Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 18 مارس 2024 9:38 صباحًا - بتوقيت القدس

الحاجة الى الاستعداد لمواجهة تنامي أشكال العنف والاضطرابات العقلية والسلوكية

تلخيص

تباينت الاراء والتحليلات والمعطيات الاحصائية حول جسامة الأضرار الاقتصادية بسبب ما يجري في الوطن المحتل جرّاء الاعتداء المتواصل على شعبنا في المحافظات الشمالية والجنوبية، وتم البوح بالتكهنات عن مليارات الدولارات والفترة الزمنية المتوقعة لاعادة اعمار الحجر والنهوض بالاقتصاد الوطني الفلسطيني .


للأسف ، لم ينبر أي من المؤسسات العالمية أو المحلية ببلورة رؤى عملية ( باستثناء ما تعمل عليه مؤسسة CARE مركز الدراسات والتطبيقات التربوية وبالتنسيق مع جهات ذات صلة، رسمية وأهلية ) لاعادة بناء وتأهيل البشر، وفق معايير الصحة النفسيّة المعهودة ، باختلاف أعمارهم وفئاتهم الاجتماعية.


نعم نرى ونسمع بالتركيز على الجوانب الصحية الجسمانية، وقلما تم تناول الانعكاسات السيكولوجية والسلوكية السلبية الخطيرة الاتية لا محالة، والتي ستنعكس على كافة المجالات الحياتية الكثيرة ليس فقط محليا وبل وستمتد الى كافة أرجاء المعمورة.


نحن أمام تحديات ومسؤوليات جسام هائلة تتمثل في أمواج من الاضطرابات السلوكية والعقلية وتنامي أشكال العنف جراء ما أنتجته هذه الاعتداءات المتواصلة، والتي لن تعرف اّثارها وانعكاساتها حدودا جغرافية أو حصرها في منحى حياتي محدّد، الأمر الذي يستدعي التركيز على ضرورة الاستعداد للجائحة / الجائحات القادمة والمتمثلة في مشاكل الصحة النفسية، مما يستدعي وضع استراتيجيات خاصة بالحماية الاجتماعية والنفسية والاقتصادية (الجوع والحرمان والتهجير)، لا سيما أننا فقدنا الكثير من ألاعزاء مقارنة بحجم مجتمعنا السكاني. ومعروف سيكولوجيا أن الفقدان أصعب حالة ذات اّثر ما بعد الصدمة PTSD، ونجمت حالات تشوه للجسم البشري والتي من شأنها أن تقوم بدور عوامل تذكير Reminders بتلك الصدمات ذات الانعكاسات السلبية الكثيرة والمتنوعة.


يتفاوت مدى التأثر لدى الفئات المجتمعية ليس فقط بين أفراد الطبقة الاقتصادية العالية والطبقة العاملة (على اعتبار انه بات لا وجود ملحوظ، أو كما كان سابقا، في مجتمعنا الفلسطيني للطبقة الوسطى – من وجهة نظر الكاتب)، مع بقاء فئة الاطفال واليافعين والنساء، لا سيما في التجمعات السكانية المهمّشة، هم أكثر تأثرا، مقارنة مع الفئات العمرية الاخرى. نعم نتوقع ارتفاعا ملحوظا ومتناميا في شكل/ نمط الخسارة والمعاناة النفسية والاجتماعية التي ستدفعها هذه الفئة عاجلا أم اّجلا، بعض من هذه: العنف الاسري، التنّمر، اضطرابات سلوكية مثل الخوف الدائم من الاتي، اللامبالاة، الانطواء على الذات والانزواء جانبا، انخفاض مستوى تقدير الذات ومستوى الدافعية ، التأتأة، متلازمة ما بعد المرض، القلق ،الاكتئاب، الفوضى وغيرها الكثير، حتى بعد التعافي من كورونا .


هناك عوامل عديدة تقف وراء ذلك، لعل منها :-

- حالات الفقدان الكثيرة بسبب الغارات والقصف الوحشي المتواصل وتدمير الأحياء السكنية مما سبّب في فقدان عشرات الالاف وفق احصائيات مؤسسات دولية مختصة بهذا الشأن .


