Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

السّبت 01 فبراير 2025 7:31 مساءً - بتوقيت القدس

استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة

رام الله - "القدس" دوت كوم

في ظل التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية، يثار الجدل حول موقف حركة "حماس" من الرؤية الفلسطينية الموحدة لإقامة الدولة على حدود عام 1967، حيث يأتي ذلك بالتزامن مع تحذير الرئاسة الفلسطينية في بيان لها، من أيّ مشاريع مشبوهة وإقامة دولة مصغرة، فهل يؤدي ذلك إلى وضع النقاط على الحروف بشأن إقامة الدولة الفلسطينية؟


ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة مع "ے" دوت كوم، أن بيان الرئاسة الأخير حذر بشكل واضح من المشاريع التي قد تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية، مجدداً التأكيد على رفض أي حلول تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني.


ويوضح الكتاب والمحللون والمختصون أن تصريحات قيادات "حماس" وخاصة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الخارج موسى أبو مرزوق حول قبول دولة فلسطينية على حدود العام 1967، تشير إلى سعي الحركة لتحسين صورتها الدولية، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. 


بيان الرئاسة جاء في الوقت المناسب


يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي، د. حسين الديك، أن البيان الأخير للرئاسة الفلسطينية، الذي حذر من المشاريع المشبوهة وإقامة دولة صغيرة في قطاع غزة، جاء في وقته المناسب وتميز بالوضوح والقوة. 


ويشير الديك إلى أن البيان تناول القضايا الأساسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وحذر من الطروحات والمشاريع التي قد تظهر في الفترة المقبلة، خاصة تلك التي تتساوق مع أجندة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية.


ويوضح الديك أن بيان الرئاسة جاء ليؤكد رفض أي مشاريع تهدف إلى تقليص الحقوق الفلسطينية أو تقسيم القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن هذه المشاريع قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية على مستقبل القضية، حيث إن البيان كان قوياً ومؤثراً، وتناول ما يتم إعداده من قبل الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه، والذي قد يشكل تهديداً مباشراً للوحدة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.


وفي ما يتعلق بتصريحات موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الخارج، حول قبول الحركة بدولة على حدود عام 1967، يوضح الديك أن هذه الفكرة ليست جديدة، بل تم التأكيد عليها منذ إعلان وثيقة "حماس" في عام 2017، والتي كانت موجهة باللغة الإنجليزية للجمهور الدولي. 


ويشير الديك إلى أن دخول "حماس" الانتخابات التشريعية في عام 2006 كان بمثابة قبول ضمني بفكرة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، لكن إعادة التأكيد على هذا الموقف اليوم يأتي في إطار حسابات سياسية تهدف إلى تحسين صورة الحركة دولياً.


ويعتقد الديك أن حركة "حماس" تسعى من خلال هذه التصريحات إلى تحقيق قبول أكبر في المجتمع الدولي، خاصة في ظل التعاطف الذي لاقته القضية الفلسطينية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023. 


ومع ذلك، يشير الديك إلى أن هناك عقبات كبيرة تواجه "حماس" في طريقها نحو القبول الدولي، خاصة في ظل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على الدول الأوروبية لعدم التعاطي مع الحركة.


ويؤكد الديك أن حركة "حماس"، رغم كل التحديات، ما زالت تشكل قوة سياسية وإدارية في قطاع غزة، حيث تقوم بإدارة الشؤون المدنية للقطاع بشكل فعلي.


 ومع ذلك، يشير الديك إلى أن قطاع غزة يوضع حالياً أمام تحديات كبيرة، خاصة في ظل الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الأخير. 


ويوضح الديك أن إعادة إعمار القطاع تتطلب موافقة دولية وتمويلاً كبيراً، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي.


ويرى الديك أن الدول العربية وخاصة الدول الخليجية، بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي، لن تقدم على مشاريع إعادة الإعمار دون موافقة دولية، مما يضع "حماس" أمام تحديات كبيرة في إدارة الأوضاع اليومية للقطاع، بما في ذلك توفير السكن والخدمات الأساسية للمواطنين. 


ويشير الديك إلى أن هذه المهام تتطلب قرارات سياسية دولية، وهو ما يجعل الوضع في غزة مرتبطاً بشكل وثيق بالموقف الأمريكي.


