أقلام وأراء

الخميس 23 فبراير 2023 10:53 صباحًا - بتوقيت القدس

حتى أنت يا بومبيو!

بقلم: فتحي أحمد*

يحكى أنّه في فترة ضعف الإمبراطورية الرومانية كان ثمّة تململ شعبوي داخل الإمبراطورية من اجل النهوض بها في ظل وجود الفساد وترهل المؤسسات وغزو البرابرة المتكرر لتخوم الدولة الرومانية، التي انقسمت بعد مقتل يوليوس قيصر إلى إمبراطوريتين، فالطعنة التي تلقاها يوليوس هي من أشد الطعنات التي أثرت فيه جسديًا ونفسيًا، فكان بروتس تلميذ القيصر ومدللًا كثيرًا عنده، فبعدما تلقى القيصر سبع وعشرين طعنة في كل أجزاء جسده كانت الضربة القاتلة هي التي تلقاها من تلميذه الذي قال بعدها جملته المشهورة "حتى أنت يا بروتس" التي أصبحت بعد ذلك التاريخ مضربًا للخيانة والغدر، وفي هذا المقام لا نقول إنّ جاك بومبيو وزير الخارجية الأمريكية السابق منزلًا ونصيرًا للقضية الفلسطينية أو فلسطينيًا أكثر من الفلسطينيين ولكن كان عليه أن يحافظ على وضعه القيادي عندما كان وزيرًا للخارجية الأمريكية كشخصٍ محايدٍ رغم ما يكنّه من عداءٍ للشعب الفلسطيني، وما يحمله من فكر توراتي مُتصلّب، وحتى بعد تنحيه عنها قد صرّح تصريحًا كان بمثابة الصاعقة هو: "إنّ الدولة العبرية صاحبة حقوق توراتية بالأرض، وبالتالي فهي لا تحتلها فمن خلال قراءتي للكتاب المقدس منذ أكثر من 3000 عام، وبصفتي مسيحيًا إنجيليًا(هذه الأرض هي الوطن الشرعي لليهود)".

الشعب الفلسطيني ينتظر لحظة الخلاص

مرّت العقود السبع الماضية ثقيلة على الشعب الفلسطيني الذي كان كعادته في انتظار الفرج من هنا أو هناك، وما زال ثمة بصيص أملٍ يأتي من الولايات المتحدة الأمريكية، فرغم تلكؤ القيادة الأمريكية في طرح القضية الفلسطينية بشكل قوي، وعقد مؤتمر من شأنه إرغام إسرائيل للإذعان على قبول حل الدولتين وخارطة الطريق والورقة العربية لتسوية القضية، ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تلعب في الوقت كما تفعل إسرائيل، فثمّة خط واحد تسير عليه كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال وهو تصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من محتواها، وهذا هو الواضح وعبر سلسلة مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية كان للولايات المتحدة الأمريكية وجهة نظر قريبة لحد بعيد للطرح الإسرائيلي، وهو الأمن، ومن هنا نفهم سياسة الغطرسة الأمريكية ضد توسيع المستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي ومع حل الدولتين، فهذه التصريحات ما هي إلا تنفيس عن الاحتقان الذي يجثم على صدور الشعب الفلسطيني كما للولايات المتحدة مصالح عند العرب تحاول أن تبقي شعرة معاوية ولا تقطعها.


أمريكيا المراوغة
وليس مفاجئًا أن يختفي الفلسطينيون المتفائلون بالحلّ الأميركي الذين كانوا يطالبون بحل القضية الفلسطينية وإقامة دولتهم على حدود 67 في ظل الرعاية الأميركية المتمثلة في طرح حل الدولتين. لقد جعلهم السلوك الأميركي يلحسون آثار خطاهم كما يُقال. لقد تبخرت أوهامهم منذ أن جرّب الفلسطينيون وعود الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فبات البحث عن بديل هو الخيار السليم، فقد كانت زيارة الرئيس محمود عباس الأخيرة لروسيا هي من أجل تبني القضية الفلسطينية بعدما تبخرت طروحات الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تعد اليوم لها تأثير أو تحقيق فعلي على الأرض.


الأمريكو صهيوني والزواج الكاثوليكي
ليس غريبًا مما صرّح به جاك بومبيو وزير الخارجية السابق في عهد دونالد ترامب وهو يقول عن نفسه مسيحيًا إنجيليًا، لا بد من التذكير هنا، بأن الكثيرين من أتباع الكنيسة الإنجيلية يعتقدون أن من واجبهم تشجيع اليهود على الانتقال من البلدان التي يعيشون فيها إلى الأرض الموعودة، إذ يعتبر أعضاء الكنيسة الإنجيلية من أشد المتحمسين لنصرة ومساندة الكيان الإسرائيلي، ويرفضون أيّ تنازل عن أي شبر لفائدة الفلسطينيين، ويعرف الإنجيليون بـ"المسيحيين الصهاينة"، لدعمهم المشروع الصهيوني؛ نظرًا لوجود العديد من التقاطعات بين مساعي الجانبين، وإن من منطلقات عقدية/ أيديولوجية مختلفة يؤمن الإنجيليون بأن قيام دولة "إسرائيل" يأتي وفقًا لتعاليم الإنجيل.


ويبقى دعم أيّ رئيس أمريكي لمطلب إسرائيل أمرًا مهمًا بغض النظر عن كيفية إدارة مثل هذه التغييرات السياسية في العالم العربي التي لم تستقر يوماً ما، فهي كغيوم شباط متقلبة مرة ماطرة وأخرى مشمسة، فهو اتفاق مقدس للطرفين لما فيه من مصالح مشتركة بين الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، والعكس صحيح، ومن هنا نفهم بأنّ إسرائيل هي دولة وظيفية لها حقوق وعليها واجبات مناطة بها، وفي المقابل نلاحظ تصريحات كلّ الرؤساء الأمريكيين المتعلقة بأمن دولة الاحتلال، فكيف يبنى الأمن أو كيف تمّ التفاهم عليه في ظل تخلي الكيان عن حقوق الشعب الفلسطيني؟


إنّ الرهان على الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة التعنت الإسرائيلي وهمٌ لا طائل منه، وخصوصًا اليوم بعد صعود اليمين المتطرف سدة الحكم، فهو مجرد وهم ما دام هنالك متصهينون جدد وإنجيليون وغيرهم في مساعيها لفرض الهيمنة على الفلسطينيين خاصة والعرب عامة.


موجز القول ومن يرصد طبيعة الخطاب الإعلامي الأمريكي عن القضية الفلسطينية لا يجد صعوبة في تفكيك عناصر هذا الخطاب المأزوم فهو مع دولة الكيان قلبًا وقالبًا.

*كاتب فلسطيني

دلالات

شارك برأيك

حتى أنت يا بومبيو!

المزيد في أقلام وأراء

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 76)

القدس حالة الطقس