- هيمنة ثقافة الاشاعة والتسليم بها من قبل نسبة كبيرة من السكان جراء الخلفيات الثقافية المتفاوتة. أثرت الشائعات ، والتي يذهب البعض لاعتبارها جريمة يحاسب عليها القانون، على الرأي العام وقد يكون تأثيرها قد امتد الى بعض صانعي القرار، حيث رأوا بما يجري شبيها بما جرى سابقا من اعتداءات، دون القبول بأن ما يجري هو ضمن رؤية ومخطط يشارك به أكثر من طرف لانجاز الأهداف المتوخاة بغض النظر عن الثمن.


- تواصل مسلسل انهيار القيم والاخلاق الحميدة بشكل كارثي، أحد ابرز اشكال الانهيار في القيم. محليا التركيز على الربح المادي دون الاكتراث بالجوانب الانسانية، مما عزّز الانانية والفردية بدلا من التفكير بالجماعة والمصلحة العامة، وعالميا المسرحيات العديدة في تقديم الاغاثة العاجلة (محاولات انزال المساعدات ، بناء رصيف ميناء، التوصل الى هدنة ، وغيرها من الملاهي) ، في حين أن الأمر أبسط من كل هذا، اذ يكفي فرض الوقف الفوري لاطلاق النار.


- غياب سياسة رادعة وواضحة لمواجهة الجرائم ضد البشر والحجر والانسانية جمعاء، مثلما هو الحال المتمثل في غياب خطط فاعلة لمواجهة والتقليل من الاثار النفسية والاجتماعية للمقتلة الدائرة المتواصلة، ناهيك عن تدني نسبة الوعي الذاتي لاهمية الصحة النفسية، رغم الزيادة البطيئة على معدل الوعي هذا، مقارنة مع مجتمعات بشرية اخرى.


- للاسف الشديد، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام دورا سلبيا، تمثل في المساهمة بنشر ثقافة الاشاعة، عن قصد أو غير قصد، ناهيك عن تصريحات ممن يفترض بهم القيام بدور توعية الشعب وتوجيهه الوجهة الصحيحة، حيث عمد مثل هؤلاء الى التهويل والمبالغة الزائدة دون التركيز الكافي على ضرورة تذويت الخطر الداهم من أشكال العنف والتدمير الشديدين للمؤسسات الصحيّة والتعليمية، والتي تلعب دورا في رفع معنويات الشعب ، لما للعامل النفسي من دور في تعزيز المناعة لدى الانسان، بعد فقدان المكان الاّمن والتفاعل الاجتماعي الذي يساهم في ظل الازمات في توفير أمان نفسي وطمأنينة .



اذن ما العمل ؟

لكل فعل ردة فعل . ليست هذه الحالة الاولى التي شهدتها المعمورة، وان كانت نتائج الاعتداءات الوحشية قد فاقت في أعدادها وأشكالها جرائم بشرية أخرى شهدها الكوكب على مرور العصور.

تجيء الخطوة الثانية والمتمثلة في ضرورة استجابة كافة المؤسسات المحلية الرسمية والأهلية ، وكذلك المؤسسات الدولية ذات الصلة ، الى مبادرة مؤسسة CARE لبلورة خطة وطنية شاملة بمثابة خريطة طريق لبدء العمل الجاد والمهني المدروس للوصول الى حالة من التوازن السلوكي من خلال:

- تعزيز ثقافة ومفاهيم الصحة النفسيّة والعمل الجمعي اللافئوي وخلق فرص التنافس الشريف كي يتم بدء الولوج في مخارج صحة نفسيّة قابلة للتطبيق.


- مجابهة الهلع والهوس الذاتي او العائلي، والبحث عن الايجابيات في سلوكيات الفرد/ العائلة، وتكرار ترديدها وذلك من باب تحفيز الاخرين للاقتداء بهذا السلوك، اغتنام الفرصة لتعزيز قيم التكافل والتعاضد مما يعمل على توليد الشعور بالرضا عن الذات، والشعور بعمل شيء ايجابي، من شأنه المساهمة في تغيير الاجواء ورفع مستوى التقدير للذات.