وفي ما يتعلق بالشراكة السياسية بين الفصائل الفلسطينية، يؤكد الديك أن الوضع الحالي لا يزال بعيداً عن تحقيق تفاهمات حقيقية بين حركة "حماس" ومنظمة التحرير. 


ويشير الديك إلى أن هناك العديد من العقبات التي تحول دون تحقيق شراكة سياسية فعلية، رغم كل المحاولات واللقاءات التي جرت في الجزائر والقاهرة وبكين.


ويؤكد أن العدوان الإسرائيلي على غزة زاد من تعقيد الوضع، حيث أصبحت عملية إعادة الإعمار مرتبطة بموافقة دولية، وهو ما يجعل أي خطوة نحو الشراكة السياسية تتطلب تنسيقاً دولياً. 


ويرى الديك أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد تحاولان استخدام الضغوط الاقتصادية والسياسية لتحقيق مكاسب لم تتحقق خلال الحرب، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في فلسطين.


ويعتقد الديك أن تصريحات موسى أبو مرزوق تكتيكية أكثر من كونها استراتيجية، موضحاً أن هذه التصريحات تأتي في إطار محاولة "حماس" للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه قطاع غزة، حيث يواجه المواطنون معاناة كبيرة جراء الدمار والحصار. 


ويشير الديك إلى أن حل هذه الأزمة يتطلب قراراً سياسياً دولياً، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون موافقة الولايات المتحدة.


ويلفت إلى أن واشنطن وتل أبيب قد تحاولان رفض أي دعوات لإعادة إعمار غزة أو التعامل مع "حماس"، لكنهما في الوقت نفسه قد يلجأان إلى المساومات لتحقيق أهدافهما السياسية. 


ويؤكد الديك أن استمرار الحصار وعدم السماح بإعادة الإعمار سيؤديان إلى استمرار المعاناة في غزة، ما يضع "حماس" أمام تحديات كبيرة في إدارة الأوضاع اليومية للقطاع.


ويرى الديك أن الوضع في غزة يبقى مرتبطاً بشكل وثيق بالقرارات السياسية الدولية، وأن أي حل حقيقي للأزمة يتطلب موافقة دولية، وهو ما يجعل مستقبل القطاع مرهوناً بموقف الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي.


ضرورة أن تكون "حماس" جزءاً من الحركة الوطنية


في ظل التصريحات الأخيرة التي أثارت جدلاً حول موقف حركة "حماس" من الحل السياسي للقضية الفلسطينية، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أن الموقف الرسمي للسلطة ومنظمة التحرير يظل ثابتاً حول المطالبة بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، مع اعتبار القدس عاصمة لها.


ويشير هواش إلى أن هذا الموقف يتم تأكيده بشكل دائم في كل البيانات والتصريحات الصادرة عن القيادة الفلسطينية، خاصة في ظل التطورات السياسية الدولية والمبادرات التي تطرحها الأمم المتحدة أو الدول الكبرى.


ويشير هواش إلى أن حركة "حماس" في عام 2017، أصدرت وثيقة سياسية أعلنت فيها قبولها بحل الدولتين، بما يتوافق مع المطالب الفلسطينية الرسمية، إلا أن هذا القبول ظل ملتبساً ويتعارض مع سلوك الحركة، خاصة بانفرادها في السيطرة على غزة وفتح معارك لاضعاف السلطة.


ويؤكد هواش أن ذلك أثار تساؤلات حول جدية مواقف "حماس" السياسية، كما أن الحركة، تحاول أن تقدم نفسها كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، في حين أنها ترفض الاندماج الكامل في إطار الشرعية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير والسلطة الوطنية.


ويشدد هواش على ضرورة أن تكون "حماس" جزءاً من الحركة الوطنية الفلسطينية، لكن تعمل الحركة على إضعاف السلطة الفلسطينية وتقويض شرعيتها، ما يخدم مصالحها الحزبية على حساب المصلحة الوطنية العليا.


ويشير هواش إلى أن "حماس"، كجزء من حركة الإخوان المسلمين، لديها أجندات سياسية تتجاوز القضية الفلسطينية، ما يجعلها تتعامل مع القضية من منظور ضيق تتناقض أحياناً مع المطالب الوطنية الفلسطينية. 


