أقلام وأراء
الجمعة 07 يونيو 2024 9:38 صباحًا - بتوقيت القدس
مقترح صفقة بايدن: ميدانا غزة ولبنان يحسمان المواقف
تلخيص
العوامل التي تدفع باتجاه صفقة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، ينبغي أن توضع في موقعها الصحيح على تدرج (المهم والأهم والأكثر أهمية)، في دفع إسرائيل لوقف حرب الإبادة، والرضوخ لشروط المقاومة، ورؤية تأثير ما هو (أكثر أهمية) على فعل العامل (المهم والأهم).
التناقضات تعصف بإسرائيل
من المهم رؤية تأثير العوامل الداخلية في إسرائيل وهي عديدة. التناقضات الداخلية بين المستويات السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية، والفشل الذريع في تحقيق أهداف الحرب المعلنة على المقاومة، وتزايد واتّساع نطاق الاحتجاجات المطالبة بصفقة تبادل للأسرى، ضيق هامش المناورة لدى رأس الحكومة الفاشية، بعد إعلان بايدن للمقترح. هذا صحيح وسيدفع في النهاية حكومة الفاشيين للرضوخ، ولو بعد مزيد من الدم الفلسطيني.
ولكن الصحيح أيضاً، أن كل تلك التناقضات هي بالأساس نتاج فشل حرب الإبادة في تحقيق ما أعلن من أهداف: لا تفكيك للمقاومة، ولا قضاء عليها، رغم خسائرها الجدية، ولا نهاية (لحكم حماس) المدني، إذ أن كل التقارير الإسرائيلية والدولية تشير إلى عودة حماس لممارسة سلطتها في المواقع التي ينسحب منها جيش الاحتلال، ولا تحرير للأسرى الإسرائيليين، ولا تهجير لسكان القطاع، وهو هدف أعلن بنشوة العنصري المتوهّم بانتصاره في الأسابيع والأشهر الأولى. وما كان لكل ذلك أن يحصل لولا صمود شعبنا في القطاع، رغم هول التضحيات، ولولا المقاومة وإنجازاتها الميدانية. إن الأكثر اهمية في تحريك التناقضات داخل إسرائيل هو تحديدا الفعل الميداني للمقاومة.
إسرائيل في عزلة غير مسبوقة
أما عن عزلة إسرائيل دولياً فهذه غدت من البديهيات، وينبغي عدم الاستهانة بها، وقد تكون هي العامل الأهم في رضوخ الحكومة الفاشية لشروط المقاومة. إن صفعات عديدة تتلقاها إسرائيل منذ شباط الماضي وقرار محكمة العدل حول اتهامها بالإبادة، مروراً بقرار المدعي العام للجنائية، واعتراف أربع دول بدولة فلسطين، علماً أن تحقيقات الجنائية مستمرة ورؤوس إسرائيلية كثيرة، كما متوقع، بانتظار دورها لتدخل لائحة الاتهام.
وبالتوازي مع تلك الظاهرة التاريخيّة، بكل ما في كلمة تاريخيّة من معنى، يتّسع الرأي العام العالمي، الشعبي والطلابي، في انتفاضة عالمية تتخذ موقفاً ضد الرواية الإسرائيلية وملتحمة تأييّداً ودعماً للرواية الفلسطينية. يمكن اعتبار تلك الانتفاضة الدولية سبباً في اتساع عزلة إسرائيل، ولكن الأكثر أهمية هو المقاومة بصمودها الإعجازي، وخطابها السياسي الذي يعكس خطاب حركة تحرر، عادلة ومشروعة، وتلك الحملة الإعلامية، الشبابية بالعموم، على شبكات التواصل، بتأثير سياسي وإعلامي هائل للصورة الفاضحة لإسرائيل وممارساتها، الأمر الذي كان له تأثير مباشر على تعاظم حملة التضامن من جهة، وازدياد عزلة إسرائيل من جهة أخرى.
الأكثر أهمية: محور المقاومة
كل العوامل الفاعلة والدافعة لرضوخ إسرائيل وحكومتها سببها فعالية "محور المقاومة" عبر أطرافه الأربعة: غزة، لبنان، العراق، واليمن، والمدعومة من إيران، سياسياً وإعلامياً وعسكرياً. ورغم التفاوت بطبيعة الحال بين قدرات وتأثير كل طرف في المحور، وعلى قاعدة أهمية كل فعاليات الإسناد، يبقى للفعل على جبهتي غزة ولبنان، التأثير الأكبر بسبب الجغرافيا أساساً، لتوفر فرصة الاحتكاك الميداني المباشر، وبالتالي القدرة على إيقاع الخسائر في الجيش الإسرائيلي.
يمكن اعتبار شهر أيار، الشهر الثامن لحرب الإبادة نقطة فاصلة عسكرياُ وذات دلالات سياسية. لم ينجح الجيش الإسرائيلي في جعل هجومه على رفح بتلك السلاسة التي صورها، لتحقيق (نصره المطلق)، والتبشير به وكأنه ملك يد الجيش، بل على العكس من ذلك فقد نجحت المقاومة بإطلاق رشقة صاروخية تجاه منطقة تل ابيب الكبرى، ناهيك عن الكمائن والقنص، وقصف التحشدات عند المعبر، وعلى محور فيلاديلفيا، واقتناص الدبابات كما في الأسابيع الأولى للهجوم على غزة.
