أقلام وأراء

الأحد 11 يونيو 2023 10:19 صباحًا - بتوقيت القدس

البطالة المبطنة والترهل الإداري وجهان لعملة واحدة

في هذا العالم الواسع، لم تعد المشاكل البيئية وما يتعلق بالانحباس الحراري هي المشكلة الجذرية، تعددت المعضلات ،وظهر نوع جديد من الانحباس، أصاب البيئة التعليمية ونخر في النظام التربوي فاستهدف الجيل الصاعد وأرداه بين ضعف التأهيل وقلة المهارات من جهة وبين تدهور مستوى التعليم وانحباس الابداع من جهة أخرى فتملكه الضعف وقلة الحيلة لمواجهة تحديات العمل والحياة ومتطلبات العصر .


أصبحت البيئة التعليمية تعج بمعلمين فاقدي الشغف والحماسة للعمل، وظهرت أعراض البطالة المبطنة، فرغم وجود وظيفة رسمية، إلا أن هذه الوظيفة لا تلبي حاجات المعلم ورغباته ولا تعمل على ابراز القدرات الكاملة له. فهذه الوظيفة الرسمية، غالبًا ما تكون تخالف هوى المعلم ولا تفي بمتطلباته.


البطالة المبطنة هي مشكلة اجتماعية واقتصادية، حيث يعاني الموظفون بشكل عام والمعلمون بشكل خاص من قلة الرضا الوظيفي وتراجع الحافز للعمل، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي والمستوى المعيشي للأفراد والمجتمعات بشكل عام. وقد يعزى السبب في البطالة المبطنة إلى انعدام الفرص الحقيقية للتطوير المهني والتي مصدرها غالبا الفساد والترهل الإداري.


فكيف يمكن للفساد والترهل الإداري في النظام التربوي أن يساهم في البطالة المبطنة؟
من أبرز الأسباب وأكثرها شيوعا هي ازدواجية التعامل والتوظيف غير العادل بناءً على معايير لا أخلاقية، فيتم تجاهل الأفراد الذين لديهم المؤهلات والكفاءة العالية، مما يؤدي إلى تعيين أشخاص غير مؤهلين للوظائف التربوية وترقية من لا يستحقون .ونتيجة لذلك، قد يعاني النظام التربوي من نقص في الكفاءات والمهارات اللازمة لتقديم تعليم جيد، مما يؤثر على جودة التعليم ويقلل من فرص العمل للخريجين المؤهلين. ويتفاقم الوضع سوءا نتيجة انعدام الشفافية والمساءلة بحيث يتم توجيه الموارد والفرص التعليمية إلى المدارس أو المناطق ذات العلاقات القوية مع المسؤولين، بينما تُهمل المناطق التي قد تكون في أمس الحاجة إلى الدعم. هذا يؤدي إلى عدم المساواة في فرص التعليم ويزيد من فجوة الفرص بين الطلاب، وتدني جودة التعليم وتقوقع التطوير المهني.


هذه الأسباب تشكل عاملا أساسيا لهدم وإضعاف معنويات أولئك المعلمين الذين يبذلون جهودا مخلصة طوال وقتهم وبالتالي يرون بأم أعينهم أنهم يتساوون مع من هو جالس يضيع وقته حتى نهاية الدوام ويتقاضى ذات الراتب فيدخل في تناقض واضح بين البقاء على مبدأ الإخلاص والتفاني في العمل واستغلال وقته في تطوير نفسه وإحداث التغيير في مكان العمل من خلال الإنتاج والعمل الجدي بما يشعره بأنه يقضي وقت عمله في شيء مفيد له ولجهة عمله فتزداد ثقته بنفسه. أم يلحق بمركب المترهلين؟ ويعمل على مضيعة الوقت ويحصل على راتب ومزايا بدون أي مقابل مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المنتجات والخدمات بدون أي معنى أو فائدة. وبكل تأكيد فإن المسؤولية الكبرى تقع على أولئك المدراء وعلى المسؤولين في المجال التربوي الذين يستخدمون سلطتهم بطرق غير مشروعة، مثل تعديل القرارات بناءً على مصالح شخصية ويسمحون بتكاثر الفساد والمحسوبية والمحاباة والواسطة والمصالح الشخصية فينشرون بقصد أو بدون قصد البطالة المبطنة.


