Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 31 أغسطس 2023 10:01 صباحًا - بتوقيت القدس

هل غيرت الاغتيالات مسار التاريخ الفلسطيني الحديث

تلجأ اسرائيل عادة الى الاغتيالات، ضمن وسائل اخرى، في مسعى منها لاخضاع الشعب الفلسطيني وتطويعه وتدجينه وربما نفيه من التاريخ اذا استطاعت ، تعتقد اسرائيل ان الاغتيال الجسدي فضلاً عن المعنوي كفيل بتوفير الهدوء او الخوف او الاعتدال او كل ذلك، اسرائيل تعتقد ان الاغتيال سيكسر سيرورة المشروع التحرري او يؤخره او يحبطه او يهزمه او كل ذلك مجتمعاً أيضاً، اسرائيل ترى ايضاً ان اغتيال الزعيم او القائد او الناشط سينهي سيرته وافكاره وارثه والهامه ، وكأنها تعتقد ان اغتيال الزعيم هو انفراط عقد العصابة، او توقف المسيرة او هزيمتها ، برأيي ان اسرائيل بهذا الاسلوب انما تقلد افلام هوليوود، حيث ينتهي الفيلم بمقتل زعيم العصابة وانتصار البطل وفوزه بالبطلة وتحقيق الهدف، ولهذا، فان اسرائيل تقدم الاغتيال او تبرره باعتباره قتلاً نظيفاً وموضعياً ومبرراً لاجتثاث ما تسميه الارهاب، وفي ذلك خطأ جسيم، فاذا بقيت اسرائيل ترى في النضال الفلسطيني ارهاباً ، وفي المناضلين مجرد ارهابيين يتم معالجتهم بالمسيرات او التحييد الغامض او التهديد المباشر، فان ذلك لن يحل ازمة اسرائيل نفسها.


فقد اثبت تاريخ الاغتيالات التي نفذتها اسرائيل انها لم تؤد الى خوف الشعب الفلسطيني او ردعه او اعتداله، بل يمكن القول ان العكس هو ما حصل، منذ استشهاد الشيخ عز الدين القسام سنة 1935 ، فقد انفجرت الثورة الكبرى بعد استشهاده بأقل من سنة، ولم يؤد اغتيال الشهداء ثابت ثابت ورائد الكرمي الى تهدئة او تراجع، كما لم يؤد اغتيال الشهيد احمد ياسين والرنتيسي والمقادمة الى ما ارادت اسرائيل، بل على العكس من ذلك تماماً ، اما اغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات فقد جعل من موته وجثته عتبة تاريخية وثقافية وسياسية لميلاد دولة فلسطينية حديثة، لقد تحول كل هؤلاء الشهداء وغيرهم الى ايقونات تسمى بها الشوارع والمدارس والجامعات ويكتب على شرفهم ومجدهم القصائد والاغنيات، ويمكن ان نقول اكثر ايضاً، فالاغتيالات التي يراد منها الترويع والصدمة والاستهداف الشخصي ، تتحول في ذهن الضحية الى ما يشبه الضريبة المقدسة التي تدفع من اجل الهدف الكبير، وفي الصراعات الكبرى والافكار الكبرى، فان الاغتيالات تفقد معناها تماماً، فالصراعات من هذا النوع ليست نزاعات على ملكيات او عقارات او ضغائن شخصية، اذ ان الشخص الذي يستهدف بالاغتيال يعرف تماماً انه يتحول الى رمز كبير ونموذج تتداوله الاجيال بقلوبها ووجدانها.


وعليه، فان تاريخ الاغتيالات في التاريخ الفلسطيني الحديث- برأيي المتواضع- لم تغير من طبيعة المطالب ولا سقوفها ، ولم تدفع الشعب الفلسطيني الى الاعتدال – بمعنى التسوية المذلة- ولم تكسر فيه ارادة الاستمرار والتواصل، بل يمكن القول عكس ذلك تماماً ، اذ ان ما نراه من ظواهر وسلوكيات تقول ان الاجيال الجديدة اكثر تصميماً ومضاء. ولكن المثير في الامر بشكل يدعو الى العجب حقاً هو ان الاغتيالات غيرت اسرائيل ذاتها، حكومة وجمهوراً ونخباً ، اذ لم يحصل هذا الجمهور على الهدوء ولا الاستقرار ولا توصل الى حلول مرضية ، ولهذا ، فان اسرائيل هي التي تتأزم اكثر فأكثر، وهي التي يضيق بها الحال اكثر فأكثر، اذ لم يعد اغتيال الفلسطيني كما كان في السابق، سهلاً ومتاحاً، تستعرض فيه اسرائيل مهاراتها التقنية والاستخبارية، بل اصبح مسألة معقدة، يُحسب حسابها وتؤخذ بعين الاعتبار توازنات كثيرة، الاغتيالات غيرت الفلسطيني الى الافضل، ودفعت الاسرائيلي الى أزمة اكثر عمقاً وتعقيدا.

دلالات

شارك برأيك

هل غيرت الاغتيالات مسار التاريخ الفلسطيني الحديث

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 78)