
أقلام وأراء
الإثنين 10 أبريل 2023 11:02 صباحًا - بتوقيت القدس
الاقتصاد الفلسطيني المقاوم.....الى أين؟

مستشار اقتصادي دولى، وعضو مجلس إدارة صندوق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة/ فاستر كابتل.
يعاني الاقتصاد الفلسطيني من حالة الجمود الراهنة على مستوى مفاوضات السلام مع إسرائيل والمصالحة بين حركتي “حماس” و”فتح”. كما لعب تراجع دعم المانحين دوراً كبيراً في خلق وضع اقتصادي غير مستدام، خاصةً في ظل عدم كفاية الاستثمارات الخاصة وضعف ثقة المستثمرين. وما تزال القيود التي تفرضها إسرائيل تحول دون ظهور استثمارات القطاع الخاص الكفيلة بتحفيز النمو المستدام. فأين نحن من بناء اقتصاد فلسطيني؟
يقدر عدد السكان في فلسطين لعام 2022، (5.35) مليون فلسطيني في دولة فلسطين، 2.72 مليون ذكر و2.63 مليون أنثى. 46% منهم قوى عاملة، ومعدل بطالة يصل لحوالي 29%، فيما يصل في غزة وحدها لأكثر من 45%، ولم يتجاوز 18% في الضفة. واصلت معدلات الفقر ارتفاعها حتى وصلت لنسب قياسية، حوالي 29% يعيشون تحت خط الفقر الوطني، ساهمت غزة وحدها في أكثر من 70% من هذه النسبة، حيث إن حوالي 53% من سكان غزة يعتبرون فقراء، فيما يقبع حوالي ثلث قطاع غزة تحت خط الفقر المدقع، ولم تتجاوز النسبة في الضفة 5.8%
بالنسبة لطبيعة الاقتصاد الفلسطيني، فإن سمات وخصائص الاقتصاد الفلسطيني واضحة، والتي تختلف تقريباً عن أي سمات أخرى في الاقتصاد. على الرغم من أن السلطة الوطنية الفلسطينية كانت تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1994، إلا أن المشكلة الرئيسية في الاقتصاد الفلسطيني لم تنته بعد، وتشوهات الاحتلال لم تُحل، بل على العكس من ذلك، اعتماد الاقتصاد الفلسطيني، وتلطيخ السياسات والإجراءات الإسرائيلية، واعتماد واضح على المساعدات والمنح الأجنبية، مما يضعف قدرتها على النمو ويعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. السيطرة الإسرائيلية على المعابر الحدودية والحدود الفلسطينية والموارد الطبيعية والسيطرة على مصادر السلع الأساسية والعقبات الرئيسية التي تحتاجها الصناعة في ضوء المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية التي تحدث في الاقتصاد الفلسطيني، علينا أن ننظر إلى هذه التغيرات وحالة التنقل السياسي والإقليمي في المنطقة، حيث كان هناك العديد من المبادرات العالمية والإقليمية لإعادة بناء عملية السلام وإعادة إحياء الروح، لكن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن، بل على العكس من ذلك، ازدادت الاختلافات والمنظور، ونفذت سلطات الاحتلال سياسة أكثر خطورة في فلسطين واقتصادها، استناداً إلى الدعم المبهم للسياسات والإجراءات الإسرائيلية، وكذلك على الجانب الآخر من التطرف العربي.
وفي الوقت نفسه، هناك إعلان دائم بالالتزامات الدولية لمواصلة دعم الاقتصاد الفلسطيني. لكن مراقب الأحداث ومتعقب الأشياء يرى شيئاً مختلفاً !! على الرغم من هذه التعهدات، فإن احتمالات التجارة الخارجية محدودة، ولا سيما الحاجة إلى الدعم المادي للدولة الفلسطينية، بل أيضاً إلى الدعم السياسي من أجل تلبية التحديات التي تحيط بها، وهي تحتاج إلى تدابير وتسهيلات واسعة النطاق من جانب الحكومة الإسرائيلية لتيسير حركة السكان والسلع على المعابر الحدودية، وتوسيع آفاق التجارة الخارجية، وفرض حدود على السلطة الوطنية الفلسطينية لتيسير حركة الواردات والصادرات، ولا يزال النمو الاقتصادي وإيرادات السلطة الفلسطينية أقل من إمكاناتهما بسبب القيود المفروضة على التنقل والوصول إلى الموارد، بما في ذلك في المنطقة (ج).
وتخضع التجارة الخارجية الفلسطينية لسيطرة إسرائيل وتخضع لحواجز غير جمركية باهظة التكلفة أدت إلى تراجع القدرة التنافسية. علاوة على ذلك، أدى الإغلاق الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة إلى وجود اقتصاد مغلق تماماً تقريباً. ومن المتوقع أن يظل عجز المالية العامة (قبل المعونات) كبيراً في عام 2022 عند 5.1% من إجمالي الناتج المحلي.
إن العلاقة الاقتصادية بين الاقتصادات الفلسطينية والإسرائيلية هي علاقة غير متكافئة ناتجة عن القوة العسكرية والسياسية والإسرائيلية ورغبة سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الاقتصاد الفلسطيني، حيث لا تزال أكبر حصة من الصادرات الفلسطينية موجهة نحو السوق الاسرائيلي، وأغلب الواردات الفلسطينية من السوق الإسرائيلية. وهذه معضلة خطيرة بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني من خلال تأثيره المباشر على الناتج المحلي الإجمالي، وميزانيات التجارة والتسديد، وأعظم التحديات التي تواجه الحكومة الفلسطينية.
على الرغم من أن النظام الاقتصادي العالمي الجديد قد ظهر بسبب كارثة كورونا حيث أدت أزمة الصحة العالمية إلى أزمة مالية وأزمة اقتصادية عالمية تهدد اقتصادات العديد من البلدان. السؤال الذي يجب الإجابة عليه هو: هل يمكن تنفيذ برامج الدعم والمساعدة التي أعلنت عنها القوى العظمى والمؤسسات الدولية التابعة للدولة الفلسطينية في إطار الأزمة العالمية الحالية؟
