Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 15 مارس 2023 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس

العلاقات السعودية ــ الإيرانية والمتغيرات الدولية

بقلم:د. يوسف مكي
في العاشر من هذا الشهر، مارس/ آذار 2023، صدر بيان عن عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران في جمهورية الصين الشعبية التي لعبت دور الوسيط بين البلدين، وأشار البيان إلى أن المباحثات لتحقيق هذه الخطوة استمرت قرابة عامين، وأخذت مكانها في العراق وسلطنة عُمان.

وصف الإعلان عن عودة العلاقات بين السعودية وايران بالزلزال، وبالتحول الكبير، في مجرى الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط، وتبارى المراقبون والمحللون السياسيون في تفسير ما جرى، اعتماداً على ما هو متوفر من حقائق ومعطيات.

الحدث في ذاته، لم يكن مفاجئاً، فمنذ أكثر من عام والأنباء تتواتر عن لقاءات تجري بين ممثلين عن قيادة البلدين الجارين، وعن محاولات جادة، لتضييق شقة الخلافات بين المملكة والجمهورية الإسلامية. وعلى الرغم من عمق المسافة، وما بدا من استعصاء لحلول عملية للاختلافات بين البلدين، كونها تمس بشكل مباشر المصالح الخاصة والأمن القومي لكليهما، فإن التوصل إلى توافقات مشتركة حول تلك المسائل، لم يكن في خانة المستحيلات.

صحيح أن العلاقة بين المملكة وإيران اتسمت في الأغلب بالتوتر، منذ قيام الجمهورية الإسلامية، لكن ذلك لم يحل دون قيام علاقات طبيعية بينهما، بلغت أوجها أثناء تولي هاشمي رفسنجاني رئاسة الجمهورية، وأيضاً أثناء رئاستي أحمدي نجاد، وحسن روحاني. وقد سادت خلال تلك الفترة علاقة بين البلدين توصف في أقل تقدير بالجيدة. وحتى عندما بدت الخصومة جلية بين البلدين، بسبب جنوح السياسة الإيرانية للتوسع، شمال وجنوب المملكة، لم تتخل السياسة السعودية عن تمنياتها في أن تعود المياه لمجاريها، واحترام الجميع لمبدأ حسن الجوار، والاعتراف المتبادل بالمصالح الوطنية لمختلف الأطراف.

إذن، فليس هناك وجه غرابة في عودة العلاقة بين البلدين. هذا الاستنتاج يبدو طبيعياً وبدهياً، حين لا يوضع في الاعتبار المرحلة التي تمت بها، وطريقة الإعلان عنها، والعنصر الدولي الفاعل فيها.

فقد جاء الإعلان عن عودة هذه العلاقة، وسط توتر في العلاقة بين أمريكا وإيران، وتلويح إسرائيلي، بشن الحرب على طهران، لمنعها من حيازة التكنولوجيا النووية. وكانت دول الخليج العربية، وعلى رأسها السعودية، تعبر في العلن عن خشيتها من امتلاك إيران لأسلحة الدمار الشامل، وإنتاج السلاح النووي. ومن المستبعد أن تكون هذه المخاوف بعيدة عن أجواء المباحثات بين البلدين.

إن توقيت إعلان عودة العلاقة بين البلدين، هو موقف شجاع يحسب للقيادة السعودية، كونها اتخذت قراراً، هو من حقها السيادي الكامل، كدولة حرة مستقلة، ولكن الغرب، وعلى رأسه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لا تتعامل مع هذه الأمور، من منظور احترام الاستقلال والسيادة ومنطوق القانون الدولي؛ بل من خلال موقعها في الصراع بين الكبار؛ لذلك فإن الخطوة السعودية، في هذا السياق هي بمنزلة تأكيد صريح عن حق السيادة واستقلالية القرار.

ومما يضاعف من أهمية هذه الخطوة، أنها تأتي وسط احتدام الصراع بين الصين الشعبية، والولايات المتحدة، حول موضوع تايوان. وقد جاء الإعلان عن عودة العلاقة بين السعودية وإيران، في اليوم الذي توج فيه شي جين بينغ، رئيساً للصين لدورة رئاسية ثالثة، وأيضاً وسط اتهامات أمريكية متصاعدة للصين، بدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وتقديمها أسلحة فتاكة لها. وتدرك أمريكا ما تعنية الوساطة الصينية لعودة العلاقات بين السعودية وإيران.

الصين لا تكتفي بالتأكيد أن تايوان خط أحمر، وأنها جزء لا يتجزأ من أراضيها ومن أمنها القومي، وتعلن استعدادها لمواجهة أي تهديد أمريكي محتمل لأمنها؛ بل تذهب أبعد من ذلك بكثير. فهي تعمق علاقتها بالمياه الدافئة بالخليج، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية، البلد الذي يحتل مركز الصدارة في تصدير الطاقة النفطية؛ حيث جاء الرئيس الصيني والتقى مع القادة العرب، بالعاصمة الرياض، واتخذت العلاقات بين البلدين، منحى استراتيجياً، وتتوسط لعودة العلاقات بين الرياض وطهران، في وقت تتصاعد فيه حمى الحرب الباردة، بين الصين وروسيا من جهة، والغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى.

إن عودة العلاقة بين السعودية وإيران، هي أمر طبيعي، حين توضع في خانة العلاقات بين الدول، لكنها غير ذلك، حين توضع في ميزان التحولات الكبرى التي تجري على الساحة الدولية، والتي تشي بقرب انبثاق نظام دولي جديد، على أنقاض النظام الذي انبثق بعد الحرب الكونية الثانية، ووفق حقائق القوة الجديدة. بالاتفاق مع "الخليج"

دلالات

شارك برأيك

العلاقات السعودية ــ الإيرانية والمتغيرات الدولية

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)