في وقت مبكر جدًا من صباح يوم الاثنين، عدت بالطائرة من تبليسي بجورجيا إلى إسرائيل بعد اجتماع طويل في عطلة نهاية الأسبوع مع أشخاص من جميع أنحاء منطقتنا. تم تنظيم الاجتماع من قبل ROPES - المنظمة الإقليمية للسلام والاقتصاد والأمن. الدافع الرئيسي للمنظمة هو الاستفادة من العلاقات بين إسرائيل والدول العربية التي لديها معاهدات سلام مع إسرائيل لإعادة تركيز الانتباه على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. باستثنائي أنا، كان المشاركون في المؤتمر جميعًا محترفين شبابًا يتمتعون بخبرة مذهلة وتفاني في جعل عالمنا مكانًا أفضل.

أثناء انتظار رحلتي في الساعة 1:20 صباحًا، بدأت محادثة مع شابين فلسطينيين يجلسان أمامي. سمعت لهجتهم وسألتهم إذا كانوا من القدس. لقد كانوا وقلت إنني أيضًا من القدس. سألوني من أين وقلت كريات هيوفيل. سألتهم من أين هم فأجابوا شعفاط. في إطار حديثنا، علمت أن أحدهم كان يدرس الطب في جامعة القدس في أبو ديس. أخبرته أن عميد كلية الطب في القدس صديق لي. سألني كيف أعرفه، فقلت له إن صندوق الاستثمار المؤثر الذي أعمل معه العام الماضي حقق في الاستثمار في مستشفى تعليمي لكلية طب القدس. ستجعل اللوائح الإسرائيلية من المستحيل إنشاء المستشفى الذي سيستغرق عشر سنوات فقط للحصول على ترخيص. وكان الشاب الآخر ابن عمه يعمل في أعمال وضيعة في القدس الغربية. لقد أثنوا علي وعلى لغتي العربية وسألوني كيف أعرف اللغة العربية جيدًا. 

قلت إنني تعلمت من أشخاص أعرفهم وأعمل معهم وأنني أدرس أيضًا في دورة في اللغة العربية المنطوقة لعدة سنوات. ثم سألوني المزيد عن عملي وأخبرتهم عن هولي لاند بوند - صندوق الاستثمار المؤثر الذي أنشأه جيمس هولمز في لندن. أحد سبل الاستثمار التي نعمل عليها هو تأمين قدرة البنوك الفلسطينية على تقديم قروض للمطورين الفلسطينيين في القدس الشرقية لبناء مساكن مرخصة جديدة وبأسعار معقولة للعائلات الفلسطينية الشابة في القدس الشرقية. 

لأسباب عديدة، لا يستطيع مطورو العقارات الفلسطينيون في القدس الشرقية الوصول إلى رأس المال. نحن نعمل على حل هذه المشكلة. ثم سألتهم أين يعيشون في شعفاط لأن بعض المشاريع الإسكانية التي نبحثها موجودة في شعفاط. ثم قالوا إنهم لا يعيشون في حي شعفاط، بل في مخيم شعفاط، الذي يُحتمل أن يكون الجزء الأكثر فقراً والأكثر تخلفاً في القدس داخل حدود بلدية القدس الإسرائيلية. ليس من غير المألوف أن يخفي سكان مخيم شعفاط للاجئين الذين يبلغ عددهم 60.000 نسمة، مكان إقامتهم الحقيقي.

بينما كنا نتحدث، جلس رجلان إسرائيليان في منتصف العمر بجواري سمعاني أخبر الشابين الفلسطينيين أنني تطوعت في منظمة تسمى بشر بلا حدود والتي تجند متطوعين من إسرائيل لنقل الأطفال الفلسطينيين المرضى إلى المستشفيات في القدس والعودة إلى منازلهم في الضفة الغربية. سألني السادة اليهود الجالسون بجواري، والذين أخبروني أنهم من أصل مغربي ويفهمون اللغة العربية، إذا كنت أقود أطفالًا يهودًا إسرائيليين أيضًا. من لهجته، كان من الواضح أنه بدأ في إثارة الجدل.

