Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 20 فبراير 2024 10:36 صباحًا - بتوقيت القدس

مشهد الإبادة وعيون أطفال غزة .. والانتظار على الأريكة!


في كتابي " غزّاوي.. سردية الشقاء والأمل" الذي أشهرته في مدينة غزة الصيف الماضي الذي كان لاهباً، وكأن الحياة كانت تغلي فيه على برميل بارود؛ حاولت أن أوثق حياة الطفولة بين أزقة المخيم التى كانت عالمهم الوحيد، ولولا زرقة البحر، ربما لم يتعرف أطفال المخيم سوى على الألوان الكئيبة التي صبغتها النكبة على حيواتهم . قصة الكتاب بدأت مع انتشار وباء الكورونا، وما صاحبها من محاولات سيطرة الحكومات، التي فشلت في رعاية أطفال بلدانها، على عقول ومستقبل هؤلاء الأطفال، وحرف أنظارهم عن الأسباب الحقيقية لتغييب العدالة التي تضمن لهم حياة يستحقونها. كان ذلك باعتماد الترهيب بأن الحياة مهددة بالابادة، وأنهم "يجهدون" لحمايتهم من غول الوباء . وفي الحقيقة لم يكن ذلك سوى بترويعهم و عزل عقولهم و حرف أنظارهم عن الاسباب الحقيقية لبؤسهم . لم يكن ذلك فقط هنا في فلسطين حيث الاحتلال والانقسام والفساد والفشل هي أسباب ذلك البؤس الذي يلف طفولتهم بقتامة المشهد، بل وحيث العدالة ما زالت مغيبة على امتداد الكون.

أعادتني تلك اللحظة المحاطة بالعزلة وكل أسباب الفشل إلى ما بعد النكبة وحياة أطفال المخيم، وكيف صارع الناس بؤس النكبة والتهجير، وأيضا. كيف كانوا قادرين على تحديها في كل بصمات حياتهم وهم يُولِّدون الأمل، ويمهدون الطريق للثورة، وما أنجبته من انتفاضات. فرضيتي ما زالت أن غزة بالأغلبية المهجرة، والتي شيّدت الوطنية الفلسطينية، وكانت دوماً الرافعة الاستراتيجية الكبرى لها من وسط ركام النكبة ومحاولات طمس الهوية، قادرة أن تنهض كطائر الفينيق، وأن هذا النموذج سيُمكّن البشرية مجدداً من النهوض حتى لو أطاح الوباء بحياة معظم البشر في هذا الكوكب بتناقضاته المرعبة.

كنت واحداً من هؤلاء الأطفال الذين وقفوا في وجه المحتلين دون أن يشعروا بطفولتهم، ولكنني لم أنتبه يوماً في زحمة تلك الكارثة والبطولة لجمال عيون مجايليني من الأطفال. فلا معنى للجمال عند طفل يجاهد والداه كي يصنعوا له سروالاً من قماش كيس الطحين، وينتظر دوره لاستخدام المراحيض الجماعية المشتركة بين خيام وأكواخ اللجوء .


بينما اليوم، وأنا مُتسَّمر أمام الشاشات وسط مشهد الدم والموت والدمار الذي يحاول فرض عزلته علينا، كما حاولت حكومات الفشل أن تفرضها إبان انتشار غول الوباء، أحاول أن أتفحص جمال عيون هؤلاء الأطفال المليئة بالرعب والخوف الحقيقي الذي تزرعه ليس فقط طائرات وقنابل ودبابات العدو في كل شبر يحيط بحياتهم ، بل وبسؤالهم الذي تنطق به عيونهم وهو : من سيحمينا من هذا الموت ومن سؤال الابادة الحقيقي الملئ بالدم والدمار، وليس بذعر الوباء الذي حاولوا أن يسيطروا به على عقولنا ؟

جمال عيونهم الحائرة و طلاقة لسانهم التي حركها عجز القادة وكأنهم يقولوا لنا " لا ننتظر رأيكم ولا أجوبتكم ولا أجنحة تأخذنا بين جنباتها بعد أن أخذت أدوات القتل وماكنة الموت أمهاتنا وآباءنا دون أن تحركوا ساكناً". كما يحضرني مشهد أنتوني فاوتشي مستشار الصحة لدى البيت الأبيض و هو يحذر من خطر الوباء على حياة البشرية، تماماً كما يتحدث أنتوني بلينكن اليوم بدموع التماسيح عن عشرات الآلاف من أطفال غزة وأمهاتهم الذين فقدوا حياتهم في حرب الإبادة التي تنفذها حكومة نتانياهو بالقنابل التي أقرها بلينكن نفسه دون انتظار حتى قرار الكونجرس الذي لم يكن ليبخل بها .

