أقلام وأراء
الأحد 17 يوليو 2022 10:34 صباحًا - بتوقيت القدس
بايدن يتجاوز ترامب في انحيازه لإسرائيل
بقلم:نهاد أبو غوش
في محصلة زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، ومن خلال بياناته وتصريحاته والخطوات التي تنوي إدارته اتباعها وتنفيذها، لا يبدو أن ثمة كبير خلاف بين هذا الرئيس الديمقراطي وسلفه الجمهوري دونالد ترامب تجاه قضايا المنطقة وفي القلب منها القضية الفلسطينية، إلا في طريقة إخراج المواقف والتعبير عنها. فقد اعتاد الرئيس السابق التعبير عن مواقفه الداخلية والخارجية بطريقة ملؤها الصلافة والتبجح والاستفزاز، ولعل أسلوبه هذا مستمد من اهتماماته المهنية وأعماله وطريقة حياته، كتاجر عقارات وصاحب أندية للقمار والترفيه، فهو لا يعرف سوى لغة الصفقات والأرقام الباردة، في حين أن بايدن غطّى المواقف عينها بمعسول الكلام، وأرفقها ببعض الإنشاء والشعر والعواطف. بل إن بايدن قام بتطوير واستكمال ما فعله ترامب بشكل نوعي لمصلحة إسرائيل كما برز في الوثيقة التي أسميت "إعلان القدس"، وفي جملة المواقف العملية التي اتخذها الرئيس الأميركي تجاه إسرائيل ومكانتها في المنطقة.
ففي الجوهر، تجاهل بايدن الجذر الأساس لقضية الشرق الأوسط، وهو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بالحد الأدنى من حقوقه الوطنية، وأصر على المقاربة الاقتصادية والإنسانية المستمدة من رؤية اليمين الإسرائيلي الحاكم، وقد أفاض الرئيس الأميركي في الحديث عن المساعدات التي ستقدمها إدارته للفلسطينيين، وتحدث عن معاناتهم وكأنها قدرهم السيء وليست نتيجة للاحتلال. كما أنه لم يفوّت فرصة توجيه النصائح للفلسطينيين لاعتماد الشفافية ومحاربة الفساد متجاهلا أبشع أنواع الفساد والشرور الإنسانية وهو الاحتلال الذي حوّل حياة الفلسطينيين إلى عذاب مقيم. هذه المقاربة هي صيغة جديدة لصفقة القرن التي وعدت الفلسطينيين بالبحبوحة الاقتصادية مقابل تأجيل حل قضيتهم الوطنية إلى أجل غير مسمى، وجعلت التطبيع بين إسرائيل والبلاد العربية الهدف الأبرز والقابل للتحقيق في الأمد المنظور، في ترجمة أمينة لرؤية اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو الذي أعلن رأيه بكل صراحة عن استحالة تحقيق السلام مع الجيل الحالي من الفلسطينيين، مدّعيا أن اقصى ما يمكن إنجازه هو السلام الاقتصادي، وهو نفس الاتجاه الذي سارت عليه حكومة بينيت- لابيد حيث سمح بينيت لوزرائه باللقاء مع المسؤولين الفلسطينيين شريطة اقتصار البحث معهم على الشؤون الأمنية والاقتصادية.
أما بالنسبة لإسرائيل، فقد طوّر بايدن مواقف بلاده المعروفة تقليديا من التعهد بضمان أمن إسرائيل وحمايتها إلى "ضمان تفوقها العسكري والنوعي"، إلى جانب طمأنتها بالتعهد بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، مع ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك مثل هذه الأسلحة وترفض الخضوع لأية رقابة مهما كان نوعها.
تجاوز بايدن أهداف إدارته المعلنة بمواصلة مسيرة التطبيع الإبراهيمي التي بدأت في عهد سلفه، إلى العمل بكل ما أوتيت بلاده العظمى من قوة ونفوذ وهيمنة، لدمج إسرائيل في المنطقة، بل لمنحها شارة القيادة في النظام الإقليمي الذي يجري العمل لاستحداثه، واعتبار إسرائيل الركيزة الأساسية للحلف الدفاعي المسمى "ناتو الشرق الأوسط" من خلال إعادة إنتاج حلف بغداد الذي أفشلته الشعوب العربية وأنظمتها الوطنية في الخمسينات، على قاعدة إنهاء حالة العداء العربي الإسرائيلي، واصطناع عدو مشترك جديد للعرب وإسرائيل ممثلا في إيران وحلفائها.
