أقلام وأراء
الأحد 16 يونيو 2024 9:23 صباحًا - بتوقيت القدس
إسرائيل .. هل من وقفة مع النفس؟
تلخيص
يبدو الأمر غير معتاد عندما يُكتب مقال موجه إلى إسرائيل ليس فقط إلى قيادتها السياسية ومؤسساتها التشريعية والقضائية والأمنية، ولكن إلى المجتمع الإسرائيلي برمته على أمل أن يقرأ هذا المقال رجل رشيد منهم قد يدفعه إلى وقفة مع النفس، والتى تعني فى رأيي إعادة التفكير الجدي ولو لمرة واحدة فى طبيعة السياسات التى تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المختلفة ومدى قدرتها على تحقيق أهداف الدولة من عدمه.
وأبدأ المقال بمخاطبة أهم دوائر صنع واتخاذ القرار فى إسرائيل وأعني الحكومة الحالية، وبغض النظر عن كونها من أكثر الحكومات المتطرفة فى تاريخ الدولة باعتراف المعارضة الإسرائيلية نفسها وقطاعات عديدة فى المجتمع الإسرائيلي، إلا أنني أعترف بأن كل حكومة فى العالم تهدف إلى تحقيق مصالح شعبها، ولكن السؤال المطلوب طرحه هنا موجه بصفة أساسية إلى الائتلاف الحاكم ومفاده هل السياسات الحالية التى ينتهجها تحقق مصالح الشعب الإسرائيلي فى الأمن والاستقرار والرفاهية؟ أم أن العكس هو الصحيح؟
ودعونى أتطرق إلى عمق الموضوع وأطلب من إسرائيل أن تحدد الأهداف الطبيعية التى ترنو إلى تحقيقها، وهنا سوف أتطوع وأحاول أن أحدد أهم هذه الأهداف، التى تتمثل من وجهة نظرى فى الأهداف المفترضة لأية دولة وهي الأمن والاستقرار والتنمية والتطوير فى مختلف المجالات، وأن تكون للدولة وضعيتها المميزة على المستويين الإقليمي والدولي، ومن حق كل دولة أن تتحرك لتحقيق أهدافها ولكن طبقاً لمقررات القانون الدولى ودون أن تجور على حقوق الغير.
ومن هذا المنطلق فإنني أدعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقفة جادة مع النفس وأن تسأل نفسها سؤالاً رئيسياً هل نجحت بعد نحو قرن إلا ربع قرن منذ قيام الدولة في أن تعيش بشكل طبيعي فى محيطها الإقليمي؟ أم أنها لا تزال بعد هذه العقود تعيش حالة حرب وكأن الوضع لم يختلف كثيراً منذ عام 1948 وحتى الآن؟ وسوف أترك هذه الإجابة لأصحاب القرار فى إسرائيل وأدعوهم إلى أن تكون الإجابة صادقة بعيداً عن العنجهية والتطرف الذى ستكون تأثيراته السلبية غير المسبوقة على مستقبل الدولة.
