د. عمار دويك: رسوم عدادات الدفع المسبق بحاجة إلى إطار قانوني واضح وإجراءات شفافة لحماية حقوق المواطنين
إسلام أبو زياد: رسوم عدادات الدفع المسبق تتماشى مع قانون الهيئات المحلية وتعديل بعض البلديات للرسوم متسق قانونياً
صلاح موسى: قرار فرض الرسوم سقطة قانونية ومخالفة دستورية واضحة ويجب وقف العمل به فوراً لحماية حقوق المواطنين
بلال البرغوثي: يجب وقف تنفيذ النظام المتبع لحين تصحيح الوضع القانوني كخطوة ضرورية لضمان احترام سيادة القانون وحماية حقوق المواطنين
نيفين أبو عبسة: معالجة هذا الخلل القانوني بالطعن في النظام أمام الجهات القضائية المختصة مع المطالبة بوقف تطبيقه فوراً
رام الله - خاص بـ"القدس"-
يثير نظام عدادات الدفع المسبق لمواقف السيارات في المدن الفلسطينية موجة من الجدل في أوساط المواطنين والقانونيين، الذين يرون فيه عبئًا ماليًا إضافيًا يُثقل كاهلهم، إلى جانب ممارسات وإجراءات وُصفت بـ"غير الإنسانية" و"الابتزازية" في التعامل معهم، فيما تؤكد الجهات الرسمية أن النظام قانوني ويراعي ظروف المواطنين والمدن الفلسطينية.
ويرى كثيرون في أحاديث منفصلة مع"القدس"، أن النظام، الذي أُقر بدعوى تنظيم حركة المرور وتخفيف الأزمة، تحول إلى وسيلة لجني الأرباح على حساب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس، منتقدين تخفيض المدة الزمنية مقابل الرسوم المفروضة.
وتتنوع شكاوى المواطنين ما بين ارتفاع الرسوم بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، وسوء تعامل طواقم الشركات المشغلة، إلى جانب فرض غرامات وتقييد المركبات في حالات كثيرة، كما أن هذه الممارسات، بحسب متضررين، لا تتوافق مع مبدأ الخدمة العامة، بل تعكس أسلوبًا عقابيًا يفتقر إلى الحد الأدنى من المرونة أو الإنصاف.
وبينما تتباين الآراء القانونية بشأن مدى شرعية هذه الرسوم وآليات فرضها، تتعالى المطالبات بضرورة مراجعة النظام القائم ووضع إطار قانوني واضح وشفاف ينظم عمل الشركات، ويكفل للمواطن حقه في التظلم، ويضمن العدالة في التطبيق.
رسوم ابتزازية وتعامل سيء
ويعبّر المواطن هيثم نعنع عن استيائه من نظام العدادات الإلكترونية لمواقف السيارات في المدن الفلسطينية، معتبرًا أن الفكرة من أساسها جاءت خاطئة، وأن تطبيقها الحالي لا يخدم المواطن بل يثقل كاهله بمصاريف إضافية غير مبررة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.
يقول نعنع: "إن الناس تهرب من غلاء أجرة المواقف غير المبرر، كما أن الهدف الأساسي من تركيب العدادات كان – وفقًا لما أُعلن – تشجيع السائقين على تقصير مدة الوقوف، وليس فرض إجراءات عقابية عليهم".
ويضيف نعنع: "في السابق كانت تكلفة نصف ساعة في المواقف بالشوارع المدفوعة مسبقا شيكلًا واحدًا، وقبل أيام تفاجأنا بأن الـ 20 دقيقة أصبحت بشيكل"، متسائلًا عن مبررات هذا الغلاء الذي لا يراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون.
ويشير نعنع إلى أن الشركات المشغلة للعدادات ليست تابعة للحكومة، بل هي ملكية خاصة، متسائلًا عن "كيفية سيطرتها على الشوارع العامة التي من المفترض أنها ملك للجميع"، بحسب تعبيره.
ولم يقتصر انتقاد نعنع على الجانب المالي فقط، بل يشير أيضًا إلى ما وصفه بـ"سوء تعامل" طواقم تلك الشركات مع المواطنين، مؤكدًا أن كثيرًا من الناس يشعرون بالإهانة أو الضغط عند التعامل مع موظفي تلك الشركات التي تدير العدادات، بدلًا من أن تكون خدمية وتحفّز المواطن على الالتزام الطوعي بالنظام، فهي أشبه بالابتزاز لهم.
