أقلام وأراء
الخميس 15 أغسطس 2024 10:08 صباحًا - بتوقيت القدس
القانون الدولي والإنساني.. أسخف نكتة
دعت الجزائر مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة للنظر في مذبحة مدرسة التابعين بغزّة. أكثر من مائة شهيد اختلطت جثثهم فلم تستطع جهات الحصر تحديد معالمها، فيما انتشرت أنباءٌ عن احتساب حجم الكارثة بالكيلوغرام.
المفارقة أنّ الأمم المتّحدة، وهي الجهة التي أنشأت مجلس الأمن، لم تحسم موقفها بعد من المذبحة التي تابعها العالم كلّه بالبث المباشر، ولامسّت دماء ضحاياها الوجوه التي تتفرّج، إذ لا تستطع المنظّمة الأممية أن تحدّد من القاتل، وتريد وقتاً للتحقيق الدقيق قبل أن تعلن رأياً.
في اتصال تلفزيوني، قال نائب المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتّحدة، فرحان حقّ، إنّ تحديد الطرف المسؤول عن مذبحة مدرسة التابعين يحتاج وقتاً، ومن المُبكّر تقرير ما إذا كانت المذبحة ضدّ القانون الدولي الإنساني أم لا، إذ يبقى ذلك مرهوناً بنتائج التحقيق، والأولوية الآن وقف القتل قبل أن نحدّد من هم القتلة.
أما الولايات المتّحدة، دولة المقرّ للأمم المتّحدة ومجلسها للأمن الدولي، فإنّها فضلاً عن أنّها شريك كامل مع الاحتلال عسكرياً وسياسياً، تقول إنّها لا تزال تتواصل مع نظرائها الإسرائيليين، الذين قالوا إنّهم استهدفوا قياداتٍ في “حماس”، وبانتظار التفاصيل. وإلى أن تأتي التفاصيل يذهب الاحتلال إلى ارتكاب مذابحَ جديدةٍ، كي لا يشعر بالملل في الفترة التي تحتاجها الأمم المتّحدة لكي تعلن هُويَّة الجناة.
في الأثناء، لم نسمع عن طرف عربي يتذكّر أو يُفكّر في استخدام آليةٍ دبلوماسيةٍ متاحةٍ ورخيصةٍ اسمها جامعة الدول العربية، لمناقشة تبعات الجريمة، واتخاذ موقفٍ حيالها، وكأنّها سقطت من ذاكرة النظام العربي وحسابه، وصارت قطعةَ “أنتيك” من الماضي، توضع في البيت العربي من دون استعمال.
أمين عام هذه القطعة، التي يعلوها التراب، لم يسعفه الوقت ليكتب برقيةَ عزاءٍ في شهداء المجزرة، عبر حسابه على منصة إكس، فالرجل مشغولٌ بإحصاء عدد ميداليات العرب في أوليمبياد باريس، وصياغة تغريدة يُعبّر بها عن سعادته الطاغية بالأبناء الذين رفعوا رأسه بالفوز، لكنّ الرجل، وللأمانة، اختتم فرحته بالميداليات بمشهد مُؤثّر، وكلمات عاطفية، حين قال: “التهاني والتبريكات لا تنسينا مآسي إخوتنا في غزّة، ونظلّ نطلب من القوّة الدولية الأولي أن تضطلع بمسؤوليتها”.
لم يطلب أحدٌ من العرب دعوة الجامعة إلى الانعقاد، لكنّهم دعوا الإجرام إلى الاختيار بين عاصمتَين عربيتَين لكي يتفضَّل ويجلس إلى مائدة التفاوض، برعاية الإدارة الأميركية المشاركة في الجرائم كلّها، من أجل عقد صفقةٍ تُحقّق أولاً إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والأميركيين، وثانياً منع محور المقاومة من استهداف الاحتلال ردّاً على جرائمه في طهران وبيروت واليمن، وثالثاً وقف القتال، مع حفظ حقّ المُعتدي في استئناف عدوانه في الوقت الذي يراه.
قد يكون مفهوماً أنّ المجتمع الدولي تخلى عن قانونه الدولي، وقانونه الدولي الإنساني، وقانونه الأخلاقي كذلك، وارتضى أن تصبح إسرائيل ليست فوق القانون فقط، بل هي القانون ذاته، والمعيار الوحيد للحكم على الأشياء، ما يجعل حديث أيّ مسؤول أممي عن مقتضيات القوانين الدولية مثيراً للسخرية، بالنظر إلى أنّنا أمام واقع دولي جديد يقول إنّما وُجدت القوانين لكي تنتهكها إسرائيل، وتحصل على مكافآت وامتيازات نظير ذلك.
أمّا غير المفهوم حقاً أنّ المجتمع العربي الرسمي بات متصالحاً مع هذا الواقع، ومستسلماً لفرضية أنّه لا قِبَلَ له بمناهضة الاحتلال الإسرائيلي أو حتّى معارضته، بإجراءات بسيطة وممكنة، بدلاً من البيانات المُعلّبة التي تصدر بعد كلّ قضمة من لحم فلسطين الحيّ، ولا تُحدِث أثراً سوى إدخال السعادة والطمأنينة إلى قلب العدوّ.
محيّرٌ حقاً ومؤسفٌ أن أحداً من الرسميين العرب لا يستطيع أن يقرأ مآلات ما يدور الآن، ويدرك أنّه لو التهمت إسرائيل غزّة، وأعادت حكمها، مباشرةً أو من خلال مختاريها، فإنّ كلَّ مدينة عربية ليست في مأمنٍ من أن تكون غزّةً أخرى.
لن نحدّثهم عن الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية والدينية، وما تفرضه أخوّة الدم واللغة والتاريخ والجغرافيا، بل نتوسّل إليهم أن يُفكّروا في الأمر بمعايير المصلحة الوجودية، أن يُفكّروا بعقولهم وقلوبهم لا بغرائز الانتفاع اللحظي، تاركين المستقبل لعدوٍّ لن تردعه عن التهامهم خدماتهم الجليلة، التي يُقدّمونها له الآن.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال.. محاولة للتعمية على الجريمة الـمُدوّية
الأكثر قراءة
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 79)
شارك برأيك
القانون الدولي والإنساني.. أسخف نكتة