Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 04 فبراير 2025 10:06 صباحًا - بتوقيت القدس

ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!

رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى بشكل واضح إلى خدمة إسرائيل من خلال تصعيد التهديدات ضد الفلسطينيين، إلا أن هذه السياسات قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة، تصب في نهاية المطاف في صالح القضية الفلسطينية بدلاً من إضعافها. فبدلاً من أن تدفع التهديدات الفلسطينيين إلى الاستسلام أو الهجرة، فإنها تؤدي إلى توليد أفكار جديدة للمقاومة، وتعزز الوحدة الداخلية، وتكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم، ما يعيد القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام الدولي.

كلما زادت التهديدات التي تستهدف الوجود الفلسطيني، كلما ابتكر الفلسطينيون أساليب جديدة لمواجهة الاحتلال. ففي كل مرحلة مفصلية، يواجه الفلسطينيون التحديات بأساليب غير تقليدية، سواء على مستوى المقاومة الشعبية أو العسكرية أو حتى القانونية والدبلوماسية. مثال ذلك أن الحصار الطويل على قطاع غزة لم يؤد إلى استسلام السكان، بل حول القطاع إلى مركز للابتكار في وسائل الدفاع والهجوم، رغم كل القيود المفروضة عليه. كما أن مسيرات العودة التي انطلقت عام 2018، كانت نموذجًا آخر لإعادة فرض قضية حق العودة على الأجندة الدولية، بعد أن حاولت إدارة ترامب تقويضها عبر وقف دعم الأونروا ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

التهديد المباشر بترحيل الفلسطينيين أو ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، يعيد ترتيب الأولويات داخل الصف الفلسطيني، حيث تتراجع الخلافات السياسية أمام الخطر الوجودي الذي يهدد الجميع. في أزمات سابقة، مثل الانتفاضتين الأولى والثانية، أدت السياسات الإسرائيلية القمعية إلى تعزيز الوحدة بين الفلسطينيين، وجعلت مقاومة الاحتلال هي الأولوية القصوى. اليوم، ومع تصاعد التهديدات، تتزايد الدعوات لتوحيد الصف الفلسطيني، سواء بين الفصائل أو بين فلسطينيي الضفة وغزة وأراضي الداخل المحتل، لأن الجميع يدرك أن الصراع لم يعد سياسيًا فحسب، بل أصبح صراع بقاء.

على المستوى الدولي، يبدو أن إدارة ترامب تقدم خدمة غير مقصودة للفلسطينيين، من خلال كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم. لسنوات طويلة، حاولت إسرائيل تقديم نفسها كدولة تبحث عن السلام، لكن عندما تتبنى الولايات المتحدة خطابًا علنيًا يتحدث عن تهجير الفلسطينيين بالقوة أو ضم أراضيهم، فإن إسرائيل تفقد الغطاء الأخلاقي الذي كانت تختبئ خلفه. هذه السياسات تعزز المواقف الفلسطينية في المؤسسات الدولية، وتدفع منظمات مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية إلى إعادة النظر في تصعيد الضغط على إسرائيل، كما حصل عندما نقلت إدارة ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس، مما أدى إلى إجماع دولي واسع ضد القرار وعزل واشنطن سياسيًا.

بالتوازي مع ذلك، تسهم سياسات ترامب في إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية، بعد محاولات مستمرة لتهميشها. في السنوات الأخيرة، بدا وكأن بعض الدول العربية والغربية تتجه إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، متجاهلة القضية الفلسطينية. لكن مع تصاعد التهديدات بالتهجير والضم، باتت الحكومات والشعوب أمام حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن الخطر الإسرائيلي لا يهدد الفلسطينيين فقط، بل قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها. وهذا الواقع يدفع العديد من الأطراف إلى إعادة النظر في مواقفها، وإعادة التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية.

في المحصلة، يبدو أن ترامب، الذي يظن أنه يمارس أقصى درجات الضغط على الفلسطينيين، ينتهي دون قصد إلى دفعهم نحو المزيد من التماسك والتجديد في أساليب المواجهة. إن كانت نية ترامب هي القضاء على القضية الفلسطينية، فإن سياساته قد تحقق العكس تمامًا، حيث يصبح الفلسطينيون أكثر إصرارًا على البقاء، وأكثر قدرة على فرض قضيتهم على الساحة الدولية، مدعومين بوحدة داخلية متزايدة ووعي عالمي متجدد بحقوقهم.

ترامب وإعادة المبادرة إلى الشعب الفلسطيني

رغم محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقويض الكينونة الفلسطينية وإضعافها سياسيًا وجغرافيًا، فإن هذه الضغوط قد تؤدي إلى عكس ما يسعى إليه، حيث تعيد المبادرة إلى الشعب الفلسطيني نفسه، الذي لطالما أثبت قدرته على التكيف مع المراحل المختلفة والاستجابة للتحديات بطرق مبتكرة. ففي كل مرة حاولت القوى الكبرى فرض حلول تنتقص من الحقوق الفلسطينية، جاء الرد من الشارع الفلسطيني نفسه، الذي تمكن من قلب المعادلة وإعادة صياغة المشهد السياسي وفق أولوياته.

عبر التاريخ، لم تكن القيادة السياسية الفلسطينية هي المحرك الأساسي لمراحل التحول الكبرى، بل كان الفعل الشعبي هو الذي حدد المسار وأجبر الجميع على إعادة الحسابات. في انتفاضة 1987، لم يكن هناك قرار مركزي بإشعال المواجهة، لكنها انطلقت من الشارع، وفرضت نفسها على القيادات الفلسطينية والعالم أجمع، مما أدى لاحقًا إلى تغيير استراتيجي في شكل الصراع. وفي الانتفاضة الثانية عام 2000، جاء الرد الشعبي ليعيد رسم قواعد اللعبة بعدما اتضح أن المسار السياسي لم يحقق الطموحات الفلسطينية. واليوم، مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام لحظة مماثلة، حيث يصبح الفعل الجماهيري هو المحرك الأساسي للمرحلة القادمة.

محاولات إسرائيل، بدعم أمريكي، لتفكيك الهوية الفلسطينية أو تقويض مقوماتها، قد تدفع الشعب الفلسطيني إلى تطوير أشكال جديدة من المقاومة والتكيف مع الواقع المستجد. فكما نجح الفلسطينيون في مواجهة التهجير عام 1948 بالتمسك بحق العودة رغم مرور عقود، وكما تمكنوا من تحويل الحصار المفروض على غزة إلى دافع لتطوير قدراتهم، فإنهم قادرون على تحويل التهديدات الحالية إلى فرصة لتعزيز حضورهم السياسي والميداني. فقد تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة "إعادة اختراع المقاومة"، حيث يتم دمج العمل الجماهيري بالإبداع التكنولوجي والضغط القانوني والدبلوماسي، مما يخلق ديناميكية جديدة يصعب على الاحتلال مواجهتها.

ومع استمرار التحديات، تتضح ملامح مرحلة فلسطينية جديدة تتجاوز القيود السياسية المفروضة. فقد أصبح الفلسطينيون أكثر وعيًا بضرورة بناء أدواتهم الذاتية بعيدًا عن الحسابات الإقليمية والدولية، مما قد يؤدي إلى نشوء حالة فلسطينية جديدة قادرة على استعادة زمام المبادرة. هذا التكيف المستمر مع متطلبات المراحل المختلفة هو ما جعل القضية الفلسطينية باقية رغم كل المحاولات لإنهائها، وهو ما سيجعلها تفرض نفسها مجددًا على الساحة، مهما بلغت حدة الضغوط والتحديات.

