أقلام وأراء
الإثنين 21 أكتوبر 2024 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس
تشويه صورة الشهيد: حرب الوعي الإسرائيلية
ياسر منّاع – باحث في برنامج الدراسات الإسرائيلية / جامعة بيرزيت
مع استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، تزايدت الروايات والتكهنات التي تهدف إلى تشويه صورته كقائد مقاوم. بين ادعاءات انتحاره والحديث عن تفاصيل شخصية لا علاقة لها بالقضية، مثل ثمن حقيبة زوجته التي ظهرت في مقطع فيديو بثه الجيش الإسرائيلي، تتضح معالم حرب نفسية ممنهجة تهدف إلى تقويض رمزية الشهيد الفلسطيني بشكل عام. هذه الحملة في حالة الشهيد السنوار، التي كانت تسعى إلى تحقيق تفوق إعلامي واستخباراتي لإسرائيل، انتهت إلى نتيجة معاكسة لما أُريد لها، وأثبتت مرة أخرى أن صور القادة الشهداء قد تتحول إلى أيقونات بطولة ورموز للصمود.
يُعد استهداف الرموز جزءًا من الاستراتيجية الإسرائيلية التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام، سواء الفلسطيني أو الدولي. الروايات التي تم تداولها حول ظروف استشهاد يحيى السنوار، والتي وصلت إلى حد الادعاء بانتحاره، تندرج ضمن محاولات النيل من رمزيته. الهدف من هذه الادعاءات ليس فقط النيل من صورته كقائد مقاوم، بل هو جزء من الحرب النفسية الأوسع التي تسعى إلى إضعاف ثقة الجمهور الفلسطيني في قياداته المقاومة. حتى التفاصيل الثانوية، مثل التركيز على حقيبة زوجته، تأتي في إطار استراتيجية تهدف إلى صرف الانتباه عن القضايا الأهم وحرب الإبادة.
لا يمكن فهم هذه الحملات الإعلامية بعيدًا عن السياق الأوسع للحرب النفسية التي تشنها إسرائيل منذ سنوات في إطار منظم ومدروس. من الجدير ذكره، أنه في عام 2018، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن إنشاء "قسم الوعي" داخل الجيش الإسرائيلي، وهو قسم يركز على توجيه النشاطات الإعلامية والتواصل مع الرأي العام في الدول الأجنبية، وكذلك التأثير على العدو من خلال المعلومات المضللة والدعاية. الهدف الأساسي لهذا القسم هو التأثير على العدو وجماهيره من خلال عمليات نفسية مدروسة تعتمد على استغلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
هذا التطور في الحرب النفسية يأتي كجزء من استراتيجية إسرائيلية شاملة تسعى إلى كسب معركة "الوعي" من خلال التأثير على المفاهيم والصور. يعمل "قسم الوعي" على التركيز على نشر الروايات التي تضعف العدو وتحبط معنوياته، ويستهدف بشكل خاص الرموز القيادية التي تلهم الجماهير. غير أن هذه المحاولات غالبًا ما تواجه تحديات كبيرة، كما أشار الصحفي الإسرائيلي المختص بالشؤون العسكرية يوسي ميلمان، حين كشف أن رئيس قسم حرب الوعي في الجيش اعترف بأنهم لا يستطيعون فهم كيفية تفكير حماس وتصوراتها.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة دورًا محوريًا في هذه الحرب النفسية. استفادت إسرائيل من التطور الهائل في هذه المنصات لبث المعلومات المضللة ونشر الروايات التي تستهدف المقاومة وقادتها. إلا أن هذه الأدوات نفسها أصبحت في كثير من الأحيان وسيلة لكشف التضليل وتبيان الحقيقة، مما يحد من فعالية هذه الحروب النفسية ويمنح المقاومة وسائل إضافية للتواصل مع جماهيرها وتوضيح المواقف الحقيقية.
على الرغم من أن الهدف المعلن من نشر الصور والمقاطع التي استهدفت يحيى السنوار كان النيل من صورته كبطل، إلا أن هذه الحملة الإعلامية جاءت بنتائج عكسية. بدلًا من تحقيق الإهانة المرجوة، تحولت تلك الصور إلى رموز بطولية في العالم العربي، وأصبح السنوار رمزًا للصمود والمقاومة في وجه الاحتلال. هذا التحول لم يكن مستغربًا، فالتاريخ يُظهر أن محاولات تشويه الرموز الثورية غالبًا ما تؤدي إلى تعزيز مكانتها وتثبيت صورتها في الوعي الجماعي للشعوب.
إن الروايات المشوه حول السنوار مثل غيره من الشخصيات القيادية الفلسطينية يعكس حربًا ضروس في معركة الوعي بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. على الرغم من محاولات تشويه صورته من خلال نشر روايات مضللة وخلق شائعات تستهدف مصداقيته، إلا أن هذه المحاولات أثبتت فشلها. بل إنها ساهمت في ترسيخ مكانة تلك الشخصيات كرمز للمقاومة والتضحية.
تعكس هذه الحملة الأوسع للحرب النفسية التي تديرها إسرائيل عبر "قسم الوعي" استراتيجيتها لتفتيت الروح المعنوية لدى المقاومة والشعب الفلسطيني. لكن، كما أظهرت نتائج هذه الحملة، فإن الشعب الفلسطيني يمتلك وعيًا متجذرًا يمكنه من مواجهة التضليل وفضح الأكاذيب. وفي النهاية، تظل الحقيقة أقوى من أي دعاية، والتضحيات التي يقدمها قادة المقاومة ستظل حاضرة في الذاكرة الجماعية، مهما حاولت الدعاية الإسرائيلية التلاعب بها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
مصير الضفة الغربية إلى أين؟
عقل صلاح
كيف نحبط الضم القادم؟
هاني المصري
هل من فرصة للنجاة؟!
جمال زقوت
تحية لمن يستحقها
حمادة فراعنة
قل لي: ما هو شعورك عندما ترى أحداً يحترق؟!
عيسى قراقع
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
قطر: قصف إسرائيل مدرسة للأونروا في غزة امتداد لسياسات استهداف المدنيين
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الأكثر قراءة
عبدالعزيز خريس.. فقد والديه وشقيقته التوأم بصاروخ
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
نائب في الكنيست الإسرائيلي: سنصادر الحرم الإبراهيمي
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
اغتصاب حتى الموت.. هكذا عاملت إسرائيل طبيبًا فلسطينيًا أسَرته من غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 75)
شارك برأيك
تشويه صورة الشهيد: حرب الوعي الإسرائيلية