تدخل الحرب على غزة عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية من فلسطين المحتلة، حيث يشهد الصراع مع حركة حزب الله اللبنانية تصعيداً لافتاً. ومع اشتداد المواجهات في كلتا الجبهتين، يبقى الوضع في لبنان مختلفًا عن غزة؛ فلبنان كدولة ذات سيادة يتمتع بقدرة نسبية على توفير الرعاية الغذائية والصحية للنازحين عن مناطق النزاع، بينما يواجه سكان غزة، وخاصة شمالها، حصارًا خانقًا وأوضاعًا إنسانية قاسية، إذ يُمارَس عليهم أقصى أنواع الضغوط من خلال القتل والاعتقال، في وقت يقف فيه المجتمع الدولي عاجزاً أمام هذا التصعيد الذي يُبرَّر بمكافحة الإرهاب.
في سياق هذه الضغوط، تتبنى إسرائيل خطة الجنرالات التي تهدف لإخلاء شمال غزة من سكانه الأصليين، حيث منحتهم مهلة للرحيل، معتبرةً من يبقى في هذه المناطق بعد المهلة "عدواً مقاتلاً" وهدفًا مشروعًا للاستهداف في حال عدم الاستسلام. وتترافق هذه الخطوة مع فرض حصار يهدف إلى تجويع السكان وحرمانهم من المياه والإمدادات الطبية، فيما يُنقل السكان النازحون إلى مناطق يُفترض أنها "آمنة"، مع توفير خدمات أساسية، حسب ادعاءات جيش الاحتلال. ومع ذلك، يبدي الفلسطينيون شكوكاً في مصداقية وفاعلية هذه المناطق، نظرًا لما شهدته من استهدافات عسكرية سابقة.
ويتجاهل الجيش الإسرائيلي في هذه الإجراءات اتفاقية جنيف، التي تؤكد أن إعطاء إنذار للمدنيين للفرار لا يسقط عنهم صفة الحماية بموجب القانون الدولي.
وفي إطار استشهاد يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة، والذي كان له دور محوري في إدارة سياسات الحركة. هذا الحدث أثار اهتمامًا واسعًا بشأن تداعياته على ديناميكية الصراع وقدرات حماس. قد يؤدي استشهاد السنوار إلى ارتباك مؤقت داخل حماس وإضعاف مؤقت لهيكلها العسكري، إلا أن الحركة سرعان ما أعادت ترتيب صفوفها، واستأنفت عملياتها العسكرية في المناطق التي أعلنت إسرائيل تطهيرها.
ورغم أن استشهاد السنوار قد يطرح تساؤلات حول إمكانية إنهاء الصراع، فإن المؤشرات الحالية لا تدعم هذا الاحتمال على المدى القريب. إذ غالبًا ما يؤدي مقتل القادة إلى ردود فعل قوية من الفصائل الفلسطينية، وقد تستهدف حماس وفصائل المقاومة الأخرى بشنّ هجمات انتقامية، مما يزيد الوضع تعقيداً ويجعل فرص التهدئة أكثر بُعدًا.
ورغم التصعيد المتوقع، قد تسعى بعض الأطراف الإقليمية والدولية إلى لعب دور في التوسط لوقف إطلاق النار، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية لوقف المعاناة الإنسانية في غزة. وتظل دول مثل مصر وقطر في موقع فاعل في هذا السياق، حيث لعبتا سابقًا أدوارًا رئيسية في إدارة النزاعات بين إسرائيل وحماس.
يبقى سكان غزة في مواجهة تحديات كبيرة نتيجة التصعيد العسكري والحصار الممتد. ومع استشهاد يحيى السنوار، تبرز تساؤلات حول مستقبل الصراع وإمكانية تحقيق تهدئة، في ظل تحليلات متباينة بين احتمالات التصعيد المتزايد أو بروز جهود دبلوماسية لتثبيت وقف إطلاق النار. يتطلب الوضع تحركًا دوليًا جادًا لحماية المدنيين ورفع المعاناة عنهم، ومنحهم فرصة للسلام والاستقرار ضمن رؤية تضمن دولة فلسطينية ذات سيادة.
شارك برأيك
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية