فلسطين
الخميس 02 يناير 2025 8:26 صباحًا - بتوقيت القدس
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
القدس - خاص بـ "القدس" والقدس دوت كوم
المحامي مهند جبارة: 3 محاور رئيسية يتم تداولها داخل الدوائر الرسمية الإسرائيلية لاستغلال "قانون أملاك الغائبين" بشكل خطير
المحامي محمد دحلة: تفعيل قانون أملاك الغائبين في القدس له تداعيات خطيرة على احتياطي الأراضي المخصصة للبناء الفلسطيني
خليل التفكجي: الاحتلال يستغل قانون أملاك الغائبين للسيطرة على الأراضي التي لم تُسجل ملكيتها رسمياً ما يُحولها إلى أملاك دولة
المحامي محمد عليان: القانون يطبق بشكل متعسف.. وتدخّل حارس أملاك الغائبين أصبح يمتد إلى كافة المعاملات اليومية للمقدسيين
زكريا عودة: تفعيل القانون يرتبط بخطط إسرائيلية أكبر تهدف لتهويد القدس وتوسيع الأحياء الاستيطانية وربطها بمستوطنات الضفة
المهندس فؤاد الدقاق: مثلث القوانين الغامض أدوات مركزية في استهداف أراضي المقدسيين وتغيير التركيبة الديموغرافية للقدس
لم تدخر سلطات الاحتلال طريقة أو فرصة، أو قانوناً أو ثغرة في قانون، إلا واستعانت بها للاستيلاء على أملاك الفلسطينيين المقيمين أو الغائبين، أو حتى الميتين، تنفيذاً لمخططات توسعية واستيطانية، تخدم مشروعها السياسي الأكبر والأشمل في حسم الصراع لصالحها والسيطرة على كامل أرض فلسطين.
وكثيراً ما كانت تلجأ إلى تعديل القوانين الخاصة بالممتلكات التي تطبقها بحيث تقلص من فرص استفادة المواطن الفلسطيني منها إلى الحد الأدنى، وتزيد من فرص السيطرة عليها من قبل دولة الاحتلال أو الجماعات الاستيطانية.
ثمة قوانين ترتبط بإعلان قيام دولة إٍسرائيل في العام 1948، ففي 24 حزيران/ يونيو 1948 سنت الحكومة الإسرائيلية مرسوم الأملاك المتروكة للسيطرة على ممتلكات الفلسطينيين الذين طُرِدوا أو هربوا بسبب القتال. وفي تموز/ يوليو 1948، أُنشِئت اللجنة الوزارية لشؤون الأملاك المتروكة إلى جانب "حارس" الأملاك المتروكة، الأمر الذي سمح للدولة بترتيب استخدام اليهود للأرض.
وفي 14 آذار/ مارس 1950، اعتمد الكنيست الإسرائيلي قانون أملاك الغائبين الذي كان نسخة معدّلة عن أنظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين. و"الغائب" مصطلح يسمح للحكومة الإسرائيلية بمصادرة الأراضي وغيرها من الممتلكات التي تعود لأي شخص يقيم في الأراضي الإسرائيلية المحتلة إنما ترك منزله وسافر حتى ولو ليوم واحد إلى مكان آخر داخل الأراضي التي تحتلها إسرائيل.
وفي الآونة الأخيرة، باتت إسرائيل كمن يسابق الزمن من أجل تجريد المقدسيين ما تبقى من أراضٍ بحوزتهم، تنفيذاً لمخطط الحسم الديمغرافي والسياسي في القدس، مستفيدة من معطيات تتعلق بتفتت الملكيات، ووجود بعض الورثة حتى لو كان شخصاً واحداً ليعطي سلطات الاحتلال وضع اليد على العقار، سواء كان أرضاً أو مبنى من قبل ما يسمى "حارس أملاك الغائبين". ومن أجل تحقق أقصى تضييق على المقدسيين لجأت إلى ربط كافة المعاملات اليومية للمقدسيين بقانون "أملاك الغائبين".
تكثيف إجراءات التسوية العقارية
وقال الخبير في شؤون التنظيم والبناء في القدس المحامي مهند جبارة لـ"ے"، إنه في ضوء ما تم تداوله مؤخرًا بشأن الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى السيطرة على ممتلكات فلسطينية في القدس الشرقية عبر "قانون أملاك الغائبين"، يجدر التنويه إلى أن وضعية "أملاك الغائبين" هي وضعية قانونية تُحدد بناءً على شروط صارمة يحددها هذا القانون، ولا يمكن لأية حكومة أو جهة رسمية إسرائيلية فرض هذه الوضعية إلا في حال استيفاء جميع الشروط القانونية اللازمة لتصنيف أي عقار ضمن أملاك الغائبين.
