أقلام وأراء
الأربعاء 17 يوليو 2024 9:07 صباحًا - بتوقيت القدس
النزوح.. معاناة البحث عن الأمان المفقود
تلخيص
عقارب الساعة كانت تشير إلى قرب الخامسة بعد العصر حيث ارتفعت حينها أعداد صواريخ طائرات الاحتلال المتلاحقة في استهداف مواقع مختلفة قريبة كانت من تواجدي.
وشاركتها قذائف مدفعية الدبابات لم أستطع وقتها تحديد أماكن القصف لكن قرب الصوت كان يشير إلى قربها.
في دقائق قليلة جداً أصبح الوضع يؤكد خطورة البقاء في المكان؛ الأمر الذي جعل كل من في المنطقة التي أتواجد فيها في حالة إخلاء.
ملامح الخوف
كانت ملامح الخوف والحيرة واضحة ليس على وجوه الصغار؛ بل الكبار كذلك، فكانت الثواني محسوبة ولا مجال لمزيد من التفكير أو التأخير، فالجميع كان يركض ليبعد أكبر مسافة من المنطقة، فالأمان أصبح مفقوداً، والخطر أخذ في الازدياد.
في لحظات سريعة أصبحت المنطقة خاوية من البشر، حتى المدارس التي تضم بالأصل عدداً كبيراً من النازحين لم يعد يُسمع لأحد فيها صوت، فالجميع خرج من المكان.
أين أذهب؟!
كل ذلك وأنا ما زلتُ في مكان لم أتحرك منه، إلا أنني أسرعت في ارتداء الحجاب وحمل حقيبتي التي تحتوي على المصحف والأوراق والأشياء المهمة.
كنت في حيرة كبيرة، وأخذت أردد على مسامعي: أين أذهب؟! حقيقة لم أكن أعلم إلى أي مكان ممكن النزوح إليه، وهل سيحمل لي الأمان؟
لم أحاول التفكير كثيراً؛ لأن الوقت يمر سريعاً، والأمر لم يعد يقتصر على القصف فهنالك تحرك لدبابات الاحتلال باتت قريبة.
أخذتُ أُردد بالدعاء بأن يصرف الله عني بأس الكافرين، وأن يُدبر لي أمري، ويُيسر لخطواتي.
لا أُخفي أنّ هذا الأمر لم يكن هيناً عليَّ، ولم أكن أعلم ماذا أحمل معي؟ هل أحمل بعض الملابس أو الماء أو شيء من الأكل أو فرشة للنوم عليها إن تمكنت من ذلك؟ لم أستطع أن حمل كل ذلك، فاكتفيت بالأشياء المهمة جداً وأهمها المصحف وبعض الأوراق وغيرها.
مشاهد مؤلمة
قطعت خيوط الحيرة في التفكير حينما وجدت قريبتي وعائلتها ما زالوا لم ينزحوا من المكان، فذهبت معهم لأكمل خطواتي حيث لا أعلم أين سأذهب، لكن المهم أنني خرجت من المكان.
كان أغلب الناس يقطعون مسافات طويلة سيراً أو ركضاً على الأقدام، وهم يحملون أطفالهم وحاجياتهم، فلا توجد سيارات لنقلهم حيث لا يتوفر وقود، وإن توفر فسعره مرتفع جداً.
كان الناس يتحركون أفواجاً أفواجاً والخوف واضح على ملامحهم المتعبة جداً، فالرجال في ذلك الوقت كان بعضهم يبكي في حيرة من أمره؛ أين يذهب بأطفاله؟! فهم يسيرون إلى حيث لا يعلمون!
ومنهم المرضى والجرحى الذين تضاعفت أوجاعهم وتلوثت جراحهم جراء التنقل لأماكن مختلفة تفتقد لأدنى درجات التعقيم أو الراحة، إضافة إلى التلوث المحيط بالأماكن والشوارع، والكثير منهم نزح وهو لا يحمل لأطفاله طعاماً ولا يملك مالاً لشراء أي شيء يؤكل.
دمار هائل
كلما كنا نسير من مكان لآخر كان المشهد متكرراً، حيث الدمار الهائل للمباني، هذا جعل الحيرة ترتسم بشكل واضح على الملامح والسؤال: أين نذهب؟!
كنتُ أُزيل هذه الحيرة بأن أُشغل نفسي بتلاوة آية الكرسي حيث تبعث في قلبي الأمان وأشعر بكلماتها بحفظ الله تعالى.
بعد مسافة نزوح طويلة بعدتُ بها عن المكان، جلستُ مع أقاربي فترة طويلة في الشارع، حيث لم نجد مكاناً نأوي إليه، لكن بعدها وجدنا مكاناً كانت جدرانه على قيد الوقوف، فذهبنا إليه، ولم يتوفر شيء للنوم عليه، وأما الطعام فكان قليلاً والماء كذلك، فكانت الأولوية فيهما للأطفال وبعض اللقيمات التي تسند أجسادنا.
النزوح لمكان آخر لا يعني مطلقاً أنه مكان آمن، فالأمر ليس كذلك، الأمر الذي جعلني أحاول مع ارتفاع صوت القصف أن أرفع آيات سورة "البقرة" في قلبي لتهدأ نفسي وتزيدني آياتها ثباتاً.
مضت ساعات حملت الحيرة والخوف والتعب، احتجت بعدها للراحة، لكن لم أجد مكاناً أستطيع النوم فيه؛ الأمر الذي جعلني أحاول أن أسترق بعض الوقت لغفوات سريعة، وأنا جالسة على كرسي، كانت هذه الغفوات تفزعها صوت القصف بين فترة وأُخرى.
ورغم صعوبة النزوح ومعاناته، فإنّ ذلك يُزال حينما أتلو قوله تعالى في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)- (آل عمران: 200).
كلما كنا نسير من مكان لآخر كان المشهد متكرراً، حيث الدمار الهائل للمباني، هذا جعل الحيرة ترتسم بشكل واضح على الملامح والسؤال: أين نذهب؟!
دلالات
عيد الناجي قبل 4 شهر
كل التقدير لعمق الايمان الذي تتحلين به فعندما يفقد المكان امانه وألفته فإننا نهرب من الخوف والوحدة الى علاقاتنا الاجتماعية حيث الاحساس بالحياة والاستفادة بخيرات تتناقل بين الناس فتدعم صمودها وتشبثها بالحياة
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
النزوح.. معاناة البحث عن الأمان المفقود