- كمجتمع يميل الى التدين في غالبيته، من المفيد جدا بل والمطلوب اللجوء الى ممارسة الشعائر الدينية مع دوام التذكير بالاية الكريمة " قل لن يصيبكم الا ما كتب الله لكم " والحديث النبوي الشريف " اعقل وتوكل " .


- هناك ضرورة لبناء تكتيكات جديدة مهنية وعملية للانتقال السلس بفكر ونمط حياة الناس الى أنماط جديدة، تتوائم مع الظروف والمستجدات التي أوجدتها جرائم القتل والتدمير التي نشهدها، اذ من الصعب، بل والمستحيل أن تعود أنماط ما قبل عدوان السابع من اكتوبر على شعبنا، ولتكن البداية في اعادة النظر ببعض التشريعات والأنظمة التي تعيق المبادرات الذاتية والمؤسساتية الأهلية.


- أولى قطاعات المجتمع التي يجب بدء التركيز عليها هي الاطفال واليافعين والنساء، وذلك من خلال برامج تثقيفية توعوية غير تقليدية، وليكن التركيز فيها على اللعب والانشطة والفعاليات الحرة، مما يتيح فرص تعزيز مهارات التعاون والاصغاء والتعلم من الاخر (التعلم التعاوني والجمعي)، ناهيك عن اكتساب مهارات التعددية والالتزام بالانظمة والقوانين المناسبة واهمها تنظيم الذات self-regulation وادارة الوقت Time – management وتعلم مبدأ win-to – win بدلا من الربح والخسارة win or loose. الشريحة الثانية هي العائلة، ولتكن البداية في ترشيد نمط الاستهلاك، أي شراء ما أحتاج وليس ما أريد ، واختزال عدد المناسبات العائلية وضمن دائرة المقربين من الدرجة الاولى.


- يتأتى كل هذا عبر نظام التربية والتنشئة الاجتماعية ونظام التربية والتعلم اللذين يجب أن يتناغما معا في التركيز على تعليم المهارات النفسية والاجتماعية مثل : مهارات الاتصال والتواصل، مهارة القدرة على خلق وتعزيز التوازن، ومهارة حل المشكلات من خلال لغة الحوار ، ومهارة اتخاذ القرارات، ومهارة النقد والنقد الذاتي ، ومهارة التفكير الابداعي والابتكار لا الاعتماد على النقل والتقليد .


هكذا يمكن أن نكون قد أرسينا أسسا لوضع خريطة طريق من شأنها العمل على اعادة بناء ذات الانسان لتكمل مع جهود اعادة بناء الاقتصاد ولمواجهة والحد من التاثيرات السيكولوجية والسلوكية اّنفة الذكر.

دلالات

شارك برأيك

الحاجة الى الاستعداد لمواجهة تنامي أشكال العنف والاضطرابات العقلية والسلوكية

كما الساوية - فلسطين 🇵🇸

د. نهى عطير قبل 8 شهر

مقال غاية بالاهمية، التأثيرات السلبية للوضع الراهن على المجتمع الفلسطيني بكافة فئاته تحتاج لرعاية شاملة من كافة الجهات ذات العلاقة ويعتبر ما طرحته care خطوط عريضة للتعامل مع تبعات الحرب والتعامل مع الضغوط

جنين - فلسطين 🇵🇸

د. محمد ربايعة قبل 8 شهر

ما جرى ويجري في غزة فاق كل التصورات وتجاوز كل الحدود النفسية والصحية والاجتماعية والعقلية الى ابعد ما في الافق . الامر الذي يتطلب جهوداً غير عادية . جهودا جبارة في الإصلاح والعلاج

رام الله - فلسطين 🇵🇸

ا.د. مسلم ابو حلو قبل 8 شهر

لقد تناولت المقالة موضوعا هاما لا مجال للشك فيه الا وهو ان بناء الانسان هو مصلحة وامر هامين بل واهم من كل خطط ومشاريع الاعمار المختلفة على الرغم من اهميتها وضرورياتها لقد القت

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 80)