أقلام وأراء

السّبت 03 يونيو 2023 10:04 صباحًا - بتوقيت القدس

في ذكرى تأسيس منظمة التحرير .. الواقع والمسوؤلية أمام الحركة الوطنية

صادف الاسبوع الماضي ذكرى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ، البيت المعنوي والسياسي والكفاحي لشعبنا الفلسطيني وعنوان وحدته ، والتي انطلقت بعد انعقاد المجلس الوطني الأول عام ١٩٦٤ الذي اعدت له الحركة الوطنية بالقدس لما تحمله هذه المدينة العاصمة من معاني التاريخ منذ الكنعانين الأوائل حتى يومنا هذا ولما تشكله من معنى يعكس مكانتها وهويتها السياسية وتراثها الثقافي والحضاري لنا نحن كشعب أصحاب هذه الأرض.


عقود طويلة مرت منذ ذلك التاريخ ، رغم ان تضحيات شعبنا في اطار حركته الوطنية كانت قد بدأت ارهاصاتها قبل ذلك بثلاثين عاما منذ ثورة البراق التي نقترب من ذكراها المؤية الأولى بعد سنوات قليلة .
واليوم وبعد ٥٩ عاما من التأسيس يبقى السؤال ، اين نحن الاَن والى اين نحن ذاهبون؟ ، وهل فعلاً نعرف ما نريد ونسعى إلى تحقيقه وفق ما نعرفه؟ ، أمام وضوح استراتيجية عَدونا من تنفيذ منهج استعماري مستمر واجراءت وجرائم في ظل اجماع صهيوني وتأييد رسمي من الغرب ، في مسعى إلى تحقيق الوقائع الجديدة على الأرض وفرضها تدريجيا على العالم .


هنالك ضرورة ملحة في هذا السياق لأن نعرف أكثر عن أنفسنا وتحديدا في هذه الظروف . فلا يوجد حاجة لمحاولات اعادة اكتشاف كروية الأرض من قبل البعض لمعرفة مدى اجرام هذا الاحتلال الاَن . فمنذ متى كان هنالك احتلال غير مجرم عبر التاريخ منذ بداياته حتى اندحاره ؟


فكلما رأينا المزيد من الإمكانيات والقدرات التي قد تكون في جزء منها كامنة والمتعلقة بما نريد أن نكون اليوم بعد هذه المسيرة الكفاحية الطويلة ، فاننا سنقترب أكثر من واقعنا ومن تحقيق ما نريد من أهداف تأسست منظمة التحرير من أجلها.


لكن الآن ومع ضرورات ان نُقيّم المسيرة وما يحدث اليوم مع اقتراب ستة عقود ، وهذا واجب من حيث ما تمليه علينا المسوؤلية الوطنية وضرورة التجدد الفكري ، فقد يخاف البعض ويفضلون تكرار انفسهم ، وإغماض اعينهم عن ما يدور ، بل ويفضلون الثقة في التقاليد المتوارثة واستحضار التاريخ القديم ، بدل ان ينظروا الى الأمام ليروا ما هو قائم .


أن النظر إلى الأمور بمتغيراتها هو أصل الوصول الى المعرفة والحقيقة والتطور، فهنالك من لا يرى التاريخ بحركته الدينامكية ، وهو يريد له السكون بما يتعارض مع قوانين الطبيعة والتطور. وهنالك من لا يرى أخطاء جديدة تتكرر عن الماضي لدينا القدرة على عدم تكرارها وارتكابها الآن من جديد .


لقد مرت عقود قدم فيها شعبنا قوافل الشهداء والجرحى والاسرى والمبعدين ، عقود تبدلت فيها الظروف السياسية والانظمة العربية وشهد فيها العالم متغيرات كبيرة ادت إلى تبدل قطبية النظام العالمي وتغير اللاعبين على الساحة الدولية واحتلال ما تبقى من اراضي فلسطين التاريخية عام ١٩٦٧ وما ترتب على ذلك من أوضاع على اثر توسع استكمال هذا الاحتلال الأستيطاني كاداة استعمارية بالمنطقة بهدف تطويعها بما يتفق مع مصالح الغرب الأستعماري.


