Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 14 نوفمبر 2024 9:11 صباحًا - بتوقيت القدس

لماذا سيواصل ترامب سياسته في ولايته الأولى ؟

إن أحد أسباب خسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس للانتخابات، كان ازدواجية معايير حزبها فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة. فمن ناحية قدمت إدارة بايدن التي تشغل هاريس فيها منصب نائب الرئيس، كل أشكال الدعم السياسي والمالي والعسكري لإسرائيل، ومن ناحية أخرى كانت تدعو إسرائيل (وبلطف) لإنهاء الحرب على قطاع غزة، ووقف "مأساة" المدنيين الفلسطينيين بتوفير المساعدات المعيشية لهم! وفي المقابل فإن نجاح دونالد ترمب يعود جزئيا لأصوات كارهيه، وخاصة من العرب والمسلمين الأمريكيين الذين أرادوا عقاب كامالا هاريس على سياسة المعايير المزدوجة التي انتهجتها إدارتها بشأن الحرب على غزة. 


إن استشراف ماذا ستكون عليه سياسة دونالد ترامب خلال الأربع سنوات المقبلة تجاه فلسطين وإسرائيل والمنطقة بشكل عام، قد يرتكز على سياسته التي انتهجها في ولايته الأولى، أو على تصريحاته خلال حملته الانتخابية الأخيرة (وإن كانت قد لا تعكس حقيقة مواقفه لإدلائه بها لكسب الأصوات في الانتخابات)، كما إن الاستشراف يرتكز أيضاً على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وستتضح الصورة أكثر عندما يكمل ترامب تعيين مسؤولي إدارته في البيت الأبيض والحكومة، وبالتالي فإن السؤال هو: ما هي السياسات التي قد ينتهجها ترامب تجاه فلسطين وإسرائيل والمنطقة بشكل عام حتى انتهاء ولايته التي ستكون الأخيرة في العام 2028 ؟  وهل يكمل ما بدأه في ولايته الأولى؟  


لا تزال سياسة ترامب التي انتهجها في ولايته الأولى ماثلة في الأذهان: نقل سفارة أمريكا من تل أبيب للقدس، وأعلن عن حق إسرائيل بضم الجولان السوري المحتل، وأعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لضم مناطق غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية، وطرح خطة صفقة القرن للتسوية السلمية التي تنتقص حقوق الشعب الفلسطيني لدرجة كبيرة، كما أغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن. 


ومن المؤشرات على احتمال أن يستمر ترامب من حيث انتهى في ولايته الأولى :


* ثبات السياسة الأمريكية التي انتهجتها الإدارات السابقة جمهورية كانت أم ديمقراطية، على دعم إسرائيل اللامحدود منذ إقامتها، لأسباب دينية وأخرى تتعلق بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ناهيك عن نفوذ اللوبي الإسرائيلي في مجلسي الكونغرس والنواب، وفي الحياة السياسية الأمريكية بشكل عام.  


* تلقيه دعماً مالياً لحملته الانتخابية في العام 2024 مقداره 100 مليون دولار من المليارديرة اليهودية "ميريام أديلسون"، مقابل دعمه لضم إسرائيل للضفة الغربية أو أجزاء منها، تماماً كما فعل في ولايته الأولى بنقله السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، تلبية لطلب "شيلدون أديلسون" زوج ميريام، مقابل 82 مليون دولار دعماً لحملته الانتخابية آنذاك. 


* تعيين شخصيات في إدارته تمثل اليمين الإسرائيلي المتطرف في إدارته، بالإضافة إلى غالبية أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الذين يعتبرون أنهم "صهاينة أكثر من هيرتسل" .


* احتمال سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي الشيوخ والنواب، ما سيعطل أية قرارات (مفترضة) لا تصب في مصلحة إسرائيل بالكامل قد يتخذها ترامب.


