أعاد قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي والخاص بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يؤاف غالانت بصيصاً من الأمل والثقة بالمؤسسات الدولية، وضرورة نهجها خطاً يتوافق مع العدالة والمساواة والنزاهة.

إن اتخاذ مثل هذا القرار التاريخي يؤكد ان العدالة يجب ان تأخذ مجراها ،وعليه فالمفروض وبأسرع وقت ممكن تسليم نتانياهو وغالانت إلى القضاء الدولي لمحاكمتهما، نظراً لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق شعب مدني أعزل، فالإدانة واضحة ومعلنة على الملأ، ويبقى فقط اتخاذ إجراءات التنفيذ العملية.

لقد نجحت محكمة الجنايات الدولية برصد الوضع الإنساني والكارثي الخطير، الذي تسببت به إسرائيل جراء عدوانها وجرائمها التي قام بتوجيهها بشكل مباشر كل من مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت، وعليه فإن الوقائع التي رصدتها المحكمة، جعلتها توجه اتهامات أربعة لا غبار عليها، وأولها استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، من خلال حرمان مواطني غزة من الطعام والماء والدواء والكهرباء والوقود بشكل متعمد، وثانيها القتل الذي تجلى بتهيئة ظروف معيشية قاهرة أدت إلى وفاة مدنيين، بسبب سوء التغذية والمجاعة، وثالثها الأعمال اللاإنسانية التي شملت حجب المعدات الطبية الأساسية،وإجبار الاطباء على إجرء العمليات الجراحية دون تخدير، ورابعها الاضطهاد الذي يتجلى بحرمان السكان المدنيين في غزة من حقوقهم الأساسية لأسباب وطنية وسياسية.

حجم الاستفزاز الذي أفرزته تصريحات وانتقادات كبار المسؤولين  الإسرائيليين، من رئيس ورئيس حكومة ووزراء، وحتى اقطاب المعارضة، تثبت ان الكيان الإسرائيلي في ورطة حقيقية، كيف لا والتصريحات الاسرائيلية مراراً وتكراراً كانت تروج لإسرائيل الديمقراطية المضطهدة من المخربين والمجرمين، وفي حقيقة الأمر كشف قرار المحكمة الأخير النقاب عن المستور وقدم دليلا واضحا للعالم حول هوية المجرمين اللذين تمت إدانتهما تمهيداً لمحاكمتهما، وهما جزء رئيسي من كيان قائم على القتل والتشريد التهجير  والاستعمار.

نعم، لقد كشف القرار بالفعل عن حجم الجرائم التي تستر خلفها الاحتلال، وقادها بمنظومة  لم تعر القانون الدولي أي اهتمام، في ظل المجازر الدموية التي ارتكبها المستعمرون الإسرائيليون وحان وقت الحساب، لهؤلاء المجرمين في ظل اصرار شعبنا وقيادته على مواصلة العمل من أجل الدفاع عن حقوقنا الوطنية المشروعة.

جاءت ردود الأفعال الدولية في معظمها إيجابية ومرحبة باعتقال نتنياهو وغالانت، مع إبداء الاستعداد من قبل بعض الدول الموقعة  على ميثاق روما لتطبيق قرار الاعتقال فوراً، وهذا ما يجعلهما مطاردين وملاحقين، وتلك بحق الصورة الحقيقية لحال الكيان المجرم، الذي يواصل مجازره البشعة، واعتداءاته المتكررة على شعبنا الفلسطيني.

المطلوب من منظومة المجتمع الدولي كاملة أن تلزم اسرائيل بوقف حرب الابادة على شعبنا، وان تراجع مواقفها التي انحازت لإسرائيل منذ بداية الحرب، وآن أوان أن تعرف هذه المنظومة الدولية الكيان الإسرائيلي على حقيقته الإجرامية وصورته العدوانية، التي يرسمها البيت الأبيض المستفز هو الاخر من قرار المحكمة الدولية، التي نجحت بتعرية صورة الولايات المتحدة هي الأخرى ومواقفها المخزية ومساهمتها بقتل الشعب الفلسطيني ووضع هذه الكوارث الإنسانية فوق رأسه