على مدار ثلاثة ايام من 22-24 الشهر الحالي انعقد مهرجان (فلسطين تكتب) في جامعة بنسلفانيا في مدينة فيلادلفيا الأمريكية، بتنظيم من مثقفين وأكاديميين فلسطينيين، ومتضامنين أجانب من دول عديدة، وبدعم وتمويل وتبرعات من مؤسسات ومنظمات واتحادات فلسطينية وأمريكية، وممثلين للجالية الفلسطينية في أمريكا، وافراد.
هذا الحدث الثقافي الوطني نجح نجاحاً ساحقاً، إذ حظي بمشاركة حاشدة من عشرات الكتاب والأدباء والمثقفين والفنانين الفلسطينيين والأجانب، من فلسطين وأمريكا ودول الشتات، الذين قدّموا مداخلاتهم، وبحضور أكثر من 1400 للفعاليات، مباشرة داخل القاعات، غير الحضور عبر شبكات التواصل، بحيث نفدت التذاكر تماماً، فعاليات لم تقتصر على الادب في حقول الرواية والشعر والقصة عبر الندوات والمحاضرات، بل تنوعت لتشمل معارض التصوير الفوتوغرافي، حلقات النقاش، ورش عمل موسيقية، برامج للأطفال والأسرة، الأكل الفلسطيني التراثي، عروض مسرحية ودبكة.
لقد تجاوز حضور الفعاليات حجم التوقعات، كما أفاد القائمون على المهرجان، بحيث تطلب الأمر حجز قاعات إضافية داخل الجامعة. كان ذلك صفعة لحملة التحريض الصهيوني ضد المهرجان وفعالياته والمشاركون فيه، والتي بلغت حد الهستيريا، تصاعدت إذ فشلوا، رغم الضغوط، في دفع إدارة الجامعة لإلغاء المهرجان داخل الحرم الجامعي. طبعاً لم يملك الصهاينة من دعايتهم سوى تلك التهمة الجاهزة دائماً، والممجوجة والتافهة، والتي باتت تثير السخرية، ونعني الاتهام باللاسامية، كتهمة جاهزة ضد أي نشاط يندد بالممارسات الاحتلالية، وبالعنصرية الصهيونية الغارقة في فاشيتها، دعاية تستند لأكاذيب هي جوهر الحركة الصهيونية.
يمكن اعتبار المهرجان كحدث ثقافي وطني هام لاعتبارات عديدة، لعل على راسها أنه يشكل مساهمة في تعزيز مكونات الهوية في حقول الثقافة بالعموم، والانتاج الأدبي الروائي والشعري بالخصوص، إضافة لإظهار وتعزيز رموز أساسية من تلك المكونات مثل الدبكة والموسيقى وانواع الطعام والقص الشعبي والتصوير الفوتوغرافي.
إن أهمية إظهار وتعزيز تلك المكونات من الهوية يكتسب أهمية استثنائية لأنه موجّه اساساً لفئتين اعتقدهما في مسيس الحاجة لذلك الجهد، أولها الجالية الفلسطينية/ الأمريكية، وخاصة الفئات العمرية الشبابية، والحاجة لتعزيز انتمائها ودورها في النضال الوطني في مواقعها، وعبر آليات ووسائل تجترحها هي متوائمة مع خصوصية موقعها، والجمهور الذي تستهدفه. وثانيها الأمريكييون الذين ينبغي تصعيد الدور الدعاوي والإعلامي في أوساطهم لكسب موقفهم ضد الكيان الصهيوني، وممارساته الفاشية ضد شعبنا، وضد امتداداته من لوبيات تنتظم في اتحادات وتكتلات صهيونية، والتي تعادي بهستيرية متصاعدة أي نشاط فلسطيني داخل أمريكا، دور دعاوي وإعلامي ينبغي أن يتصاعد في مواجهة دعاية تلك اللوبيات المشوهة لنضال شعبنا.
لم يكن غريباً حجم العداء والتحريض الهستيري الذي قامت به اللوبيات الصهيونية، خاصة في ظل الواقع الجديد الذي يؤشر منذ سنوات لتزايد الأوساط اليهودية الشبابية، وخاصة في الجامعات، التي تتخذ موقفاً نقدياً، من الممارسات العنصرية الصهيونية، على اختلاف المنطلقات والدوافع بين مختلف التكتلات الشبابية. لقد بات هذا التطور يزعج الصهاينة، سواء في الكيان الصهيوني، أو الناشطين في اللوبيات الصهيونية في أمريكا ومختلف دول أوروبا، خاصة مع النجاحات التي تحققها حركة المقاطعة BDS ولا زالت. إن انعقاد المهرجان ونجاحه على هذه الصورة، رغم التحريض الهستيري من الصهاينة، يؤكد على محورية هذا الحدث وأهميته، بحيث غدا الحدث هذا رسالة ودرس في آن واحد. رسالة للصهاينة من جهة أن لا يمكنكم إسكات صوت الحقيقة، صوت فلسطين، وفلسطين ستظل تكتب ولن يخيفها تحريضكم العنصري، ودرس للنشطاء الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب، أن يمكن، بالمثابرة والإصرار والتحدي، النجاح في تنظيم الفعاليات التضامنية المختلفة مع شعبنا وضد الممارسات العنصرية للصهاينة، رغم التحريض الصهيوني الهستيري.
كان مهرجان اسمه (فلسطين تكتب)، وهي كتبت فعلاً، وستظل تكتب ولن يوقفها شيء، حتى يتمكن شعبنا من كتابة آخر صفحة في تاريخه، صفحة التحرير والعودة.
شارك برأيك
فلسطين ستظل تكتب رغم التحريض الصهيوني