أقلام وأراء
الإثنين 05 فبراير 2024 10:46 صباحًا - بتوقيت القدس
العمل الإنساني وثقافة النزوح
أفرز واقع النزوح القسري المفروض على كل سكان قطاع غزة بلا استثناء، ثقافة جديدة على المجتمع الفلسطيني يمكن أن نطلق عليها ثقافة النزوح، وهي الثقافة التي تعكس سلوك وممارسات النازحين في البحث عن مأوى آمن وتأمين حياة كريمة ولو بالحد الأدنى للكرامة الإنسانية. حيث باتت ثقافة الأنا هي الثقافة السائدة في سلوك النازحين، والتي تسيطر على حياة النازح نتيجة حالة الصراع اليومية مع الاحتياجات الأساسية والتي يسعى النازح بكل قوة لتوفيرها كل يوم.
وتبرز معضلة توفير المياه الصالحة للاستخدام، وحطب الطهي كمسألتين لهما أولوية في حياة النازحين.
فرض الوقع المأساوي على النازحين حالة من الصدمة والتوتر والقلق في مواجهة الأيام التي تزداد يوماً بعد آخر، في ضوء فشل كافة المؤسسات العاملة في القطاع الإنساني في التصدي لواقع الكارثة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على المجتمع الفلسطيني، وسيادة حالة الفوضى والعشوائية في التعامل مع النزوح وإفرازاته.
فشل المؤسسات الإنسانية في الاستجابة لمتطلبات النزوح في توفير الحدود الدنيا من الكرامة الإنسانية للنازحين، دفعهم لأخذ زمام المبادرة في توفير حياة كريمة لأسرهم، وإن كانت تلك الحياة قد تشهد تعديات على حقوق الآخرين وهيمنة القيم الفردية وتراجعت القيم الجمعية في حياة النازحين.
كما يعتلي المشهد حالة من الاستغلال البشع لاحتياجات النازحين، حيث ارتفعت وتضاعفت معدلات الإيجار بشكل جنوني في محافظة رفح والتي تشهد أكبر معدل نزوح بلغ حتى اللحظة ما يقارب من مليون وثلاثمئة ألف نازح من مختلف أنحاء قطاع غزة حتى اللحظة ولا يزال الرقم قابلا للارتفاع. كما تشمل حالة الاستغلال كافة السلع الأساسية والتي تضاعفت قيمتها إلى ما يقارب عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
تجدر الإشارة إلى أن النازحين تحولوا إلى حطابين وسقاة للتعامل مع الحياة الجديدة ومتطلباتها، وباتت طوابير المياه، وطوابير الخبز مكون أساس في مشهد النزوح الفلسطيني، والتي تشهد يوميا صراعات دامية ومشاكل بين المصطفين للحصول على جالون مياه أو ربطة خبز.
يفرز هذا الواقع حالة من التفكك المجتمعي والقيمي على المجتمع الفلسطيني في القطاع، خصوصا وأن الواقع يفرض ذاته على تفاصيل الحياة اليومية للنازح، والذي يعاني بشكل كبير من أجل النجاة بأطفاله من براثين النزوح، الذي يلتهم أرواح النازحين وقيمهم.
تتطلب أي معالجة طارئة لواقع الانهيار والتفكك في النسيج المجتمعي مع اعتلاء ثقافة الأنا في حياة النازحين ضرورة أن تنتبه المؤسسات الإنسانية إلى المعالجة الخاطئة التي قامت بها خلال الأشهر الماضية والتي اعترتها الفوضى والشخصنة والفوقية في التعاطي مع متطلبات النزوح، وخصوصا المحسوبية والواسطة والازدواجية في توزيع المساعدات، والتي تحكمت بها علاقات القرابة والمصلحة على حساب التوزيع العادل والشفافية في توزيع المساعدات على النازحين إلى الدرجة التي باتت فيها المساعدات تباع في الأسواق من قبل تجار ولصوص المساعدات.
مما لا شك فيه أن النزوح القسري الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على سكان القطاع كافة يهدف في الأساس إلى ضرب البنى المجتمعية ودفع المجتمع الفلسطيني إلى حالة الفوضى والفلتان والانهيار المجتمعي وضرب النسيج الاجتماعي، الأمر الذي تساعده دون شك الاستجابة الفاشلة من قبل المؤسسات الإنسانية في التصدي لأهداف الاحتلال.
بات مطلوبا منا جميعا ضرورة وضع خطة طوارئ قادرة على الاستجابة لمتطلبات النزوح، تتكاتف فيها كافة الجهات الرسمية والأهلية من خلال العمل على استعادة التوازن في التعاطي مع مخرجات النزوح، والذي يبدأ من خلال توحيد الجهود، ورقمنتها منعا للازدواجية أولا، ولتحقيق الشمولية ثانيا في الوصول إلى كافة النازحين، فهل تنتبه إلى ذلك أم تبقى أسيرة الفوضى والعشوائية...؟!.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
العمل الإنساني وثقافة النزوح