أدت الاوضاع السياسية بقطاع غزة، ثم وصول حركة حماس للسلطة، وتنازعها مع حركة فتح إلى حدوث متغيريْن ضربا الاقتصاد الفلسطيني بشدة، ونتج عنهما خسائر مباشرة وغير مباشرة باهظة التكلفة. فمنذ عام 2008 تفرض إسرائيل حصارًا قاسيًا وشديد الوطأة على قطاع عزة، نتج عنه نقص شديد في عرض السلع داخل القطاع، وخلال 8 سنوات شنت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة دمرت البنية التحتية للقطاع، فبلغت خسائر الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة حوالي 5 مليارات دولار جراء الحرب الاخيرة في 2014 والتي استمرت 51 يومًا. أما الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس فقد شق الاقتصاد إلى نصفين أحدهما في الضفة والآخر في غزة، يتفوق فيه اقتصاد الضفة على أداء اقتصاد غزة، حيث مُني قطاع غزة بمعدلات خطرة من البطالة والفقر تجاوزت الـ 50%، بينما نشأت أنشطة اقتصادية موازية عبر الأنفاق بالقطاع، بعيدة عن التنظيم الرسمي، لا تخضع للقانون بقدر ما تخضع للاحتكار، ولكنها انتهت في عام 2015/2016 بفعل التغيرات السياسية في مصر؛ مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المؤسفة في قطاع غزة، ووصلت معدلات النمو الاقتصادي بالقطاع إلى -2% . على الجانب الآخر بالضفة الغربية، تمارس إسرائيل جرائمها الاستيطانية باستمرارها في بناء جدار الفصل العنصري، ومصادرة الأراضي العربية، وبناء المستوطنات، حيث خصصت سلطات الاحتلال 39% من أراضي الضفة لبناء المستوطنات، و20% مناطق عسكرية، و13% محميات طبيعية، وهو ما يعني منع الفلسطينيين من استغلال مواردهم وأراضيهم، كما أدى توزيع الاحتلال المجحف لموارد المياه إلى أن يصبح نصيب المستوطن الإسرائيلي 350 لترًا في اليوم، بينما الفلسطيني 20 لترًا فقط.
ويبقى هناك نمو اقتصادي بالفعل، ولكن بقيت التنمية الاقتصادية غائبة. وهذا ما زاد من ضعف الاقتصاد الفلسطيني. ولتفعيل مبدأ التنمية الاقتصادية علينا أن نقوم بالتركيز على ما يلي:-
اولا: محور عملنا يجب ان يركز على أربعة قطاعات رئيسية: قطاع الانشاءات، قطاع الزراعة، قطاع الصناعة، وقطاع الخدمات.
ثانيا:- تطوير الأنشطة وسلسة العنقودية المرتبطة بقطاع البناء (قطع الحجر، إنتاج الأسمنت)، والعمل على بناء مقرات للوزارات بكافة المحافظات.
ثالثا:- بناء محطات للتعبئة والتغليف والتجهيز للتصدير مستخدمين أحدث الأجهزة التكنولوجية بالاضافة الى مراعاة الحصول على شهادات الجودة، مع توفير جهاز فحص السموم، وتحسين خدمات النقل والمواصلات والخدمات اللوجستية اللازمة، وتعزيز المشاريع الريادية بقطاع الزراعة.
رابعا:- تطوير نماذج أعمال جديدة تلائم البيئة الفلسطينية وتعمل لتكاملها من النظام العالمي، إضافة إلى المساعدة في توطين الاستثمارات الفلسطينية الخارجية. وإعطاء مساحة لممثلي القطاع الخاص من مؤسسات الغرف التجارية، والاتحادات الصناعية، ومجالس رجال الاعمال أن يلعبوا دورا رئيسيا بوضع السياسات الخاصة بالاستثمار.
خامسا:- العمل بشكل ممنهح على استكمال بناء المؤسسات العامة (الحكومية)، على مبدأ الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية، وتطوير البنية التحتية القانونية والادارية على أسس واضحة.
سادسا:- العمل على تجنيد الدبلوماسية الفلسطينية لدعم الاقتصاد الفلسطيني، وذلك بعمل اتفاقات تجارية بين فلسطين ودول جديدة، سيستفيد المصدر الصناعي، والمصدر الزراعي من تلك الاتفاقات التجارية بزيادة الطاقة الانتاجية والزراعية.
سابعا:- العمل على إنشاء وتعزيز المدن الصناعية بفلسطين، ودعمهم بتوفير السياسيات والإجراءات المحفزة لتطوير وتجنيد المدخلات الصناعية المحلية، التى ستساهم بشكل رئيس على خلق عمالة مؤهلة واستيعاب نسبة عالية من البطالة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
"الجدل حول النازحين في غزة: تقييد الحركة إلى الشمال من أجل الأمان والمساعدة"
منير الغول
تحية وتقدير للتضامن العالمي مع شعبنا وحقوقه !!
حديث القدس
من ينزل نتنياهو عن الشجرة وكيف؟!
المحامي إبراهيم شعبان
الخيار في المقاومة
حمادة فراعنة
الحجيج المخابراتي للدوحة لإيجاد مخرج ما... المقاومة تفرض خياراتها
وسام رفيدي
اخطاء التسوية السياسية المعتادة
د.أحمد رفيق عوض/ رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية/جامعة القدس
في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، تحية للمقاومة
منيب رشيد المصري
لا أمن ولا سلام لاسرائيل بدون دولة فلسطينية
حديث القدس
فلسطين عابرة للقارات
عصام بكر
حماس... شكراً
حمادة فراعنة
حل الدولتين
يونس السيد
هل تكون هدنة غزّة مدخل الحلّ؟
عبد الباسط سيدا
الرأي العام الأمريكي.. والاتجاه نحو تأييد الشعب الفلسطيني
جيمس زغبي
المعضلة والمخرج (2)
نبيل عمرو
المقاومة تحقق المزيد من الانتصارات
حديث القدس
صفقة التبادل الجزيئة والهدنة المؤقتة ،هل ستقودان الى تفكيك حكومة نتنياهو...؟؟؟
راسم عبيدات
إجراءات الدعم بعد الوجع
حمادة فراعنة
جنرالات إسرائيل و«جنرالات» غزة
غسان شربل
نجاح تبادل الأسرى بالمحتجزين يمهد الطريق نحو تحرير جميع الاسرى
المحامي علي أبو هلال
إسرائيل .. من الدلف فالمزراب فالمستنقع
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أجمل امرأة في العالم