أجزل بايدن في امتداح إسرائيل ونظامها السياسي وما أسماه القيم المشتركة التي تجمع أميركا وإسرائيل، وفي سياق غزله المفتوح بإسرائيل وسياسييها تبنى مواقف اليمين العنصري المتطرف متعهدا بالتصدي لكل حملات المقاطعة وما أسماه "محاولات نزع الشرعية عن إسرائيل" مساويا بذلك بين انتقاد سياسات دولة الاحتلال وقادتها وهو أمر يقوم به حتى الإسرائيليون أنفسهم، وبين معاداة السامية التي يعدّها الغرب المنافق تبنيا للمواقف العنصرية النازية. كما تبنى بايدن مواقف اليمين الإسرائيلي تجاه الإصرار على بقاء إسرائيل كدولة يهودية منكرا وجود آخرين غير يهود في هذه الدولة التي لم تتفق مؤسساتها السياسية والقانونية بعد على تعريف من هو اليهودي حتى بعد 74 عاما من إنشاء "دولة اليهود"، واعتبر الرئيس الأميركي أمن إسرائيل وقوتها مصدر حماية للشعب اليهودي في كل أنحاء العالم، وهو أمر غريب وشاذّ لم يسبقه إليه أحد من قادة العالم لأن اعتبار إسرائيل حامية ليهود الولايات المتحدة وروسيا والارجنتين وغيرها من الدول ذات السيادة، يمثل طعنا بمسؤولية هذه الدول تجاه مواطنيها من أتباع الديانة اليهودية وبخاصة أن في الولايات المتحدة اكثر من ستة ملايين يهودي بينهم أوساط مؤثرة وناشطة في انتقاد سياسات إسرائيل.
ومع أن إدارة بايدن استبقت الزيارة بتعويم جريمة اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة وسعت إلى تبرئة إسرائيل من فعلتها النكراء، فإن روح شيرين الحاضرة بقوة في بيت لحم وفي كل مكان بفلسطين وفي وجدان الشعب الفلسطيني، فرضت القضية على الرئيس الأميركي الذي حاول الالتفاف على الجريمة بامتداح شيرين ومهنيتها، تماما كما حاول الالتفاف على قضية الاحتلال وجرائمه من خلال تفصيل الخدمات التي تقدمها الأونروا ومستشفيات القدس.
ثمة إشارات إيجابية محدودة في زيارة بايدن، ومن الواضح أنه لا يستطيع تجاوزها في المرحلة الراهنة، وأولها مسألة جوهرية وهي استحالة شطب القضية الفلسطينية، وبعضها رمزية مثل رفض المرافقة الشرطية الإسرائيلية خلال زيارة القدس الشرقية المحتلة، او حتى استئناف الدعم المالي للسلطة والأونروا ومؤسسات القدس، لكن حتى هذه المنافع والإيجابيات يمكن لها أن تنقلب إلى أضرار وسلبيات إذا قادت إلى مقايضة الحقوق الوطنية بالتسهيلات الاقتصادية والمعيشية، وإذا ظل الموقف الفلسطيني معلقا على أوهام التفهم الأميركي ولا يستند إلى استثمار عناصر وأوراق القوة الفلسطينية بكل مكوناتها الظاهرة والكامنة، وإلى أداء كفاحي وسياسي موحّد وليس إلى حالة الانقسام والشرذمة.
دلالات
سحر قبل أكثر من 2 سنة
افضل شرح لسياسة امريكا الخارجية نحو القضية الفلسطينية فالمعروف والثابت ان سياسة امريكا الثابتة والداعمة العمياء نحو اسرائيل لن تتغير بتغيُّر الرئيس لذلك ليس من العقلانية والمنطق ان تلعب دور الوسيط وليس من
محمد احمرو قبل أكثر من 2 سنة
احسنت. تحليل ممتاز وواقعي. الدرس واضح: امريكا منحازه ١١٠٪ لإسرائيل وحاميتها الكبرى وليست صديقه للشعوب العربيه او مناصره لقضيتهم الأقدم. هذا شيء لا يتغير بتغير الرئيس الإمريكي لإنه سياسه دوله ثابته. اذا من
منال شراب قبل أكثر من 2 سنة
نحن ماحناش على بال حدا
نهى الشوملي قبل أكثر من 2 سنة
بايدن يعلن انه صهيوني في كل مناسبة ماذا نريد اكثر من هذا الوضوح
مازن عباسي قبل أكثر من 2 سنة
كل هذا نتيجة افعالنا نحن من جلبنا ذلك لانفسنا
جهاد الرجبي قبل أكثر من 2 سنة
الايجابيات التي اشرت اليها تافهة متل الرشاوي
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
الشرطة: مقتل مواطن بإطلاق نار جنوب الخليل
غزة والانتخابات الأمريكية
الأكثر قراءة
وزارة العمل وجمعية قدسنا توقعان اتفاقيتي تعاون لتعزيز فرص العمل في القدس
مصطفى: الاقتصاد الوطني انكمش بمقدار 35٪ بفعل استمرار عدوان الاحتلال
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
صمدت في جباليا.. استشهاد الفنانة التشكيلية الفلسطينية محاسن الخطيب
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%20
%80
(مجموع المصوتين 523)
شارك برأيك
بايدن يتجاوز ترامب في انحيازه لإسرائيل