Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 16 نوفمبر 2024 10:22 صباحًا - بتوقيت القدس

وجهة نظر: وأرسل لي لوحة وقصيدة فعلقت



أما اللوحة فهي قصيدة شاعر مفلق!!

وبعض الناس لا يقرؤون الشعر إلا في الألفاظ...

قالها جلال الدين الرومي من قبل: أنين الناي نار لا هواء..

يعني أنين الناي والناي هنا هو الشاعر، ليس نفخة تحمل صوتاً...

أشعر أحياناً أن في تحليل احتوائنا للجمال بكل تجلياته، نوعاً من البعثرة أو التبعيض الذي يمارسة جزار أو جراح وهنا لا فرق.

فكرة إدراك الكل بالكل على قول البحتري "حتى تتقراهم يداي بلمس" هي الأكثر حضوراً..

الصورة بكل البهاء والأبهة والبؤس الذي فيها ذكرتني بشيء من أيام طفولتي: كنت وأنا في المدرسة الابتدائية، في المدرسة الهاشمية في تراب الغرباء قرب بيتنا في حلب. إذا طالت علي العطلة الصيفية، وشغفني الشوق إلى مدرستي، بل أمضني، أنسل عند العصر لأقف وقفة هذا المتطلع من خلال السور الحديدي إلى باب المدرسة... متى يفتح فيضمني!!

أنا الآن على أبواب النافذة ما زلت أقف خلف النافذة لأرقب أسراب التلاميذ في غدوهم والرواح...

الصورة الجانبية للرسام تؤكد أنه لم يفكر أن يقارب النظرة الملتهبة بالمعاني التي قرأتم بعضها في قصيدتكم الجميلة، لم يقارب الصورة بمواجهة عينيّ عيني الصبي.. ذي الأسمال، وأظنه يدرك أنه لو حاول لاحترقت اللوحة...

قصيدتكم شجن بارك الله فيكم. أحيانا أقول هكذا: لو وقف ألف شاعر أمام منظر برعم ورد يتفتح في أول الربيع، وأدركوا، لكان لنا ألف قصيدة...

إقبال في ديوانه: "بيام مشرق" الذي ضاع فيما ضاع من كتبي يوم أخرجت من حلب له قصيدة عنوانها "الوردة الأولى" يقول فيها:


لا أرى لي في المروج من قريع

أنــــا أولى زهــــور هــــذا الربيـــــع

أبتغي في الغدير صورة نفسي

لأرى وجه مؤنس لي ســـــــميع

وأنــــا النجــــــــــم خلفتــــه الثريــــا

نســـــــج الترب ثوب ورد عليا


تلك مأساة أخرى غير مأساة طفل اللوحة، الذي صار في عالمنا في شامنا جيلاً، ومأساة الرسام الذي رسم اللوحة، فهذه اللوحة رسمتها المعاناة المدركة، بكل ضربة فرشاة فيها، ولو لم يكن الإنسان بذاتيته الإنسانية هناك، لما كانت هذه اللوحة..

ولولا دراهم أبي حنيفة القليلة، التي أسعفت حال التلميذ النجيب "أبو يوسف" ربما لكان في بغداد قصاب آخر. هذه الرسالة ربما قد يقرؤها آلاف المترفين بين جيل الضياع السوري!! ولكثرة ما يردد عليً الأحباب: "لا نفقه كثيرا مما تقول.." أوشكت أن أنسحب وأنزوي..

اسمح لي- أخي- أن أبقى مع قصيدتك التي جاءت كضربة ريشة على اللوحة المعبرة، أردت أن أصف اللوحة بالجميلة، فأبت عليّ لوحة الحروف، وأردت أن أصفها بالحزينة، فكانت أشدُّ إباء..

اللوحة قصيدة، والقصيدة لوحة، وكل يستمد من كل، والممزق هنا ليس الثوب بل هو الإنسان، الطفل الواقف بباب المدرسة، والرسام والشاعر وأنا وأنت.

أما الحال فهو القلب الممزق، وأظن شاعر القصيدة، عبر بالعام عن الأشد خصوصية، فالقلب الذي يظل ينبض حتى بعد الذبح هو أيضا شلو، أمّا بيضة القبان هنا فأظنها قد تسللت إلى القصيدة من ثغرة خلفية، أو من انعكاس مظلم من عالم المخاطَبين.. ولو قيل لهم ولمن يبادر: منًة الرحمن لكان أولى بهم، وأليق بخطوط القصيدة وألوانها وفرشاتها.


سامحني أخي

كانت رسالتك أول ما استقبلتُ في صباح هذه الجمعة المباركة، فطوحت بي إلى عوالم لا أملك من أمرها شيئاً..

هذا تعليقي على صورة طفل إنسان يرنو على باب مدرسة للفنان نيكولاي بوغدانوف- في عام ١٨٩٧

كنت أتمنى أن أحولها إليكم..

ولكنني أشفقت عليها أو عليكم، لا أدري.. وعلى قصيدة أخينا الشاعر المبدع أدامه الله إنسانا وشاعراً مبدعاً منشغلاً دائماً كعادته بالمعالي..

بإمكان من يهتم أن يتلمس اللوحة والقصيدة. واغفروا لي تطفلي عليكم

صباح الجمعة مصلياً على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله


*مدير مركز الشرق العربي

 

......

تلك مأساة أخرى غير مأساة طفل اللوحة، الذي صار في عالمنا في شامنا جيلاً، ومأساة الرسام الذي رسم اللوحة، فهذه اللوحة رسمتها المعاناة المدركة، بكل ضربة فرشاة فيها.

دلالات

شارك برأيك

وجهة نظر: وأرسل لي لوحة وقصيدة فعلقت

المزيد في أقلام وأراء

زامير والتهديد بالتغيير

حديث القدس

خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف

أحمد رفيق عوض

جمعية فلسطين الدولية.. تفوّق نوعي متعدد الطبقات

حمادة فراعنة

مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية ضد مخطط التهجير

رائد عبد الفتاح مهنا

عن السعدنة وطريق السعادين

مصطفى بشارات

الأنظمة وتهجير غزة.. بين "التنمية بالحماية الشعبية" ومواجهة الصهيوأمريكي

د. عادل سمارة

التحول في الترمبية في المرحلة الثانية

رمزي عودة

نتنياهو وتزييف الحقائق

حديث القدس

الحالة الفلسطينية وغياب العقد الاجتماعي

محسن أبو رمضان

الاقتراح المصري خطة وطنية وخطوة ضرورية

بهاء رحال

في القدس.. حرب على الوعي والمناهج والهوية والذاكرة والتاريخ

راسم عبيدات

الشرعية الفلسطينية تمثلها منظمة التحرير

فوزي علي السمهوري

قمة بعد أخرى.. ماذا قدمت القمم العربية للقضية الفلسطينية؟

أمين الحاج

عدالة القضية الكردية وتطلعاتها المشروعة

حمادة فراعنة

أمريكا من المكارثيـة إلى الترامبية

نبهان خريشة

المرسوم الرئاسي وملف الأسرى

دلال صائب عريقات ‏

دون تهجير!

اتفاق مع وقف التنفيذ!

حديث القدس

خطة ترمب نكبة ثانية

عقل صلاح

فرعون العصر والرّد العربي!

بكر أبو بكر

أسعار العملات

الأحد 09 فبراير 2025 9:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.55

شراء 3.56

دينار / شيكل

بيع 5.01

شراء 5.0

يورو / شيكل

بيع 3.68

شراء 3.67

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 653)