الرحمة الغائبة..
ويعبّر المواطن طارق منيب عن استيائه الشديد من طريقة تعامل طواقم الشركات المشغلة لعدادات الدفع المسبق لمواقف السيارات في الشوارع بالمدن الفلسطينية، واصفًا أداءهم بأنه قائم على "الترصد للمواطنين"، لا على التوعية أو تقديم الخدمة، بل التعامل بلا رحمة مع المواطنين، وهمهم جبي الأموال فقط.
ويقول منيب: "تعامل من ينفذون ويديرون العدادات لجبي الرسوم سيء، فهم ينتظرون أي خطأ – وربما قبل حدوثه – للإيقاع بالمواطنين وتسجيل مخالفات عليهم بهدف تحصيل رسوم إضافية، ما يجري لا يُظهر أي نوع من الرحمة، بل يعكس عقلية عقابية بحتة في تطبيق النظام".
ويقترح منيب حلولًا بديلة عن الإجراءات الحالية التي تشمل تقييد المركبة أو احتجازها وفرض غرامات على أصحابها، قائلاً: "الأصل أن يتم إيجاد طريقة بديلة عن العقاب القاسي، مثل فرض مبلغ معين إضافي بعد كل دقيقة تأخير عن إعادة تغذية العداد، على أن يكون ذلك بشكل تدريجي وبأسعار عادلة، بدلًا من احتجاز السيارة وتكبيد المواطن غرامات مضاعفة".
ويؤكد منيب أن طريقة إدارة العدادات الحالية تخلق فجوة بين المواطن والجهة المسؤولة، داعيًا إلى مراجعة السياسات المتبعة والبحث عن حلول تنصف المواطن وتراعي الأوضاع المعيشية الصعبة.
فُوجئنا بالمخالفة.. !
لم تتوقع المواطنة هبة فالح أن تتحول تجربة وقوف سيارتها عند أحد عدادات الدفع المسبق في أحد الشوارع في مدينة رام الله إلى موقف صادم لها ولأطفالها، رغم أنها دفعت الرسوم مسبقًا والتزمت بالمدة المسموحة.
تقول هبة: "كنت وأطفالي نقف عند العدادات، ودفعنا شيكلين مقابل ساعة كاملة، ثم عدنا قبل الموعد بخمس دقائق فقط، وتفاجأنا بتقييد المركبة وتغريمنا بمخالفة".
وتشير هبة فالح إلى أن ما حدث معها قد يكون نتيجة خلل أو عطل في جهاز العداد نفسه، قائلة: "ما ذنبي إذا كان جهاز العداد تالفًا أو فيه خلل؟ الأصل أن تتم الصيانة الدورية لتلك الأجهزة".
وتنتقد هبة طريقة تطبيق المخالفات بشكل فوري ودون مرونة، قائلة: "كان من الممكن بدل تقييد المركبة أو فرض غرامة، إيجاد صيغ أخرى أكثر إنسانية. افترض أنني لا أملك نقودًا كافية في تلك اللحظة، هل تبقى مركبتي مقيدة حتى أدفع؟".
غياب المرونة..
المواطن محمد نظام من نابلس يشتكي من تعرضه لمخالفة غير مبررة بعد وقوفه لفترة قصيرة بجانب أحد العدادات المدفوعة مسبقًا في أحد شوارع المدينة، مؤكدًا أن العطل الفني في الجهاز هو ما تسبب في تسجيل المخالفة ضده.
يروي نظام قصته قائلاً: "ركنت مركبتي بجانب أحد العدادات المدفوعة مسبقًا، ووضعت شيكلًا عن نصف ساعة، وبعد نحو 20 دقيقة فقط عدت لأجد بأن السيارة مقيدة".
تفاجأ محمد نظام مما جرى، وأجرى اتصالًا على الرقم المُرفق على العداد، فجاء أحد الموظفين التابعين للشركة المشغلة للعدادات، ليبلغه بأن "المدة المنتهية تجاوزت النصف ساعة"، وهو ما نفاه المواطن جملةً وتفصيلًا.