سؤال الأطفال الشهداء

سؤال العصر لأطفال غزة الشهداء والذين تحلق أرواحهم في السماء، و أؤلئك الذين يكابدون الجوع والعطش والمرض والجروح الغائرة في أجسادهم الغضة من تحت الخيام التي يعصف بها المطر والريح في رفح المهددة، وغيرها من المناطق المدمرة في كل بقعة من القطاع هو : ماذا فعلنا لتتركونا وحيدين لغول الابادة، أليست الحياة حقاً لنا كباقي أطفال العالم ؟! هذا السؤال حرك البشرية برمتها، ولكنه للأسف لم يحرك بعد المنتظرين على أرائك مكاتبهم وردهات فنادق عواصم الحوارات التي لا تنتهي، سوى بمراقبة عداد موت هؤلاء الأطفال ومستقبل حياتهم !

لا حياة لمن تنادي !
كتبت كثيراً عن الاستحقاقات السياسية المطلوبة لوقف حرب الابادة ومتطلبات الوحدة الكفيلة بتحقيق ذلك والانطلاق بشعبنا نحو الحرية والانعتاق من الاحتلال وبطشه، ويبدو أن لا حياة لمن تنادي، وكأن الابادة تجري في كوكب آخر. ولم يبق أمامي غير أن أستبدل الدموع بحرارة المشاعر في لغة ليست متيبسة لعلها تجد آذاناً صاغية !

دلالات

شارك برأيك

مشهد الإبادة وعيون أطفال غزة .. والانتظار على الأريكة!

رام الله - فلسطين 🇵🇸

يوسف شرقاوي قبل 11 شهر

مقال واقعي وجداني ومؤثر

المزيد في أقلام وأراء

تقليص مساحة غزة وتهجير أهلها.. أخطر المخططات الإسرائيلية

حديث القدس

2024 عام الزلازل و2025 عام الهزات الارتدادية

راسم عبيدات

غزة.. بداية عام جديد والإبادة مستمرة

بهاء رحال

رغم المجاعة.. التكافل في غزة بـ"الرغيف"

ريما محمد زنادة

وكالة الغوث.. ومعركة نزع الشرعية

فتحي كليب

مهابةُ الفكرةِ وهيبةُ المسيرةِ

عام التحديات

حديث القدس

ستون عاماً من الثورة.. النصر آت ؟

د. فوزي علي السمهوري

توثيق التعذيب في فلسطين.. بين الأمل بالإنصاف والتحديات العملية

سماح جبر

معركة غير متكافئة

حمادة فراعنة

الحرديم ولماذا يرفضون قانون التجنيد؟ حرب أهلية مقبلة

إسماعيل المسلماني

تمر الأعوام وتبقى الآلام

حديث القدس

انكشاف المستعمرة وعريها

حمادة فراعنة

2024 عام الكارثة والبطولة.. 2025 عام الحسم

هاني المصري

نحن في حالة ضياع وتيه... والبداية من مخيم جنين

راسم عبيدات

حسام أبو صفية.. الطبيب يتحدى الإبادة

جمال زقوت

صناعة القائد في وسائل الإعلام.. بين التلميع والتضليل

د. أسامة ارميلات

تصعيد مرعب للجرائم الإسرائيلية الفظيعة

حديث القدس

لسان الحال والأحوال.. علقم يا وطن

إياد أبو روك

صباحُ الخَيْر يا غزَّة

بهاء رحال

أسعار العملات

الأربعاء 01 يناير 2025 2:37 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.77

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%59

%41

(مجموع المصوتين 337)