أقلام وأراء
الخميس 11 أغسطس 2022 10:43 صباحًا - بتوقيت القدس
ترميم قوة الردع الإسرائيلية المتضعضعة
بقلم:المحامي إبراهيم شعبان
بعد معاناة إسرائيلية متواصلة لفقدان قوة الردع لقوتها العسكرية منذ عام ألفان وستة ميلادية، جاءت العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في ثلاثة ايام بلياليها مستهدفة الجهاد الإسلامي والشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة وفي الداخل، بل يصل المدى للقابع خارج الحدود المتضامن مع حركة الجهاد المهدد بكاريش وما بعد كاريش، كل ذلك في محاولة مستميتة من أجل ترميم قوة الردع الإسرائيلية المتضعضعة والمنحدرة على مر العقدين الأخيرين داخليا وخارجيا.
جاء هذا الترميم على حساب الدم الفلسطيني والإيغال فيه وفي وضحاياه، وهدم المنازل والأحياء السكنية، وقتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، بعد أن أفشل الفلسطيني المقاوم الإسرائيلي في استعادة هذا الترميم لقوة الردع الإسرائيلية التي بنيت على نتائج حروب 1967 و 1973 و1982، وقصف المفاعل العراقي والمفاعل السوري والقصف المستمر لأراضي الجمهوية العربية السورية في كل أنحائها.
هم بحاجة ماسة لهذا الترميم في ظل توازنات القوة الداخلية الإسرائيلية لتحسين صورة الحكومة الإنتقالية في الراي العام الإسرائيلي، وترجمة هذا الترميم لمقاعد إضافية في حياتهم السياسية. ولا يهم النفقات المالية ولا التداعيات الإجتماعية ولا نفقات القبة الحديدية ولا الأمم المتحدة. وقطعا ليست واردة المعاناة الفلسطينية والدم الفلسطيني بل إنهم يتغنون بعدد القتلى والجرحى، بل إن الزيادة في هذا العدد مطلوب لرفع التأييد لأحزابهم التي يدعي بعضها باليسار أو الوسط . فالكل في سباق لزيادة القهر ضد الفلسطينيين عل وعسى أن ينقشع هذا التهديد الديموغرافي الفلسطيني.
في العقد الأخير وبخاصة في ساحات النضال المقدسية وفي باحات الحرم القدسي الشريف، بدأت مقولة وسراب الردع الإسرائيلي بالأفول. واستطاعت الجماهير المقدسية أن تمرغ قوة الردع الإسرائيلية بالأرض وبخاصة فيما يسمى بمسيرة الأعلام، وشكل هذا الأمر لغزا محيرا لقوات الأمن الإسرائيلية وكيفية استعادتها. وساعد في فقدان قوة الردع انبثاق التضامن الفلسطيني في الداخل، حيث توحدت الساحات وتم الربط بينها عبر العلم الفلسطيني.
ترميم قوة الردع الإسرائيلية عامل مهم في زيادة الفرقة والإنقسام الفلسطيني.
فبعد انقسام غزة عن الضفة الغربية، تنقسم غزة بين مؤيد للجهاد الإسلامي وبين مؤيد لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
ويبدو أن الأمر الذي خشيه الكثيرون قد بدأ يحدث حينما قاومت الجهاد الإسلامي لوحدها وتخلت عنها حماس تحت حجج وذرائع مختلف عليها. وكأن المقولة البريطانية الشهيرة " فرق تسد "عادت لتطل براسها البشع على المجتمع الفلسطيني. وبدأت القيادة الإسرائيلية تدرس بتقديم جزر أكثر بدل العصى لتعميق سياسة فرق تسد. ويبدو ان هذه السياسة الإسرائيلية الخطيرة لقيت بعض القبول عند البعض، وما علم هذا البعض أن هذه سياسة الإستفراد ستنتهي بعد أن تستقر به الأحوال وكما نردد باستمرار أكلت يوم أكل الدب الأبيض.
