أقلام وأراء
الأربعاء 16 أكتوبر 2024 9:34 صباحًا - بتوقيت القدس
لا تقتل!
"لا تقتل"، هي الوصية الخامسة التي تضعنا أمام الاحتمال اللاإنساني واللاأخلاقي بأن الإنسان يمكن أن يقرر إنهاء حياة أخيه الإنسان والقضاء عليه.
وبالتالي، نجد أنّ الوصايا العشر تشدّد على ضرورة أن نراعي محبة الله ومحبة القريب في كلّ ما نفعله ونقوم به من أعمال، وذلك لكي نسير على طريق الخلاص. هذا هو واقع الحال فيما يتعلق بالمسيحيّة وبكلّ مؤمن مسيحي، ولكن الأمر صحيح أيضاً فيما يتعلّق بالبشرية جمعاء، فالقتل لا يمكن أن يكون قانوناً أخلاقياً، بل يبقى جريمة نكراء.
الموت هو عكس الحياة. القتل هو عكس الحياة. إعطاء الحياة هو عكس أخذ الحياة. من لديه القدرة على إزهاق الأرواح؟ من يستطيع أن يقتل أبناء جنسه أو قام بالفعل بقتل أبناء جنسه؟ من يسمح لهذا العدد من القتلى أن يزداد يوماً بعد يوم، ومن يمتلك القدرة على وقت نزيف الدماء، ولكنه لا يحرّك ساكناً لفعل أي شيء؟ أعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة التي يطرحها الكثيرون في العالم على أنفسهم، واضحة ولا تحتاج إلى تفسير، لكن للأسف لا يتقدّم أحد للإجابة عنها بشجاعة. هذه أسئلة يطرحها كل ضمير حي يشعر بانعدام الحقيقة والعدالة. إن موت إنسان واحد هو حدث أليم، فما بالك بموت البشر الأبرياء والعزل! إنّه يؤلم أكثر من أيّ شيء. لا يمكن لصاحب الضمير الحي أن يفهم أو يستوعب الافتقار إلى التعاطف الإنساني، أو اللامبالاة التي تبقى بنظره غير إنسانية. الكراهية هي عكس الحب، والانتقام هو عكس المغفرة. من أين يأتي هذا القدر الهائل من الكراهية؟ ما الذي يدفع الرجل إلى جعل رجل آخر يعاني؟ يبدو أننا عاجزون عنوقف العنف الذي لا نجد له مثيلاً حتى في عالم الحيوان، لأننا نجد في عالم الحيوان الكثير من التضامن بين أبناء الفصيلة الواحدة.
تتواصل في الأرض المقدسة عمليات قتل المدنيين العزل، والعنف ينتشر وأعداد القتلى في لبنان والضفة الغربية وسوريا في ارتفاع، في حين أنّ الوفيات في غزة هي للأسف إحصائيات في عملية تزايد متواصلة دون توقف، وإن لم تعدْ للأسف تتصدر نشرات الأخبار. يعيش آلاف النازحين في خيام ويعانون المصاعب الجمّة، فآلاف الناجين يواجهون الجوع والعطش ويعانون من الحرارة والبرد الذي عاد بعد عام كامل على بدء المأساة.
المساعدات لا تصل، وإن وصلت فهي لا تسد الحاجة، ومع ذلك فما زالت محظورة. وأصبحت عملية إنقاذ الحياة مهمّة صعبة للغاية في ظلّ نقص الأدوية وزعزعة النظام الصحي في المستشفيات جراء استهدافها المتواصل. دفن الكثيرون تحت الأنقاض، والكثيرون غيرهم لم يدفنوا بعد بشكل مناسب. يتم زرع الموت والدمار، وتختفي حياة البشر، والمنازل، والطرقات، وأماكن دعم الجسد والروح، ويتم تدمير عجائب الطبيعة التي أعطاها الله للبشرية الجاحدة غير المسؤولة. الناس يقتلون ويدمرون أنفسهم من أجل المصلحة والسلطة. يتم ارتكاب جريمة القتل في ظلّ تجاهل تام وعدم اكتراث بالاحتياجات الأساسية لجارنا، ترتكب أعمال القتلدون مبالاة وفي ظلّ غيابأي إجراءات حاسمة لوقف الحرب، رغم وجود الإمكانيات لوقفها. كان الله رحيماً بقايين وغفر له وحماه من أولئك الذين أرادوا إيذائه.
