Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 20 أكتوبر 2024 10:30 صباحًا - بتوقيت القدس

الدعم الألماني المطلق لإسرائيل.. عقدة ذنب أم استمرار في الذنب؟

كعادتها، تقف ألمانيا اليوم في الجانب الخطأ من التاريخ، الذي يبدو أنها لم تستخلص منه العبر الضرورية. ففي الوقت الذي تشن فيه إسرائيل أبشع عدوان وأكثره دموية ضد الشعب الفلسطيني منذ النكبة، ترفع ألمانيا من مستويات دعمها السياسي والعسكري والاقتصادي لإسرائيل، ما يجعلها شريكة بشكل مباشر أو غير مباشر في إبادة غزة وتجويع سكانها وإطالة أمد الحرب، وهو ما يثير التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا الدعم.


المسؤولون الألمان غالباً ما يبررون هذا الموقف من منطلق التزامهم بأمن إسرائيل، والذي أصبح  بالنسبة لهم  Staatsräson، أي "مصلحة الدولة العليا"، أو حتى "مبرر وجود الدولة". وأن هذا الأمر نابع من الشعور بالذنب بسبب الجرائم التي ارتكبتها ألمانيا النازية ضد اليهود في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، وصولاً لما حدث خلال الحرب العالمية الثانية. ولكن السؤال المطروح هنا: هل هذا الشعور بالذنب/ الالتزام يكفي لتبرير دعم غير محدود لسياسات وممارسات إسرائيل الإجرامية، إلى حد وصل أن تبرر وزيرة خارجية ألمانيا حرق المدنيين وهم أحياء في خيام أقيمت للنازحين في ساحات المستشفيات ومدارس وكالة الغوث ومراكز إيواء وغيرها. هذه التصريحات التي تشجع إسرائيل على الاستمرار في نهجها وهذا ربما ما أدى ارتكاب فعلتها في فناء مستشفى شهداء الأقصى الأسبوع الماضي.


الندم على الإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون بحق اليهود وأقليات أخرى يجب أن يكون دافعاً نحو تجنب تكرار أي شكل من أشكال الإبادة أو العنصرية. ومع ذلك، فإن ما نراه اليوم من دعم ألمانيا لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين يشير إلى أن ألمانيا لم تتعلم الدرس التاريخي الذي كان من المفترض أن يرسّخ رفضًا قاطعًا لكل أشكال التمييز والعنصرية. بل على العكس، فإن هذا الدعم يعكس، إلى حد ما، تصاعد العنصرية والكراهية تجاه المهاجرين والمسلمين داخل المجتمع الألماني، وهي ظاهرة متزايدة في السنوات الأخيرة، تذكّر بتصاعد العنصرية في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي.


من الواضح أن ألمانيا لم تتخلص بعد من إرثها التاريخي المثقل بالعنصرية، وإنما اتخذت هذه العنصرية أشكالًا جديدة. فتحت غطاء دعم إسرائيل بدعوى محاربة معاداة السامية، تخفي ألمانيا تصاعد كراهية المسلمين "الإسلاموفوبيا" في داخل مفاصل المجتمع الألماني ومؤسساته الرسمية.


في منطقتنا العربية، لم تكن لدى الشعوب العربية ضغينة تجاه ألمانيا تاريخياً، إذ لم يكن لها دور استعماري مباشر في المنطقة. ولكن الدعم الألماني المطلق لإسرائيل بات يثير استياءً متزايداً في الشارع العربي ويشوه صورتها التي كانت نموذجية، وهو ما سيؤثر حتماً على علاقات ألمانيا بالشعوب العربية ومصالحها التجارية ومكانتها على المدى الطويل.


إلى جانب ذلك، تعاني ألمانيا نفسها داخلياً من تأثير هذا الدعم على قيمها الديمقراطية. القيود التي تُفرض على حركات الاحتجاج والتعبير السلمي عن الرأي تحت ذريعة "محاربة معاداة السامية"، تُلحق ضرراً بالديمقراطية الألمانية، التي طالما كانت واحدة من أبرز القيم التي تفخر بها البلاد.


ألمانيا، التي قدمت للعالم فلاسفة العقلانية والتنوير، ولعبت دوراً محورياً في إرساء قواعد القانون الدولي وإنشاء مؤسساته، بما فيها المحاكم الدولية، تجد نفسها اليوم في موقف يتعارض مع قيمها والمبادئ التي تبنتها عبر العقود الماضية ما يستوجب مراجعة عميقة. ألمانيا مطالبة بإعادة نظر جادة في مواقفها تجاه فلسطين، وخاصة فيما يتعلق بالدعم غير المشروط لإسرائيل، والذي أصبح أكثر فجاجة بعد أحداث السابع من أكتوبر.


بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط النظام النازي، تساءل الألمان كيف كانوا يدعمون فظائع النظام النازي، وقد يأتي اليوم الذي سيستفيق فيه الألمان من حالة الدعم الأعمى لإسرائيل، والذي قد يُنظر إليه في المستقبل كفصل آخر من الفصول المؤلمة في تاريخ ألمانيا الحديث.

دلالات

شارك برأيك

الدعم الألماني المطلق لإسرائيل.. عقدة ذنب أم استمرار في الذنب؟

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 82)