أقلام وأراء
السّبت 27 أغسطس 2022 10:45 صباحًا - بتوقيت القدس
هل تكون قرية لفتا المهجّرة ثمناً للعودة الإسرائيلية إلى اليونسكو ؟!
بقلم: فادي أبوبكر
كتبت الصحفية الإسرائيلية "سو سوريكيس" مقالاً بتاريخ 16 آب 2022 في المجلة الإلكترونية الإسرائيلية "تايمز أوف إسرائيل "بعنوان: "تأجيل مخطط لتحويل قرية عربية تاريخية على مدخل القدس الى منطقة سكنية فاخرة"، تحدثت فيه عن إعادة النظر من قبل بلدية القدس المحتلة وسلطة الأراضي الإسرائيلية فيما يخص تحويل قرية لفتا الفلسطينية العربية الخلابة، الواقعة على أراضي القدس، إلى حي سكني للأثرياء.
وبحسب "سوريكيس" فإن رئيس بلدية الاحتلال "موشيه ليون" يريد الحفاظ على القرية وتحويلها إلى موقع تراث عالمي، خاصة وأن قرية لفتا قد أُدرجت منذ العام 2015 على القائمة التمهيدية للتراث العالمي لليونسكو لأنها تحمل "شهادة فريدة عن حياة القرية التقليدية". وتحتوي القائمة التمهيدية على 18 موقعاً مدرجاً من خلال "إسرائيل"، علماً بأن أي عمل يؤدي الى تغيير معالم الموقع يعتبر تهديداً لإزالته من قائمة التراث العالمي وذلك حسب المعايير التي وضعتها منظمة اليونسكو في الحفاظ على مواقع التراث العالمي.
يُذكر بأن لفتا قرية فلسطينية كانت تقوم على مسافة كيلومتر واحد إلى الشمال الغربي من مدينة القدس على الناحية الشمالية من طريق القدس- يافا، وبلغت مساحة أراضي البلدة 8743 دونماً وقُدّر عدد سكانها سنة 1945 بحوالي 2550 نسمة. احتُلّت عام 1948 وهُجّر أهلها وهدم الاحتلال الإسرائيلي القسم الأكبر من بيوتها بينما بقي عدد كبير من منازلها قائماً، وعدد كبير من أهالي لفتا يعيشون حالياً في منطقتي القدس ورام الله. وعليه يمكن القول أن لفتا تعتبر آخر شاهد على القرى العربية التي هدمت ما بعد نكبة 1948، كونها القرية الوحيدة التي يمكن الحفاظ على ما تبقى منها كشاهد على أسلوب البناء والزراعة التقليدية التي كان يمارسها آلاف الفلسطينيين الذين شُرّدوا من منازلهم خلال نكبة 1948 ولم يسمح لهم بالعودة إليها.
تسعى قوات الاحتلال منذ عام 2004 الى هدم قرية لفتا بحجة تطوير الموقع والاستثمار وتحويل الموقع الى منطقة سكنية فاخرة، ولاقت هذه الفكرة الانتقاد والمعارضة من قبل ما يشبه الإئتلاف الذي يضم أبناء قرية لفتا المهجرين، واكاديميين إسرائيليين، ومهندسين معماريين، وأعضاء من جمعية حماية الطبيعة، إضافة الى مجموعة من المستوطنين ممّن تم توطينهم في القرية من قبل الوكالة اليهودية في الخمسينيات من القرن الماضي لكنها لم تحصل على حقوق الملكية وتم طردهم مؤخراً.
وبحسب المقال، هناك 75 منزلا قديما في قرية لفتا المهجرة، وبالرغم من الرغبة القوية لتنفيذ المشروع من قِبل السلطات الإسرائيلية، خاصة في عهد رئيس البلدية الأسبق نير بركات ( 2008-2018 ) وهو الآن عضو في الكنيست عن حزب "الليكود"، الا ان الائتلاف المعارض نجح في العام 2012 في إقناع المحكمة بإلغاء مناقصة البناء وأمر سلطة الآثار الإسرائيلية بإجراء مسح شامل للقرية ، على نفقة سلطة الأرضي الإسرائيلية. وقد تم الانتهاء من هذا المسح في كانون أول 2016. الا ان المقال يشير الى إعادة النظر لعقد مشاورات حول المشروع مع الحفاظ على لفتا وتحويلها الى موقع تراث عالمي من خلال أفضل السبل في الحفاظ على القرية والترويج لها.
