أقلام وأراء
الخميس 02 يناير 2025 8:58 صباحًا - بتوقيت القدس
رغم المجاعة.. التكافل في غزة بـ"الرغيف"
رغم الظروف الصعبة التي تعصف بقطاع غزة إلا أن يد التكافل فيما بينهم تحاول قدر المستطاع أن تخفف حدة الجوع، ولو كان التصدق برغيف واحد.
قد يرى البعض أنه شيء قليل، لكن بالنسبة لأهل غزة فإنه شيء كبير جداً، خاصة بعد فقدان الطحين وارتفاع أسعاره بأرقام غير معقولة. وفي كثير من الأحيان يكون ثمنه استشهاد الأب الذي يحاول مراراً وتكراراً أن يخاطر بنفسه من أجل حفنة طحين لأطفاله الجوعى، فتكون له صواريخ الاحتلال بالمرصاد.
ومع ذلك، فلا زالت صورة التكافل بين أبناء غزة عملًا بقول النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ".
هذا دفع سالم الذي وعد أطفاله بشراء بعض الكيلوات من الطحين أن يقدمه تكافلاً للأيتام، رغم أن كل الذي حصل عليه هو ثلاثة كيلوغرامات فقط. ورغم أنه أخبر أطفاله وزوجته قبل الخروج من خيمته أنه سيعود بشيء من الطحين، الأمر الذي أشاع جواً من الفرحة بينهم، فالطحين يعني أنهم سيأكلون خبزاً هذا اليوم.
وبالفعل، فقد استطاع شراء رطل منه، الأمر الذي جعله يسرع بخطواته حتى يعود به لأطفاله، لكن في طريق العودة كانت امرأة برفقة أطفالها الأيتام الذين ارتسمت عليهم علامات الجوع بشكل واضح.
أخبرته أن أبناءها لم يأكلوا منذ أيام إلا الشيء اليسير جداً فما كان منه وبدون أدنى تردد أن يعطيها الطحين.
رجع مرة أخرى إلى البائع لعله يجد شيئاً، لكن المفاجأة كانت أن الكمية نفدت، الأمر الذي أحزن قلبه في طريق عودته لأطفاله الذين ينتظرون الطحين بلهفة كبيرة.
الذي كان يطمئن قلبه أن الله -تعالى- لن يضيع أجره، حيث قدم قوت أطفاله للأيتام، وبالفعل كان العوض سريعاً، فقد كان صديقه ينتظره بفارغ الصبر؛ ليخبره بأن الله -تعالى- رزقه كيس طحين، وبمجرد حصوله عليه لم يخطر في باله إلا صديقه سالم بأن يعيطه منه عشر كيلوات.
هذا الأمر أسعد سالم الذي ظهرت عليه ملامح الفرح مثل فرحة أطفاله، حينما عاد إليهم وهو يحمل عشر كيلوغرامات من الطحين بدلاً من ثلاثة.
أما ابتسام، فكانت لا تقبل أن تأكل رغيف خبز إلا وتعطي الرغيف الآخر لغيرها، حتى وإن كان كل الذي تملكه رغيفان.
وإذا كان لديها طحين، فلا بد أن تقتسمه كذلك تكافلاً مع غيرها، وفي كثير من الأحيان تعطي كل ما تملك، رغم قلته لغيرها، فكانت تجد بركة في ذلك بأن يعوضها الله الرزاق خيراً مما أعطت.
المواطن حمد الذي كان يسكن جنوب قطاع غزة حيث مدينة رفح الصامدة الصابرة، اضطر للنزوح القسري إلى مكان أخر انعدمت فيه أدنى مقومات الحياة لشهور، فلا طعام يؤكل ولا ماء يروي.
وإن توفر القليل من الطعام فالأسعار غالية جداً بحيث تسمح للإنسان الغزي مجرد التفكير بالشراء، فالأشياء ارتفعت أسعارها أضعافاً كثيرة يصعب تقبلها على العقل الجائع الفقير.
بكاء الأبناء والأحفاد والجوع الذي كان يمزق أمعاءهم جعل حمد لا يفكر إلا في وسيلة واحدة من أجل إحضار كيس من الطحين، أو حتى حفنة منه أو أي شيء يسكت وجعه، وهو ينظر إلى فلذات كبده وأطفالهم يتضورون من الجوع الذي أنهك أجسادهم وجعل أوزانهم تنخفض كثيراً.
كان يعلم مسبقاً خطر الخطوة التي سيقدم عليها، فالأمر ستكون مقابله روحه، ورغم ذلك، لم يفكر في النجاة بنفسه بقدر ما صب تفكيره في العودة إلى بيته حيث الركام فوق كيس طحين كان قد أحضره سابقاً، ولم يستطع أخذه معه في نزوحه الأخير.
بالفعل نجح في الحصول عليه، لكنه لم يفلح في إكمال خطواته بالعودة إلى أحفاده الصغار، فقد كانت صواريخ الاحتلال له بالمرصاد، فاختلط دمه الأحمر الطاهر بالطحين الأبيض.
لم يكن المواطن حمد وحده من دفع هذا الثمن الباهظ، فقد فعلها الكثير غيره، رغم ادراكهم للخطر، ومنهم الشاب علاء الذي كانت تؤلمه أصوات بكاء أطفال إخوته من الجوع الشديد.
فكانت محاولته لإحضار كيس طحين ثمنها غالٍ جداً دفعه، حينما رصدته طائرات الاحتلال وأصابته إصابة مباشرة أدت إلى استشهاده.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
الشخصيات الافتراضية بالذكاء الاصطناعي: استثمار Meta في مستقبل التفاعل الرقمي
بقلم : صدقي ابوضهير / باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
الذكاء الاصطناعي: الأمل التكنولوجي في مواجهة الاحتلال
بقلم عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
د. اياد البرغوثي
النقابة لا النيابة!
ابراهيم ملحم
خلق الذرائع لمواصلة الفظائع
حديث القدس
لنمتلك شجاعة الاعتذار حتى نَجِد لأنفسنا مكاناً تحت الشمس
مروان أميل طوباسي
جنين.. دروس الماضي وأمل الحوار
المحامي محمد هادية
مخيم جنين .. نقطة تحول في المشهد الفلسطيني والشرق الأوسط
علاء كنعان
شباب غزة ومنظمة التحرير.. استعادة البوصلة الوطنية في زمن الارتباك
جواد العقاد
الدور التفاعلي لمناهج الدراسات الاجتماعية في المخيمات الشتوية
سارة محمد الشماس
تقليص مساحة غزة وتهجير أهلها.. أخطر المخططات الإسرائيلية
حديث القدس
2024 عام الزلازل و2025 عام الهزات الارتدادية
راسم عبيدات
غزة.. بداية عام جديد والإبادة مستمرة
بهاء رحال
وكالة الغوث.. ومعركة نزع الشرعية
فتحي كليب
مهابةُ الفكرةِ وهيبةُ المسيرةِ
عام التحديات
حديث القدس
ستون عاماً من الثورة.. النصر آت ؟
د. فوزي علي السمهوري
توثيق التعذيب في فلسطين.. بين الأمل بالإنصاف والتحديات العملية
سماح جبر
معركة غير متكافئة
حمادة فراعنة
الحرديم ولماذا يرفضون قانون التجنيد؟ حرب أهلية مقبلة
إسماعيل المسلماني
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية بحادث عرضي في مخيم جنين
نادي الأسير: المخاطر على مصير د.حسام ابو صفية تتضاعف
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
الأكثر قراءة
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
نواب في الكنيست يطالبون "كاتس" بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة
شهادات جديدة لعدد من معتقلي غزة في سجن "النقب"
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
القبض على "عزرائيل" سجن صيدنايا في سوريا
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
أسعار العملات
السّبت 04 يناير 2025 10:26 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 345)
شارك برأيك
رغم المجاعة.. التكافل في غزة بـ"الرغيف"