وها هي قوات الأمن الإسرائيلية بكل أذرعها الطويلة تستحث خطاها وتسابق الزمن، لتلاحق جميع المقاومين الفلسطينيين في كل مكان على الإقليم الفلسطيني، لتثبيت قوة ردعها المتضعضعة. فقد بدأت في جنين ومخيم جنين حيث لاحقت رجال الجهاد الإسلامي ومن ضمنهم زعيمهم الشيخ بسام السعدي، وما لبثت أن انتقلت إلى جبل النار حيث لاحقت رجال كتائب شهداء الأقصى في منازلهم وفي نابلس القديمة. حتى الصحافة لوحقت فاستشهدت شيرين أبو عاقلة في حملة استرداد قوة الردع المفقودة. وها هي تعود بكل شراسة وسفك دماء لكل مقاوم في قرى ومدن فلسطين من شمالها حتى جنوبها مرورا بوسطها.
الأمر بيّن واضح، فهي فرصة ذهبية استراتيجية لأذرع الأمن الإسرائيلية للإستقواء على رجال المقاومة الفلسطينية واصطيادهم واحدا تلو آخر بغض النظر عن انتمائه الفصائلي والجغرافي، بل واستثارة حماسهم وتحديهم للتضحية بأنفسهم والإستشهاد، حيث لا تكافؤ بين سلاح المقاوم وسلاح جيش الإحتلال وتقنياته وتجهيزاته. الأمن الإسرائيلي يستهدف كل من يرفع السلاح في وجهه ليعيد لنفسه قدرة الردع ويؤكدها ويحافظ عليها.
أما الحديث عن الشرعية الدولية ومجلس الأمن وقراراته، والجمعية العامة للأمم المتحدة وتوصياتها، ومحكمة الجنايات الدولية وبطؤها، واليونسكو والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية وهزلها، واتفاقات جنيف الأربع ولاهاي وجفاف مدادها، لم تعد صالحة للتطبيق على هذا الكيان المتمرد الرافض لكل ما هو شرعي وقانوني. ليس هناك ضمير عالمي ولا دول محبة للسلام فلا تعولوا كثيرا على هذا الأمر. لذا احقنوا دماءكم في هذا الظرف العصيب.
ولا جدل في أن استعادة قوة الردع الإسرائيلية وترميمها سينعكس داخليا وخارجيا وسيسجل كإنجاز للسياسة الإسرائيلية. فهو سيقدم الحلول البراقة للتطبيع العربي، والمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية، وتهاوي الأنظمة العربية المحايدة، والتثنية على سياسة الركوع العربي وبريق الإتفاق اٌبراهيمي، وخمود الهمة العربية والإسلامية. أما داخليا فهو سيؤدي حتما لمزيد من الإستيطان في القدس والضفة الغربية، وإلى مزيد من التهويد لهما، وتهديد حالّ بتنفيذ التقاسم المكاني والزماني للمسجد الأقصى وباحاته وساحاته، وتخفيض المتوقع من أي صفقة تبادل ممكنة، وإنهاء أية فرصة للإستقلال الفلسطيني، وبقاء الفلسطيني عاملا في سوق النخاسة لعجلة الإقتصاد الإسرائيلي. والسؤال ماذا سيكون مصير منظمة التحرير الفلسطينية بعد هذا الإستفراد والإنقسام. ويعطي الفرصة الذهبية للغرب أوروبيا وأمريكيا للإنسحاب من القضية الفلسطينية لاسباب شتى في مقدمتها اللا سامية.
مرّ الشعب الفلسطيني بظروف أصعب من الظرف الحالي، ونزف دما كثيرة، وشهد مذابح كثيرة وفقد مقاومين وقيادات خلال قرن من الزمان، وتخلى عنه اقرب المقربين، لكنه لم ينكسر وبقي صلبا بإرادته متمسكا بسيادته رافعا شعار وحدته رافضا تقسيمه متمسكا بقول الشاعر : تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
حظر الكنيست لـ"الأونروا" ... إسرائيل حاكمة الكون انتدبت نفسها لشطب قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها
نتنياهو يخشى كشف مكانه ويسعى لتأجيل محاكمته
الأكثر قراءة
"مجلس الأمن" يطالب بتمكين الأونروا من تنفيذ مهامها ويحذر من المساس بها
"المعابر والحدود": السماح بإدخال زيت الزيتون إلى الأردن بواقع 16 لترا لكل عائلة
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%20
%80
(مجموع المصوتين 523)
شارك برأيك
ترميم قوة الردع الإسرائيلية المتضعضعة