إن عدم ارتكاب جرائم القتل لا يعني فقط التوقف عن دعم الحرب وعن إرسال السلاح، بل بوقف زرع القتل في الفكر والعقل أولاً، وبوقف مد الأطراف بالسلاح ثانياً. وهذا لن يحصل الا من خلال اعتماد نهج جديد يبدأ مع نعومة أظفار الأطفال في البيت والمدرسة والشارع، نهج يعتمد على زرع قيم المحبة والحق والعدل واحترام الإنسان بصفته عطية من الله تعالى ليس للإنسان فضل فيها. وبالطرف الآخر يتحقق ذلك من خلال التوقف عن خلق النزاعات لتصبح ميدانا لتسويق الأسلحة الجديدة الفتاكة والتي يصبح البشر الأبرياء حقل تجاربها. ولكن، وبعيداً عن هذا الحلم الوردي وهذه المثالية التي تتعارض مع نزعة الطمع والسلطة لدى بعض أسياد هذا العالم، فالطلب والحاجة الفورية الآن وعلى التوّ تكمن في العمل الحازم والجاد على وقف الحرب، وبعد ذلك نبحث في كيفية عدم تكرارها. كيف لهذا العالم المتحضر، الذي تتنافس دوله وتتباهى في إلغاء عقوبة الإعدام من دساتيرها، أن تفشل في وقف هذه الحرب؟ ألا يستحق الأبرياء دستوراً بشرياً كما الدستور الإلهي، بأن واهب الحياة هو وهو فقط صاحب الحق باسترجاعها؟ كفانا حرباً، كفانا إزهاقاً للأرواح البريئة، فشلال الدم هذا لن يحقق نصراً أو إنجازا سوى زيادة رصيد أسياده من وزر خطيئتهم وثقل ذنبهم أمام أنفسهم وأمام الناس، والأهم: أمام الله تعالى، الذي أوصانا ب: "لا تقتل"!
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترف الحوار تحت وطأة جريمتي الإبادة والتطهير العرقي
جمال زقوت
صوت الأذان سيصدح في كل مكان وكل زمان
حديث القدس
التكفيريون يضربون في سوريا تنفيذاً لتهديدات نتنياهو وأطماع أردوغان
وسام رفيدي
مصير وحدة الساحات بعد اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله
اللواء المتقاعد: أحمد عيسى
"تعزيز الفوضى واستدامة الاحتلال" مشروع الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط
مروان أميل طوباسي
أنقرة تنوب عن تل أبيب في الحرب على سوريا
راسم عبيدات
خطط الاستيطان في غزة واستمرار الإبادة
بهاء رحال
حتى لا يدفع الفلسطينيون ثمن التسويات في الإقليم
د. أحمد رفيق عوض
لسوريا ومع سوريا
حمادة فراعنة
ولا يُنبئك مثل خبير!
اعتراف من الداخل
حديث القدس
المكلومون
بهاء رحال
معركة المواجهة بين الهزيمة والانتصار
حمادة فراعنة
النموذج اللبناني.. وضوح الرؤية ووحدة القرار
د. دلال صائب عريقات
أهميـة المشـاركة في اتخاذ القـرار
أفنان نظير دروزه
غزة في خضم الحرب: إعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا
ياسـر منّاع
اقتراح مقدم للأخ الرئيس محمود عباس
المحامي زياد أبو زياد
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل العلاقات العامة: حقبة جديدة من الاتصال الذكي
بقلم: صدقي ابوضهير
أبرز التوجهات التقنية الاستراتيجية لعام 2025: نظرة مستقبلية
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
الصورة بكل الأوجاع!
ابراهيم ملحم
الأكثر تعليقاً
في حدث تاريخي: ملك النرويج يشارك في إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
ترمب يهدد "حماس" في حال لم تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين
اختتام فعالية تحكيم المرحلة الثالثة من مسابقة "ماراثون القراءة الفلسطيني الأول" في الخليل
المعارضة السورية تعلن السيطرة على وسط حلب والسلطات تغلق المطار
المواجهة في الشمال في الميزان.. جردة حساب لحصاد الإسناد
"وول ستريت جورنال": مصر تبحث مع تل أبيب إعادة فتح معبر رفح
ما الذي يجري في سوريا؟ ولماذا الآن؟.. ابحثوا عن المستفيد من عودة التصعيد!
الأكثر قراءة
حماس تعلن مقتل 33 أسيرا إسرائيليا وتوجه رسالة لنتنياهو
قصف مكثف للاحتلال على غزة وخان يونس يوقع 7 شهداء وعدد من الجرحى
"رويترز": السعودية تخلت عن التوصل إلى معاهدة دفاعية مع أميركا مقابل التطبيع مع إسرائيل
الاحتلال الإسرائيلي يغتال 4 شبان قرب جنين
بدء اجتماع حماس ومسؤولين مصريين في القاهرة
المرسوم الرئاسي.. حاجة دستورية أم مناكفة سياسية؟
هجوم هيئة تحرير الشام على حلب نسقته إدارة بايدن مع إسرائيل وتركيا
أسعار العملات
الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.64
شراء 3.63
دينار / شيكل
بيع 5.13
شراء 5.11
يورو / شيكل
بيع 3.83
شراء 3.8
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 171)
شارك برأيك
لا تقتل!