وأضاف جبارة : "في الآونة الأخيرة، برزت ثلاثة محاور رئيسية يتم تداولها داخل الدوائر الرسمية الإسرائيلية لاستغلال هذا القانون بشكل خطير. أولاً، إجراءات التسوية العقارية حيث شهدت القدس الشرقية، خاصة في أحياء مثل بيت حنينا، والشيخ جراح، وأم طوبا، تكثيفًا في إجراءات التسوية العقارية. ويقوم حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي والقيّم العام بدور بارز في هذه الإجراءات.
وقال جبارة: إذا قدم أي فلسطيني مستندات ملكية لتثبيت حقوقه في عقار معين، يتم فحص حالة "الغياب" من قبل حارس أملاك الغائبين. وفي حال استنتج وجود "حالة غياب"، يطالب بتسجيل العقار باسمه كمالك.
وأضاف: في حال امتناع الفلسطينيين عن تقديم الأدلة الكافية لإثبات ملكيتهم أثناء إجراءات التسوية، يدعي القيم العام ملكية الدولة لأي عقار لم يُثبت أحد ملكيته.
إحالة تراخيص البناء إلى حارس أملاك الغائبين
وقال جبارة : أما المحور الثاني، فهو متطلبات بلدية القدس لفتح أي ملف ترخيص حيث فرضت البلدية شرطًا جديدًا يتطلب تحويل ملفات الملكية لأي طلب ترخيص بناء في القدس الشرقية إلى حارس أملاك الغائبين لمراجعة الوضع القانوني للعقار.
وأضاف جبارة: إذا اعتبر الحارس العقار جزءًا من أملاك الغائبين، فإن الطلب يُرفض ولا يُفتح ملف الترخيص ويعتبر أرضه في عداد أملاك الغائبين.
أما المحور الثالث، حسب جبارة، فهو السيطرة على أراضٍ فلسطينية داخل الجدار الفاصل، حيث تسعى إسرائيل لوضع يدها على أراضٍ فلسطينية تم ضمها الى داخل القدس وإسرائيل بفعل بناء الجدار الفاصل، بحجة أن أصحاب هذه الأراضي يعيشون في الضفة الغربية أو في دول عربية.
وأوضح المحامي جبارة: يأتي هذا السعي رغم وجود سوابق قانونية إسرائيلية سابقة أكدت أنه لا يمكن اعتبار هذه الأراضي ضمن أملاك الغائبين إلا في حالات استثنائية جدًا وبمصادقة المستشار القضائي للحكومة.
أداة إضافية للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين
من جانبه، قال المحامي محمد دحلة، المختص في الشؤون القانونية، لـ"القدس"، إن تفعيل قانون أملاك الغائبين في مدينة القدس سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على احتياطي الأراضي المخصصة للبناء لصالح الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن هذا القانون يُعد أداة إضافية في يد إسرائيل للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين تحت غطاء قانوني.
وأوضح دحلة أن قانون أملاك الغائبين يتعامل مع أصحاب الأرض الأصليين على أنهم "غائبون" لمجرد عدم وجودهم في الوطن أثناء حرب عام 1967. واعتبر أن الهدف الحقيقي وراء هذا القانون هو تنفيذ سياسة التطهير العرقي والاستيلاء على مزيد من الأراضي لتخصيصها كاحتياطي جديد للمستوطنات في القدس الشرقية.
وأضاف: "إن هذه المؤسسة الحكومية الإسرائيلية التي تدير ما يُسمى "أملاك الغائبين" تدخل في نزاعات داخل العائلات الفلسطينية، مدعية أن أحد أفراد العائلة مقيم خارج البلاد، مما يتيح لها مصادرة الأرض.
وشدد دحلة على أن قانون أملاك الغائبين يتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي، الذي يلزم أي قوة احتلال بالحفاظ على ممتلكات السكان الواقعين تحت الاحتلال.
وبيّن أن إسرائيل تستخدم هذا القانون ليس لحماية الممتلكات، بل للاستيلاء عليها، مشيرًا إلى أن هذه السياسة مستمرة منذ نكبة عام 1948، حيث استُخدم القانون للاستيلاء على أملاك الفلسطينيين في الداخل، بما في ذلك الأراضي التي كانت تضم أكثر من 500 قرية ومدينة.