ان تأجيل الوصول إلى حلول وطنية لعدد من التحديات الماثلة أمامنا ، والتعاطي مع محاولات فرض الغرب سياساته بما يسمى منهج ادارة أزمة الصراع دون حلها الجذري، التي ينتهجها الغرب وعلى رأسه الادارات الأميركية المتعاقبة حتى اليوم خاصة في هذه الظروف الدولية المتسارعة نحو التغيير الدولي الجاري ، قد ادخلنا سابقا وسيُدخلنا اليوم ان تمكنوا من انجاح محاولاتهم مرة اخرى في نفق مظلم قد يصعب رؤية الضوء في نهايته رغبة منهم بالحفاظ على ما تبقى من هيمنتهم وحماية مشروع دولة الاحتلال الاستعماري رغم بعض الملاحظات اللفظية منهم التي لا تغير محددات العلاقة بينهم .


ان مراكمة الظروف اللازمة من الحراك السياسي بالاستفادة من قدرة شعبنا على الصمود في مقاومة التحديات، والقائم على التمسك بضرورة إنهاء الاحتلال الاستيطاني كاملا ونظام الأبرتهايد الاستعماري كنتيجة واحدة يقوم عليها أي مسار تفاوضي سياسي ممكن عند تطور الانتقال نحو النظام الدولي المتعدد ، لكن برعاية دولية بعيدا عن الاحتكار الأميركي المنحاز والمتورط ، هو الأمر الأهم اليوم بمقابل اي ضغوطات على منظمة التحرير من شأنها إعادة عجلة التاريخ للوراء بالقبول بتجميلات هنا أو هنالك لوجه هذا الاحتلال الاستعماري من خلال ما يسمى "بإعادة بناء الثقة" أو "تحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية للسكان" او "الحفاظ على الوضع التاريخي القائم" الذي دأبوا اصلاً على محاولات تغيره منذ عام ١٩٢٨.


ان مواجهة ذلك يتطلب التمسك برؤية إنهاء الاحتلال أولاً كبداية الطريق نحو ما يأخذنا لاحقا لامكانيات السلام، وصمود شعبنا وتمكينه من العيش الكريم وتمسكنا بارضنا واستعادة الثقة بين قاعدة مكونات المجتمع المتنوعة والقيادة واعتماد إجراءات تُعزز من الآليات الديمقراطية والمشاركة الشعبية ودورها كمصدر للسلطات وفصلها ، وتصعيد المقاومة الشعبية فعلاً لا قولاً والتي اقرتها القوانين الدولية للشعوب الخاضعة للاستعمار، والعمل بالانفكاك عن الاحتلال بكل المعاني وتحديد العلاقة القائمة مع الاحتلال على قاعدة التناقض والصراع وفق قرارات الدورات المتعاقبة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير .


ويجب ان يترافق ذلك مع توسيع قاعدة تحالفاتنا مع الشعوب والقوى التقدمية وانصار الحرية والديمقراطية والسلام بالعالم والدول المناصرة لحقوقنا الوطنية ولقضايا العدالة والسلام خاصة مع التحولات الجارية باوساط الرأى العام العالمي من صورة إسرائيل اليوم .


كما من الأهمية الان التقرب من التكتلات الاقتصادية الناشئة خاصة مع بدايات ظهور النظام الدولي الجديد الذي أصبحنا نرى تداعياته خاصة بالاقليم .كما والانتباه والعمل الجاد إلى اهمية تمتين وحدتنا الوطنية في إطار منظمة التحرير التي يتوجب توسيع قاعدتها الشبابية من الجيل الجديد الذي بات دون تنظيم في هذه المرحلة، بالإضافة ايضا إلى استيعاب القطاعات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني الواسعة بفعل دورها والمتغيرات المجتمعية الحاصلة ، دون انحصارها بفصائل العمل الوطني على أهمية دورها الكفاحي رغم ان برامج البعض منها بات متكلسا اليوم وتأثيراتها بمجتمعنا باتت متراجعة، وكذلك تفعيل مؤسسات المنظمة خاصة بالشتات واماكن اللجوء ودفع الحياة والحيوية بها كبيت معنوي جامع في غياب الدولة ، وكعنوان للتحرر الوطني والبناء الديمقراطي وتوحيد خطابها التحرري أمام العالم ، بعيدا عن استمرار لغة البيانات او تحميل المسوؤلية أمام استمرار الجرائم اليومية المرتكبة ، فالاحتلال لا ينفي مسؤوليته بل يجاهر بها أمام العالم الحُر ولا يكترث للشجب والاستنكار .


