Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 16 فبراير 2023 10:44 صباحًا - بتوقيت القدس

في صيرورة إسرائيل الحالية

بقلم: انطوان شلحت

شهدنا في الفترة القليلة الفائتة، وخصوصًا بعد ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت يوم 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، إعلان بعض كتّاب الأعمدة الصحافية اليهود اعتزال الكتابة، على خلفيات عديدة أبرزها يأسهم من الإيمان بأن الكلمة يمكنها أن تُحدث أي تغيير في الواقع الإسرائيلي الآخذ بالتغوّل والتوحش. وبرز من بينهم الكاتب الروائي يتسحاق بن نير الذي دأب على مدار العقد الفائت على كتابة مقال أسبوعي في صحيفة معاريف.

وسبق لبن نير أن نشر، في 1986، رواية من جانر الديستوبيا بعنوان "ملائكة قادمون"، توقع فيها أن تخضع إسرائيل، في قادم الأيام، إلى سيطرة اليهود الحريديم المتشدّدين دينيًا، وأن يتخذ هؤلاء إجراءات مناهضة لكل مظاهر الحداثة والتطوّر التقني، وأن يُخضعوا كل مجالات الحياة إلى نمط تفكيرهم الدينيّ الأصولي.

واستذكر بن نير، في سياق مقاله الوداعي لقرّائه الذي نشره أخيرا، من ضمن أمور أخرى، أن نتائج الانتخابات العامة التي جرت في إسرائيل عام 1977 وأسفرت عن سقوط حزب المعراخ، وهو سليل حزب مباي المؤسّس لإسرائيل، والذي حمل لاحقًا اسم حزب العمل، وما زال يحمله، وصعود حزب الليكود إلى سدّة الحكم، انطوت على أول مؤشّرات ما يصفه بأنه "تغيير جماهير الشعب في إسرائيل" بعد نحو ثلاثة عقود على إقامتها، وأعاد إلى الأذهان مقولة أحد قادة الحزب المؤسّس، وفيها: "إذا كان الشعب صوّت في الانتخابات على هذا النحو، فينبغي لنا أن نستبدل الشعب". ويؤكّد بن نير أنه منذ ذلك العام، قبل أكثر من 45 عامًا، انضافت على تغيرّ جماهير الشعب تغيّرات أخرى، أوصلت إسرائيل إلى صيرورتها الحالية التي يصفها بأنها قومية متطرّفة أقرب إلى الفاشية.

بطبيعة الحال، يتوقف بن نير، باعتباره كاتبًا علمانيًا وليبراليًا، عند احتلال 1967، فيقرأ كيفية تأثيره في تلك التغيّرات، إنما من دون أن يعود إلى ما سبقه من تمهيدٍ له يرتبط بالحركة الصهيونية ومشروعها الأساسي. ولن يستصعب قارئه استشعار مبلغ حنقه على ما يمكن نعته بـ "سرقة" هذا المشروع، ولا سيما من قوىً لم تقف، قبل احتلال 1967 وقبل انتخابات 1977، في صلبه، بل بقيت على هامشه، سواء بقرارٍ مسبقٍ منها أو بالرغم عنها.

عند هذا الحدّ، ربما يتعيّن القول إن اعترافات بن نير هذه في ما يمكن اعتبارها بمثابة وثيقة اعتزال الكتابة الصحافية تشكّل دالًا بليغًا على تناقضات الصهيونية، والتي فيها ما يفسّر أيضًا الصراع الداخلي الدائر حاليًا في إسرائيل منذ انتهاء الانتخابات، وصار إلى تفاقم مع تأليف حكومة نتنياهو السادسة في أواخر العام المنصرم. ولا شك في أنه صراع مُركّب وتتداخل فيه تصدعات إثنية وطبقية واجتماعية وأيديولوجية، وليس مبالغة القول إنه قد يكون مُرشّحًا للتصعيد. وحتى في حال هدوئه، ستظلّ دوافعه راسية في عمق المجتمع الإسرائيلي.

ولا بُدّ من الإشارة هنا إلى أن المفكر العربي عزمي بشارة توقف منذ عقود عند مجموعة من التناقضات الداخلية التي تعصف بإسرائيل والحركة الصهيونية وتوقّع صيرورتها الحاليّة ذات النزعة اليمينية الدينية الاستيطانية، والتي يعود سببها الرئيس إلى تحوّل الحركة الصهيونية إلى أسيرة مشروع ديني، ينفي عنها صفتها التنويرية والعلمانية التي حملتها في خطابها، وذلك في ضوء استقرائه ما تشتمل عليه التغيّرات الديمغرافية والاجتماعية من تحوّلاتٍ بلغت المرحلة الحالية التي تتسم أكثر شيء بانتقال السلطة الإسرائيلية إلى فئاتٍ لم تكن جزءًا من النخبة المؤسسة، بل أكثر من ذلك كان بعضها إما مناهضًا للصهيونية كما هي حال اليهود الحريديم، أو عمل بعضها الآخر على هامشها على غرار الصهيونية الدينية، أو هاجر بعضها الثالث إلى إسرائيل بعد إقامتها من جانب تلك النخبة الصهيونية، مثل اليهود العرب أو الشرقيين الذين باتوا يشكلون الغالبية العظمى من قاعدة حزب الليكود الحاكم.

عن "العربي الجديد"

دلالات

شارك برأيك

في صيرورة إسرائيل الحالية

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 90)