تزعم كاتبة المقال، أن علماء الآثار قد وجدوا أدلة على وجود مستوطنة في الموقع يعود تاريخها إلى آلاف السنين إلى فترة "الهيكل الأول"، وأنهم قد تمكنوا من رسم خارطة كاملة لتطور القرية الحالية من مزرعة صليبية إلى القرية التي هي عليه اليوم.
وبحسب ما قاله "آفي مشياش" - المهندس الذي أشرف على مسح القرية – لـ"Times of Israel" في عام 2017، أن المسح أظهر "رؤية كاملة للثقافة والحياة التقليدية التي تم الحفاظ عليها في حالة نادرة وبشكل لا يصدق .. وأنه لا توجد قرية أخرى تم الحفاظ عليها بهذا الشكل"، مضيفاً بقوله "أفضل ما يجب فعله هو الحفاظ على المكان والاستفادة منه في المجالات السياحية والاقتصادية، كما يحدث في جميع أنحاء العالم".
وكانت سلطة الأراضي الإسرائيلية قد نشرت منذ حوالي عام، مرة أخرى مناقصة للمقاولين المهتمين بالبناء في لفتا، ولكن بعد زيارة الموقع ، قرر موشيه ليون معارضة الخطة، وأكّد في تصريح له على هامش مقابلة أجرتها معه صحيفة" كالكيست" العبرية اليومية أنه "يجب الحفاظ على القرية كموقع سياحي"، معرباً عن قلقه من أن "التطوير الفاخر من شأنه أن يخلق مدينة أشباح لأن أولئك القادرين على تحمل تكاليف المنازل لن يأتوا إلا لفترات قصيرة كل عام".
ويرى ليون أن "قرية لفتا تشكّل رمزاً تراثياً هاماً للمقدسيين والإسرائيليين وجميع الذين يأتون إلى القدس، وأن الموافقة السابقة على مخطط لبناء وحدات سكنية في الموقع، لم تراع احتياجات الحفظ بالدرجة المناسبة، لهذا تقرّر إعادة التفكير في الموضوع"، كما أعلن عن الشروع في عقد مائدة مستديرة تضم مختلف الأطراف ذات الصلة لتقرير أفضل السبل للحفاظ على القرية والترويج لها.
يأتي هذا التوجّه الإسرائيلي فيما يخص قرية لفتا، في ظل تناقل الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية المختلفة أخباراً حول دراسة كل من "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية مسألة العودة إلى منظمة اليونسكو، بعد انسحابهما منها في 31 كانون أول 2018.
أميركياً، تسعى الإدارة الحالية إلى ترميم علاقات بلادها الدولية بعد حقبة الرئيس الأسبق دونالد ترمب، التي تسبّبت بتدهور كبير في علاقات الولايات المتحدة الخارجية، وللحد من نفوذ منافسيها في المنظمات الدولية المتخصصة وعلى رأسها اليونسكو. وينسحب الوضع نفسه على "إسرائيل" التي كان قد صرّح رئيس حكومتها الحالي يائير لابيد، إبّان استلامه وزارة الخارجية الإسرائيلية بقوله :"أن إنسحاب إسرائيل من المحفل الدولي جعل السياسة الخارجية أقل فعالية".
وكانت مصادر عبرية قد أفادت في شهر شباط 2022 عن موافقة "إسرائيل" على سحب معارضتها بعودة واشنطن الى اليونسكو ضمن شروط أهمها ادراج موقع يهودي في القدس - لم يتم تحديده - الى قائمة التراث العالمي والتعهد بألا تكون اليونسكو ساحة لأعمال مناهضة لإسرائيل .
ومن الناحية الفنية، لم تكن إشارة رئيس بلدية القدس المحتلة إلى قرية لفتا باعتبارها "رمزاً تراثياً هاماً للمقدسيين والإسرائيليين وجميع الذين يأتون إلى القدس" أمراً عبثياً، كون هذا التصريح يقود إلى افتراض استنتاجي مفاده أن قرية لفتا هي الموقع الذي تنوي "إسرائيل" مستقبلاً إدراجه على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بعد إعادة إنضمامها لليونسكو، كون أحد أهم معايير الإدراج هو تبرير القيمة العالمية الفريدة للموقع المُرشّح، إضافة إلى حقيقة أن هذا الموقع يتصدّر قائمة المواقع الإسرائيلية المدرجة على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي في اليونسكو، وسيكون لإدراجه أبعاد دينية وسياسية واقتصادية وسياحية أوضحها هذا المقال.
*كاتب وباحث فلسطيني
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
هل تكون قرية لفتا المهجّرة ثمناً للعودة الإسرائيلية إلى اليونسكو ؟!