أقلام وأراء
السّبت 07 يناير 2023 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس
تأثير عودة " لولا " في البرازيل وأهمية انتصارات اليسار التقدمي بأميركا اللاتينية
بقلم: مروان اميل طوباسي
بفوزه في انتخابات الرئاسة بالبرازيل واستلامه لمهامه قبل أيام قليلة، يكون المرشح اليساري لولا دي سيلفا قد توج مسيرة فوز وصعود اليسار إلى سدة الحكم في دول اميركا اللاتينية مرة أخرى، وذلك بعد فوزه على منافسة اليميني الرئيس السابق بولسونارو الذي يعتبر احد الأقطاب الداعمة باميركا اللاتينية وبالمحافل الاممية لسياسات الولايات المتحدة والمحافظين الجدد كما ايضا الحركة الصهيونية المسيحية العالمية التي ينتمي اليها والتي وفرت الدعم له في معركته الانتخابية ، وهو ما يمثله الآن حجيجه السياسي هذه الأيام إلى الولايات المتحدة التي اتت به رئيسا بعد انقلاب عام ٢٠١٦ ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الديمقراطية فيها .
ويعتبر اليساري التقدمي الرئيس لولا دي سيلفا من اقرب الزعماء تأييداً ومناصرة لمسيرة كفاح شعبنا الفلسطيني ضد الاحتلال وهو موقف اكد عليه مجدداً في حفل تنصيبه الذي جرى في اول ايام العام الجديد وبحضور رسمي دولي بما فيه فلسطين. كما واكد على مساندته لكل قضايا المستضعفين بالأرض والحركات الثورية المناهضة لسياسة الهيمنة المتوحشة للولايات المتحدة التي لم تدخر جهدا خلال العقود الماضية في محاولاتها الانقلابية بشتى الوسائل للاطاحة بالأنظمة التقدمية واليسارية بعدد من دول القارة اللاتينية والتي كان اخرها في بنما ، وكما فعلت في غيرها من دول العالم أيضا عبر العقود الماضية .
هذا إضافة إلى ممارستها سياسة الحصار والعقوبات الاقتصادية على دول لاتينية أخرى لمجرد خروجها من عباءة التبعية للولايات المتحدة أو تحدي سياساتها ، كما يجري الآن بحق دول أخرى حول العالم من خلال الناتو وبتواطئ من الاتحاد الأوروبي الذي تعمل حكومات دوله بسياسات تناقض مصالح شعوبها لإرضاء الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بافتعال الازمة الأوكرانية ومحاولات الضرر في مصالح الأمن القومي لروسيا والصين وتمدد علاقاتهم الدولية .
وتُعد عودة اليسار بأميركا اللاتينية دَفعة قوية لقضايا الشعوب وعلى رأسها قضية كفاح شعبنا الفلسطيني . فقد كانت "إسرائيل" تراهن على حكومات اليمين لنقل سفارات دولها إلى القدس وتعمل عن قرب معها في قضايا مختلفة ايضا لها علاقة باضطهاد شعوبها .
كما ان حكومات اليسار في أميركا اللاتينية تتعاون أيضًا مع بلدان جنوب العالم، في إطار مجموعة الـ ٧٧ + الصين ، والتي أصبحت الآن تضم ١٣٤ بلدًا والتي كانت قد اختارت فلسطين رئيسا للمجموعة سابقا ومن ثم كوبا على هامش اجتماع الأمم المتحدة،مما يعزز دور أميركا اللاتينية في العالم. وبالتالي، فإن المد اليساري الجديد في أميركا اللاتينية، جنبًا إلى جنب مع جميع دول العالم النامية تقريبًا، ستتاح له الفرصة لإسماع صوته السياسي المتعدد الأطراف الذي سيؤثر على التوازنات العالمية بشأن القضية الفلسطينية.
وهو سيكون مناهضا للهيمنة وإظهار بدائلها الاجتماعية خلال فترة الركود والأزمات القادمة في الدول الغربية، إضافة إلى سياسات تتعلق بالبيئة والمناخ خاصة بموضوع الحفاظ على غابات الامازون والأرض ، وتلك هي احدى اهم التحديات الكبيرة التي يجب أن نفهم من خلالها إعادة انتخاب لولا كرئيس للبرازيل والتي تشكل اكثر من ثلث التعداد السكاني للقارة اللاتينية، بالرغم من تحديات داخلية ستفرضها عليه قوى اليمين الفاشي والرئيس السابق الذي ما زال يحوز على أكثر مقاعد مجلس الشيوخ .