سياسات نتنياهو وعودة خيار الدولة الواحدة إلى الواجهة

التوجه الذي يدفع به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمتمثل في تعميق الاحتلال ورفض حل الدولتين، قد يؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية تمامًا لما يسعى إليه. فبدلًا من تمهيد الطريق لتكريس الهيمنة الإسرائيلية وفرض واقع جديد على الفلسطينيين، فإنه يعيد إلى الواجهة أفكارًا كانت في سبات، مثل خيار الدولة الواحدة الديمقراطية، والذي قد يصبح في المستقبل البديل الأكثر منطقية في ظل انهيار حل الدولتين.

لطالما كان حل الدولتين هو الخيار الذي ارتكزت عليه الجهود الدولية لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن سياسات نتنياهو، المدعومة أحيانًا من قبل إدارة ترامب، أدت إلى تقويض هذا الحل بشكل ممنهج عبر توسيع الاستيطان، ومحاولات ضم أجزاء من الضفة الغربية، والتعامل مع الفلسطينيين كشعب يمكن تجاوزه أو حتى تهجيره. ومع تآكل فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة بسبب الاستيطان وتفكيك المؤسسات الفلسطينية، تبرز معادلة مختلفة تمامًا، وهي أن إسرائيل نفسها تدفع باتجاه خيار لم تكن تريد حتى مناقشته: الدولة الواحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

على الرغم من أن إسرائيل لطالما رفضت هذا الخيار خوفًا من فقدان طابعها اليهودي، فإن سياسات نتنياهو تجعل حل الدولتين مستحيلًا، وبالتالي تفرض على الأجيال القادمة مواجهة سؤال وجودي: إذا لم يكن هناك دولتان، فما هو البديل؟ الفلسطينيون الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين الاحتلال والاستيطان سيبدأون، عاجلًا أم آجلًا، في تبني خطاب مختلف، يطالب بالمساواة الكاملة داخل دولة واحدة تمتد من البحر إلى النهر، وهو أمر قد يصبح أكثر جذبًا للأطراف الدولية التي تدعم حقوق الإنسان والديمقراطية.

بدلًا من أن يقود نتنياهو مشروعًا يُنهي القضية الفلسطينية، فإنه في الواقع يساهم دون قصد في تحويلها من قضية تحرر وطني إلى قضية حقوق مدنية وسياسية داخل كيان واحد، وهو ما قد يكون أكثر خطورة على المشروع الصهيوني نفسه. فإذا استمرت إسرائيل في منع إقامة دولة فلسطينية، فسيجد الفلسطينيون أنفسهم أمام خيار المطالبة بحقوق المواطنة الكاملة، وهو ما يهدد البنية الديمغرافية لإسرائيل ويقوض أسسها كدولة يهودية.

في نهاية المطاف، كلما استمرت إسرائيل في إغلاق أفق حل الدولتين، كلما زادت احتمالات أن يتحول الصراع إلى معركة من أجل الحقوق والمساواة في دولة واحدة، وهو ما قد يفرض واقعًا جديدًا على الجميع.

دلالات

شارك برأيك

ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!

المزيد في أقلام وأراء

عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل

حديث القدس

المشهد الراهن والمصير الوطني

جمال زقوت

الخيار العسكري الإسرائيلي القادم

راسم عبيدات

ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟

هاني المصري

زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين

حمدي فراج

هل وصلت الرسالة إلى حماس؟

حمادة فراعنة

مجدداً.. طمون تحت الحصار

مصطفى بشارات

بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !

د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت

الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية

جنيباليا.. مأساة القرن

حديث القدس

لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة

أحمد عيسى

"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ

د. أحمد رفيق عوض

رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن

حمادة فراعنة

"ترمب" والتهجير الخبيث!

بكر أبو بكر

تحويل الضفة إلى غيتوهات

بهاء رحال

من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟

د. رمزي عودة

محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة

وليد الهودلي

الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟

سارة الشماس

نتنياهو ومبررات استئناف الحرب

حديث القدس

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 554)