يقول محمد: "تبين لاحقًا أن العداد فيه خلل فني، ورغم ذلك رفض الموظف التفاهم أو إظهار أي ليونة، وأجبرني على دفع المخالفة حتى يتم فك التقييد عن السيارة".
ويؤكد محمد نظام أن ما حدث معه ليس حالة فردية، بل يعكس خللاً في النظام، سواء من حيث دقة العدادات أو أسلوب التعامل مع المواطنين، مطالبًا بمراجعة آليات تطبيق النظام وتوفير حلول عادلة في حال حدوث أعطال تقنية أو حتى في حال التأخر، بدلًا من تحميل المواطن كامل المسؤولية.
تنظيم مواقف السيارات لا يشكل مشكلة من حيث المبدأ
ويقول مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، د. عمار دويك، أن تنظيم مواقف السيارات عبر عدادات الدفع المسبق لا يشكل مشكلة من حيث المبدأ، خاصة في ظل ندرة المواقف والأزمة المرورية التي تشهدها المدن الفلسطينية.
ومع ذلك، يشدد دويك على أن تطبيق هذه الرسوم يعاني من إشكاليات قانونية وإجرائية تستدعي وضع إطار قانوني أكثر وضوحاً وشفافية لحماية حقوق المواطنين وضمان العدالة.
ويوضح دويك أن القانون الأساسي الفلسطيني ينص بوضوح على أن فرض أي رسوم أو ضرائب يجب أن يكون بموجب قانون تشريعي.
ويشير دويك إلى أن المحكمة العليا، بصفتها الدستورية، قد نظرت في طعن سابق متعلق بعدم قانونية عدادات الدفع المسبق، واعتبرت أن الإجراء لا يخالف الدستور في حينه.
ومع ذلك، يبدي دويك تحفظه على هذا القرار، مؤكداً أن الموضوع يحتاج إلى نص قانوني أوضح ينظم عملية فرض الرسوم ويحدد آليات تطبيقها بشكل دقيق.
إشكاليات عدة في التطبيق
ويشير دويك إلى إشكاليات عدة في التطبيق الحالي لنظام عدادات الدفع المسبق، منها وضع العدادات في مناطق قد تخالف قانون السير، مثل المفارق التي لا تراعي معايير السلامة المرورية.
وينتقد دويك إجراءات تقييد السيارات وإجبار المواطنين على الدفع الفوري دون منحهم الحق في الطعن أو التظلم.
ويشير دويك إلى أن المواطن قد يواجه ظروفاً خاصة، مثل عطل في العداد أو دفع مسبق لم يُسجل، دون وجود آلية واضحة لتقديم شكوى أو تظلم، مما يعيق حركته ويؤثر على حقوقه.
ويدعو دويك إلى وضع إطار قانوني مفصل ينظم هذا الموضوع، يتضمن آليات شفافة للتعاقد مع الشركات الخاصة التي تدير المواقف، ويضمن إجراءات عادلة للتظلم من قرارات تقييد أو حجز المركبات.
ويؤكد دويك على ضرورة مراعاة قانون السلامة على الطرق عند تحديد مواقع العدادات، لضمان عدم تعريض السائقين والمشاة للخطر.
ويشدد دويك على أهمية تعزيز الشفافية في إدارة هذا النظام، بما يحقق التوازن بين تنظيم المواقف وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
ويؤكد دويك أن تنظيم مواقف السيارات ضروري لمعالجة الأزمة المرورية، لكنه يتطلب نهجاً قانونياً وإجرائياً أكثر دقة يراعي حقوق المواطنين ويضمن تطبيقاً عادلاً وشفافاً، مع الإسراع في وضع تشريعات واضحة تلبي هذه الاحتياجات.
نظام الدفع المسبق يستند إلى أسس قانونية واضحة
من جانبه، يؤكد المستشار إسلام أبو زياد، الوكيل المساعد للإدارات المساندة في وزارة الحكم المحلي، أن فرض رسوم على مواقف السيارات بنظام الدفع المسبق يستند إلى أسس قانونية واضحة وفقاً لقانون الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 1997 وتعديلاته.