ان منظمة التحرير المستهدفة بتاريخها وتراثها الثوري اليوم ، هي وقبل ان تكون الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا في كافة أماكن تواجده وتحظى بهذه المكانة العالمية منذ الرباط وهيئة الأمم عندما حمل الزعيم الخالد "ابو عمار" اليها غصن الزيتون في يد والبندقية في يد اخرى لتحصد بعدها الاعترافات الاممية المتتالية حتى اليوم، هي قائدة الكفاح في مرحلة التحرر الوطني حتى وصولنا إلى انهاء الاحتلال نحو حق تقرير المصير والاستقلال الوطني والحرية وعودة لاجئينا ضحايا جريمة النكبة وفق القرار "١٩٤" وإطلاق سراح الأسرى وجثامين الشهداء من مقابر الأرقام والثلاجات .


ان منظمة التحرير هي من حافظ على نهج العمل الوطني الثوري ببعده الإنساني التقدمي وثقافتنا المتعددة والمنسجمة في اَن واحد، وعلى الخلاف في إطار الوحدة.


وهي العنوان الذي يتوجب ان نستمر به إطارا وحدويا ديمقراطيا كفاحيا متجدداً ومتفاعلاً في خوض معاركنا على الجبهات المختلفة، على الأرض وفي المحافل الدولية لتقديم دولة الاحتلال كنظام اجرام استعماري عنصري يمارس التطهير العرقي ولا يسعى للسلام .

دلالات

شارك برأيك

في ذكرى تأسيس منظمة التحرير .. الواقع والمسوؤلية أمام الحركة الوطنية

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تقرر ضرب ايران والشرق الأوسط في حالة غليان

حديث القدس

عيدُ غزةَ .... ؟!

عطية الجبارين

هُزمت إسرائيل.. فهل انتصرت المقاومة؟

ياسر سعد الدين

مسرح أم لا مسرح...

سهيل كيوان

ضربة محدودة بقرار مسبق

حمادة فراعنة

قيمة الإنسان.. بين المنظومة الغربية والإسلامية

مصطفى عاشور

اجتياح رفح والاسئلة الصعبة

يحي قاعود

الرد الإيراني ... رسالة لها أبعادها

حديث القدس

في الرد الإيراني وتداعياته

راسم عبيدات

جر أميركا لحرب غير مطلوبة

حمادة فراعنة

"رغبة الطفل العنيد باللعب"

سماح خليفة

وليد دقة.. وقد أوغلوا في قتلك ولم تمت

بهاء رحال

نتنياهو يقود أميركا إلى الحافة

نبيل عمرو

نتنياهو كالمستجير من الرّمضاء بالنار

مصطفى البرغوثي

خسارات اسرائيل و ارباحها بعد الرد الايراني

أحمد رفيق عوض

مشهدية الغد:إطلالةٌ أم غياب؟!

أحمد يوسف

غزة ونتنياهو ومعايير الربح والخسارة

د.دلال صائب عريقات

عنف المستوطنين ... إرهاب دولة

حديث القدس

إنها حرب أمريكا.. والرد الإيراني بات واقعاً

راسم عبيدات

حرب غزة وتشوهات العمل الإغاثي والتنموي في فلسطين

د. طلال أبوركبة

أسعار العملات

الثّلاثاء 16 أبريل 2024 8:59 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.25

يورو / شيكل

بيع 3.98

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%70

%25

%5

(مجموع المصوتين 105)

القدس حالة الطقس