أقلام وأراء
الخميس 17 أغسطس 2023 10:08 صباحًا - بتوقيت القدس
التطبيع ليس هو الحل
ذلك أن التطبيع ومنذ أكثر من اربعين عاماً لم ينعكس برداً ولا سلاما ولا تنمية ولا تقدما على المنطقة العربية ، بل قدم كل ما سبق لاسرائيل على طبق من ذهب، ولم يعمل التطبيع على تبييض الوجوه أو صقلها أو تقديمها للغرب الاستعماري بصورة أفضل، بل كانت هناك محاولات لتفجير الدول التي وقعت اتفاقيات التطبيع مرة بالمجموعات الارهابية ومرة بالازمات الاقتصادية العميقة وثالثة بالجدل الداخلي الذي ينذر بحروب أهلية .
والتطبيع لم يعمل على تهدئة الساحات او تبريد الحدود أو مدّ الجسور أو تغيير الامزجة أو تصفية النفوس، بل على العكس من ذلك ، فقد أصبح التطبيع جبهة اخرى من جبهات الاشتباك الشعبي والنخبوي على حد سواء. والتطبيع كذلك لم يكن نتيجة قوة أو ندية ، بل كان بالتهديد والاغراء او كليهما، لذلك فهو دليل هزيمة او تراجع او ضعف شديد، والاهم من كل ذلك، ان التطبيع -ورغم كل ما قيل فيه او عنه- فهو في النهاية خضوع للرواية الاسرائيلية وارتهان لشروطها وقبول بوضعها دون ميلاد دولة فلسطين او انهاء للاحتلال او تخفيف للمعاناة المستمرة التي يكتوي بنارها الشعب الفلسطيني ، وهذا يعني ان التطبيع هو انسياق لمشروع الصهيونية بدون ادنى مكافآت او "تنازلات" على مستوى الصراع الفلطسيني الاسرائيلي او حتى على نوعية المساعدات او حتى التغطية السياسية، بكلمات اخرى ، اكثر وضوحا، كان التطبيع وما يزال نوعاً من الترضية المقدمة لاسرائيل دون ادنى مقابل، وفي ذلك سقوط لكل ادعاء بأن التطبيع جاء لخدمة القضية الفلسطينية او الشعب الفلسطيني ، هذا لم يكن ولن يكون في المستقبل، بالعكس من ذلك، فان اتفاقات ابراهام ومن قبلها اتفاق كامب ديفيد سنة 1978 لم يجعل من وضع الشعب الفلسطيني افضل او اقرب الى الدولة وانهاء الاحتلال , اكثر من ذلك كله، فإن التطبيع لم يؤد الى اعتدال الجمهور الاسرائيلي او القبول بالتسوية او قبول الاخر او حتى فوز العلمانية المتنورة الحداثية المدعاه في اسرائيل، على العكس من ذلك كله، فقد توحش الجمهور الاسرائيلي، وانتصرت التيارات الاديكالية والفاشية والمتطرفة في اسرائيل، وادى ذلك الى مزيد من التصلب والعنف والهجوم المتعدد الجبهات ، عمليات التطبيع لم تؤد الى تهدئة الجمهور الاسرائيلي او حتى المنظومة الامنية الاسرائيلية ، مما يدل على ان التطبيع لم يؤد الى المأمول منه، فهو لم يكن ذا قيمة اطلاقاً في ان يمنع الازمات الداخلية او التأثيرات الدولية داخل الدول المطبعة، ويمكن لنا ان نقول بموضوعية كبيرة ان التطبيع اعطى اسرائيل ما تريد في علاقاتها وصورتها مع العالم، واعطاها ما تريد في تطويق الشعب الفلسطيني وكسر ظهره، وفازت بما تريد من التقليل من ازماتها الداخلية واعطاها الفرصة لان تتبجح بالقول ان مشروعها انتصر على المشروع العربي الذي تفكك الآن ليصبح خليطاً غير معروف من التجمعات المتصارعة على كل شيء، التطبيع بهذا المفهوم جاء نتيجة الخواء والفراغ الذي تعيشه المنطقة العربية ، فلا دولة مركزية ولا فكرة كبرى تجمع وتلم ولا قضية ذات قدسية كافية، التطبيع عملياً يعطي اسرائيل الريادة والقيادة لاقليم يكاد يخلو من استراتيجية واحدة موحدة ، لهذا كله، فان التطبيع تعميق للازمة وليس حلاً لها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
التطبيع ليس هو الحل