إن نتنياهو ووزراء في حكومته يبدون تفاؤلاً يصل إلى درجة اليقين، بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستفسح الطريق لهم لضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، حيث نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن نتنياهو تأكيده في محادثات مغلقة في وقت سابق، ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية لجدول أعمال حكومته عند تسلم ترامب مهام منصبه رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل. وما يؤكد هذا تصريح وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع "بتسلئيل سموتريتش" نشرته يديعوت أحرونوت، بأن العام 2025 هو عام السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة"، وبأنه أصدر تعليماته لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية للبدء بإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة على الضفة الغربية. 


إن الحملة الانتخابية لترامب أعطت صورة للناخب الأمريكي أن بإمكانه إنهاء الصراعات المسلحة ليس في غزة ولبنان فقط، بل وفي أنحاء مختلفة من العالم، لكن الواقع مختلف عن ذلك في ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، لأنه بمجرد دخوله للبيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل سيبدأ بحساب كيفية تسديد ديونه لحلفائه في إسرائيل وللجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (إيباك)، وللمليارديرة ميريام أديلسون التي طالبته بضم إسرائيل للضفة مقابل 100 مليون دولار التي تبرعت بها لحملته. 


 وفي حمى حملته الانتخابية كان ترامب قد أشار أكثر من مرة إلى موقفه من الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، كقوله مثلاً إنه لو كان في الحكم لما وقعت هجمات 7 أكتوبر، ومخاطبته نتنياهو"عليك أن تنهيها وتفعل ذلك بسرعة، واحصل على انتصارك وتجاوزه، الحرب يجب أن تتوقف ويجب أن يتوقف القتل"، كما تعهد لزعماء العرب والمسلمين في متشيغان بإنهاء الحرب، إلا أن ترامب يعتبر أن إنهاء الحرب قرار يعود لإسرائيل، إذ هاجم منافسته كامالا هاريس لدعوتها لوقف إطلاق النار، وقال "عملت هاريس منذ البداية على تقييد يد إسرائيل بمطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار. إن هذا لن يمنح حماس سوى الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد كهجومها في 7 أكتوبر2023". والواضح أن رؤية ترامب لإنتهاء الحرب يجب أن تتم بانتصار إسرائيل . 


ولكن ما هي السياسة التي قد ينتهجها ترامب لإنهاء الحرب؟   


رغم ضبابية تصريحاته بشأن وقف الحرب وتضاربها أحيانا، إلا أنه يمكن استشراف ذلك من خلال تدخل دبلوماسي أمريكي – أوروبي، ولكن بشروط إسرائيلية من خلال مفاوضات يميل الميزان فيها لصالح تل أبيب، وترامب كرجل أعمال يسعى دائماً لإنجاز الصفقات السريعة والمربحة، فقد يعمل على وقف لإطلاق النار بفرض شروط على المقاومة، مقابل وعود تخفيف الحصار وتحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة وإعادة إعماره، وقد يترافق ذلك بزيادة الضغوطات على إيران لوقف دعمها لحزب الله وفصائل المقاومة الأخرى، وقد يعمل أيضا على التوصل لهدنة دون تغييرات على الوضع القائم .


من المؤكد أن الشرق الأوسط في حقبة ترامب في الأربع سنوات المقبلة سيختلف عما قبله، والتوقعات بأنه سيشهد عدة متغيرات لها علاقة بتوازنات القوة والضعف بين القوى الإقليمية والمصالح الأمريكية في المنطقة، وفي مقدمة هذه المتغيرات تصدع "الردع الاستراتيجي" في الشرق الأوسط، حيث أن الحرب على غزة هزت مجموعة من المسلمات المستقرة في المنطقة، حيث أن هجوم 7 أكتوبر 2023 هدد وجود إسرائيل ككيان، ناهيك عن تهديد الحوثيين في اليمن للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الغرب بشكل عام، بإغلاقهم الممرات البحرية في البحر الأحمر، ما الحق أضراراً بالتجارة العالمية. 


وفي حقبة ترامب، من المتوقع أن يستمر استهداف القواعد العسكرية الأمريكية من قبل الجماعات المسلحة في العراق وسوريا طالما استمرت الحرب على غزة، وربما تتسع دائرة الاستهداف والضغط على وجود أمريكا في المنطقة في محاولة لإخراجها منها، الا أن هناك من يرى أن إدارة ترامب قد تتخذ اتجاها معاكسا بزيادة التواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط لحماية مصالحها، ولإعادة الردع مرة أخرى بعد انتهاء الحرب على غزة.


وسيواجه ترامب بالمتغيرات في السياسات الخارجية لعدد من دول الإقليم التي حدثت في نهاية ولاية جو بايدن، من تقارب دول مع دول أخرى كانت خصوماً لها. وهذا التقارب تجسد على شكل اتصالات وزيارات متبادلة، وعقد محادثات بين وفود رسمية معلنة وغير معلنة لمراجعة سياستها الخارجية (خلافاً لما كان قائماً منذ سنوات)، ومنها مثلاً التوقيع على اتفاقيات وتدشين أطر مؤسسية مشتركة كمجالس التنسيق الاستراتيجي بين قطر والسعودية ومصر وتركيا، وكذلك الاتجاه لبدء محادثات سياسية بين الدول المتخاصمة كتركيا وسوريا، في حين ستظل إسرائيل حليفة الولايات المتحدة مستثناة من التهدئة الإقليمية. 


ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، والاستمرار بتجاهل حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، فإن سعي إدارة ترامب لإبرام مزيد من اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل قد لا يتحقق، أو في أفضل الأحوال قد يتوقف لفترة من الزمن، رغم رهان حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية على أن إدارة ترمب ستمارس الضغوط على دول عربية أو مساومتها في بعض الملفات المرتبطة بمصالحها الوطنية للتطبيع مع إسرائيل. 


ترامب إذا ذهب إلى الإستمرار من حيث توقف في ولايته الأولى بالسماح للمستوطنين وقادتهم المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية بضم مناطق الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية، وللسماح لنتنياهو بتحقيق "نصره المطلق" و"شرق أوسطه الجديد"، فإن هذا يعني عملياً تطهيراً عرقياً لأكثر من ثلثي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى الأردن الذي قد يعتبر هذا أنه بمثابة إعلان حرب.


 وهذا يعني أيضاً أن ترامب الذي تقوم سياسته على الصفقات وعلى الخيال واللامعقول، سيعجل بتدمير الوضع في الشرق الأوسط الذي بدأه في ولايته الأولى.

دلالات

شارك برأيك

لماذا سيواصل ترامب سياسته في ولايته الأولى ؟

المزيد في أقلام وأراء

حرب بلا نهاية على غزة

حديث القدس

المبادرة السعودية الجديدة وإيران وحرب غزة

إبراهيم أبراش

404

بهاء رحال

مستقبل السلام في الشرق العربي أرض السلام والأنبياء

كريستين حنا نصر

"الدولة" التي تعبث بالعالم

د. إياد البرغوثي

حرب التجويع متواصلة في غزة

حديث القدس

المجاعة المجاعة!

ابراهيم ملحم

قمة الرياض.. الإرادة السياسية واستقلالية آليات التنفيذ هما الأهم

مروان إميل طوباسي

آليات للانتقال من حالة الهشاشة إلى حالة المناعة النفسيّة

د. غسان عبد الله / القدس

نتائج القمة المشتركة

حمادة فراعنة

عامٌ من طوفان المجازر ولا تزال حرب الإبادة مستعرة

د. رياض العيلة

غزة والإبادة.. الضفة والسيادة

حديث القدس

القمة العربية والإسلامية في الرياض

بهاء رحال

حرب الانبعاث الإسرائيلية

حمادة فراعنة

عودة ترامب والمصير الفلسطيني

جمال زقوت

فرصة قد لا تسنح في خمسين سنة

حمدي فراج

جرائم القتل والفوضى والانهيار مستمرة.. أين الخلل؟!

راسم عبيدات

ترامب والقضية الفلسطينية وإمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة‎

هاني المصري

المؤامرة الإسرائيلية على الدور القطري مرفوضة

حديث القدس

ياسر عرفات الهوية الوطنية والضمير الحيّ

بهاء رحال

أسعار العملات

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.29

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%59

%41

(مجموع المصوتين 17)