أقلام وأراء
الأربعاء 05 يونيو 2024 8:41 صباحًا - بتوقيت القدس
في يوم البيئة العالمي الحد من كارثة بيئية في قطاع غزة...أولوية وطنية
تلخيص
يصادف الخامس من حزيران من كل عام ما يعرف ب "اليوم العالمي للبيئة"، حيث بدأ الاحتفال به منذ العام 1972، بناء على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين عقد أول مؤتمر للأمم المتحدة يعنى بالبيئة البشرية في السويد. ومنذ ذلك اليوم، يتم الاحتفال بهذا اليوم سنويا مع التركيز على موضوع بيئي محدد، بهدف زيادة الوعي بأهمية البيئة وضرورة الحفاظ عليها. وتزداد هذه الأهمية في مناطق مثل بلادنا، حيث الموارد الطبيعية محدودة، واستهلاكها غير مستدام، إلى جانب انخفاض الوعي البيئي، وغياب الممارسات البيئية السليمة، وتفاقم تأثير التغيرات المناخية.
هذا العام 2024، تم اختيار موضوع" التعامل مع تصاعد الجفاف والتصحر واضمحلال الأراضي الصالحة للزراعة"، كشعار لليوم العالمي للبيئة، بهدف التحذير من الاستخدام المفرط وغير المستدام، للمصادر الطبيعية على الأرض، حيث يعيش نحو سبعة مليارات إنسان، يحتاجون إلى هذه المصادر وإلى ترشيد استهلاكها، وإلى التوجة نحو المصادر المستدامة، للحفاظ على الأرض وما تحوية، وفي نفس الوقت التعامل العلمي مع تداعيات التغيرات المناخية التي تجتاح الكوكب.
في يوم البيئة العالمي، وبعد 240 يوما من الحرب، نشاهد صور الدمار الهائل في قطاع غزة وما نتج عنه من دمار هائل وانتشار الركام والنفايات وتجمع مياه الصرف الصحي التي تحوي كل أنواع النفايات الكيماوية والبيولوجية، بحيث يمكن أن نتوقع حجم الكارثة الصحية والبيئية التي سوف تحدث في القطاع، سواء على شكل انتشار الأمراض المعدية، أو على شكل تلوث المياه والغذاء والهواء والتربة، وإذا لم يتم التدخل العاجل، وبالأخص من قبل الحكومة الجديدة ومن الهيئات والمنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، فإن هذه الكارثة البيئية والصحية المتوقعة سوف تفاقم ويلات ومآسي العدوان المتواصل على القطاع، من ضحايا وتدمير للبنى التحتية في مختلف أنحاء القطاع.
وحسب التقارير المختلفة، فقد ألقى جيش الاحتلال مئات آلاف الأطنان من المتفجرات طيلة نحو 240 يوما من الحرب على قطاع غزة، وما تحويه من مواد كيماوية قديمة وجديدة ومن كل الأنواع والتي وجدت أو ستجد طريقها إلى التربة والهواء والمياه والطعام والبشر في منطقة جغرافية لا تزيد عن 365 كيلومترا مربعا، وتعتبر الأكثر كثافة في العالم، وما لذلك من تأثير مدمر وشامل للنظام البيئي في قطاع غزة.
ومن المعروف أن الأوضاع البيئية في قطاع غزة وما لها من تداعيات صحية ظهرت على شكل أمراض ووفيات، هي أوضاع قاتمة قبل هذا العدوان المستمر، وانعكس ذلك على تلوث مصادر المياه والتي أكثر من 90% منها جوفية، وكذلك على الهواء والتربة والمياه العادمة واستخدام المبيدات بكثافة في الزراعه أو من خلال الكثافة البشرية الهائلة التي تتواجد في حيز جغرافي ضيق، لا مثيل له في العالم.
ومعروف أيضا أن المصادر الطبيعية الفلسطينية في قطاع غزة، من مياة وتربة أو حيز جغرافي محدودة، وأن هذه المصادر، وبالأخص في قطاع غزة هي ليست بالحال الأفضل، سواء كانت المياه الجوفية، أو التربة، أو مياه البحر الملوثة، أو الحيز الجغرافي وانتشار النفايات الصلبة والمياه العادمة، والسيارات القديمة، وبالتالي إمكانية تلوث الهواء، إلى جانب ضعف أو غياب القوانين البيئية الملزمة وضعف التوعية البيئية بأهمية إيلاء البيئة في غزة الاهتمام الكافي.