ويوضح أبو زياد أن هذه الرسوم تندرج ضمن صلاحيات الهيئات المحلية المنصوص عليها في القانون، مؤكداً أن النظام المنظم لها صدر بعد مشاورات موسعة مع الأطراف المعنية لضمان العدالة والشفافية.
ويشير أبو زياد إلى أن المادة (15) من قانون الهيئات المحلية تمنح المجالس المحلية صلاحية تنظيم ومراقبة مواقف مركبات النقل ضمن حدودها، بما في ذلك فرض رسوم أو غرامات، شريطة موافقة وزير الحكم المحلي. واستناداً إلى هذه الصلاحيات، أصدر الوزير حينها نظام مواقف المركبات في مناطق الهيئات المحلية رقم (3) لسنة 2017، المنشور في الوقائع الفلسطينية (العدد 134) بتاريخ 18-7-2017.
ووفق أبو زياد، يتضمن النظام أحكاماً تفصيلية لتنظيم المواقف العامة والخاصة، بما فيها مواقف عدادات الدفع المسبق، حيث نصت المادة (5) على تحديد رسوم هذه المواقف بثلاثة شواقل لكل ساعة.
جولات حوار مكثفة مع أطراف رئيسية
ويؤكد أبو زياد أن إصدار النظام جاء بعد جولات حوار مكثفة مع أطراف رئيسية، مثل وزارة النقل والمواصلات، والاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية، ونقابات النقل العام (الحافلات ومركبات النقل العمومي)، ونقابات مكاتب التاكسي، ومدارس تعليم السياقة.
ويؤكد أبو زياد أن هذه المشاورات راعت تحقيق التوازن بين مصالح جميع الأطراف، وخاصة المواطنين، من خلال ضمان أن تكون الرسوم عادلة ومنصفة.
ويوضح أبو زياد أن النظام يهدف إلى تنظيم المواقف بما يخفف من الفوضى المرورية ويوفر بيئة منظمة للمواطنين.
ويقول أبو زياد: "لقد راعى نظام مواقف المركبات ضمن مناطق الهيئات المحلية عند تحديد الرسوم تصنيفات الهيئات المحلية، ففي بلديات مراكز المحافظات الفلسطينية، تستوفي ما نسبته (%100) من الرسوم الوارده بالنظام، وضمن البلديات المشتركة والبلديات المنشأة قبل عام 1993م، فتستوفى ما نسبته (%80) من الرسوم. وضمن البلديات المستحدثة، فتستوفي ما نسبته (%65) من الرسوم. اما في كافة المجالس القروية، فتستوفى ما نسبته (%50) من الرسوم".
الرسوم تتماشى مع النظام الصادر منذ 8 سنوات
ويؤكد أبو زياد أن تعديل بعض البلديات لرسوم مواقف الدفع المسبق لتصبح ثلاثة شواقل مؤخراً، بعد أن كانت أقل، يتماشى مع النظام الصادر منذ ثماني سنوات.
ويشير أبو زياد إلى أن هذه التعديلات جاءت بناءً على قرارات مجالس الهيئات المحلية، التي تقدر احتياجاتها ومتطلباتها المحلية.
ويؤكد ابو زياد أن هناك هيئات محلية أخرى تطبق رسوم الثلاثة شواقل منذ إصدار النظام في 2017، مما يعكس الاتساق في التطبيق.
ويشدد أبو زياد على أن النظام يهدف إلى تعزيز التنظيم المروري ودعم الهيئات المحلية في تقديم خدمات أفضل، مع الحفاظ على العدالة في فرض الرسوم.
ويدعو أبو زياد إلى مواصلة الحوار مع المواطنين والأطراف المعنية لضمان تطبيق النظام بما يحقق المصلحة العامة ويخفف الأعباء عن كاهل المواطنين في ظل التحديات الاقتصادية.
خلط بين مفهومي "القرار" و"النظام"،
بدوره، يؤكد المستشار القانوني المحامي صلاح موسى أن قرار فرض رسوم على مواقف السيارات في الشوارع لعام 2017 هو "سقطة قانونية" تحتاج إلى مراجعة ومعالجة فورية، حيث أنه يخالف القانون الأساسي الفلسطيني ويتضمن مخالفات دستورية جسيمة، إذ إن الخلل القانوني في صياغة القرار وتطبيقه، داعياً إلى وقف العمل به فوراً لحماية حقوق المواطنين.
