أقلام وأراء
الأربعاء 20 يوليو 2022 10:43 صباحًا - بتوقيت القدس
من وحي الوطن (4) بايدن للفلسطينيين: حلُّ الدولتين في البال ولكن لا مجال!!
بقلم:د. أحمد بوسف
كم كان حجم التطلعات وسقف التوقعات مرتفعاً عند بعض الفلسطينيين ومتدنيَّاً لدى الكثيرين منهم، على إثر زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة.. فالحقيقة، أن نتائج لقائه بالرئيس عباس كانت مُخيبة للآمال، وأن الكثير من الكلام لم يكن أكثر من زوبعة في فنجان!!
إنَّ السياسة الأمريكية ومنذ عهد الرئيس هاري ترومان الذي كان أول من اعترف بقيام دولة إسرائيل وحتى الآن، وبعمرٍ تجاوز السبعين عاماً، بدأت قبل النكبة بقليل ثم أخذت في التجذر والاتساع والتحالف الاستراتيجي أمنياً وعسكرياً الى ان بلغت مبلغاً لم تصل إليه دولة أخرى في المنطقة، وهذا -للأسف- ما شاهدناه من خلال انحيازها اللاأخلاقي واللاإنساني الدائم لصالح إسرائيل، والذي ظهر على سلوكيات ومواقف اثني عشر رئيساً أمريكياً جمهورياً وديمقراطياً، إذ لم تتغير تلك السياسة ولم تتبدل من حيث الدعم العسكري والاقتصادي والإسناد الدبلوماسي في المحافل الدولية وبشكل مستفز وظالم، وتسبب بخسارة شعبنا لأكثر من 80% من أرض فلسطين التاريخية، وبموجات من الهجرة والنزوح داخل الوطن وخارجه، والذي ارتفع عددهم إلى قرابة 15 مليوناً نصفهم اليوم يقطنون الشتات، وتتفاوت مستويات حياتهم بحسب أماكن تواجدهم، ففي مخيمات اللجوء كالأردن ولبنان وسوريا هناك البؤس والتيه والشقاء، أما من هم في الحواضر الغربية فالأمر مختلف .
بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، وعلى المستويين الرسمي والشعبي لم نقاتل الناطور.. ومع ذلك، فلم نحصل على شيء من العنب، وعدنا بِخُفيِّ حنين، ولن يشفع للرئيس بايدن لقاؤه بالرئيس عباس، وقوله له: "أنا إيرلندي وأرفض الاحتلال"، وأنَّ إيماني بحل الدولتين ما زال قائماً، ولكني لا أرى الوقت مناسباً الآن!! وبالطبع، لم يأت على ذكر القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.
في الحقيقة، إن ما وعد به بايدن من دعم مالي لعدد من المؤسسات الإنسانية والصحية كالأونروا وبعض المشافي في القدس الشرقية لن تغير من الواقع الاحتلالي شيئاً، ولن تضع حداً لحالات التعدي والنهب المتواصل للأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، ولن تردع المستوطنين وغلاة الصهاينة من وقف عدوانهم المستمر على الأقصى والمقدسات الإسلامية والحضارية في القدس الشرقية.
الشيء المحزن أن هذه الزيارة لم تحمل لنا كفلسطينيين ما يعزز ثقتنا بالأمريكان، ولا بسياساتهم ووعودهم الشرق أوسطية، وإن كان البعض -وهذا أمر طبيعي- ما زال يُمنِّي النفس ويراهن على أصوات بعض المتعاطفين معنا من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونجرس، ويرون في هذا "الفتات المالي" الذي تمَّ تقديمه كمساعدات للسلطة ومؤسساتها الأمنية سيعمل على تغيير معادلة الصراع في المنطقة، وقد يؤدي إلى تحريك أفق الحوار بين السلطة وإسرائيل بوساطة أمريكية!!
