Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 19 يونيو 2022 9:41 صباحًا - بتوقيت القدس

عن أي قنصلية أمريكية تتحدثون؟

الأحد... وكل يوم أحد
عن أي قنصلية أمريكية تتحدثون؟
بقلم: المحامي زياد أبو زياد


لا أدري ما إذا كان المسؤولون الفلسطينيون الذين يطالبون الإدارة الأمريكية بإعادة فتح قنصليتها ‏في القدس العربية يعرفون تماما عما يتحدثون. فالذي تتداوله وسائل الاعلام هي صور القنصلية ‏الأمريكية في منطقة مأمن الله المتعارف عليها بالعامية الدارجة ب (ماميلا) وفي الشارع الذي ‏أطلق عليه الإسرائيليون اسم شارع أغرون.‏
وفي محاولة لإنعاش ذاكرة البعض فإنه لا بد من التذكير بأن الموقف الرسمي الأمريكي منذ عام ‏‏1948 كان ملتزما ً بقرار التقسيم رقم 181 الذي تعامل مع القدس وبعض القرى المجاورة لها ‏مع شريط من الأرض يربطها ببيت لحم كمنطقة تخضع لنظام خاص خارج نطاق السيطرة لأي ‏طرف من أطراف النزاع ‏a corpus separatum ‎‏ وهي كلمة لاتينية تعني وحدة مستقلة. ولذلك فقد تم بعد عام 1948 فتح قنصليتين بالقدس، واحدة في شارع نابلس بالقرب من بوابة ‏مندلبوم وجمعية الشبان المسيحية بشارع نابلس بالقدس الشرقية وواحدة في القدس الغربية في ‏شارع أغرون. وكان القنصل الأمريكي في القدس الشرقية منذ ما بعد احتلال 1948 يُقدم أوراق ‏اعتماده لمحافظ القدس وليس لوزير الخارجية الأردني لأن أمريكا لا تعترف بالقدس الشرقية ‏جزءا ً من الأردن، وكان القنصل الأمريكي في القدس الغربية يُقدم أوراق اعتماده لمتصرف ‏القدس الإسرائيلي لنفس السبب. أي أن الموقف الأمريكي لم يكن يعترف بسيادة أحد على مدينة ‏القدس وكان يقول بأن وضع القدس يجب حسمه على مائدة المفاوضات.‏
وأذكر في السنوات الأولى للاحتلال أنه في الرابع من تموز عيد استقلال أمريكا كان يُقام في كل ‏عام حفل استقبال للعرب في حديقة القنصلية بشارع نابلس وحفل استقبال آخر للإسرائيليين في ‏القنصلية التي بشارع أغرون. وقد دعيت أكثر من مرة للاحتفال في القنصلية بشارع نابلس ‏وكانت تقتصر الدعوة على عرب القدس الشرقية والضفة وقطاع غزة.‏
ولكن هذا الوضع لم يستمر ففي أوائل الثمانينيات بدأ عمل حفل استقبال واحد في حديقة القنصلية ‏في القدس الغربية. وحين أبدى بعض الشخصيات الفلسطينية بالقدس والضفة وغزة – وكاتب ‏هذا المقال كان واحدا ً منهم- اعتراضا على عمل حفل واحد وفي القدس الغربية، كان الرد ‏الأمريكي بأن أمريكا تعتبر القدس مدينة واحدة وأن هذه المدينة لا تتبع لطرف من طرفي النزاع ‏وأنها مستمرة في هذه السياسة.‏
ولكن الإدارة الأمريكية قامت في نفس الوقت وبشكل تدريجي بنقل الجهاز الإداري الذي كان ‏بشارع نابلس الى القدس الغربية وخصصت مبنى القنصلية بالقدس الشرقية لقسم الفيزا والأحوال ‏الشخصية للرعايا الأمريكيين عربا ويهودا فكان المراجعون لهذا القسم خليط من الفلسطينيين ‏والإسرائيليين، بينما أصبحت القنصلية في القدس الغربية تقوم بكل المهام السياسية والاقتصادية ‏وغير ذلك. وظلت القنصلية في شارع أغرون مرتبطة مباشرة بوزارة الخارجية بواشنطن ‏ومستقلة تماما عن السفارة في تل أبيب التي أنيطت بها شؤون قطاع غزة إضافة لعملها في ‏إسرائيل. ‏
وقد تم بناء بناية جديدة في المنطقة بين صور باهر وجبل المكبر التي يسميها الإسرائيليون ‏تلبيوت ونقل القسم القنصلي من شارع نابلس اليها. وهي اليوم المقر الذي تعمل منه السفارة ‏الأمريكية بعد نقلها من تل أبيب الى القدس في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وتم الحاق ‏القنصلية بها.‏
ما دفعني الى كتابة هذا المقال هو أني من بين أولئك الذين عايشوا التغيير التدريجي الذي طرأ ‏على أداء القنصلية الأمريكية والدور التطبيعي الذي قامت به في جمع الإسرائيليين والفلسطينيين ‏في مكان واحد رسميين وغير رسميين. وأذكر قبل نقل السفارة للقدس ان احتفالات بعيد ‏الاستقلال الأمريكي كانت تُقام في حديقة القنصلية الأمريكية في شارع أغرون وكنت ترى ‏خليطا ً يضم رؤساء وزارة ووزراء فلسطينيين ورؤساء أجهزة أمنية فلسطينية جنبا ً الى جنب ‏مع وزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين وضباط إسرائيليين من الجيش والادارة المدنية والأجهزة ‏الأمنية الإسرائيلية.‏
والمتابع لما يجري في العلاقة الأمريكية الفلسطينية يلاحظ أن الأمريكيين كانوا يسعون بشكل ‏منهجي لتطبيع العلاقة بين الرسميين الإسرائيليين والفلسطينيين دون حدوث أي تغيير أو انفراج ‏سياسي. وأنه كانت هناك خطة منهجية لطمس الحدود بين القدس الغربية والشرقية بكل المفاهيم ‏وعلى كل الأصعدة.‏
واليوم يدور الحديث عن إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية دون إدراك بأن المقصود ‏هو القنصلية التي بالقدس الغربية. ورغم تكرار الوعود والتصريحات الأمريكية بأنه ستتم إعادة ‏فتح القنصلية إلا أن العمل يجري لتحويل القنصلية التي في القدس الغربية الى وحدة للشؤون ‏الفلسطينية وهذا لا يعني شيئا ً ولا يرمز لأي شيء. وحتى لو تم إعادة فتح القنصلية في القدس ‏الغربية فإن هذا أيضا لا يعني شيئا ً إذا كنا نتحدث عن رموز نستطيع أن نقول بأنها ترمز ‏للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.‏
المطلوب حين الحديث عن إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية أن يكون الحديث عن ‏القنصلية التي في شارع نابلس والتي كانت معتمدة للقدس الشرقية قبل احتلال 1967. ‏
[email protected]‏ ‏


دلالات

شارك برأيك

عن أي قنصلية أمريكية تتحدثون؟

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)