ويوضح موسى أن القرار، الصادر عن وزير الحكم المحلي عام 2017، تمت صياغته بشكل خاطئ، حيث خلط بين مفهومي "القرار" و"النظام"، في مخالفة واضحة للتدرج القانوني.
ويشير موسى إلى أن الوزير حينها أصدر نظاماً نيابة عن مجلس الوزراء، رغم أن القانون الأساسي المعدل لعام 2003 يحصر صلاحية إصدار الأنظمة في مجلس الوزراء حصراً، مما يجعل القرار باطلاً من الناحية القانونية، كما أن هذا الخلط غير المسبوق بين قرار ونظام في نص واحد يشكل سابقة قانونية تستوجب الوقف الفوري لتطبيقه.
ويستند موسى إلى المادة (15/ب) من قانون الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 1997، التي تمنح المجالس البلدية صلاحية وضع الأنظمة وتحديد الرسوم بموافقة الوزير، وليس إصدارها من الوزير مباشرة.
ويؤكد موسى أن دور الوزير يقتصر على الموافقة على الأنظمة التي تقترحها المجالس البلدية، وليس إصدارها أو نشرها.
إصدار الوزير للنظام يتجاوز صلاحياته القانونية
ويعتبر موسى أن إصدار الوزير للنظام يتجاوز صلاحياته القانونية، مما يجعل النظام باطلاً ويستوجب إلغاء آثاره، خاصة أنه ألغى خصوصية كل هيئة محلية في تقدير احتياجاتها الاقتصادية، وتجاهل الفوارق في الدخل بين مدن مثل جنين، الخليل، رام الله، ونابلس.
ويشير موسى إلى أن القانون الأساسي، وبالأخص المادة (70)، ينص على أن أي نظام يجب أن يصدر عن مجلس الوزراء، مما يجعل النظام الصادر عام 2017 مخالفاً لنص دستوري واضح.
ويستند موسى إلى المادة (88) من القانون الأساسي، التي تشترط أن تُفرض الرسوم أو الضرائب بموجب قانون تشريعي وليس بنظام إداري، مؤكداً أن الرسوم الحالية غير قانونية وباطلة، حيث يتم تسليم المواطنين وصولات دفع غير قانونية بدلاً من فواتير رسمية.
وينتقد موسى بشدة إجراءات مثل تقييد السيارات أو حجزها وفرض غرامات على المواطنين، معتبراً أنها تفتقر إلى أي أساس قانوني.
ويوضح موسى أن الهيئات المحلية وجدت بالنظام مسوغاً قانونياً لجمع الرسوم بصورة لا تتفق مع أحكام القانون، مما زاد من الأعباء المالية على المواطنين في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
ويؤكد موسى أن هذه الإجراءات تفتقر إلى الشفافية وقد تتيح لشركات القطاع الخاص، التي توكل إليها إدارة المواقف، التهرب الضريبي وفرض غرامات تعسفية، من خلال استخدام وصولات الدفع وليست فواتير ضريبية.
وقف العمل بالنظام لحين تعديل قانون الهيئات المحلية
ويدعو موسى وزير الحكم المحلي الحالي إلى إصدار قرار فوري بوقف العمل بالنظام لحين تعديل قانون الهيئات المحلية وإصدار نظام جديد يراعي خصوصية كل هيئة محلية ودخل سكانها.
ويوصي موسى بأن يصدر النظام من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب الهيئات المحلية، وفقاً للأصول القانونية، وفي حال عدم الاستجابة، فإنه يتم الطعن بالنظام أمام المحكمة الإدارية، مستنداً إلى المادة (20) من قانون المحاكم الإدارية الفلسطيني، الذي يتيح إمكانية الطعن في القرارات الإدارية المخالفة.
ويدعو موسى جمعيات حماية المستهلك ومؤسسات حقوق الإنسان لأخذ دورها بمتابعة هذا الملف من خلال مراسلة وزير الحكم المحلي ورئيس الوزراء والتكفل برفع قضايا حيثما لزم، لدفع الوزير نحو وقف هذا النظام من خلال التوجه للمحاكم المختصة، كما أن النص القانوني بهذا الشأن واضح، مما يتطلب من الحكومة وقفه.