 أخبرته أنني لم أفعل ذلك، ولم تفعل المنظمة، وأن معظم الأطفال الإسرائيليين في القدس الذين يحتاجون للذهاب إلى المستشفى لديهم والديهم والعديد من وسائل النقل تحت تصرفهم دون نقاط تفتيش تابعة للجيش الإسرائيلي والحاجة إلى الحصول على تصريح إسرائيلي للحصول على الرعاية الصحية. ثم سأل عما إذا كنت أفعل ذلك كجزء من "أجندة" "هل أنت مع هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان؟" قلت له إننا نقوم بخدمة إنسانية لمساعدة الناس الذين هم جيراننا والذين يعيشون تحت احتلالنا العسكري. ثم أجاب - المشكلة أننا نريد السلام لكنهم لا يريدون، يريدون قتلنا.

 قال إننا نريد فقط أن نعيش، وهم يريدون فقط قتلنا وطردنا من هنا. نظرت إلى الشابين من مخيم شعفاط للاجئين اللذين يجيدان اللغة العبرية بطلاقة وسألتهما عما إذا كانا يعتقدان أن الشعب الفلسطيني يريد أن يعيش بسلام أو يريد قتل كل اليهود. في البداية، رأيتهما يتقلصون في مقعديهما لأن المحادثة أصبحت أعلى وأكثر حدة. قالا إنهما يريدان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي حتى يتمكن شعبنا من العيش بسلام. أجبت أن كلا الطرفين يريد السلام وادعيا أن الطرف الآخر لا يريد ذلك. 

قال صديقي الإسرائيلي-المغربي إن لنا جميعًا حياة طيبة وإنهم إذا لم يكرهونا، فيمكننا جميعًا أن نعيش في سلام. ثم أشرت إلى أنه من بين حوالي 400 ألف فلسطيني يعيشون في القدس، يعيش حوالي 80٪ منهم في فقر وبدون حقوق مدنية كاملة. كيف يمكنك أن تتوقع منهم أن يعيشوا فقط وأن يدعوا الاخرين يعيشون؟ لديهم الحق في النضال من أجل الحرية والمساواة. رد طالب الطب على الرجل الإسرائيلي الذي ادعى أن الفلسطينيين في القدس يتمتعون بحياة رائعة، وقف حاملاً هاتفه في يده، وفتح مقطع فيديو يوضح كيف قام حرس الحدود بمضايقتهم عند نقطة تفتيش مخيم شعفاط عندما كانوا في طريقهم إلى المطار. فتحت شرطة الحدود حقائبهم وألقوا بكل ملابسهم في الشارع - وطوال ذلك كانوا يصرخون عليهم بالأوامر بالعبرية.

قال الرجلان الإسرائيليان إنهما يوظفان الكثير من العرب الذين يعملون لديهما (في البناء افترضت) وأنهم جميعًا كانوا سعداء بالعيش في ظل إسرائيل. قالوا فقط إن القادة الفلسطينيين يعلمونهم جميعًا أن يكرهوا اليهود. حاولت أن أوضح أنه مثلنا تمامًا، يريد جميع الفلسطينيين تقريبًا التحكم في مصيرهم ولا يريدون العيش في ظل قهر الاحتلال. بحلول هذا الوقت، كانت النغمة تتصاعد وقلت، خلاص - كفى - لا أريد الجدال. بعد بضع دقائق نهضوا وابتعدوا. أفترض أنه عندما يكون الواقع لا يطاق حقًا، يكون من الأسهل العيش في عالم مليء بالغموض حيث لا يتعين عليك مواجهة عواقب أفعالك بشكل مباشر. العيش في حالة إنكار هو بشكل قاطع كيف يعيش الكثير من الإسرائيليين حياتهم.