أقلام وأراء
الثّلاثاء 11 يونيو 2024 9:37 صباحًا - بتوقيت القدس
استراتيجية الخروج من الحرب
تلخيص
تدخل الحرب على غزة شهرها التاسع في ظل عجز إسرائيل الواضح عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية وسط تصدع في المشهد السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي المطالب بإسقاط حكومة نتنياهو، وعقد هدنة مع حماس للإفراج عن ذويهم الأسرى، ويمين إسرائيلي متطرف لا يكترث بالرهائن ويمارس الضغوط لاستمرار الحرب والقضاء على حركة حماس. أما الولايات المتحدة فتستمر في المربع المنحاز لإسرائيل نفسه، سواء على صعيد الدعم المادي والعسكري أو الإسناد والدعم حتى لتغيير الأنظمة والقوانين الأممية وإبطالها وكان آخرها موافقة الكونغرس الأمريكي على مشروع قانون يفرض عقوبات على قضاة الجنائية الدولية والمدعي العام في حال إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو أو أي مسؤول إسرائيلي، وتبقى الحرب على غزة دائرة الرحى في غياب كلي لاستراتيجية الخروج من هذه الحرب. نظرية "استراتيجية الخروج" أطلقها الجنرال السابق "كولن باول"، وهو أول وزير خارجية أمريكي من أصل إفريقي. وترتكز هذه النظرية العسكرية على ضرورة وضع خطة قابلة للتنفيذ لكيفية إنهاء الحروب أو بمعنى أصح خطة واضحة للمستقبل، بحيث يتم توظيف هذه النظرية لتقليل الخسائر العسكرية ولحفظ ماء الوجه لارتباطها ارتباطا وثيقا بتحقيق الأهداف الموضوعة مسبقا والتي تقف سببا مباشرا لقرار الدخول في الحرب.
أثبتت التجارب الفعلية من خلال الحروب الأمريكية، بما في ذلك في العراق وأفغانستان غياب استراتيجية الخروج من الحروب في السياسة الأمريكية، فأمريكا تجيد القيام بالحروب ولكن ليس الخروج منها، ويبدو أن إسرائيل تحيك بنفس الأداة، وذلك مرده وجود تناقض فكري استراتيجي بين الأهداف المعلنة للحروب وتلك التي تقف وراء الكواليس والمقصود بها نتائج مختلفة، ومن هنا نقف عند مبادرة الرئيس بايدن لإنهاء الحرب على غزة، وما هي الأهداف وراء هذه المبادرة التي يتلوها قرار الكونغرس بفرض العقوبات على قضاة الجنائية الدولية.
يرتكز مقترح بايدن بنسبة كبيرة على المقترح الإسرائيلي الذي أقره مجلس الحرب بالإجماع وعرض على الوسطاء للتفاوض مع حماس، ولكن كيف نفسر هذه الخطوة غير المسبوقة التي قام بها الرئيس الأمريكي في 31 أيار 2024 بإعلان مقترح لانهاء الحرب في غزة، واتباع مسار الضغط المكثف على الأطراف والوسطاء للقبول بالمقترح وإصدار بيان من الدول الصناعية السبع الكبرى للقبول بالمقترح، وتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن للقبول بالمقترح؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، لا بد من النظر إلى أولويات الرئيس الأمريكي بايدن لمعرفة الدوافع وراء هذه المبادرة وبهذا التوقيت، فهناك أولويات على صعيد السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية: فمن حيث السياسة الداخلية يرمي بايدن إلى تحسين صورته الانتخابية خاصة في ظل تراجع أصواته الانتخابية المتأرجحة في 6 ولايات تحتل أهمية كبرى وهي ميشيجان وفيها أكبر جالية عربية مسلمة، وبنسلفانيا، وجورجيا، ونيفادا، وويسكونسن، وأريزونا، كما أعلن عدد من النشطاء المؤيدون للفلسطينيين نجاح حملة تدعو الناخبين إلى عدم التصويت للرئيس الأميركي جو بايدن بسبب موقفه من الحرب على غزة، كما نوهت صحيفة" تايمز أوف إسرائيل" إلى أن الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في نيويورك كانت بطاقات اقتراع فارغة بواقع 39 ألف صوت أي 12% من إجمالي الأصوات، ووصفت هذه الحملة النتائج على أنها تاريخية، وبالتالي فإن عدم حصول تغيير في مواقف الإدارة الأمريكية سيؤثر على الانتخابات في بعض الولايات التي من الأفضل حسم أصواتها لصالحه.
أما على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية، فيرغب الرئيس الأمريكي بايدن في الوقت القليل المتبقي لموعد الانتخابات في تحقيق إنجاز واقعي وملموس على الأرض يحسب له، خاصة في ظل فشله الواضح في الملفات الصيني، الإيراني، الروسي، وفي أفغانستان من خلال إنهاء الحرب في غزة ، وتحقيق التطبيع مع السعودية وإسرائيل، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تضع شروطا للتطبيع، أحدها انهاء الحرب في غزة وإقامة دولة فلسطينية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هي الثمار التي تجنيها الولايات المتحدة من هذا التطبيع؟
تقوم السياسات الخارجية للدول على عدة أدوات، أهمها التحالفات وهي سياسة تجمع بين دولتين أو أكثر لمواجهة قوة أخرى تحقيقا للتوازن وحماية أمنها القومي ومصالحها الوطنية وتعزيزا لاستراتيجيتها الكبرى، ومن هنا ومن منظور العلاقات الدولية فإن اتفاقية التطبيع من شأنها تعزيز المصالح الأمريكية وتغيير موازين القوى لصالح الولايات المتحدة، فالتحالف الثلاثي ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية سيشكل ضربة قوية لإيران التي تتبنى "محور المقاومة" وتدعم الميليشيات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط. إن هذه المبادرة تواجه الكثير من العراقيل في ظل اليمين الإسرائيلي المتشدد الرافض لإنهاء الحرب على غزة إلا بتحقيق أهدافه غير المعلنة والتي لن تتحقق بالمطلق طالما لم تتم بلورة استراتيجية للخروج من الحرب وانتهاج سياسة المماطلة والتسويف دون وجود الإرادة للجوء للتفاوض.
........
أثبتت التجارب الفعلية من خلال الحروب الأمريكية، بما في ذلك في العراق وأفغانستان، غياب استراتيجية الخروج من الحروب في السياسة الأمريكية، فأمريكا تجيد القيام بالحروب ولكن ليس الخروج منها، ويبدو أن إسرائيل تحيك بنفس الأداة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 89)
شارك برأيك
استراتيجية الخروج من الحرب