باختصار.. هذه الزيارة هي رؤية لمشروع كارثة ستحل بنا وبالمنطقة، من خلال توجيه راية الصراع والعداوة من إسرائيل باتجاه جمهورية إيران الإسلامية وحلفائها في المنطقة كحزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي..
ومع قناعتنا بأن الأفكار التي تمَّ تداولها خلف الكواليس أو الطنطنة بها في وسائل الإعلام حول ترتيبات جديدة تكون فيها إسرائيل أحد المكونات الأمنية والعسكرية لن يُكتب لها النجاح، الا أن انشغال شعوب المنطقة في صراعات جانبية وجدليات سياسية وثقافية لا تكون فيها إسرائيل هي "العدو المركزي" للأمة، سيكون بمثابة حالةٍ من تكريس الوهن وشرذمة التوجهات وحرف البوصلة وتشكيل ذهنية جديدة مستعدة لتقبل إسرائيل كأحد كيانات الأمة وُصنَّاع سياساتها وأمنها القومي.
لقد بدا واضحاً من خلال الزيارة أن إدارة الرئيس بايدن لن تغير من سياسات أمريكا المنحازة بالكلية لإسرائيل، وأنها سوف تستمر في دعم الكيان الصهيوني الغاصب؛ باعتباره حليفها الاستراتيجي الأهم في منطقة الشرق الأوسط.
إنَّ من البديهي القول، إنَّ إسرائيل -اليوم- قد تجاوزت مكانتها كـ"دولة وظيفية" للدول الغربية وخاصة أمريكا، إذ غدت جزءاً عضوياً في تركيبة وحسابات السياسة الأمريكية، وأن فاعلية الحضور اليهودي وتأثيره الكبير في أية انتخابات ولائية أو فيدرالية داخل الولايات المتحدة جعل إسرائيل لها قصب السبق والأولوية والمكوِّن الأساس في كلِّ ما تخطط له الإدارة الأمريكية من صياغات أمنية واقتصادية لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعليه؛ فإن مجمل أهداف الزيارة لم يخرج عن ثلاث توجهات، جرى التصريح بها والإعلان عنها، وهي:
1_ التمكين لإسرائيل والتسويق لها كحليف عسكري وأمني يمكن التعويل عليه في مواجهة إيران، وتسريع عملية التطبيع معها من خلال شراكاتٍ اقتصادية وأمنية، مع توجيه بوصلة العداوات والأخطار -ما أمكن- باتجاه إيران.
2_الحفاظ على السعودية داخل مظلة الحماية والتبعية لأمريكا، وقطع الطريق أمام قادتها من التوجه لبناء أي علاقات قوية مع روسيا والصين،مع تخفيف حالة الاحتقان والتوتر واحتمالات المواجهة المكلفة لها مع إيران أو حلفائها الحوثيين في اليمن.
3_مباركة التطبيع بين دول المنطقة وإسرائيل، والدفع باتجاه اتخاذ خطوات تفضي إلى ذلك، كفتح المجال للطيران الإسرائيلي للتحليق في فضاء المنطقة العربية.
أما الفلسطينيون فلا مغانم لهم، ولن يحظوا بأكثر من لقاءٍ وبعض الصور التذكارية، ووعدٍ باستمرار الدعم للسلطة الفلسطينية، وبعض التوصيات والمناشدات لإسرائيل بتخفيف أشكال الضغط والحصار المفروض على الفلسطينيين، وتحسين ما أمكن لأحوالهم المعيشية، عبر تقديم بعض التسهيلات الاقتصادية، وتنشيط حركة التنقل للعمال والتجار والمرضى من وإلى قطاع غزة.. أما القضية الوطنية وفرص إيجاد حلٍّ لها، فإن الإدارة الأمريكية ليست في عجلةٍ من أمرها، بأمل أن تجد إسرائيل وأنظمة المنطقة حلاً لها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
من وحي الوطن (4) بايدن للفلسطينيين: حلُّ الدولتين في البال ولكن لا مجال!!