أقلام وأراء
الإثنين 28 أغسطس 2023 10:34 صباحًا - بتوقيت القدس
السلطة الوطنية الفلسطينية ودورها: هل هو وظيفي أو وطني؟
برزت في الساحة الفلسطينية منذ عام 1994، وتعززت بعد انقلاب قطاع غزة الدموي عام 2007، دعايات واتهامات مؤدلجة حول أن دور السلطة الوطنية الفلسطينية ينحصر في إطار وظيفي يخدم أمن الاحتلال، ومصالحه، ويناقض مصالح الشعب الفلسطيني، وتطلعه نحو التحرر والاستقلال. رافق تلك الاتهامات أيضاً سياسات احتلالية هدفت إلى تجريد السلطة من دورها الوطني، وقصره على دور وظيفي يخدم أمن الاحتلال.
أنشئت السلطة الوطنية عام 1993 إثر اتفاقية أوسلو المبرمة بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي، وأعطت الاتفاقية الشعب الفلسطيني الأمل في تقرير المصير، والسيادة، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. من جهتها، بدأت السلطة بعمل دؤوب في الأراضي الفلسطينية المحررة، لترسيخ أسس الدولة، وقواعدها، وتوفير الاحتياجات، والخدمات، والأمن والأمان للمواطن الفلسطيني، لكن مع تعثر عملية السلام، أفلت الاحتلال من الالتزامات والاتفاقيات التي وقعها مع الفلسطينيين، ولم يلتزم بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في الاتجاه نفسه، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تقزيم دور السلطة الوطنية منذ نشأتها، وإبعادها عن دورها الوطني، وجعلها سلطة خدمية تدير مناطق الحكم الذاتي، وتضطلع بوظائف أمنية ومدنية وإدارية وفق مصالح الاحتلال الإسرائيلي. رافق ذلك قيام الاحتلال بإجراءات عملية ممنهجة تستهدف الشعب الفلسطيني، وسلطته الشرعية، فوسّع الاستيطان القائم، وبنى مستوطنات جديدة، وفتح أنفاقاً جديدة تحت المسجد الأقصى، تحت يقين أن السلطة الوطنية ستبقى عاجزة، ولن ترد.
لم تكن رؤى الاحتلال حول عجز السلطة الوطنية سوى ضرباً من الأوهام، فقد صعق الاحتلال بالتحام السلطة وأجهزتها الأمنية مع الشعب الفلسطيني في الميادين دفاعاً عن الأقصى عام 1996، بينما لم يتدخل أي فصيل آخر. صعق الاحتلال أيضاً عندما ردت السلطة الوطنية، وأجهزتها الأمنية عسكرياً، وبأوامر من الشهيد الخالد ياسر عرفات على اقتحام أريئيل شارون بالتنسيق مع رئيس حكومة الاحتلال أيهود باراك، ساحات المسجد الأقصى عام 2000، كرد على رفض عرفات تقديم تنازلات في قمة كامب ديفيد. في السياق ذاته، استهدف الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج في الانتفاضة الثانية، رموز السلطة الوطنية وكوادرها، بالاغتيال، والاعتقال، كما دمّر مقراتها الأمنية في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وقد بلغت ذروة الاستهداف الاحتلالي بتغييب الشهيد الخالد ياسر عرفات عن المشهد الوطني الفلسطيني.
وقد وقعت السلطة الوطنية بعد انقلاب عام 2007 بين نارين، فإما تستمر بالكفاح المسلح، وهذا يعني استهداف الاحتلال لها، وأيضاً إعطاء فرصة لانقلاب آخر عليها في الضفة الغربية، أو تتبنى المقاومة الشعبية، والنضال السياسي الدولي، وهذا أيضاً يوفر مدخلاً للتخوين والتكفير الذي ينتهجه البعض الفلسطيني، وبالطبع اختارت السلطة الطريق الثاني، باعتباره أيضاً محل إجماع شعبي، وفصائلي.
في السياق ذاته، سعى الاحتلال الإسرائيلي بعد انتهاء دور السلطة الوطنية في قطاع غزة إلى إعادة تفعيل رؤيته السابقة المتمثلة في حصر دور السلطة في إطار وظيفي منقوص (تعليم، وصحة، وأمن لمصلحة الاحتلال). طبقاً لذلك، كثّف الاحتلال الإسرائيلي سياساته الدموية والقمعية، والتهويدية، والاقتصادية ضد الفلسطينيين، واستهدف رموز السلطة الوطنية والأجهزة الأمنية معنوياً، وهنا يطرح سؤال هل نجح الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق مهمته؟ تبيّن الوقائع أن الاحتلال الإسرائيلي فشل كما السابق في تطويع السلطة الوطنية.
يدل على ذلك نجاح السلطة في تحقيق مكتسبات سياسية ودبلوماسية دولية، واستمرارها في تبني خيار المقاومة الشعبية، ودعمه، والتأكيد على الثوابت الفلسطينية، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين. يضاف إلى ذلك استمرارها في صرف رواتب الشهداء والأسرى رغم الحصار الاقتصادي، وقرصنة الاحتلال الإسرائيلي لمقدراتها المالية.
يهدف مشروع السلطة الوطنية إلى بناء الدولة الفلسطينية التي تقود الشعب الفلسطيني نحو الحرية الحتمية، والاستقلال، وهو دور وطني يناقض سياسات الاحتلال ومصالحه، وأيضاً هو دور وظيفي في إطار مصلحة الشعب الفلسطيني فقط، الأمر الذي يعني أيضاً أن الدورين الوطني والوظيفي متكاملان.
لن يكون طريق السلطة الوطنية سهلاً في الحفاظ على مكتسباتها، فهي ستواجه سياسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة، وأيضاً سياسات محلية لم تنجح في تقديم مشروع تحرري حقيقي، وأصبحت عبئاً على الشعب الفلسطيني.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
مصير الضفة الغربية إلى أين؟
عقل صلاح
كيف نحبط الضم القادم؟
هاني المصري
هل من فرصة للنجاة؟!
جمال زقوت
تحية لمن يستحقها
حمادة فراعنة
قل لي: ما هو شعورك عندما ترى أحداً يحترق؟!
عيسى قراقع
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
قطر: قصف إسرائيل مدرسة للأونروا في غزة امتداد لسياسات استهداف المدنيين
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
الأكثر قراءة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
عبدالعزيز خريس.. فقد والديه وشقيقته التوأم بصاروخ
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 78)
شارك برأيك
السلطة الوطنية الفلسطينية ودورها: هل هو وظيفي أو وطني؟