ويؤكد أن سياسات "حماس" اليومية تؤدي إلى تعميق الانقسام على طريق انفصال غزة عن الكينونة الفلسطينية، ما يعيق تحقيق الوحدة الوطنية ويضعف الموقف الفلسطيني.


ويدعو هواش حركة "حماس" إلى الاندماج الكامل في إطار الشرعية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير والسلطة الوطنية، والتخلي عن سياسات الانقسام التي تضعف الموقف الفلسطيني. 


ويؤكد أن قبول "حماس" بحل الدولتين على حدود عام 1967 يجب أن يكون واضحاً وصريحاً، وأن يترافق مع تسليم المفاتيح الكاملة للسلطة الفلسطينية، بما يسمح بإجراء انتخابات عامة عندما تسمح الظروف بذلك.


ويشير هواش إلى أن الخوف من دخول "حماس" إلى المؤسسات الفلسطينية يرتبط بعدم وضوح مواقفها السياسية، خاصة في ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967. 


ويؤكد أن قبول "حماس" بهذا الحل يجب أن يكون مصحوباً بوثائق رسمية ومباحثات وطنية تضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي اعتبارات حزبية أو إقليمية.


ويشير هواش إلى أن المجتمع الدولي لن يقبل بشراكة سياسية مع "حماس"، إلا إذا أثبتت الحركة التزامها الكامل بالبرنامج الوطني الفلسطيني وبالشرعية الفلسطينية، القائمة على وضوح الرؤية الفلسطينية من حل الدولتين.


ويؤكد هواش أن تحقيق السلام وإعادة إعمار قطاع غزة يتطلبان شرعية سياسية واضحة وشراكات عربية ودولية، وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل الانقسام السياسي وغياب الوحدة الوطنية. 


ويشير هواش إلى أن "حماس" يجب أن تختار بين أن تكون جزءاً من الحركة الوطنية الفلسطينية أو أن تظل خارج إطار الشرعية، فوجودها بالداخل يمكنها من أن تقدم رؤيتها كمعارضة فعالة.


"حماس" تواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة


يؤكد الكاتب الصحفي مهند عبد الحميد أن قيادة منظمة التحرير اتخذت، منذ السبعينات، توجهاً سياسياً يقترب من الحل الدولي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وصولاً إلى تبني هذا الحل بالكامل في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988. 


ويشدد عبد الحميد على أن هذا الحل استند إلى إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967، مع حل قضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194، حيث إن هذا التوجه جاء نتيجة تجربة الثورة الفلسطينية لعقدين من الزمن، وبناءً على نصائح الحلفاء والأصدقاء، إلى جانب توافقه مع إرادة المجتمع الدولي بمعسكريه الرأسمالي والاشتراكي آنذاك.


ويوضح عبد الحميد أن تبني الحل الدولي من قبل منظمة التحرير ساهم في تعزيز الشرعية الفلسطينية على المستويين العربي والدولي، وحقق إنجازات سياسية كبيرة، مشيراً إلى أن القيادة الفلسطينية لم تلجأ لهذا الخيار كمناورة سياسية أو لتجاوز أزمات ظرفية، بل عن قناعة بكونه الحل الوحيد المقبول دولياً. 


ويؤكد عبد الحميد أن إسرائيل قاومت هذا الحل، وعندما أبدت قبولها به، فرضت شروطاً "تعجيزية"، مثل الاعتراف بيهودية الدولة وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين.


ورغم استمرار إسرائيل في رفضها للحل الدولي أو محاولة فرض شروط تحول دون تطبيقه، يرى عبد الحميد أن هذا الحل لا يزال يحظى بدعم عربي ودولي، ويعتبر الخيار الوحيد القابل للتطبيق، مؤكداً أهمية تأييد معسكر السلام الإسرائيلي، الذي بدأ في الانتفاضة الأولى وتراجع بشكل كبير خلال الانتفاضة الثانية.


ويشير عبد الحميد إلى أن البدائل المطروحة الأخرى، مثل الحلول التي تعتمد على "اليوتوبيا والأحلام"، لا تمتلك أي سند واقعي.