وبالتالي يبقى السؤال: ما هو الأسلوب الأمثل للتقليل من ظاهرة البطالة المبطنة؟
الوظيفة العامة هي في الأساس تكليف لا تشريف، العمل فيها مرهون بالإبداع وليس الخمول والجلوس فقط لانتظار استلام الراتب، فالتقدم والتطور يتطلبان التفكير والجدية في العمل والخروج من قالب المحاكاة وتقليد الآخرين إلى عالم الإبداع والابتكار. وبكل تأكيد فإن هناك العديد من طرق العلاج لهذه الظاهرة والتي تكمن في تحديد صلاحيات المدراء عند التعيينات لتبقى مبنية على أساس علمي وموضوعي وأن تستند إلى الكفاءة والمهارة وتساوي الفرص ضمن تطابق المؤهلات والخبرات مع الوصف الوظيفي. وأن يتم تقييم المعلمين تقييما علميا مبنيا على التقارير الشهرية وبعيدا عن المحاباة والشخصنة وأن يتم تعزيز مبدأ الثواب والجزاء بهدف التعلم فلا يعقل أن يكافأ من لا يعمل مع من يعمل لأن في ذلك تعظيما للترهل وتحطيما لمعنويات المبدع ،كذلك الابتعاد كليا عن مسألة الوظيفة الدائمة والأبدية فمن يعمل بجد وجدية يستحق أن يبقى على رأس عمله وبغير ذلك يتوجب على الجهات المعنية إرسالهم إلى الدورات التدريبية المختلفة لكي يصبحوا عناصر منتجة سواء بقوا في مكان عملهم أو في أي مكان عمل آخر.


النظام التربوي يتحمل عبئا كبيرا في مشكلة الترهل والبطالة المبطنة لان جميع الكوادر البشرية العاملة هي من مخرجاته وعلى عاتقها العبء الاكبر في تغيير البناء الفكري والسلوكي لأفراده حتى يكون بمقدورهم قيادة المجتمع وحل المشاكل بأساليب تستند الى العقلانية والوعي والشفافية والجرأة الواعية. وعلى الأنظمة التربوية توفير مناخات فكرية منفتحة على بيئاتها ومجتمعاتها، قادرة على تطوير عادات عقلية تنقل الطلبة من مستوى المحدودية والسذاجة والبساطة في الفهم والادراك الى مستوى التحليل الناقد بعيدا عن الاوهام والتخيلات وبناء أجيال قادرة على التعامل الفاعل مع معطيات القرن الحادي والعشرين.

دلالات

شارك برأيك

البطالة المبطنة والترهل الإداري وجهان لعملة واحدة

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو يضع العصي في دواليب الصفقة

حديث القدس

انتفاضة الجامعات الامريكية طوفان أقصى رقم 2

حمدي فراج

طوفان الأقصى وصحوة ثقافية غربية

سماح خليفة

إبادة غزة... ماذا بعد؟

بهاء رحال

انتفاضة جامعات أميركا

حمادة فراعنة

بداية تفكك الرواية الصهيونية.. ولكن

جمال زقوت

أزمات وجامعات وعقوبات

أحمد رفيق عوض

في انتظار الموت المؤجل ...

يونس العموري

القرار في غزة والجواب في القاهرة

حديث القدس

قمع حراك الجامعات الأمريكية.. أهداف ومعان

فوزي علي السمهوري

تناقض أم تكامل الخطابين: العسكري والسياسي

سماح خليفة

الحكومة, الانتخابات والوحدة: ما هي استراتيجية الخروج؟

د. دلال صائب عريقات

تحديات أمام الأحزاب

حمادة فراعنة

الشارع الإسرائيلي يطالب بوقف الحرب ودفع الثمن

حديث القدس

الحجر بكى من وجع غزة

ريما محمد زنادة

الحرب على " ظهور الماعز"

عطية الجبارين

حصار إسرائيل وأميركا في الأمم المتّحدة

عائشة البصري

الهدنة وقرار اجتياح رفح

بهاء رحال

الاستحقاق الانتخابي في موعده

حمادة فراعنة

غزة ... والحرب العالمية الثالثة ... والعرب يتفرجون !!!

ابراهيم دعيبس

أسعار العملات

الإثنين 29 أبريل 2024 9:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.35

يورو / شيكل

بيع 4.1

شراء 4.04

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%22

%4

(مجموع المصوتين 189)

القدس حالة الطقس