أقلام وأراء

الأربعاء 14 يونيو 2023 11:18 صباحًا - بتوقيت القدس

العنف في المجتمع العربي وكيفية استغلاله الخفي لإقامة الحرس الوطني

مع استمرار جرائم القتل وعمليات العنف العشوائية وغير المبررة والموجّهة ضد أبناء المجتمع العربي في البلاد، فقد كانت خطوة لجنة المتابعة بدعوتها للاضراب العام على مدى اليومين التاسع والعاشر من حزيران، خطوة صحيحة وكان يجب على المجتمع العربي أن يستجيب لها بشكل واسع النطاق، حيث تشير كل الدلائل إلى أن الاستجابة لم تصل إلى أكثر من 50% وهذا الامر يستحق الدراسة التفكير الجليّ والتعبئة من جديد.


وفي هذا السِّياق، أكدت لنا مصادر عليمة في لجنة المتابعة، أنه إزاء غياب الأمن والأمان في المجتمع العربي والشعور العام بالتوتّر والخوف بين أبناء الجماهير العربية في البلاد، وعدم قيام مُؤسسات الدولة بواجباتها ومسؤولياتها، بشكل جدّي وعملي، في مواجهة تزايد مظاهر وظواهر العنف والجريمة، فقد بات من المهم على هذا المجتمع العمل على تصعيد النضال ومواجهة هذا الواقع الأليم الذي نحن بصدده والذي يُمارَس ويُفْرَض منهجياً ورسمياً على مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل .


وتعتبر عملية القتل التي نفذت في يافة الناصرة مجزرة بكل المقاييس، حيث حصدت أرواح اناس أبرياء، أطفال وشباب تحت سن الثلاثين، وهي جريمة تقشعّر لها الابدان.


وكانت جريمة مشابهة قد نُفّذت في فرنسا ضد أربعة أطفال، وجريمة أخرى في الولايات المتحدة ضد شباب تخرّجوا من جامعات الولايات المتحدة، الامر الذي استفز الرأي العام الفرنسي والامريكي هناك بشكل واسع النطاق، وقامت رئيسة وزراء فرنسا بزيارة مكان الجريمة وتمّ اعتقال المنفذين خلال ساعات.


أما في إسرائيل فإن عملية استعراض العضلات للوزير ايتمار بن غفير والمفتش العام كوبي شبتاي، بالإضافة إلى أكثر من 200 شرطي مرافق وصلوا بالقرب من مكان الجريمة، لإعطاء المواعظ والمحاضرات التي تتعلّق بما ستفعله هذه الحكومة الجديدة ضد المواطنين العرب، والمتمثلة بإقامة الحرس الوطني المُزمع إقامته بمبادرة بن غفير خلال أشهر.


ويمكن القول إن هذا الوزير وبشكل واضح، استغل محور الجريمة في يافة الناصرة كي ينظَّر عن أهمية إقامة هذا الحرس الوطني، ولا تعطي القيادات العربية المنتخبة وغير المنتخبة أهمية كافية لخطورة مثل هذه التصريحات، فهناك مَن ينادي الشاباك للقدوم والتحرك من أجل حلّ لغز جرائم القتل المنتشرة يوميًا في المجتمع العربي، وهنالك مَن يتحفّظ على ذلك وهناك مَن يقول إن الشرطة تملك الوسائل والملاكات والتكنولوجيا لحلّ جرائم العنف والكشف عن المنفذين.


أما واقع الامر، فهو أن الشاباك قائم ويعمل منذ عشرات السنين داخل المجتمع العربي على صعيد المدن القرى والالوية العربية المختلفة، وهو يتعاون بشكل وثيق مع الشرطة، حيث يصنفون ماهية الخطر الأمني لإسرائيل ويتخذون الخطوات المناسبة ضده وبإشارة واحدة سواء كان ذلك من الشرطة أو من الشاباك ضد أي منفذ عربي، ويصنفونه على أنه أمني أو اجرامي، فإذا كان له صلة أمنية فالشاباك يتحرك أما إذا كان له صلة إجرامية فلا يتحرّك الاثنان.


وفي الآونة الأخيرة بدأت تتحرك أذرع الشاباك أيضًا في نشاطاتها نحو وباتجاه الضفة الغربية بهدف مواجهة الانتفاضة الثالثة، التي تتسارع وتتصاعد أعمالها هذه الأيام، خاصة بعد أن اقرت الحكومة خطط رباعية استيطانية لزيادة بناء المستوطنات في السنوات الأربع المقبلة هناك.