وفي ما يتعلق بالشراكة السياسية، يؤكد عبد الحميد أن منظمة التحرير عرضت في السابق على حركة الإخوان المسلمين الفلسطينية، التي تحولت لاحقاً إلى حركة "حماس"، الانضمام للشرعية الفلسطينية، لكنها رفضت المشاركة وظلت تعمل في إطار موازٍ. 


ويشير عبد الحميد إلى أن هذا النهج استمر حتى خلال الانتفاضة الأولى التي وحدت معظم القوى الفلسطينية، حيث اتخذت "حماس" مساراً منفصلاً، وصولاً إلى إنشاء سلطة موازية في قطاع غزة وحسم الازدواجية بالانقلاب وبالسيطرة العسكرية على القطاع.


ويرى عبد الحميد أن القيادة الفلسطينية كانت قد تركت أبواب الشرعية مفتوحة أمام "حماس"، إلا أن الأخيرة عملت في الاتجاه المعاكس. 


واليوم، يرى عبد الحميد أن "حماس" أصبحت بحاجة إلى العودة للشرعية الفلسطينية، خاصة بعد أن باتت تُوصف بالإرهاب دولياً. 


ويؤكد عبد الحميد أن عودة حركة "حماس" إلى الشرعية الفلسطينية يجب أن تتم من خلال الالتزام بالميثاق الوطني والقانون الأساسي، وليس من خلال محاولة الالتفاف على الشرعية عبر أطر مؤقتة، كما حدث سابقاً.


وعن وثيقة "حماس" لعام 2017 التي اعترفت فيها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وموافقتها على القانون الأساسي عشية انتخابات 2006، يرى عبد الحميد أن هذه الخطوات كانت تكتيكية وبراغماتية ولم تعكس تغييراً حقيقياً في الأيديولوجيا لدى "حماس".


ويوضح عبد الحميد أن "حماس" لم تخضع تنظيمها وقاعدتها الجماهيرية لتعبئة سياسية تتماشى مع هذه التطورات، بل استمرت في خطابها السياسي والإعلامي والديني دون تغيير يُذكر.


ويشير عبد الحميد إلى أن مؤتمرات "وعد الآخرة" التي نظمتها "حماس" قبل الحرب تؤكد استمرار التعبئة الإيديولوجية التي ترفض الشراكة السياسية. 


لكن عبد الحميد يشدد على أن حركة "حماس" لديها فرصة، بعد حرب الإبادة التي تعرضت لها غزة، للانتقال إلى سياسة وطنية عقلانية تقوم على الأقوال والأفعال، بما في ذلك تعبئة قاعدتها الجماهيرية على أسس جديدة.


ويشير عبد الحميد إلى أن "حماس" تواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، أبرزها مراجعة علاقتها مع المحور الإيراني ودورها الوظيفي في حكم غزة، وهو الدور الذي سمح لحكومة نتنياهو بإدخال الأموال للحركة في القطاع، مؤكداً أن العنصر الحاسم يتمثل في مدى استعداد "حماس" لأن تكون جزءاً من الشرعية الفلسطينية، والالتزام باستحقاقات هذه الشراكة.


ويضرب عبد الحميد مثالاً بتنظيم القاعدة -هيئة تحرير الشام- الذي بدأ يحظى بقبول دولي نتيجة التزامه بسياسات واقعية وغير إقصائية. 


ويؤكد عبد الحميد أن العالم يراقب حركة "حماس" بانتظار تغيير سياستها، مشيراً إلى أن القبول الدولي يعتمد بشكل أساسي على الخطوات العملية التي ستتخذها الحركة لتحقيق الشراكة الوطنية.


ويشدد عبد الحميد على ان انضمام "حماس" للشرعية الفلسطينية يجب أن يكون مدفوعاً بقناعة داخلية، بعيداً عن التكتيكات المرحلية، مؤكداً أن ذلك هو السبيل الوحيد لتعزيز الوحدة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام التي أضرت بالقضية الفلسطينية.


دلالات توقيت تصريحات أبو مرزوق


يرى أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي، سهيل دياب أن تصريحات نائب رئيس حركة "حماس" في الخارج موسى أبو مرزوق تجاه الموقف من حل الدولتين ليست الأولى من نوعها، حيث سبق وأن أشارت وثيقة "حماس" لعام 2017، إلى قبولها لحل الدولتين كخطوة مرحلية، لكن الجديد في الأمر هو التوقيت والسياق الذي جاءت فيه هذه التصريحات، ويمكن القول "إن تصريح أبو مرزوق أقل تكتيكياً، وأكثر استراتيجياً".