ومن ضمن التأثيرات البيئية المتوقعة وبعيدة المدى للعدوان الحالي على قطاع غزة، هو احتمالات تلوث المياه التي تم قطعها أو منعها عن غزة، ومعروف أن اكثر من 95% من المياه في بلادنا هي مياة جوفية، وحتى قبل العدوان الحالي، أظهرت التقارير إلى أن أكثر من 90% من المياه في قطاع غزة مياه ملوثة، ولا تصلح للاستخدام البشري وفق المعايير الدولية.
وتتلوث المياه في غزة بالمواد الكيماوية، سواء الناتجة عن المياة العادمة، أو من المبيدات والأسمدة الكيماوية، أو من مشتقات البلاستيك والمواد الصناعية الأخرى، التي تتسرب من خلال التربة الرملية إلى مصادر المياة الجوفية. وبعد هذه الحرب يمكن تصور الكميات الكيماوية الهائلة التي ألقيت أو سوف تلقى إلى التربة في كافة مناطق قطاع غزة، وبالتالي احتمالات وصولها إلى مصادر المياه، وزيادة الوضع سوءا بالمقارنة مع ما كان عليه قبل الحرب.
وقد شاهدنا بالبث المباشر، سحب الدخان الهائلة وما تحوية من مواد كيماوية سامة، تتصاعد وتنتشر في الهواء مع احتمالات تلويثه، وبالإضافة إلى ذلك فإن معظم بقايا المتفجرات التي القيت على قطاع غزة تبقى في التربة أو على الأرض، وبالتالي تزيد من معضلة النفايات الصلبة والنفايات الكيماوية الخطيرة، والتي من خلال تراكمها في التربة تحد وبالتدريج من خصوبة هذه التربة وبالتالي تحد من قدرتها على إنتاج الطعام أو الزراعة فيها، ومن المحتمل كذلك أن تصل هذه المواد الكيميائة بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الغذاء الذي يتم استهلاكة من الناس وما إلى ذلك من آثار صحية، قريبة أو بعيدة المدى تظهر على شكل أمراض غير سارية أو مزمنة.
وبالاضافة إلى الكارثة الصحية التي بدأت آثارها تظهر بشكل سريع على شكل انتشار الأمراض المعدية، فإن التلوث البيئي سوف تكون له تداعيات صحية بعيدة المدى على شكل ارتفاع معدل الأمراض المزمنة، علما أنه قبل العدوان الحالي، وحسب التقارير السنوية الدورية لوزارة الصحة الفلسطينية، فأن أمراض السرطان على سبيل المثال تشكل السبب الثاني للوفاة في فلسطين.
ومع البدء في تقييم الخسائر والآثار، فإن التقييم البيئي والصحي أو التداعيات البيئية والصحية للعدوان يجب عدم إهمالها أو الاستهتار بها، مع العلم أن الوضع البيئي في قطاع غزة قبل الحرب الاخيرة، كان يمكن وصفه بالوضع الكارثي أو المتردي أو غير الصالح للحياة، وبالتالي يمكن تصور التداعيات البيئية والصحية القاتمة بعد وصول ملايين الكيلوغرامات من المواد الكيميائية إلى النظام البيئي في قطاع غزة خلال هذا العدوان، ولذا فإن المطلوب التدخل العاجل للتعامل مع بوادر كارثة بيئية وصحية في قطاع غزة، واعتبار ذلك من الأولويات الوطنية، سواء أكان ذلك من قبل الجهات الرسمية من وزارات مختلفة وعلى رأسها سلطة جودة البيئة أو من قبل المنظمات المحلية والدولية العاملة في مجال البيئة، لتقييم الآثار البيئية والصحية بعيدة المدى المتوقعة والتي سوف نلمس آثارها خلال عشرات السنوات القادمة.
يمكن تصور التداعيات البيئية والصحية القاتمة بعد وصول ملايين الكيلوغرامات من المواد الكيميائية إلى النظام البيئي في قطاع غزة خلال هذا العدوان، ولذا فإن المطلوب التدخل العاجل للتعامل مع بوادر كارثة بيئية وصحية في قطاع غزة
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
في يوم البيئة العالمي الحد من كارثة بيئية في قطاع غزة...أولوية وطنية