أقلام وأراء
الخميس 13 يوليو 2023 10:24 صباحًا - بتوقيت القدس
العنف والقتل وفقدان سيادة الدولة اليهودية
يبدو واضحًا للعيان أن المواطنين العرب في البلاد أخذوا يتأقلمون مع استمرار عمليات العنف والقتل والاغتيال الشخصي اليومي التي تصيب مجتمعنا بالصميم ، فلا يمضي يوم إلّا ونسمعُ عن عمليات قتلٍ أو إصاباتٍ متوسّطة، حرجة وخطيرة تصيب ابناء مجتمعنا الواحد، وقد باتت هذه العمليات تنتقل من كافة القرى والمدن في الشمال والمركز والجنوب، واصبح العديد منّا، شبابًا وكبارًا، خبراء في علم الاحصاء والتشخيص للقرى والمدن المنكوبة بالعنف أو لأسماء القتلى واعمارهم، حيث بات الجدل اليومي هو الجدل الحقيقي والواسع النطاق بين أبناء شعبنا وبتنا نتوقّع متى ستنطلق الرصاصة المقبلة وكيف ستقتل أبناء وبنات مجتمعنا ، وفي أي بلدة ومدينة.
هذا وأبلت الصحف، المواقع، ووسائل الاعلام المختلفة بلاءً حسنًا في تغطية عمليّات القتل وتشخيص هوية الضحايا في وقت قصير جدًا، فعندما تتم عملية قتل وعادة بعد الساعة العاشرة ليلًا ، هذا إن لم تكن في وضح النهار، فإن وسائل الاعلام تسرع في إعلام الجمهور العربي عن عملية اطلاق النار أو القتل أو الإصابة، وبعد أقل من نصف ساعة تصوّر عملية القتل وتُوثّق، ثم ينشر اسم الضحية وهويته الكاملة ويشار إليه وإلى مكان سكنه بالبَنان وبعد نصف ساعة أو أقل فإنها تقول كالعادة إن الشرطة قد وصلت إلى المكان وبدأت بالتحقيق اللانهائي والذي يدخل عادةً إلى طريق مسدود وهذا هو سِجال يومنا، حيث يتمّ كلّ ذلك حتى الساعة الواحدة ليلًا وكلّ ذلك من على صفحات المواقع المختلفة، كي نبدأ غدًا دورة جديدة من القتل والموت لأبناء مجتمعنا، ويُعتبر هذا الامر هو حوارنا وجدلنا اليومي الذي لا ينتهي، ولم يكن ذلك في الثمانينات أو التسعينات أو مطلع الالفين، حيث كانت تشغلنا آنذاك مواضيع جمّة ومختلفة تتعلق بواقعنا السياسي الاجتماعي والاقتصادي جوهره وبنيته، وقد استطعنا حتى أواخر التسعينات البدء ببلورة مجتمعنا على أسس سليمة إلى أن أتت انتفاضة الالفين وغيّرت كلّ شيء، حيث بدأت السلطات تفكّر وتخطّط لنا مفاهيم أخرى تتعلّق بالسيطرة وماهية العلاقة بين الأغلبية والأقلية في هذه البلاد .
لقد تحوّلت عمليات القتل في هذه الأيام إلى أرقام مريبة، حيث تبدأ نشرات الاخبار بعملية قتل في قلنسوة ، يركا ، أو جلجولية وتنتهي بالناصرة التي لها القسط الأكبر في عمليات القتل، حيث قُتل 14 انسانًا فيها منذ مطلع العام، وقد بتنا نتأكد أن هذه العمليات، هي عمليات دورية يجب أن تصيب كافة المدن والقرى العربية المختلفة في البلاد، بدون أي تفرقة، سواء كان ذلك في الجليل، المثلث ، أو النقب وحتى المدن المختلطة. لقد كانت عمليات القتل تصيب في المرحلة الأولى نسبة كبيرة من الشباب ما بين 19-24 عامًا، حيث كنّا نقول إن تلك العمليات ناجمة عن حرب بين عصابات إجرامية، بعد ذلك تغيّرت الأرقام وتحوّلت إلى أعمار مختلفة، حيث قتل أبناء من مجتمعنا ما بين جيل 45 حتى 65 عامًا، عندها تمّت عملية القتل لأناس لا نعرف أسباب قتلهم وتحولهم إلى ضحايا.
هذا وكنّا نتوخّى أن تتوقّف عمليات القتل في الأعياد الإسلامية، المسيحية والدرزية، كعيد الفطر والميلاد والاضحى، لكنها على الرغم من قدسية تلك الأيام لم تتوقّف، بل ازدادت حيث لم تتوفّر الرحمة والشفقة بين أبناء المجتمع الواحد، خاصة في هذه الأيام الفضيلة، لم تتوقّف بل استمرت وبكلّ عنف لتصبغ مجتمعنا صبغةً لا تُمّحى حيث تبدأ نشرات الاخبار، خاصة العبرية بشكل يومي بإعلام الجمهور عن القتلى، عددهم وهويتهم وبدون أي شفقة اتجاه المقتولين، لكن مع شماتة معينة لعمليات القتل وبدون أن ينتقد الاعلام العبري الشرطة الإسرائيلية، التي لا تحلّ او تفكّك أكثر من 3 بالمئة من رموز الجريمة في المجتمع العربي، فالكل يعلم أن الشرطة الإسرائيلية لها ملاكات و قوى بشرية هائلة، حيث يبلغ عدد رجال الشرطة وكما قال الناطق الرسمي لجهاز الشرطة الصحفي سابقًا ايلي ليفي بأن عدد أفراد الشرطة المجندين حاليًا هو 32 الف شرطي، أمّا الشرطة فإنها لا تكرّس للمجتمع العربي وعلى الرغم من بنائها عشرات المراكز الشرطوية إلى أكثر من 400 شرطي، وهذا أقل من واحد بالمئة من عدد أفراد الشرطة في البلاد على الرغم من أن العرب في البلاد يشكّلون 22 بالمئة، وتحاول الشرطة تبرير ما يحدث بأنها مشغولة في احتواء الاحتجاجات في تل ابيب وباقي المدن الإسرائيلية ضد سياسة الحكومة لكنها في واقع الامر تسمح بأن يقتل العرب انفسهم وبأيديهم بدون أن تكرّس أي جهد لتفكيك الغاز الجرائم اليومية ويمكن ان يكون ذلك بمثابة سياسة خفية لجهاز الشرطة والحكومة، لأن يقتل العرب أنفسهم، لكنه في واقع الامر فإن الدولة اليهودية، تفقد السيادة بشكل تدريجي في المناطق العربية وتفقدها أكثر وأكثر، تمامًا كما فقدتها في الضفة الغربية، انظر العمليات الأخيرة في جنين .
مهما يكن فإننا لا نعلم كم من الوقت سوف يعاني مجتمعنا من هذه الآفة، وهل ان عمليات القتل سوف تستمر بين عصابات الاجرام، إلى أن يقضي أحدهم على الآخر.. أم أننا ننتظر ظهور جيل جديد يمكنه أن يأخذ الامر مدة طويلة من المعاناة كون مجتمعنا سوف يستمر لوحده في طريق الآلام هذه حيث أن الدولة ومؤسساتها لا تنظر إلى العربي كإنسان يستحق الحياة، أنظر إلى اقتراح بن غفير في مبادرته تسليح أفراد المجتمع اليهودي بسلاح شخصيّ، وان اليهودي لن يحاسب أبدًا إذا قتل عربيًا، ولا نرى في أيامنا هذه موقفًا واضحًا وموحّدًا لمنتخبي المجتمع العربي من نواب في الكنيست ومن رؤساء مجالس، لجنة متابعة، ولجنة قطرية، وجمعيات ومنتخبي جمهور آخرين بكلّ ما يتعلّق بالعنف وواقع الانسان العربي في هذه البلاد، مقارنةً بالإنسان اليهودي . إن انتشار العنف والقتل في المجتمع العربي وعدم رغبة السلطة على اجتثاثه وحلّ رموزه، والعنصرية وقانون القومية ضد السكان العرب في البلاد، حيث في ظل ذلك ستُنزع وتُجتزأ حقوقهم بالكامل وتجعل الانسان العربي مجرّدًا من أي حقوق دستورية تذكر، مقابل الانسان اليهودي، الذي سيخلّد مركزه في الدولة كأنه هو المواطن الذي يملك الحقوق الكاملة، أما العربي الذي يقتل يوميًا فلا يحسب له أي حساب، ويعيش بين اليهودي كحطاب وساقي ماء وبدون أي حقوق تذكر.
ويبدو الانقسام في المجتمع العربي، خاصة بين منتخبيه في الكنيست ورؤساء المجالس المحلية، واضح وصارخ، حيث أننا لا نرى أي تحرّك واضح المعالم لهؤلاء على صعيد رأي موحّد، أو وضع خطة عمل واضحة تعالج تلك الأمور وتقولها بالشكل الواضح كيف يجب أن تكون معالجة الدولة للعنف والقتل، فعلى الرغم من أننا الضحايا من عمليات القتل اليومية، فإن الجدل يدور في المجتمع اليهودي وكيف عليه أن يتحرّك إزاء هذه المعضلة، وكأنهم مراقبون من الأمم المتحدة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
العنف والقتل وفقدان سيادة الدولة اليهودية