من المؤكد أن المأساة الإنسانية في قطاع غزة ستتفاقم بشكل أكبر، وذلك في ظل إصرار إسرائيل على مواصلة عدوانها وسيطرتها على كل مقومات حياة الفلسطينيين، بما في ذلك المساعدات الإنسانية التي تحاول اسرائيل باي طريقة تقييدها، واستخدام سلاح التجويع لفرض التهجير القسري على المواطنين لترك خيامهم ومنازلهم والنزوح من شمال قطاع غزة.
لقد أبلغت الحكومة الاسرائيلية يوم أمس المحكمة العليا أنها لا تسيطر فعلياً على قطاع غزة، وبالتالي فإنها لن تسمح بتأمين شاحنات المساعدات، وإنها لن توافق على إدخال المواد الغذائية للقطاع عبر تجار مستقلين.
من الواضح أن إسرائيل استغلت حوادث سرقة بعض المساعدات من قبل العصابات، لتتمسك بهذا المبرر الوهمي، لأنها في حقيقة الأمر تستطيع السيطرة على موضوع المساعدات، وبمقدورها السماح للمنظمات والهيئات الدولية والجمعيات والشخصيات بايصال شاحنات المساعدات لغزة، لكن المكتوب يُقرأ بوضوح من عنوان الرفض الإسرائيلي.
تمر صور مواطني غزة وهم يصطفون بطوابير طويلة وينتظرون ساعات طويلة للحصول على الخبز، وهي تبث معها مشاهد الحزن والألم والاسى، فأي حال هذا الذي وصل اليه سكان غزة الذين يضربهم الجوع في مقتل ..؟
صور المعتقلين أمام مستشفى كمال عدوان الذي تم تدميره، وهم بملابسهم الداخلية فقط تحت الأمطار ولسعة البرد، والتي تسعى إسرائيل لبثها بشكل دائم لمحاولة كسر إرادة المواطنين وتثبيط عزائمهم، هي ترجمة حقيقية لحجم الجرائم التي تقوم بها اسرائيل في غزة، وانتهاكها لكل معايير الإنسانية، وتعاملها بوحشية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، إضافة لصور اللاجئين في بيت لاهيا الذين ينزحون تحت وطأة التهديد بالقتل، وما صدر عن الدفاع المدني الذي أعلن أمس توقف عمل معظم مركباته بسبب عدم توفر الوقود والمياه، وأن طواقمه غير قادرة على الاستجابة لنداءات المواطنين بسبب رفض إسرائيل لإدخال الوقود ومعدات الإنقاذ الى غزة.
هذه المشاهد وأخرى كثيرة لا يمر يوم على قطاع غزة دون رؤيتها تتصدر صفحات ومنصات ومحركات الإعلام الألكترونية، وفي مقابلها يتبجح الإعلام العبري وينشر عبر قنواته التلفزيونية المعطيات التي يضخها الجيش باعتقال ١٣٠٠ فلسطيني في جباليا، واغتيال أكثر من ١٣٥٠، وتهجير نحو ٦٠ ألفاً، متباهياً بأن ذلك يُعد إنجازاً عسكرياً لإسرائيل، على افتراض أن هؤلاء هم من النشطاء والمقاومين، والحقيقة أن معظم الشهداء هم من الأطفال والنساء.
قدم عدد من مسؤولي الجيش الإسرائيلي توصيات لنتنياهو، مفادها أن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة قد حققت أهدافها، وأن استمرارها يُعرض المحتجزين للخطر، لكن نتنياهو ووزير جيشه الجديد يرفضان التعاطي مع هذه المعطيات ويصران على مواصلة العدوان، حتى أن مقترحات قادة فريق التفاوض الإسرائيلي بتوسيع معايير هذا الملف ومساحته لم يوافق عليها نتنياهو، الذي يصر على مواصلة الحرب لتحقيق غاياته السياسية والحزبية.
إسرائيل تفاقم الكارثة الإنسانية وتكرسها كواقع في قطاع غزة، وتمعن في ارتكاب المزيد من المجازر بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل، وتنتهك بذلك القانون الإنساني الدولي، ولا يوجد من يردعها أو يوقفها عن هذا السلوك العدواني الإجرامي، والسؤال: إلى متى، وما هو مصير أهل غزة الذين تحاصرهم الكوارث من كل جهة؟
شارك برأيك
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة