Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 03 مارس 2023 11:14 صباحًا - بتوقيت القدس

المقاومة الفردية.. حكايات البطل العادي

بقلم:مختار خواجة


لطالما ارتبطت القيادة الفلسطينية بالقادة التاريخيين، وبالقادة المميزين، كانت الجموع تنتظر قائدا ذا كاريزما خاصة ثم تنطلق الجموع وراءه، هكذا كانت القصة دائما منذ التحدي القديم مع الفلسطينيين، منذ صلاح الدين الأيوبي الذي أطفأت شهرته نور الدين محمود ووالده عماد الدين زنكي، بل وحتى عم صلاح الدين نفسه أسد الدين شيركوه، والأمر تكرر مجددا، فعبد القادر الحسيني، والقاوقجي، وعطا الزير، وجمجوم، وغيرهم من الأبطال المتفردين طغت شهرتهم على المئات من الأبطال الذين كانوا يحيطون بهم.

على أي حال، دشنت انتفاضة البوابات والجموع الغفيرة حقبة جديدة من الأبطال المغمورين، الأبطال الذين قد يموت بعضهم من دون أن نعرفه، الأبطال ذوي السير العادية الذين لا يستطيع أحد حتى التكهن بإمكانية تحولهم لأبطال، لا يحملون أفكارا ضخمة، ولا تثقل أكتافهم المشاريع الطويلة الأمد، ولا تحمل قلوبهم أملا طويلا بالتحرير.

لم يجلسوا في حلقات نقاشية، ولا مجالس الوعظ، ولم ينضموا لفصائل، ربما لا يعرفون سوى علم فلسطين، والكوفية، بعضهم ملتح، وبعضهم حليق، ربما لا يشكل التدين أيضا جزءا كبيرا من حياتهم، لكنهم يدركون بصورة ما أن الشهيد لأجل فلسطين سيدخل الجنة. هذه البساطة في التفكير، والحرية في التنفيذ، وعدم التقيد بأطر تنظيمية من أي نوع يربك إسرائيل كثيرا، يجعلها تحسب حسابا لكل شيء.

هبّة البوابات كانت تتويجا لأنماط من التحركات المقاومة، لكن هبّة البوابات التي لم تنتظر تحرك الفصائل، ولم تتوقف طويلا عند الشعارات المرفوعة، أثبتت كفاءة الشعب الفلسطيني في التحرك المباشر، التحرك الواضح الهدف، الذي لا يحتاج إلى كثير من التنظير الحركي، والتفريق بين المكاسب ودرجة متانتها، وما إن كانت هشة أو صلبة.

وعلى أي حال، فالشارع الفلسطيني لا يحتاج إلى أسباب للتحرك، لكن الفارق هو أخذ زمام المبادرة، فبدلا من انتظار كلام المقاومة عن الرد الفوري، أو التأكيد على الوحدة الوطنية التي ظلت الفصائل والسلطة تتحدث عنها من دون اهتمام بالواقع القائم، بل كان الطرفان أسيري حساباتهما، فسقطت الوحدة الوطنية بينهما، هنا لم يعد الشارع ينتظر الفصائل.

إنه بالضبط شيء يشبه إيمان العجائز، البسيط، الواضح، الذي أشرق في قلوب المتكلمين عند احتضارهم فقالوا: نموت على عقيدة العجائز، واليوم يشرق إيمان العوام في قلوبهم، فيتحركون، ويتجهون للهدف، يخطئون الوسيلة، يفتقرون إلى التخطيط، يجازفون، يدفع آخرون الثمن، لكن يتجهون للهدف مباشرة.

فلسطين -لكثير من الفلسطينيين- مشكلة شخصية، من الفلسطيني الذي لم تهجر عائلته من قريتها الأصلية؟ من الفلسطيني الذي لم تتشتت عائلته الممتدة في المنافي؟ من الفلسطيني الذي لم يستشهد أمامه شخص عزيز لديه؟ أو يمر بتجربة الاعتقال والتفتيش والإذلال في الحواجز الإسرائيلية المختلفة؟ من الفلسطيني -الغزاوي أو الضفاوي- الذي لم يتعذب نفسيا وهو يعمل في فلسطين التاريخية بتصريح، وربما لا يتقاضى أجره؟ ويدرك في أعماق نفسه أن المكان الذي يعمل فيه قد يكون ملكا في الأصل لجده أو أحد أقاربه؟

هي في حدها الأدنى مشكلة كرامة شخصية، وفي مداها الأقصى كرامة إنسانية أهدرت على عتبات الأقصى مرارا وتكرارا، وهذه ورطة إسرائيل التي لم تفطن لها، أخطأ بن غوريون كثيرا عندما اعتقد أن الكبار يموتون، والصغار ينسون، ذاكرة الشعوب لا تنسى بسهولة، والأرض لا تنسى بسهولة، ولو حاول الفلسطينيون النسيان، فإن الناس تذكرهم، والكل يذكرهم؛ ففي أي نقاش سيذكّر الآخرون الفلسطينيين بأنهم بلا وطن، وهذا الإحساس مختزن في نفوس الفلسطينيين.

لا أعرف شعبا في العالم يغني أغاني وطنية في أعراسه سوى الفلسطينيين، فكأنهم يذكرون أنفسهم بأن الفرح ليس هنا، إنما في جبال النار، ومرج ابن عامر، وشواطئ عكا، فالأعراس مؤجلة حتى يعود الفلسطينيون إلى هناك، وترجع تقسيماتهم القديمة قيس ويمن، وحضر وفلاحون وبدو؛ حينها يشعرون أنهم شعب طبيعي كبقية شعوب الأرض.

ما نسيه بن غوريون أن العربي يحتفظ بشجرة عائلة ذهنية، يعرف بها من أين جاء؟ وإلى أين سيذهب؟ ومن سيصاهر؟ وعلى أي أساس؟ هذا لوحده يكفي ليبقى الفلسطيني متذكرا أنه جاء من كفر برا أو إجزم أو كفر راعي أو.. أو.. أو.

وهكذا إذن، ندخل حقبة جديدة في هذا الصراع، وحتى حل الصراع، سيبقى الزيتون شامخا، والشمس تشرق، وموج البحر يصطدم بشواطئ عكا، ويعود منكسرا، والمآذن تصدح بالتكبير، والطرق القديمة يسير الناس فيها، أصحابها يعرفونها، ويحفظونها، والغرباء يتوجسون قلقين، لا يدرون متى يعود اللاجئون، وتُغسل أحزان المنفيين. عن "الجزيرة نت"

دلالات

شارك برأيك

المقاومة الفردية.. حكايات البطل العادي

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)