ويؤكد موسى على ضرورة وقف القرارات والأنظمة المخالفة للقواعد القانونية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
مخالفة صريحة للقانون الأساسي
من جهته، يؤكد المستشار القانوني للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" المحامي بلال البرغوثي أن قرار فرض رسوم على مواقف السيارات في الشوارع بنظام الدفع المسبق يشكل مخالفة صريحة للقانون الأساسي، وصولاً إلى مخالفات دستورية جسيمة.
ويشدد البرغوثي على أن هذا القرار يتعارض مع قانون الهيئات المحلية لعام 1997، ويتجاوز الأطر الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي المعدل لعام 2003.
ويوضح البرغوثي أن المخالفة القانونية الأولى تتمثل في صدور قرار فرض الرسوم عام 2017 عن وزير الحكم المحلي، بينما ينص قانون الهيئات المحلية لعام 1997 بوضوح على أن إصدار الأنظمة المتعلقة بالهيئات المحلية يجب أن يكون من اختصاص مجالس الهيئات المحلية وليس الوزير.
ويعتبر البرغوثي أن هذا التجاوز يشكل انتهاكاً مباشراً للقانون، مما يجعل القرار غير شرعي من الناحية القانونية.
أما على الصعيد الدستوري، يحدد البرغوثي مخالفتين أساسيتين؛ الأولى تتعلق بالمادة 70 من القانون الأساسي المعدل لعام 2003، التي منحت صلاحية إصدار الأنظمة حصرياً لمجلس الوزراء، وليس لوزير الحكم المحلي.
مبدأ الهرمية التشريعية وقانون الهيئات المحلية
ويشير البرغوثي إلى أن قانون الهيئات المحلية، الصادر قبل القانون الأساسي، يخضع لمبدأ الهرمية التشريعية، حيث يعتبر القانون الأساسي الأعلى مرتبة، وبالتالي، كان يجب أن يصدر النظام عن مجلس الوزراء وليس عن الوزير، مما يشكل المخالفة الدستورية الأولى.
أما المخالفة الثانية، وفق البرغوثي، تتمثل في انتهاك المادة 88 من القانون الأساسي، التي تنص على أن فرض الرسوم أو الضرائب يجب أن يكون بموجب تشريع قانوني وليس بنظام إداري أو قرار وزاري.
ويؤكد البرغوثي أن هذا المبدأ، المتوافق مع المواثيق القانونية، يحظر فرض أي رسوم مالية إلا بنص قانوني واضح، مما يجعل النظام الحالي غير دستوري.
وحول معالجة هذه المخالفات، يدعو البرغوثي إلى الطعن في القرار أمام الجهات القضائية المختصة، سواء لمخالفته قانون الهيئات المحلية أو لعدم دستوريته، مطالبًا بوقف تنفيذ نظام رسوم الدفع المسبق لمواقف السيارات لحين تصحيح الوضع القانوني، حيث أن هذه الخطوة ضرورية لضمان احترام سيادة القانون وحماية حقوق المواطنين.
وفيما يتعلق بتأثير الرسوم على المواطنين، يشير البرغوثي إلى أنها تمثل عبئاً مالياً كبيراً يمس جيوب المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وينتقد البرغوثي غياب العدالة في فرض الرسوم، مشيراً إلى أن إدارة هذه المواقف غالباً ما توكل لشركات خاصة، مما يؤدي إلى إشكاليات كبيرة.
الشركات المشغلة غالباً ما تتجاوز صلاحياتها
ويوضح البرغوثي أن هذه الشركات، التي تتولى إدارة المواقف بموجب عقود مع الهيئات المحلية، غالباً ما تتجاوز صلاحياتها، حيث تفرض غرامات غير قانونية على المواطنين أو تتخذ إجراءات تعسفية بناءً على مخالفات مزعومة.
ويستند البرغوثي إلى شكاوى متكررة وصلت إلى الرأي العام، تؤكد تفرد هذه الشركات وغياب الرقابة الفعالة من الهيئات المحلية.
ويؤكد البرغوثي أن تلزيم إدارة المواقف للقطاع الخاص لا يعفي الهيئات المحلية من مسؤوليتها في ضمان تقديم الخدمة العامة بجودة عالية ووفق مبادئ المساءلة.
ويرى البرغوثي أن هناك ضعفا بمنظومة المتابعة والمراقبة من قبل الهيئات المحلية، معتبراً أن ذلك يتعارض مع مفهوم حسن أداء الخدمة العامة.
ويدعو البرغوثي إلى ضرورة إعادة النظر في هذه العقود وضمان أن تكون الرسوم عادلة ومتناسبة مع الخدمات المقدمة، مع مراعاة الفئات محدودة الدخل.
ويؤكد البرغوثي على أهمية احترام الإطار القانوني والدستوري في فرض الرسوم، وضرورة تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الخدمات العامة لتخفيف الأعباء عن المواطنين وضمان حقوقهم.
الرسوم تستند إلى نظام إداري وليس لقانون تشريعي
المحامية الفلسطينية نيفين أبو عبسة "هندية" تؤكد أن قرار فرض رسوم على مواقف السيارات في الشوارع، بنظام الدفع المسبق، يُعدّ مخالفة صريحة للقانون الأساسي الفلسطيني.
وتوضح أبو عبسة "هندية" أن هذا القرار يتعارض مع المادة 88 من القانون الأساسي الفلسطيني الصادر عن المجلس التشريعي، والتي تنص بوضوح على أن فرض أي رسوم مالية على المواطنين لا يجوز إلا بموجب قانون صادر عن الجهات التشريعية المختصة.
وتشير أبو عبسة إلى أن الرسوم المفروضة حالياً استندت إلى نظام إداري أصدره مجلس الوزراء عام 2017، وليس إلى قانون تشريعي، مما يجعلها تشوبها مخالفة دستورية واضحة.
وتؤكد أبو عبسة أن النظام، بصفته أداة تنظيمية تنفيذية، لا يملك الصلاحية القانونية لتفويض فرض رسوم مالية جديدة على المواطنين، وهو ما يستدعي إعادة النظر في شرعية هذا الإجراء بشكل عاجل.
وترى المحامية أبو عبسة أن معالجة هذا الخلل القانوني تكون من خلال الطعن في النظام أمام الجهات القضائية المختصة، مع المطالبة بوقف تطبيقه فوراً إلى حين تعديله أو إصداره بما يتماشى مع القانون الأساسي.
عبء مالي يومي على المواطنين
وتشدد أبو عبسة أن هذه الرسوم تُشكّل عبئاً مالياً يومياً على المواطنين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، مما يفاقم شعورهم بالاستغلال، خاصة في غياب تحسينات ملموسة في البنية التحتية أو الخدمات المقدمة.
وتوضح أبو عبسة أن التطبيق الحالي للرسوم بشأن عدادات المواقف يعاني من افتقار واضح للعدالة، سواء من حيث التوزيع الجغرافي أو غياب البدائل المناسبة، إلى جانب ضعف أنظمة الدفع الإلكترونية، مما أدى إلى تزايد شكاوى المواطنين.
وتؤكد أبو عبسة أنه، وعلى الرغم من أن المجالس المحلية تمتلك الحق في فرض رسوم وفق صلاحياتها القانونية، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الرسوم عادلة، متناسبة مع الخدمات المقدمة، ومراعية للفئات محدودة الدخل، مع ضرورة استنادها إلى أنظمة داخلية معتمدة تتماشى مع القانون الأساسي.
وتشدد أبو عبسة على أن الأحكام الواردة في النظام التي تتيح حجز المركبات أو فرض غرامات على المخالفين، تُعدّ مخالفة قانونية صريحة، حيث لا يجوز حجز مركبة إلا بموجب حكم قضائي، داعية إلى ضرورة إصلاح هذه السياسات لضمان حماية حقوق المواطنين وتطبيق العدالة، وكذلك مع أهمية احترام الإطار القانوني في فرض الرسوم.
شارك برأيك
العدادات تثير الجدل.. شركات خاصة تتولى الجباية.. "الدفع قبل حل الكلبشة"