ويشير دياب إلى أن التوقيت الحالي لهذه التصريحات يحمل دلالات سياسية مهمة، فقيادة "حماس" وصلت إلى استنتاج مفاده أنه من غير الممكن التوفيق بين إدارة قطاع غزة بعد الحرب الحالية وبين إنهاء حالة الحرب بشكل نهائي، ولذلك، لجأت "حماس" إلى إرسال رسائل إلى ثلاثة أطراف رئيسية: المجتمع الدولي، الحاضنة الشعبية للمقاومة، والمجتمع الإسرائيلي.


ويوضح دياب أنه بالنسبة للمجتمع الدولي، تريد "حماس" أن توضح أنها ليست متشبثة بإدارة قطاع غزة بمفردها في مرحلة ما بعد الحرب. 


ويشير دياب إلى أن هذه الرسالة تأتي كتأكيد على تفاهمات القاهرة بين فتح و"حماس"، والتي تتضمن محاولة إقامة لجنة إسناد لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهذا يعني أن "حماس" على استعداد لأن تكون السلطة الفلسطينية الوجه الشرعي لإعادة إعمار القطاع، مع وجود لجنة إسناد تدير العملية.


أما الرسالة الثانية الموجهة إلى الحاضنة الشعبية للمقاومة، خاصة في قطاع غزة، فيرى دياب أن "حماس" تريد أن توضح أنها إذا ذهبت إلى حلول سياسية متعلقة بحل الدولتين، فإن هذا التوجه لن يكون مرحلياً فقط، بل قد يصبح نهائياً.


ويوضح دياب أن هذا التوجه يعكس تغيراً في صورة "حماس" بعد المواجهات الأخيرة التي استمرت 15 شهراً، حيث تسعى الحركة إلى تأكيد وزنها كحزب سياسي وليس فقط كمقاومة مسلحة.


وبحسب دياب، فإن الرسالة الثالثة الموجهة إلى المجتمع الإسرائيلي، تريد "حماس" أن توضح أن إسرائيل قد أدركت أن "حماس" لا يمكن إنهاؤها بشكل نهائي. 


ويشير دياب إلى أن إسرائيل وقعت على صفقة تبادل أسرى مؤخراً، ما يعكس اعترافاً ضمنياً بقوة "حماس"، ولذلك، تريد "حماس" أن تقول لإسرائيل أنه ليس هناك ضرورة لمواصلة الحرب عليها، خاصة إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى حل سياسي.


ويوضح أن هذه التصريحات تأتي في سياق إقليمي ودولي متغير، فمع قدوم إدارة ترامب في الولايات المتحدة، والتغيرات في المنطقة، وصلت "حماس" إلى استنتاج بأن حل الدولتين قد يكون الحل الأكثر واقعية في الوقت الحالي. 


ويشير دياب إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو لن تقبل بحل الدولتين بسهولة، مؤكداً أن أكثر ما يقلق الحكومة الإسرائيلية هو أن حل الدولتين قد يكون المدخل الأساسي لانهيار الحلم الصهيوني، ولذلك فإن إسرائيل تفضل طرح حل الدولة الواحدة أو أي توجه متطرف آخر، لأن ذلك يساعدها في مواصلة العدوان والحفاظ على الوضع الراهن.


أما بالنسبة للجانب الأمريكي، فيشير دياب إلى أن الولايات المتحدة قد تكون على استعداد للوصول إلى حل وسط يتضمن إقامة كيان فلسطيني في غزة وأجزاء من الضفة الغربية، مع قيادة سياسية لا تعادي الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه إذا توفرت هذه الشروط، فإن الولايات المتحدة قد تذهب إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.


ويلفت دياب إلى أن المحور السعودي المصري قد يلعب دوراً مهماً في الضغط على الولايات المتحدة لإيجاد حل للقضية الفلسطينية. 


ويوضح أن السعودية تحظى بأهمية استراتيجية للولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلق بأسعار النفط والمعابر البحرية، ولذلك، فإن الضغط السعودي المصري قد يكون مؤثراً في دفع الولايات المتحدة نحو حل الدولتين.