وفي هذا السياق لا بد أن أكون أكثر مباشرة وتفصيلاً فى مخاطبة إسرائيل من حيث ما يلي: ما هي طبيعة الرهانات التى تراهن عليها؟ ما هي الأسس التى تستند إليها فى مواقفها المتشددة؟ هل تعتقد أن العناصر الخارجية الداعمة لها سوف تبقى قائمة إلى الأبد؟ ألم تتم الاستفادة من التأثيرات المتتالية لحرب غزة التي كشفت بوضوح أن الدعم الخارجي لم ولن يعد كما كان من ذي قبل؟ هل القضية الفلسطينية التي حاولت لسنوات طويلة وأدها قد انتهت؟ أم أنها عادت إلى دائرة الضوء وبقوة بغض النظر عن النتائج التي سوف تترتب على ذلك مستقبلاً؟ هل عامل الوقت سيكون فى مصلحتها على المديين المتوسط والبعيد، خاصة من الناحية الديموغرافية، وكذا من النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية التى سوف تتغير فى غير صالحها بمرور الوقت؟ هل ترى أنها سوف تظل إلى ما لا نهاية الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمتلك السلاح النووي؟ أو حتى التفوق العسكري على الدول العربية مجتمعة؟ هل ترى أن فرص اندماجها فى المنظومة الإقليمية تقترب كما كانت تأمل؟ أم أنها تبتعد كما هو متوقع؟ هل اتفاقات التطبيع العربي وفرت لها الأمن والسلام والتقدم الاقتصادي الذى تنشده؟ أم أن هذه المعاهدات قد تتأثر سلباً بمرور الوقت؟
هل حلم السلام مع السعودية أصبح متاحاً؟ أم أنه أصبح بعيد المنال ولن يتحقق إلا بشروط قد لا تستطيع تنفيذها، وبذلك تفقد أحد أهم الإنجازات التي تسعى إلى تحقيقها فى المرحلة المقبلة؟ هل يمكن لإسرائيل أن تحيا فى ظل هذا المناخ شديد التوتر على مختلف الجبهات لفترات طويلة؟ إلى أي مدى يمكن أن تتحمل الدولة هذه الضغوط والاستنزافات التي تخصم من رصيدها وبقوة على جميع المستويات الداخلية والخارجية؟
هل كان الوضع الإقليمي والدولي لإسرائيل سيصبح بهذا الشكل السلبي الراهن لو كانت القضية الفلسطينية قد وجدت طريقها إلى الحل؟ هل الحرب الحالية على غزة وخلق أجيال معادية ومحيط إقليمي يتوجس منها وكذا السياسات التى تتبعها فى الضفة الغربية والقدس سوف تحقق لها الأمن المنشود؟ هل إسرائيل بوضعيتها الحالية قادرة على الاندماج فى المنظومة الإقليمية وإنجاز مزيد من التطبيع العربي؟ أين هي الرؤية الإسرائيلية لحل المعضلة الفلسطينية؟
ومن هنا فإنني أطالب أصحاب القرار فى إسرائيل بإعادة حساباتهم قبل فوات الأوان، فبالرغم من كل التوترات الحالية فما زالت هناك فرصة أن نفتح صفحة جديدة فى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تبدأ بحل القضية الفلسطينية، وهذا الأمر رغم أن البعض يراه مثالياً وهو محق في ذلك إلا أنه قد يكون قابلاً للتطبيق بشرط واحد، وهو أن تتوافر الإرادة الحقيقية للسلام لدى إسرائيل أولا، نظراً لأنها هي الدولة الوحيدة في العالم التى لا تزال ترفض إقامة الدولة الفلسطينية تحت ادعاءات غير مبررة وأوهام توسع لن تتحقق.
وفي النهاية فإن نقطة البداية الصحيحة بل والوحيدة تتمثل فى رأيي فى ضرورة أن تقتنع إسرائيل بأن استمرار الوضع الحالي لن يكون فى مصلحتها، وأنه لا مجال أمام أي حكومة إسرائيلية سوى أن تضع عملية السلام فى أولوياتها إذا كانت تريد أن تحقق مصالح شعبها، أما دون ذلك فسوف تستمر تدور في حلقة مفرغة من عدم الأمن والاستقرار، ولن تنجح في أن تحقق هدف الاندماج في المنطقة مهما بلغت قوتها العسكرية وطال احتلالها. كما سوف تظل أسيرة لأحزاب شديدة التطرف ومحدودة الأفق، ولا يهمها سوى أصوات مؤيديها رغم علمها أن هذه السياسات تقود الدولة نحو المجهول.
..........
هل كان الوضع الإقليمي والدولي لإسرائيل سيصبح بهذا الشكل السلبي الراهن لو كانت القضية الفلسطينية قد وجدت طريقها إلى الحل؟ هل الحرب الحالية على غزة وخلق أجيال معادية ومحيط إقليمي يتوجس منها وكذا السياسات التى تتبعها فى الضفة الغربية والقدس سوف تحقق لها الأمن المنشود؟ هل إسرائيل بوضعيتها الحالية قادرة على الاندماج فى المنظومة الإقليمية وإنجاز مزيد من التطبيع العربي؟
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 90)
شارك برأيك
إسرائيل .. هل من وقفة مع النفس؟