أقلام وأراء
الإثنين 06 مارس 2023 9:49 صباحًا - بتوقيت القدس
استراتيجيات جديدة وأهداف متعددة
بقلم: الأسير أسامة الأشقر
تدرك المستعمرة الصهيونية طبيعة المتغيرات الدولية والإقليمية وهي ما زالت تطور من استراتيجيتها المختلفة لضمان استمرار استعمارها وهيمنتها في المحيط العربي والإقليمي ، فمنذ ما قبل إقامتها تعمل المنظومة الاستعمارية ومن خلفها حلفائها الدوليين على تجديد ذاتها بأشكال وصور متنوعة.
وقد عايش الشعب العربي الفلسطيني منذ عقود طويلة مئات السياسات الاحتلالية البشعة والتي طورتها أجهزة الاحتلال السياسية والأمنية تباعا ففي سجون الاحتلال خبرنا عن قرب كيف تمارس إدارة سجونه إجراءاتها القمعية الممنهجة ضمن السياق الاستعماري والتي يجري دائما تحديثها وفقا للأهداف المرسومة مسبقا. وبتنا نرى هذه السياسات يتم تطبيقها على شكل اختبارات أو تجارب مخبرية ما تلبث أن تتحول لسياسة عامة داخل السجون والأرض المحتلة. وها هنا نرى انتقالها سريعا للإقليم وذلك لتحقيق أهداف دولة الكيان.
كانت المنظومة الاستعمارية تعتمد في بداية نشأتها على سياسة الحديد والنار والردع أي استخدام القوة المفرطة بهدف قمع الشعب العربي الفلسطيني والدول العربية المحيطة وقد استمرت هذه السياسة حتى وقت قريب وهي استراتيجية أدت لمئات المجازر البشعة بما في ذلك هدم آلاف المنازل والتهجير والاعتقال وغيرها الكثير من الجرائم الموثقة محليا ودوليا.
في السنة الأخيرة بتنا نرى تغيرا واضحا في الاستراتيجيات الصهيونية بحيث تعمل أجهزة الاحتلال الأمنية والعسكرية وفق استراتيجية جديدة لم يتم الكشف عنها حتى الآن ولكنها أصبحت مكشوفة للمراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني والصهيوني وهي تعمل وفق التكتيكات الجديدية التالية ففي سجون الاحتلال يتم تنويع العقوبات بأشكال وأدوات مختلفة فالإجراءات القمعية يتم تقسيمها على جرعات صغيرة متتالية ومتصاعدة وضمن سياق كامل من الإخضاع والسيطرة والتحكم وتأتي هذه الإجراءات متباينة من حيث الشدة والموقع بحيث تكون في سجن أشد وطأة منه في سجن آخر كي تبدو للوهلة الأولى أنها ردات فعل عشوائية وهي تستهدف أمرين أولا سهولة التنفيذ بما أنها محدودة التأثير وصغيرة والثانية عدم خلق ردود فعل كبيرة حتى من الأسرى أنفسهم فمن هو موجود في سجن آخر لا يشعر بهذا الإجراء أو ذاك وبالتالي هو لا يعترض وليس لديه دافع للاحتجاج على هذا الإجراء وينطبق هذا التوجه تماما على القدس والضفة الغربية المحتلة بحيث استخدمت أجهزة الاحتلال المختلفة ذات الاستراتيجيات، فهي لا تقوم بهدم المنازل وتشريد الأهالي وسحب الإقامات وطرد السكان دفعة واحدة بل تقوم بذلك وفق استراتيجية الحلول الصغيرة أو الجرعات المخففة كي لا تثير الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي وبذلك تفكك حالة التضمان وتتجنب أي ردود أفعال قد تسبب لها الإدانة أو الإحراج أمام حلفائها وأصدقائها الجدد " المطبعين".
كما وتبرز بشكل خاص تجربتي المقاومة الفلسطينية في نابلس وجنين حيث استخدم الاحتلال ذات الاستراتيجية ففي الأعوام 2002 و2003 قامت قوات الاحتلال بإعادة احتلال مدن الضفة الغربية واستخدمت الطائرات والدبابات والمجنزرات لنقل الجند وقد تزامن هذا الاجتياح مع إجراءات الإغلاق والاغتيال والاعتقال وشمل مختلف مدن الضفة الغربية في ذات الوقت، بينما قامت قوات الاحتلال في العامين الماضيين بذات الإجراءات وقتلت المئات وهدمت العشرات من البيوت واعتقلت الآلاف على طريقة الجراعات المخففة وإن حصل أن إحداها قد أوقعت عشرة شهداء ولكن بشكل عام هي تتخذ ذات الأسلوب الذي اطلقت عليه استراتيجية جز العشب أي العمل المتواصل المكثف للقضاء على البؤر المقاومة أولا بأول ودون خلق حالة من السخط العام وإن حصل في بعض الأحيان فهي قادرة على استيعاب ردود الأفعال.
حتى أنها تمارس ذات الاستراتيجيات خارج فلسطين فنرى العمليات المتواصلة داخل سوريا الشقيقية وعلى الحدود السورية العراقية وعلى مختلف المواقع داخل الإقليم بحيث تأتي هذه الضربات صغيرة ومحدودة ومتواصلة مما يحقق ذات الأهداف في كبح جماح أي محاولة إن كانت فلسطينية أوغيرها لخلق نوع من التحدي والمقاومة للمنظومة الاستعمارية .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
تقليص مساحة غزة وتهجير أهلها.. أخطر المخططات الإسرائيلية
حديث القدس
2024 عام الزلازل و2025 عام الهزات الارتدادية
راسم عبيدات
غزة.. بداية عام جديد والإبادة مستمرة
بهاء رحال
رغم المجاعة.. التكافل في غزة بـ"الرغيف"
ريما محمد زنادة
وكالة الغوث.. ومعركة نزع الشرعية
فتحي كليب
مهابةُ الفكرةِ وهيبةُ المسيرةِ
عام التحديات
حديث القدس
ستون عاماً من الثورة.. النصر آت ؟
د. فوزي علي السمهوري
توثيق التعذيب في فلسطين.. بين الأمل بالإنصاف والتحديات العملية
سماح جبر
معركة غير متكافئة
حمادة فراعنة
الحرديم ولماذا يرفضون قانون التجنيد؟ حرب أهلية مقبلة
إسماعيل المسلماني
تمر الأعوام وتبقى الآلام
حديث القدس
انكشاف المستعمرة وعريها
حمادة فراعنة
2024 عام الكارثة والبطولة.. 2025 عام الحسم
هاني المصري
نحن في حالة ضياع وتيه... والبداية من مخيم جنين
راسم عبيدات
حسام أبو صفية.. الطبيب يتحدى الإبادة
جمال زقوت
صناعة القائد في وسائل الإعلام.. بين التلميع والتضليل
د. أسامة ارميلات
تصعيد مرعب للجرائم الإسرائيلية الفظيعة
حديث القدس
لسان الحال والأحوال.. علقم يا وطن
إياد أبو روك
صباحُ الخَيْر يا غزَّة
بهاء رحال
الأكثر تعليقاً
بهدوء.. أسئلة وأجوبة!
إسرائيل ترفض تزويد السلطة الفلسطينية بالسلاح لدعم عملية جنين
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
النداء الأخير من المحرقة...صرخة أنس تقرع جدران الخزان
مقتل الصحفية شذى الصباغ في جنين.. دعوات لتحقيق مستقل وشفاف تشارك فيه جميع الأطراف
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
الأكثر قراءة
نيويورك تايمز: وراء تفكيك حزب الله عقود من الاستخبارات الإسرائيلية
هآرتس: اختفاء غزيين كانوا معتقلين لدى الجيش الإسرائيلي
مقتل الصحفية شذى الصباغ في جنين.. دعوات لتحقيق مستقل وشفاف تشارك فيه جميع الأطراف
مفاوضات الصفقة.. المحتجزون يُلدغون من جُحر نتنياهو عشر مرات!
القسام تقتل 5 جنود إسرائيليين من المسافة صفر في مخيم جباليا
إعلام عبري: تأكيد إصابة نتنياهو بسرطان البروستاتا
2025 عام التحولات وسقوط الأقنعة والسرديات.. تحديات خطيرة تُحدّق بالقضية الفلسطينية
أسعار العملات
الأربعاء 01 يناير 2025 2:37 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.79
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 335)
شارك برأيك
استراتيجيات جديدة وأهداف متعددة