احتياط من الأراضي لبناء المستوطنات
وأوضح دحلة أن إسرائيل، بعد أن استنفدت وسائلها الأخرى مثل قانون "المصادرة المباشرة للأغراض العامة"، لجأت إلى قانون أملاك الغائبين للاستيلاء على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في القدس.
وأكد أن الأراضي المصادرة في القدس شكلت احتياطيًا رئيسيًا لبناء المستوطنات التي يسكنها اليوم حوالي 300 ألف مستوطن.
وأشار إلى أن الظروف السياسية الحالية تُعتبر مناسبة للحكومة الإسرائيلية لتفعيل القانون بكثافة أكبر، ما يهدد الفلسطينيين بمزيد من الخسائر في أراضيهم وممتلكاتهم.
وأكد على ضرورة التصدي لهذه السياسة القديمة المتجددة، سواء عبر العمل المحلي أو الدولي، لإيقاف الحكومة الإسرائيلية وبلدية الاحتلال عن الاستمرار في السيطرة على ما تبقى من أراضي الفلسطينيين.
واعتبر المحامي دحلة أن التحرك الجاد مطلوب لمنع المزيد من السلب والنهب الممنهج تحت ستار قوانين تهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني في مدينة القدس.
أداة لاستكمال السيطرة على الأرض في القدس
بدوره، قال خليل التفكجي، خبير الخرائط والمختص في شؤون الاستيطان، لـ"القدس"، إن قانون أملاك الغائبين يُعد جزءًا من السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى السيطرة الكاملة على الأرض في القدس، بعدما فرضت إسرائيل سيادتها وأمرها الواقع على المدينة.
وأشار إلى أن الاحتلال استخدم سلسلة من القوانين مثل قانون المصلحة العامة وقانون التنظيم والبناء، مما أدى إلى وضع نحو 87% من مساحة القدس تحت سيطرته.
وأوضح التفكجي في حديثه لـ "القدس" أن تفعيل قانون أملاك الغائبين يأتي بعد أكثر من 50 عامًا على الاحتلال، في وقت انتقلت فيه ملكية الأراضي بين الأجيال، ما أدى إلى وجود نسبة كبيرة من الورثة المقيمين خارج البلاد. وهذا الواقع يمنح إسرائيل فرصة لاستغلال القانون للسيطرة على المزيد من الأراضي.
وأشار إلى أن العديد من الأراضي في القدس لم تُجرَ عليها تسويات ملكية، ما يجعلها تُصنف كأملاك ضريبية تعود ملكيتها تاريخيًا إلى الأجداد. ومع تناقلها بين الأجيال، تبرز إشكالية غياب الوثائق الرسمية لإثبات الملكية. هذا الأمر ينطبق على مناطق مثل العيساوية، والطور، وجبل المكبر، وصور باهر، وسلوان، حيث يفتقر السكان إلى "الحجج الرسمية"، أي أوراق الطابو التي تثبت ملكيتهم للأرض.
وجود ورثة يعيشون خارج البلاد يعقد الأمر
وأكد التفكجي أن الاحتلال يستغل قانون أملاك الغائبين للسيطرة على الأراضي التي لم تُسجل ملكيتها رسميًا، مما يُحولها إلى أملاك دولة. وفي حال أثبت السكان ملكيتهم، فإن وجود ورثة يعيشون خارج البلاد يعقد الأمر، حيث تُصنف الأرض ضمن أملاك الغائبين.
وأوضح أن الأخطر هو الوضع داخل البلدة القديمة من القدس، حيث إن أكثر من 40% من الأملاك هناك تُعتبر أملاكًا خاصة. ومع وجود عدد كبير من أصحاب هذه الأملاك في الخارج، فإن حارس أملاك الغائبين يتدخل لفرض سيطرته الكاملة عليها، مما يؤدي إلى تقليص المساحات المتبقية للفلسطينيين.
وأشار التفكجي إلى أن نسبة الأراضي التي ما زالت بيد الفلسطينيين في القدس لا تتجاوز 13%. ومع تدخل حارس أملاك الغائبين، تُنقل هذه الأملاك تدريجيًا إلى السيطرة الإسرائيلية، مما يُكمل مشروع السيطرة الجغرافية الشاملة على المدينة.
وأكد التفكجي أن إسرائيل ماضية في خطوات متسارعة نحو إنهاء قضية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.
أداة إسرائيلية جديدة لإحكام السيطرة على أملاك المقدسيين
من جهته اعتبر المحامي محمد عليان، المتخصص في قضايا الأراضي في القدس، في حديث لـ"ے"، أن قانون أملاك الغائبين يُعد من القوانين الغريبة التي تفتقر إلى المنطقين القانوني والشرعي.
وأوضح أن هذا القانون يُمكن السلطات الإسرائيلية من مصادرة أملاك الفلسطينيين في القدس إذا لم يكونوا موجودين فيها خلال فترة الجرد الإسرائيلي عقب احتلال القدس عام 1967، حتى لو كان غيابهم لبضع ساعات فقط أو تواجدوا في قرى قريبة داخل الأراضي الفلسطينية.
وأشار عليان إلى أن القانون يُطبق بشكل متعسف، حيث يُعتبر كل من لم يكن في عقاره وقت الجرد "غائبًا" حتى يثبت عكس ذلك، ما يضع أعباءً قانونية إضافية على أصحاب الأراضي.
وأوضح عليان أن تدخل حارس أملاك الغائبين أصبح يمتد إلى كافة المعاملات اليومية للمقدسيين، بما في ذلك طلبات رخص البناء، ومعاملات تسوية الأراضي، والإفلاس أو التعسر المالي.
وأكد أن أيّ معاملة تُقدم إلى لجان التنظيم والبناء المحلية أو اللوائية تُحال إلى حارس أملاك الغائبين للحصول على موافقته، حتى وإن كانت مجرد رخصة بناء، بالرغم من أن هذه الرخص لا تمنح حقوق الملكية.
وأضاف: "إن الكثير من المقدسيين يُفاجأون بأن أحد أفراد عائلتهم، كجد أو عم، يُعتبر "غائبًا" وفق القانون، ما يدفع حارس أملاك الغائبين للتدخل واعتبار نفسه شريكًا في الأرض".
منع المواطنين من التصرف بحرية في ممتلكاتهم
وأوضح أن هذا التدخل يُعقّد الأمور ويمنع المواطنين من التصرف بحرية في ممتلكاتهم، ما يؤدي إلى إحجام العديد من المقدسيين عن التقدم بطلبات للحصول على رخص بناء، خشية التعرض لمصادرة أراضيهم.
ونوه عليان إلى حادثة في منطقة صور باهر، حيث تقدم أصحاب بناء مخالف بمساحة 50 مترًا مربعًا بطلب ترخيص، ليُفاجأوا بأن الأرض تُعتبر ملكًا للغائبين بسبب غياب أحد أفراد العائلة خلال فترة معينة. وأدى ذلك إلى إصدار أمر إخلاء من حارس أملاك الغائبين ومصادرة الأرض البالغة مساحتها ثلاثة دونمات.
وأشار أيضًا إلى تطبيق هذه السياسة في مناطق عدة مثل بيت حنينا، وشعفاط، وجبل المكبر، وبيت صفافا، حيث يُطلب من المواطنين الحصول على موافقة حارس أملاك الغائبين قبل استكمال أي معاملة مع بلدية القدس.
وختم عليان حديثه لـ"القدس" بالتأكيد على أن هذه السياسات تعكس محاولة جديدة للاستيلاء على أملاك المقدسيين عبر أدوات قانونية ظاهرها الشرعية، لكنها تُستخدم كأداة للاحتلال والسيطرة على مدينة القدس.
أداة "قانونية" للسيطرة على الممتلكات الفلسطينية
وقال زكريا عودة المدير التنفيذي للائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس لـ"القدس"، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منذ احتلالها القدس الشرقية عام 1967 تطبيق "قانون أملاك الغائبين" الصادر عام 1950، مستخدمة إياه أداة قانونية للسيطرة على الممتلكات الفلسطينية، خصوصًا تلك التي تعود لسكان الضفة الغربية أو الخارج.
واشار إلى أنه في السنوات الأولى للاحتلال، ورغم إصدار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مئير شمغار قرارًا يقضي بعدم تطبيق القانون على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن التنفيذ الفعلي بدأ عام 1978 بناءً على تعليمات وزير العدل شموئيل تمير وبدعم وزير الزراعة آنذاك، أريئيل شارون.
وأكد أنه منذ ذلك الوقت، توسعت سلطات الاحتلال في استخدام القانون لاعتبار الفلسطينيين "غائبين"، خصوصًا أولئك الذين يعيشون خارج حدود بلدية القدس أو في الدول العربية والأجنبية، ما يعني إمكانية مصادرة أملاكهم لصالح ما يُعرف بـ"حارس أملاك الغائبين".
وذكر انه من بين العقارات التي جرى السيطرة عليها تحت غطاء القانون: فندق شبرد في حي الشيخ جراح، وفندق الأقواس السبعة في الطور، وجزء من فندق الأمباسادور في الشيخ جراح، ومنازل في سلوان والبلدة القديمة، إضافة إلى عقارات أخرى مثل منزل والد أسامة بن لادن والقنصلية السعودية.
ولفت عودة إلى أنه مع بناء الجدار الفاصل، فرض الاحتلال قيودًا جديدة على وصول الفلسطينيين إلى ممتلكاتهم الزراعية والعقارية داخل حدود بلدية القدس، ما أدى إلى تصنيفهم "غائبين" بحكم عدم قدرتهم على التواجد في ممتلكاتهم.
الجمعيات الاستيطانية تنشط في استخدام القانون
وقال: "رغم الطعون المقدمة من الفلسطينيين، يتبع النظام القضائي الإسرائيلي سياسة متذبذبة، حيث أبقت بعض الأحكام على حقوق الفلسطينيين بينما أكدت أخرى تطبيق القانون بشكل صارم. قضايا مثل قضية دقاق وأبو زهرية لا تزال قيد الاستئناف ولم يُبت فيها نهائيًا، ما يبرز استمرارية النزاع القانوني بشأن هذه السياسة.
وأكد عودة أن الجمعيات الاستيطانية نشطت في استخدام القانون للسيطرة على عشرات العقارات في البلدة القديمة وسلوان، بتواطؤ واضح مع حارس أملاك الغائبين، الذي اكتفى بتقديم شهادات مشفوعة بالقسم لتسهيل نقل الملكية.
وإشار إلى أن تفعيل القانون يرتبط بخطط إسرائيلية أكبر تهدف إلى تهويد القدس، مثل توسيع الأحياء الاستيطانية وربطها بمستوطنات الضفة الغربية، وفصل الأحياء العربية المقدسية عن محيطها الفلسطيني.
ويري عودة أن استمرار تطبيق هذا القانون يهدد أكثر من 65% من العقارات الفلسطينية في القدس، ويزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، خصوصًا مع دعم حكومات إسرائيل المتعاقبة لهذا النهج التوسعي.
وأكد عودة أن تطبيق "قانون أملاك الغائبين"يبقى أداة رئيسية في استراتيجيات الاحتلال لتهويد القدس وتغيير طابعها الديموغرافي والجغرافي، وسط استمرار الصمت الدولي وضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه السياسات.
شح في الأراضي وتعقيدات في تراخيص البناء
من جهته، حذر المهندس والمستشار المقدسي فؤاد الدقاق في حديث لـ"القدس"، من مخاطر "مثلث القوانين الغامض"، الذي يشمل قانون الطوارئ، وقانون أملاك الغائبين، وقانون التسوية، على مستقبل القدس العربية.
وأكد الدقاق أن هذه القوانين تستهدف سلب أراضي المقدسيين وتسجيلها كأراضٍ تابعة لدولة إسرائيل، ما يؤدي إلى تغيير التركيبة الديموغرافية لمدينة القدس والمقدسيين.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي في ظل شح الأراضي وغياب ملكيات واضحة، بالإضافة إلى التعقيدات الكبيرة في تراخيص البناء وارتفاع تكلفتها.
وشدد على أن أية محاولة من المواطن المقدسي لتحصيل حقوقه ستواجه حتماً بالفشل، حيث تعمل جهات فاعلة على إغلاق أي ثغرات قانونية قد يستفيد منها المواطن، عبر إصدار قوانين جديدة معدلة.
وفيما يتعلق بمستقبل القوانين الإسرائيلية، تساءل الدقاق: "إذا تحقق التطبيع الكامل مع الدول المحيطة بإسرائيل وضمنت الدولة أمنها، هل ستقوم بإلغاء قانون الطوارئ وما يترتب عليه من إلغاء تطبيق قانون أملاك الغائبين؟"
وأكد الدقاق ان القوانين الإسرائيلية الثلاثة: قانون الطوارئ، قانون أملاك الغائبين، وقانون تسوية الأراضي، تمثل أدوات مركزية في عملية استهداف أراضي المقدسيين وتغيير التركيبة الديموغرافية للقدس الشرقية منذ احتلالها عام 1967.
"غائبون" حتى لو كانوا في الضفة وغزة
وأشار إلى أن "الغائب"، حسب القانون هو أن كل مواطن كان خارج حدود دولة إسرائيل اعتباراً من 29 نوفمبر 1947، حتى لو كان مالكاً قانونياً لعقار داخل حدود الدولة. بعد احتلال القدس الشرقية عام 1967. توسع تطبيق هذا القانون ليشمل أملاك سكان الضفة الغربية وقطاع غزة في القدس، ما حولهم إلى "غائبين" رغم قربهم الجغرافي.
وأضاف: الدولة استخدمت مفردات لغوية مختلفة في تعريف حدود دولة إسرائيل، فتارة تستخدم "أرض إسرائيل"، و تارة "حدود دولة إسرائيل " وتارة تستخدم " إسرائيل التوارتية "، ناهيك عن إستخدام مسميات مثل "الحاضر الغائب " واستخدام مسمى "السيادة"، وجميعها مفردات تعطي المشرع آليات فضفاضة لتطبيق مآربه التوسعية.
وأوضح الدقاق أنه وبالرغم من توقيع اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل عام 1994، إلا أن قضية أملاك الأردنيين في القدس لم تُعالج، حيث يُعتبر الشخص الذي كان يحمل جوازاً أردنياً عام 1967 "غائباً"، حتى وإن حصل على جنسية أخرى بعد ذلك التاريخ. العبء القانوني لإثبات العكس يقع على المالك، ما يجعل استرداد الحقوق شبه مستحيل.
وبخصوص قانون تسوية الأراضي، قال الدقاق لقد بدأت محاولات تسوية الأراضي الفلسطينية في عهد الدولة العثمانية (1858)، واستمرت في عهد الانتداب البريطاني (1928) والحكم الأردني (1948-1967)، لكن لم تُستكمل. بعد احتلال 1967، أعادت إسرائيل تفعيل مشروع تسوية الأراضي، ولكنه لم يكن بريئاً. الهدف الظاهري كان تثبيت الملكية، بينما الهدف الحقيقي كان تمكين إسرائيل من السيطرة على أراضٍ واسعة.
"الغياب" وفشل المقدسيين في إثبات ملكيتهم لأراضيهم
وأشار إلى أن عنصر "الغياب" لعب دوراً محورياً في فشل المقدسيين في إثبات ملكيتهم لأراضيهم، إذ ارتبطت إجراءات الترخيص بمكتب حارس أملاك الغائبين، ما أدى إلى شلل شبه كامل في تراخيص البناء في القدس.
وتطرق الى قرارات استراتيجية لتغيير طابع القدس وهي :
القرار الأول: ضم القدس الشرقية بعد احتلالها، وتوسيع حدودها بنحو 70 كيلومتراً مربعاً لتشمل مناطق مثل أم طوبا جنوباً وكفر عقب شمالاً، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
القرار الثاني: تفعيل مشروع تسوية الأراضي لتمكين السيطرة الإسرائيلية على أراضي القدس.
القرار الثالث: ربط تراخيص البناء بإثبات الملكية لدى حارس أملاك الغائبين، ما أدى إلى تعقيد الحصول على التراخيص.
وختم الدقاق بالتأكيد على ضرورة تدخل أممي لحماية القدس وضمان الحفاظ على حقوق سكانها العرب ومقدساتها.
دلالات
محمد قبل 2 أيام
والمثل بقول حاميها حراميها
فلسطيني قبل 3 أيام
واين دور السلطة واين دور منظمات حقوق الانسان واين المحامين واخيرا اين دور الاردن الذي كنا تابعين له قبل السبعة وستين واين الجارة مصر ذات الملايين من البشر والقدرات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
ارتفاع قيمة ضريبة المغادرة عبر معبر الكرامة
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
الأكثر قراءة
"سرايا القدس": إنقاذ أسير إسرائيلي حاول الانتحار
نواب في الكنيست يطالبون "كاتس" بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
شهادات جديدة لعدد من معتقلي غزة في سجن "النقب"
القبض على "عزرائيل" سجن صيدنايا في سوريا
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
أسعار العملات
السّبت 04 يناير 2025 10:26 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 345)
شارك برأيك
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين