Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 14 سبتمبر 2023 10:04 صباحًا - بتوقيت القدس

في ذكرى اتفاقيات أوسلو.. 30 عاماً من الإصرار على نهج الفشل

رغم أن الخواتيم أضحت جلية تمانماً، فما زالت محاولات التبرير للتوقيع قبل 30 عاماً حاضرة، إما عبر مقولة (لم يكن ممكن أفضل مما كان) أو مقولة (الحفاظ على الذات بعد متغيرات مطلع التسعينيات)، أما الجملة التي حازت على حضور كبير في الدعاية المدافعة عن التوقيع فهي (ليس هناك بديل)، علماً أن البديل كان قائما وبقوة (الانتفاضة الشعبية في العام 1987) وتم إجهاضه عبر حمل الحقائب والتوجه لمدريد وبعدها للمفاوضات السرية في أوسلو. أجهضوا البديل ثم قالو: اين البديل؟ ليس هدف المقالة نقاش تلك المقولات/ الجمل وتفنيدها، ولكن سريعا يمكن القول: الحفاظ على الذات لا يكون بنبذ المقاومة، والتنازل عن 78% من وطننا، والاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وإحداث الشرخ بوحدة الشعب، إذ ماذا سيتبقى من (الذات) بعد كل هذا؟ إلا إذا كان المقصود (بالذات) هي (ذات) النخب القيادية المهيمنة والتي باتت تخشى على وجودها وامتيازاتها ونفوذها السياسي خاصة مع صعود قوة التيار الإسلامي مطلع التسعينيات.


ومع ذلك، فاصحاب نهج التبرير لن يجدوا ما يقولونه عن نتائج الثلاثين عاماً الماضية لأنها كارثية بكل المقاييس، ولا يمكن إدارة الظهر لها وإنكارها وكأنها غير موجودة. على صعيد تراجع مكانة القضية الوطنية عالمياً والتي حصّلناها بتضحيات المقاومة وشعبنا، التزايد الهائل في أعداد المستوطنين في القدس والضفة الغربية حتى جاوز ال 750 ألف مستوطن، الوزن الباهت وغير المحسوب للقيادة الفلسطينية في الحركة السياسية، (الاقتصاد) التابع والملحق باقتصاد الكيان، البنى الاقتصادية والسياسية والأمنية التي خلقها أوسلو والمضطلعة بدور وظيفي خدمة للمحتل الصهيوني، تفتيت الشعب الفلسطيني والإقرار رسمياً بتقسيم جغرافيته السياسية الموحّدة، وتدمير وحدته، وغيرها العديد العديد مما لا يمكن نكرانه.


ورغم كل ذلك فلم تتوقف مؤسسات المنظمة، والمفترض انها تمثله تاريخياً، كالمجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية، لمجرد مراجعة هذا النهج الذي أوصل شعبنا لهذا الموضع، ولو بنقاش بالحد الأدنى، على العكس جرى على مدى 30 عاماً ورغم النتائج الكارثية إعادة إنتاج ذات البنى وذات النهج، اي كل ما أوصلنا لتلك النتائج.


على صعيد البنى
كان التفاوض سريا، إضطلع به خمسة قياديين من خلف ظهر مؤسسات المنظمة، وحتى من خلف ظهر اللجنة المركزية لحركة فتح، ثم وبعد تجهيز كل شيء، بما فيه التوقيع، دُعي المجلس الوطني بعد (تزبيط) عضويته بإضافة مئات الأعضاء الجدد لضمان النتيجة، وطُلب منهم التصويت. ومن بعد ذلك يمكن القول ان مؤسسات المنظمة دخلت مرحلة التفكك، حتى يمكن القول اللاوجود، فليست فعلياً حاضرة في القرار السياسي الذي يستمر بكونه قرار فريق لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وحتى إذا اتخذت اية مؤسسة من مؤسسات المنظمة قراراً لذر الرماد في العيون امتصاصاً للغضب الشعبي، من نوع (سحب الاعتراف بإسرائيل) أو (وقف التنسيق الأمني) فبات من المعروف أنه حبر على ورق ولم ينفذ، وكأنه لم يكن أصلاً. هو ذات النهج: قولوا ما تشاؤون وافعل ما اشاء.


يمكن القول أن مقابل اعتراف الصهاينة بالمنظمة كممثل شرعي، شطبت المنظمة فعلياً بالمقابل نفسها كممثل عندما شطبت الميثاق الوطني، واعترفت بشرعية الكيان الصهيوني، ونبذت العنف، فلا معضلة حينئذِ ان يعترف فيها الصهاينة رسميا، ويتصرفون معها باعتبارها غير موجودة فعلياً، وهي كذلك.


 والنتيجة الأكثر بؤساً على هذا الصعيد أن مؤسسة السلطة حلت محل مؤسسة المنظمة، ومؤسسة السلطة هي رسمياً وفعلياً، وفي الواقع كما عبر عنها اتفاق أوسلو: سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود، ولا يهم هنا ما تطلق السلطة على نفسها من مسميات، فالمهم مَنْ صاحب القرار واليد الطولى بالنهاية، وقصة الخلاف حول لقب رئيس أو(Chairman) معروفة. ويمكن تلمس آثار ذلك الإحلال في تهميش ال 7 ملايين فلسطيني في الشتات، فبتفكك مؤسسة المنظمة لم يعد لهؤلاء الملايين مؤسسة تعبر عنهم سواء على الصعيد الوطني أو الاجتماعي أو الخدماتي اليومي، فكانت النتيجة الطبيعية المبادرة بإنشاء هياكل وطنية تقوم بهذه المهمة الضرورية في ظل غياب المنظمة، ومع ذلك يجري من قبل مؤسسة سلطة أوسلو الهجوم على هؤلاء المبادرين والتشكيك بوطنيتهم.


نمط من الاستبدالية تحقق عبر الثلاثين عاماً: مؤسسة الحكم الإداري الذاتي المحدود استبدلت مؤسسة المنظمة، فيما فريق ضيق استبدل مؤسسة سلطة الحكم الإداري، وقعوا كفريق ضيق ويقودون المرحلة الآن أيضاً كفريق ضيق. لم يتغير شيء، فقد أُعيد انتاج ذات الفريق، وذات آليات اتخاذ القرار، عبر إعادة إنتاج ذات البنى المفككة، الأمر الذي يؤشر لنهج واضح في الرغبة في تصفية ما يعبر عن مرحلة مضت وانتهت حسب فريق اوسلو.


على صعيد النهج
هذا ما أوصلنا إليه النهج السياسي القائم على التفاوض، ولا شيء غير التفاوض، أما الحديث عن (مقاومة شعبية) فليس المقصود منها إلا كونها بديل مطلوب أوسلوياً للمقاومة المسلحة، علماً ان المقاومة الفلسطينية المسلحة الآن هي شعبية بالتفاف الجماهير حولها، ولا يخفي أصحاب هذا النهج موقفهم فيعلنون صراحة (مقاومة سلمية).


ليس من الصحيح اعتبار نهج التفاوض لم يحقق شيئاً كما يقال أحياناً كموقف نقدي تجاه هذا النهج، بل حقق الكثير: دمّر منظمة التحرير ومؤسساتها، وأعطى الكيان الصهيوني كل شيء ولم يأخذ إلا سلطة بدور وظيفي أمني، واحدث الانقسام التاريخي بين صفوف شعبنا وقواه، ووضع القضية الوطنية في مكان منزوٍ على أجندات الاهتمام الدولي. هذا ما حققه، ورغم سلبية وكارثية ما تحقق نتاج هذا النهج إلا أنه، بوعي أم بغير وعي، نجح بتحقيق كل ما يصبو إليه الكيان الصهيوني، فلا غرابة أن يعتبر بيرس اتفاق أوسلو الانجاز التاريخي الثاني بعد قيام دولتهم. حقق لهم انجازهم التاريخي الثاني و(حقق) لنا كارثة وطنية.


وما زالت تلك القيادة تراهن على ذات النهج بعد 30 عاماً من الفشل في إصرار غريب لا يعكس سوى انعدام الإرادة. مرة تراهن على إحياء المبادرة العربية التي تعد مدخلا لترسيم عربي بالاعترف بالكيان والتطبيع العلني معه، ومرة على نجاح فريق إسرائيلي، كبيلد وغانتس، يعترف بها كفريق مفاوض، فيرد هذا الفريق ان ليس هناك طرف فلسطيني، ومرة يراهنون على انزياح ترامب ومجيء بايدن فيرد عليهم الأخير بلحس كل وعوده قبل الانتخابات: إعادة نقل السفارة، فتح مكاتب المنظمة في أمريكا، إحياء التفاوض، والآن فكل الرهان والركض والتعويل وراء الخروج ببعض الفتات من صفقة التطبيع العلني السعودية الإسرائيلية التي تسعى امريكا لها، فتات من نوع: إعادة صرف المنحة السعودية، صرف الأموال المحتجزة من الصهاينة، إحياء التفاوض السياسي، تحويل اراضي من منطقة C لمنطقة B وغيرها من مطالب تندرج في نطاق الاستعطاف لا اكثر لقيادة فقدت اي تاثير. ومع ذلك فالمصادر تؤكد موقف الأمريكيين: مطالبكم مبالغ بها ولا يمكن تحقيقها، فيما المصادر الصهيونية تشير للآمال الضئيلة في الوصول للتطبيع العلني نتيجة رفض الصهاينة للمطالب السعودية بسلاح متطور، وبرنامج نووي سلمي.


30 عاماً لم تتخل تلك القيادة عن إصرارها على ذات النهج التفاوضي الذي حقق كل شيء لهم والحق الضرر الكارثي بقضيتنا الوطنية، حتى بات، بالتفصيل، نهجهم التفاوضي ليس سوى نهج استعطافي يعكس الضعف والانهزام لا إرادة التحدي والمقاومة. مرة أخرى: لم يتغير شيء. ذات النهج يعاد إنتاجه مراراً ولا يحقق إلا ما حققه للصهاينة من انجازات ولنا من كوارث.


وبعد، رغم كل ذلك فبديل كل ذلك قائم على الأرض ويبعث على التفاؤل ويشير للطريق الصحيح، فهياكل موحّدة للمقاومين تنشأ ميدانياً، والمقاومة تحفر الطريق بقوة وصلابة، وبالتفاف جماهيري لم ينجح الاحتلال الصهيوني بتفكيكه، والصراع يعود لحقيقته بعدما جرى تشويهه بفعل كل مرحلة أوسلو، والعالم عاد ليرى روح وإصرار شعبنا على المقاومة. نهج التفاوض في واد ونهج المقاومة في واد، مؤسسة المنظة المتفككة في واد وهياكل المقاومين في واد. بعد 30 عاماً على أوسلو: شعبنا يمارس على الأرض خياره البديل لأوسلو.

دلالات

شارك برأيك

في ذكرى اتفاقيات أوسلو.. 30 عاماً من الإصرار على نهج الفشل

المزيد في أقلام وأراء

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

مصير الضفة الغربية إلى أين؟

عقل صلاح

كيف نحبط الضم القادم؟

هاني المصري

هل من فرصة للنجاة؟!

جمال زقوت

تحية لمن يستحقها

حمادة فراعنة

قل لي: ما هو شعورك عندما ترى أحداً يحترق؟!

عيسى قراقع

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 78)