأسلحة النووية كرسالة ردع

 

ويرى د. سعد نمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، أن توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً على احتمال استخدام الأسلحة النووية يأتي كرسالة ردع موجهة بشكل أساسي إلى القوى الغربية، وبالتحديد تلك المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية. 


ويوضح نمر أن الخطوة الروسية تستند إلى قرار واشنطن بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى العمق الروسي، ما دفع موسكو للجوء إلى التهديدات النووية كوسيلة ضغط، ووسيلة لردع أي محاولات تصعيدية.


ويعتقد نمر أنه في ظل تصاعد التوترات العالمية، تتزايد المخاوف من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، خاصة مع التطورات الخطيرة والتصريحات المثيرة للجدل من قادة الدول الكبرى، وإمكانية استخدام أسلحة نووية متطورة.


من ناحية أُخرى، يشير نمر إلى البعد الإسرائيلي في هذا المشهد المتوتر، حيث إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرى في الظروف الحالية فرصة لا تعوض لتنفيذ ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية. 


ويقول نمر: "في الأوقات العادية، سيكون من الصعب جداً شن هجمات كهذه، ولكن مع احتدام التوترات في المنطقة، يعتقد نتنياهو أن هذه اللحظة قد تكون الأنسب لتوجيه ضربة قاضية للمشروع النووي الإيراني".


ويشير نمر إلى أن حسابات نتنياهو تعتمد بشكل كبير على احتمالات تمديد أمد الحرب، والاستفادة من التوتر بين إيران وإسرائيل، لخلق مساحة أوسع لخطط إسرائيلية محتملة في المنطقة.


وفي ما يتعلق بالتطورات المرتبطة بالولايات المتحدة، يوضح نمر أن السياسة الأمريكية تجاه هذه الأزمات مرهونة إلى حد كبير بمواقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب.


ويقول: "ترمب سبق أن صرح خلال حملته الانتخابية أنه سيعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهو لا يفضل الانخراط في حروب طويلة الأمد، ولكن كل شيء يعتمد على كيف ستتطور الأوضاع في الجبهتين الأوكرانية والشرق أوسطية".

 

نتنياهو سيحاول التأثير على سياسات ترمب

 

ويشير نمر إلى محاولات نتنياهو المتوقعة للتأثير على سياسات ترمب، إذ قد يسعى نتنياهو لإقناعه بضرورة الاستمرار في مساندة إسرائيل، وربما محاولة الضغط لشن هجمات ضد إيران وحلفائها، بحجة القضاء على قوى المقاومة المدعومة من طهران.


ويضيف: "على الرغم من تلك التهديدات المتبادلة، فإن اللجوء الفعلي إلى الأسلحة النووية لا يزال بعيداً".


 ويقول: "حتى وإن هددت روسيا باستخدام هذا النوع من الأسلحة، فإن الوضع سيبقى في إطار التهديدات فقط، وإن استخدام السلاح النووي سيجر العالم كله إلى حافة الهاوية، وسيشكل خطراً كبيراً على أوروبا والقواعد الأمريكية المنتشرة هناك، الأسلحة النووية الحديثة تمتلك قدرات تدميرية هائلة، وإذا استخدمت، ستكون الكارثة مدمرة لأجزاء واسعة من العالم، بما في ذلك روسيا، وأوروبا، والولايات المتحدة".


ويؤكد نمر أن التهديدات النووية، رغم خطورتها، ستظل جزءاً من خطاب الردع ولن تتحول إلى واقع.


وفيما يخص السيناريوهات الإقليمية، يشدد نمر على أن التوتر بعد السابع من أكتوبر بات يثير القلق، ومهد لإمكانية اندلاع حرب إقليمية. ويقول: "العالم الآن يواجه رياح حرب إقليمية قوية، وقد يمتد التصعيد في الشرق الأوسط ليأخذ أبعاداً أكثر خطورة إذا قررت الولايات المتحدة التدخل عسكرياً ضد إيران، في حال نشوب صراع واسع، ستكون القواعد الأمريكية في منطقة الخليج العربي هدفاً محتملاً، ما سيؤدي إلى تدخلات أخرى، وربما يؤدي إلى حرب عالمية جديدة".


ويرى نمر أن القراءة الدقيقة للأوضاع تستدعي مراقبة يومية ومتأنية لتصرفات الدول الكبرى وتحركاتها الميدانية، وليس فقط تصريحات قادتها.

 

المسار الدبلوماسي لا يزال خياراً متاحاً

 

أما بشأن الحلول الممكنة، يعتقد نمر أن المسار الدبلوماسي لا يزال خياراً متاحاً إذا توفرت الإرادة السياسية لدى الولايات المتحدة للحد من الحروب المتصاعدة. 


ويشير نمر إلى أن ترمب روج لنفسه فترة الانتخابات كصانع سلام ينهي الأزمات في أوكرانيا والشرق الأوسط وإن تمكن من ذلك فقد يكون خطوة دبلوماسية كبيرة، لكنه يتوقف على استعداده لممارسة الضغوط على نتنياهو. 


ويقول نمر: "إن العلاقة بين ترمب ونتنياهو قد تبدو جيدة، لكن إذا خالف نتنياهو أي مطالب لترمب، فقد تتحول إلى علاقة عدائية، وترمب شخصية لا تتبع استراتيجيات تقليدية، بل غالباً ما تتأثر بميوله الشخصية في تعامله مع الأزمات".


ويرى نمر أن مستقبل الأوضاع مرهون بالإدارة الأمريكية بقيادة ترمب ومدى قدرتها على قراءة التطورات بدقة، حيث يبقى السيناريو الدبلوماسي والتصعيد العسكري مفتوحين، ويتوقف المسار الذي سيتخذه العالم على طبيعة العلاقات بين القوى الدولية الكبرى ومدى التزامها بالحلول السلمية.

دلالات

شارك برأيك

بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 66)