وبالتوازي، فقد شهد أيار عودة المقاومة بقوة لفعلها العسكري في شمال القطاع ووسطه، لا سيما في النصيرات وجباليا وبيت لاهيا ومدينة غزة، الأمر الذي أحدث هزة في أوساط الكيان، كون تلك المناطق جرى "تطهيرها" قبل شهور، وها هي تعيد من جديد بناء قدراتها وفعلها العسكري، فتطلق رشقات صاروخية، وتعد الكمائن وتقنص الدبابات والجنود، كما حدث في الاسابيع الأولى، لذلك يمكن فهم الهزة التي أصابت قادتهم العسكريين والسياسيين وإعلامييهم.
أما على الجبهة اللبنانية فشهر أيار، ونتيجة لحسابات إسنادية منسقة على ما يبدو بعد اجتياح رفح، صعّد حزب الله من هجماته من الجنوب، باستخدام قدرات قتالية جديدة وأكثر دقة، واستهدف قواعد عسكرية ومراكز الرادارات، ووصل القصف لحيفا ونهاريا وعكا، فيما التطور التصعيدي الأبرز كان منذ الجمعة الماضية وحتى الثلاثاء باستهداف القواعد العسكرية، والمستوطنات خاصة كريات شمونة والمطلة، بحيث أصبحت مستوطنات أشباح بعد هجر المستوطنين لها، الأمر الذي جعل شمال فلسطين يحترق وفق وصف الإعلام الإسرائيلي.
المقاومة: لن نشتري سمكاً في البحر
لمن تتبع خطاب المقاومة منذ 7 أكتوبر، وخطاب حماس السياسي والإعلامي بالأساس، توقع منها ذلك الموقف الذكي الذي أعلنته من المقترح الإسرائيلي الذي أعلنه بايدن. فالمقاومة أعلنت، بما معناه، أنها لن تشتري سمكاً في البحر، فبدون نص مكتوب وواضح لمقترح بايدن، ينص على وقف إطلاق النار، أي وقف العدوان وحرب الإبادة، والانسحاب الكامل من القطاع، لن تكون هناك صفقة، ولن يكون هناك معنى لما اعتبرته حماس (إيجابيات) في مقترح بايدن.
من الغباء، مطالبة المقاومة بالموافقة على المقترح دون شروط، وعلى قاعدة (الثقة) ببايدن وإعلانه، وقد يكون منطلق المطالبة تلك، الرغبة في هزيمة المقاومة، فالموافقة على المقترح دون تحقق شرطي المقاومة، سيكون تنازلاً كبيراً غير مبرر لا شعبياً ولا سياسياً، ولا يتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها شعبنا.
إن المقاومة وقد حددت شرطيها، فهي مدعومة بفعلها الميداني المتصاعد منذ بداية الشهر الثامن وحتى اليوم، ومدعومة أيضاً بذلك الإسناد النوعي على الجبهة اللبنانية، ناهيك عن الضعف على جبهة إسرائيل، سواء بسبب تناقضاته الداخلية أو عزلته الدولية أو اتساع نطاق التضامن الدولي مع شعبنا. كل ذلك يدفع المقاومة لوضع شرطيها للموافقة على الاتفاق.
الميدان يحدد المواقف
من التسريبات هنا وهناك، ومن قرار مجلس حربهم بطلب ضمانات أمريكية لتجديد الحرب في لحظة ما، يمكن ملاحظة تراجع ما في موقف حكومة الحرب. ربما تكون تلك ذات المناورة المعهودة لإفشال أي اتفاق، فنتياهو وحكومته والرأي العام بالمجمل مع مواصلة حرب الإبادة،ـ وإن رغبت أوساط منه بصفقة تحرر أسراهم لتتجدد الحرب لاحقاً. ولكن يبدو أن نتنياهو وأركان حزبه وحكومته وجيشه كلهم أضحوا في زاوية من العزلة والفشل والضغوط، ما يعني ضيق هامش تلك المناورة، وبالتالي فالضغط الميداني كفيل أكثر فأكثر بدفعهم للرضوخ لشرطي المقاومة، وبلع تحفظاتهم وأهدافهم التي لم تتحقق منذ 8 أوكتوبر.
وفي هذا الإطار يمكن فهم التطور التصعيدي الأبرز من قبل حزب الله منذ الجمعة الفائتة. إنه تصعيد برسم الموقف السياسي والتفاوضي اللاحق، أما التهديد الإسرائيلي بضربة واسعة للجنوب والحزب، أو ما اسمته الصحافة الإسرائيلية بحرب محدودة، وكأن ما يجري ليست حربا، فقد رد عليها الحزب، باستعداده لها، وتجهيزه (مفاجآت) عديدة تنتظر إسرائيل إن فعلتها، وقادة المؤسسة العسكرية والسياسية والأمنية في إسرائيل يأخذون ذلك بعين الاعتبار، فالمواجهة مع حزب الله، وبعد المواجهة الخاسرة مع المقاومة في غزة، لن تكون نزهة، خاصة أن إمكانيات حزب الله أكبر بما لا يقاس من إمكانيات غزة، كما تشير كل التقديرات العسكرية والأمنية.
صفعات عديدة تتلقاها إسرائيل منذ شباط الماضي وقرار محكمة العدل حول اتهامها بالإبادة، مروراً بقرار المدعي العام للجنائية، واعتراف أربع دول بدولة فلسطين، علماً أن تحقيقات الجنائية مستمرة ورؤوس إسرائيلية كثيرة، كما متوقع، بانتظار دورها لتدخل لائحة الاتهام.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 90)
شارك برأيك
مقترح صفقة بايدن: ميدانا غزة ولبنان يحسمان المواقف