المجلس الوطني يطالب بوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي

عباس: التصعيد الخطير في المنطقة سببه الرئيسي غياب الحقوق الفلسطينية

الاحتلال يمنع إدخال وقود لمركبات الإسعاف في شمال قطاع غزة

شرطة رام الله تكشف مجموعة لبيع المخدرات عبر تطبيق التلغرام

الاحتلال يستولي على 1500 دونم غرب بيت لحم

فلسطين عابرة للقارات

الأكثر قراءة
وصول سفينة المساعدة الطبية "ديكسمود" إلى مصر لمعالجة مصابي غزة

ثلاثة قتلى وإصابات بينها خطيرة بعملية إطلاق نار بالقدس

مقتل إمرأة وجنينها جراء جريمة طعن باللد

الاحتلال يعيد المعتقلة المقدسية الطفلة نفوذ حماد إلى الأسر بعد قرار بالإفراج عنها

غزة تعيد صياغة العالم اخلاقيا

القسام تنشر رسالة تلقتها من إحدى الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن

أسماء الدفعة السادسة من المعتقلين الذين سيفرج عنهم اليوم

أسعار العملات
الأربعاء 29 نوفمبر 2023 1:30 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.67
شراء 3.65
يورو / شيكل
بيع 4.03
شراء 4.0
دينار / شيكل
بيع 5.18
شراء 5.15
هل تستطيع إسرائيل خوض حرب طويلة في غزة؟
%80
%20
(مجموع المصوتين 387)
القدس
()
شارك برأيك
الاقتصاد الفلسطيني المقاوم.....الى أين؟