ويؤكد دياب أن هذه التصريحات ل"حماس" تعكس تحولاً في استراتيجية الحركة، حيث أصبح حل الدولتين أقرب إلى الاستراتيجية وليس مجرد تكتيك، مشيراً إلى أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا التوجه سيؤدي إلى حل دائم للقضية الفلسطينية.


غياب الوحدة في الخطاب السياسي الفلسطيني


يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن الموقف الفلسطيني يعاني من غياب الوحدة في الخطاب السياسي، مما يضعف التأثير الفلسطيني على المستوى الدولي. 


ويشير بشارات إلى أن الأطروحات السياسية الفلسطينية الحالية تعتمد أكثر على ردود الفعل بدلاً من صياغة مواقف موحدة وفعّالة.


ويوضح بشارات أن غياب الخطاب الفلسطيني الموحد يعكس حالة من الضعف السياسي، مشيراً إلى أن التوجه نحو تحقيق موقف فلسطيني موحد يتطلب تعزيز مفهوم الشراكة الوطنية، بما يشمل جميع الأطراف الفلسطينية دون استثناء. 


ويعتبر أن الانقسام الداخلي والتباين في المواقف يعيق القدرة على تقديم رؤية سياسية واضحة للعالم، ما يؤثر سلباً على دعم القضية الفلسطينية.


ويعتقد بشارات أن التفكير في مستقبل الحالة الفلسطينية، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة، يستوجب التروي وعدم التسرع في طرح الأفكار المتعلقة بكيفية التعاطي مع القوى الدولية، مشدداً على أهمية دراسة وفهم السلوك المستقبلي لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل تجاه القضية الفلسطينية، لتجنب تقديم أطروحات مجانية قد تُستغل لصالح الاحتلال.


ويحذر بشارات من تكرار تجربة الثلاثين عاماً الماضية، حيث استندت السياسة الفلسطينية على وعود أمريكية وإسرائيلية لم تتحقق، بل استُخدمت لتبرير العدوان وسلب الحقوق الفلسطينية. 


ويؤكد بشارات أن أي طرح سياسي فلسطيني يجب أن يكون مدروساً، مع مراعاة طبيعة العلاقة المستقبلية مع إسرائيل والولايات المتحدة.


وفي ما يتعلق بموقف حركة "حماس" من التطورات السياسية وطرحها على لسان أبو مرزوق فكرة قبول إقامة دولة على حدود العام 1967، يرى بشارات أن مواقف الحركة الحالية تُعبّر عن تكتيك مرحلي وليس استراتيجية طويلة الأمد. 


ويشير بشارات إلى أن "حماس" تسعى في هذه المرحلة لإرسال رسائل طمأنة للمجتمع الدولي، محاولةً تقليل حدة العداء تجاهها.


لكن بشارات يتساءل عن إمكانية قبول العالم لهذه المواقف في ظل استمرار نهج المقاومة وسلاحها، الذي يعتبره المجتمع الدولي تهديداً للأمن الإسرائيلي.


ويشير بشارات إلى أن مبدأ الأمن الإسرائيلي هو المعيار الأساسي الذي يحدد مدى قبول المجتمع الدولي لأي أطروحات سياسية فلسطينية. 


ويرى أنه من غير المرجح أن يقبل العالم بأي مبادرات فلسطينية طالما لم يتم تقديم ضمانات كاملة لأمن إسرائيل.


ويعتقد أن حركة "حماس" تواجه تحدياً كبيراً في المرحلة الحالية، يتمثل في كيفية الموازنة بين نهج المقاومة ومتطلبات المجتمع الدولي. 


ويشير بشارات إلى أن أي تنازل سياسي كبير من قبل حركة "حماس" قد يُنظر إليه كخطوة انتحارية سياسية، تُنهي دورها كحركة تحرر ومقاومة وهو بمثابة "إطلاق رصاصة الرحمة" على نهجها وطرحها السياسي منذ انطلاقتها. 


ويعتبر بشارات أن المرحلة الحالية تتطلب من "حماس" مراجعة مواقفها بعناية، لتجنب الانزلاق في مواقف قد تضر بالقضية الفلسطينية وتضعف الدعم الدولي لها.

دلالات

شارك برأيك

استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 538)