أقلام وأراء

الأحد 16 يونيو 2024 9:36 صباحًا - بتوقيت القدس

.. عيدٌ.. بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟

تلخيص

على نحوٍ لم يشهده الناس من قبل، يأتي عيد الأضحى هذا العام وسط المذبحة والإبادة التي يعيشها شعبنا في غزة. وبينما يقوم حجاج بيت الله الحرام برجم إبليس السماء في مشهد مجازي دائم كل عام، الهدف منه إعلان انتصار إرادة الإنسان على نوايا الشيطان، وبراءة الإنسان من دم أخيه الإنسان، وانتصار الخير في وجه الشر، فلا أحد يرجم أبالسة الأرض الذين يسفكون الدماء ويقتلون الناس بعد أن خربوا حياتهم، وهدموا بيوتهم، ودمروا كل شيء، وأقاموا لكل إنسان في غزة مقصلة، فما من ساعة تمر إلا وتغتال الطائرات والدبابات أرواحاً جديدة، وعائلات بكاملها دُفنت وتدفن كل لحظة، فلم تتوقف آلة القتل وأسلحة الخراب، ولم يتحرك العالم بعد لوقف هذه الإبادة، ولم ترجم أبالسة الأرض الذين يواصلون قتلهم وإجرامهم وحقدهم الدموي.


يأتي عيد الأضحى هذا العام، والناس في غزة يسكنون العراء، في خيام، لا تقيهم حر الصيف ولهيب الشمس، كما أن بعضهم يقطن مراكز الإيواء من مدارس غير مؤهلة لتكون محطات حياة مؤقتة، وبعد هذه الأشهر باتت لا تصلح للعيش الآدمي، وهي غير آمنة بفعل القصف الذي لا يتوقف ولا يستثني شيئًا في القطاع، بل ويستهدف عمدًا وقصدًا كل مكان يحاول الناس النزوح إليه هربًا من هول المقتلة.


إن الأضحى بمعانيه التي شاءها الله، تعظيمًا لشعائره التي تعني التضحية والفداء والتقرب، وهي تلبية خالصة لله الواحد لا شريك له، وتقرباً روحياً فيه أبلغ صور التفكر والتدبر والتجرد، والابتعاد عن كل معصية وكل ذنب، وهي الشهادة التامة بهذا الوقوف الأكبر القادم من كل فج وكل أرض وكل بلد، يوم الحج الأكبر، وهذا يوم مشهود، ولأنه كذلك فيشهد على حال غزة وأهلها وناسها، وكيف تركوا وحدهم، لعدو لا يرحم، وكيف يعيشون أثر حصار العدو والصديق والشقيق، جوعًا وعطشًا وفي العراء وسط كل هذا التعب.


لقد تعاظمت الأحزان في غزة، والناس يستقبلون أول أيام العيد فاقدين عائلاتٍ بكاملها، فاقدين أبناءً وأحفاداً، أمهاتٍ وجداتٍ، آباءً وأجداداً، وفاقدين شغف العيش من هول مصابهم، أما الأطفال فقد خطفت هذه الإبادة أرواح الكثير الكثير منهم، حسبما تشير التقديرات الصادرة عن وزارة الصحة، وخطفت فرح البقية بالعيد المفترض أن يكون سعيداً، وغابت ابتسامتهم وضحكاتهم التي كانت تضج بالحياة قبل هذه المحرقة. وهذا حال غزة وحالنا نحن، فمصاب غزة مصابنا، وبكاؤها بكاؤنا ودمها من دمنا، فأي عيد نرجوه غير العيد الذي تتوقف فيه هذه الإبادة، والتي تتواصل للشهر التاسع من دون توقف.


إن أعظم شعيرة في هذه الأيام هي وقف هذه المقتلة، ووقف المذابح التي يتعرض لها الناس في غزة، وإن العيد الأكبر هو عيد الخلاص من الاحتلال وعيد التحرير الكامل والاستقلال، وإن هذه الأيام التي نعيشها بأنفس مكلومة وأصوات مبحوحة، وحناجر متعبة، وقلوب مملوءة بالحزن والحداد، ليس لها عيد في ظل كل ما يحدث وما يجري، فأيّ عيد، وبأَيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟

.......
لقد تعاظمت الأحزان في غزة، والناس يستقبلون أول أيام العيد فاقدين عائلاتٍ بكاملها، فاقدين أبناءً وأحفاداً، أمهاتٍ وجداتٍ، آباءً وأجداداً، وفاقدين شغف العيش من هول مصابهم، أما الأطفال فقد خطفت هذه الإبادة أرواح الكثير الكثير منهم.

دلالات

شارك برأيك

.. عيدٌ.. بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟

المزيد في أقلام وأراء

التمويل الجماعي.. الآفاق والتحديات

د. محمود عبد العال فرّاج

الضم والإبادة وجهان لحرب واحدة

جمال زقوت

سموتريتش يسرع اجراءات تقويض السلطة الوطنية

حديث القدس

ضجة إسرائيلية مقصودة

حمادة فراعنة

تغيير السلطة شرط لبقائها وعدم تحوّلها إلى سلطة عميلة

هاني المصري

الجيش والحكومة الإسرائيلية: صراع الإستراتيجية والمكانة

مهند مصطفى

من المسؤول قانونيًا عن إعمار غزة وتعويض الفلسطينيين؟

محمود الحنفي

شيخ الجغرافين د. كمال عبد الفتاح يجوب بنا فلسطين

يعقوب عودة

العامل الفلسطيني خسر مصدر رزقه واقترب من كارثة حقيقية

ضياء الدين الحسيني

تغريب التعليم و التعلم

فواز عقل

الشباب والإبادة الجماعية.. من الصمود إلى مكافحة تجار الحروب

يحيى قاعود

نحن مَن يهمنا الأمر

حمدي فراج

ضجة إسرائيلية مقصودة ومفتعلة

حمادة فراعنة

غير العرب وغير المسلمين

أحمد رفيق عوض

خيارات نتنياهو

فتحي أحمد

صباح الخير لأحبة الأرض.. عمالاً وطلاباً وفلاحين

يعقوب عودة

حان الوقت لتعترف أستراليا بفلسطين

فاطمة بايمان

الغطرسة الإسرائيلية التي أنتجت 7 أكتوبر

محمود علوش

هل تؤثر انتخابات جنوب أفريقيا على موقفها من قضية فلسطين؟

بدر حسن شافعي

مؤتمر أوكرانيا في سويسرا

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 24 يونيو 2024 10:48 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

دينار / شيكل

بيع 5.35

شراء 5.32

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.01

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%17

%83

(مجموع المصوتين 482)