وفي هذا الاطار فإن هذه القيادة الأمنية وعلى رأسها ايتمار بن غفير وزير الامن القومي، تعمل جاهدة من أجل إقامة جسم أمني إضافي يشدد المزيد من الخناق على المواطنين العرب في البلاد، ويتمثل في إقامة الحرس الوطني والذي سيعمل في البدء في الجليل ،المثلث، النقب والمدن المختلطة ثم يتطور لاحقًا للعمل في الضفة الغربية.


ويضغط بن غفير كثيرًا وحركته على إقامة هذا الحرس الوطني، الذي سيضم عدة الاف من المتطوعين المسلحين من ضباط الجيش القدامى وخريجي ضباط الشاباك المتقاعدين ومتقاعدي حرس الحدود، الذين سينخرطون في هذا الحرس براتب شهري عالٍ، حيث سيجولون ويصولون في القرى والمدن العربية بهدف التفتيش والتحقيق وجمع المعلومات وحتى إيقاف المشبوهين، وكل ذلك سيكون بمثابة ذراعٍ للشرطة والشاباك حيث يمكن القول إن هذه المؤسسة الأمنية المكوّنة من الشرطة والشاباك، قد قامت بخصخصة العمل الأمني داخل المجتمع العربي بواسطة هذا الحرس الوطني الجديد.


ويحاول بن غفير جاهدًا الحصول على ميزانيات هائلة، حصل على بعضها من أجل إقامة هذا الحرس الوطني، وتعتبر عمليات الاجرام المستفحلة في الوسط العربي والتي لا تقوم الشرطة بأي عمل لمنعها ووقفها، أحد المبرّرات للتعجيل بإقامة الحرس الوطني هذا والحصول على مزيد من الميزانيات.


ويحاول بن غفير أيضًا، إعطاء المبرّرات لإقامة مثل هذا الحرس داخليًا في الشارع اليهودي ويقوم الاعلام العبري المجند بدعمه بذلك، حيث يقول بأن من أهم مَهماته المُقبلة العمل الحثيث على تهويد الجليل وتمرير سياسة الحوكمة في النقب ضد المواطنين العرب هناك، وينتظر المجتمع العربي مزيدًا من الخطوات المتعلّقة بتهويد الجليل، تلك الإجراءات التي أصبحت علنية وواضحة المعالم وعلى رأسها توسيع لجان القبول في التجمعات اليهودية هنا، لتزداد من ثلاثمئة وحدة سكنية إلى ألف وحدة سكنية، حيث سيقرّر هؤلاء الثلاثمئة من اليهود زيادة وحداتهم السكنية من ثلاثمئة الى الف وحدة سكنية بدون ان تشمل أي مواطن عربي، واذا زادت كل تلك التجمعات فإن الجليل سيتحوّل إلى اغلبية يهودية خلال مدة قصيرة وهذا ما يريده بن غفير بمساعدة الحرس الوطني.


وكانت قد رصدت في السابق وفي عهد الحكومة الماضية، أموال هائلة لتهويد الجليل، لكنها لم تستغل بالشكل الصحيح نظرًا لعدم استطاعة الحكومة جذب العدد الكافي من المواطنين اليهود إلى هذه المناطق.


أما بن غفير اليوم وبصفته وزيرًا للأمن الوطني، فإنه وطاقمه يهمل وبشكل صارخ ما يحدث في المجتمع العربي من عنف ومجازر، بل إن اهماله هذا يسرع ويزيد من وتيرة العنف ولا يبقى على هؤلاء الممثلين من المجتمع العربي والذين نسوا الدور الرئيسي لرؤساء السلطات العربية أن يفكروا بوضع خطة واستراتيجية تشمل كافة الأسس والعوامل البنيوية والجوهرية المتعلقة بكيفية مكافحة العنف وبناء استراتيجية هذه الخطط العدوانية ضد هذا المجتمع، والتي تعتبر مصيرية لوجودنا في هذه البلاد.

دلالات

شارك برأيك

العنف في المجتمع العربي وكيفية استغلاله الخفي لإقامة الحرس الوطني

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

أسعار العملات

السّبت 27 أبريل 2024 8:23 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.81

شراء 3.79

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.41

شراء 5.39

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%5

(مجموع المصوتين 166)

القدس حالة الطقس