فخلال فترتي ولايته ٢٠٠٣ حتى ٢٠١٠، حرص الرئيس لولا دي سيلفا على الدفاع عن حق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني وعن حقه بالدفاع عن نفسه وإقامة دولتنا المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على اساس مبدأ حل الدولتين وفق حدود ١٩٦٧، كما واتخذ الرئيس لولا موقفاً يطالب بمشاركة ومسؤولية أكبر من المجتمع الدولي والأمم المتحدة على وجه الخصوص في انهاء الأحتلال ووقف الانتهاكات المستمرة لحقوق شعبنا الفلسطيني، كما واعترف بدولة فلسطين قبل نهاية ولايته انذاك عام ٢٠١٠، وبات يتوشح بالكوفية الفلسطينية في جولاته الانتخابية خلال الأشهر الماضية، مقابل توشح زوجة منافسه اليميني بولسونارو بالعلم الإسرائيلي.
أن ما نشهده اليوم بل ومنذ سنوات يشكل تعابير الموجة الثانية لانتصارات اليسار في أميركا اللاتينية والتي ابتدأت سابقا وفي ظلال الاستعمار المنهار في كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا، حيث شكل اليسار اللاتيني فيها المحور الأساس لحركات التحرر التي اعتمدت اسلوب حرب العصابات والمقاومة الشعبية المسلحة بالعديد من الدول في تلك القارة لتحقق بذلك لاحقا المفاوضات السياسية وتحصد انتصارات لحركاتها الثورية اليسارية ضد الاستعمار والتي قاد بعضها القائد تشي جيفارا الذي اصبح أيقونة لدى كافة الحركات التحررية والثورية بالعالم .
لقد ساد الاعتقاد سابقا بأن اليسار في أميركا اللاتينية مع حلول عام ٢٠١٥ قد بلغ ذروته عندما نجح شبح اليمين بالتعاون مع العسكر بإشراف وكالة المخابرات المركزية الأميركية بالاطاحة به في عدد من الدول انذاك بدعم من الولايات المتحدة ومافيا المال والمخدرات وحتى بتعاون مع الحركة الصهيونية المسيحية والافنجيلين الذين امتدوا من الولايات المتحدة إلى دول أخرى.
وبذلك بدأ يظهر نموذج من اليسار التقدمي الجديد منذ ٢٠١٩ بتقديم برامج مناقضة للسياسات النيوليبرالية المتوحشة التي دمرت بلدانهم بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي تعمل الولايات المتحدة على توجيه سياساته .
فبدأ هذا اليسار الذي رفع شعارات التضامن بين الشعوب والعدالة الاجتماعية والسلم الدولي وتعميق الديمقراطيات وتعزيزها ومحاربة الفقر والتوزيع العادل للثروات، إضافة الى مواجهة كل أنواع الاضطهاد السياسي والتأكيد على مبدأ حق تقرير مصير الشعوب إضافة إلى قضايا المرأة والبيئة والمناخ . وهو يسار مُبدعا غير منغلق التفكير وليس مغلفا بقوالب جاهزة، في تحقيق انتصارات نشهدها الآن.
وتزامن تبلور هذا الفكر اليساري التقدّمي مع الصعود الجديد لليسار الذي عاود الظهور في المكسيك، تبعتها الأرجنتين وتتالت انتصارات اليسار في دول مثل بوليفيا وفي البيرو وهندوراس وفي تشيلي ومؤخرا في كولومبيا، واستمر هذا المد التقدّمي اليساري فشهد عودة لولا دا سيلفا إلى الحكم في البرازيل .
ان نجاح هذه الدول في عملية التحدي سيبعث لا محالة ديناماكية جديدة تحرك الخطوط للتقدم نحو نموذج عالمي بديل ونحو نظام دولي متعدد الاقطاب ، فما أحوج العالم وشعوبه اليوم الى ذلك ، لانهاء احادية القطب الواحد وهيمنته البشعة ، وهو أمر يجب أن يعود حينها باثر إيجابي على قضية تحرر شعبنا الفلسطيني من الاحتلال واستقلاله الوطني كما على قضايا شعوب العالم المضطهدة، وعلى المساهمة بعزل سياسات دولة الاحتلال الاستعماري .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
الأكثر قراءة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
تأثير عودة " لولا " في البرازيل وأهمية انتصارات اليسار التقدمي بأميركا اللاتينية