أقلام وأراء
الثّلاثاء 04 فبراير 2025 10:05 صباحًا - بتوقيت القدس
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
ليس أمرًا غريبًا أن يكون اللقاء الأول الذي يجريه الرئيس دونالد ترامب مع زعيم أجنبي هو مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فهذا يعكس عمق العلاقة بين البلديْن والرجليْن، لأن واحدة منهما لا تكفي، فقد امتنع سلف ترامب جو بايدن عن لقاء نتنياهو فترة طويلة بعد توليه الرئاسة، في دلالة على توتر العلاقات بينهما.
اللقاء بين نتنياهو وترامب سيكون هاماً ومفصلياً ومعقدًا، فالأول مقيد بحسابات شخصية وإسرائيلية ضيقة تتعلق بدوره الشخصي وبقاء حكومته، ولو اقتضى ذلك استئناف الحرب على قطاع غزة، ولو بأشكال جديدة مثل تنفيذ مداهمات واعتقالات واغتيالات وتدمير، وذلك إذا لم يتمكن من تحقيق أهداف الحرب، والهدف المتوقع التركيز عليه الآن يتعلق بنزع السلاح وإنهاء حكم حركة حماس في القطاع.
أما ترامب فمقيد بطموح أكبر بكثير يتعلق بإنجاز صفقة كبرى في الإقليم وبالحصول على جائزة نوبل للسلام، وما يتطلبه ذلك من تهيئة الأجواء لتعميم "اتفاقات أبراهام"، عبر عقد التطبيع بين السعودية وإسرائيل بوصف ذلك خطوة استراتيجية كبرى، يتبعها تطبيع عدد من الدول العربية والإسلامية، وما ينطوي عليه ذلك من مزايا سياسية واقتصادية واستراتيجية لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
من الطبيعي أن يخضع نتنياهو لما يريده ترامب المقتنع بأن وقف الحرب مقدمة لعقد صفقة كبرى تريد السعودية أن تتضمن دولة فلسطينية أو مسارًا سياسيًا موثوقًا لتحقيق دولة فلسطينية، وهذا ما لا يستطيع نتنياهو بتركيبة حكومته الحالية قبوله، فالوزير بتسلئيل سموتريتش يهدد بالانسحاب من الحكومة ما يعني سقوطها، إذا لم يتم استئناف الحرب والمضي قدمًا في فرض السيادة على الضفة الغربية.
فيما يؤكد أن ترامب الجديد لا يختلف عن ترامب القديم فهو قام بمناورة كبرى قبل اللقاء بأيام عندما أخبر الملك الأردني والرئيس المصري "بقبول" مليون ونصف المليون غزي لفترة مؤقتة أو طويلة، إلى حين إعادة إعمار قطاع غزة. وعلى الرغم من رفض القاهرة وعمّان لتهجير الفلسطينيين، كرر ترامب دعوته مرات عدة، وهذا يعود إلى جملة من الأسباب وفق الاحتمالات التالية :
الاحتمال الأول: إن ترامب مقتنع بأنهما سيستجيبان لطلبه، وهذا مستبعد لأنه يشكل تهديدا للأمن القومي المصري وللأمن القومي والديمغرافي الأردني، ولأن تهجير الفلسطينيين تحت أي مسمى يعني تمرير مخطط تصفية القضية الفلسطينية، والمؤقت سيتحول إلى دائم وفق التجارب السابقة، وتجربة اتفاق أوسلو خير مثال على ذلك، حيث كان من المتفق عليه أن ينتهي في العام 1999، وها نحن بعد 25 عًاما لم يتحقق هذا الوعد.
كما أن التهجير في غزة يفتح شهية الاحتلال للقيام بتهجير آخر في الضفة والداخل الفلسطيني، وهذا يشق الطريق أمام ضم أجزاء من قطاع غزة والضفة أو أجزاء واسعة منها على الأقل.
الاحتمال الثاني: إن ترامب يعرف أن اقتراحه لن يجد القبول، ولكنه حدد سقفًا عاليًا لمطالبه منذ البداية، حتى يضع الدول العربية والفلسطينيين أمام هامش تفاوض ضيق جدًا، حيث أن تحقيق أقل من التهجير مهما كان سيئًا سيبدو إنجازًا كبيرًا. أو أن ترامب يريد أن يخفض سقف مطالب نتنياهو بإظهار أن ما يطالب به مستحيل التحقيق، وليس من المستبعد أن تكون غاية ترامب تخفيض سقف مطالب الفلسطينيين والإسرائيليين في ضربة واحدة مع الانحياز المطلق لإسرائيل، وليس بالضرورة لحكومتها الحالية.
ولا يمكن الجزم تمامًا أي الاحتمالين الذي سيتحقق، لذا مطلوب من الدول العربية والإسلامية عقد قمة تنص قراراتها على أن إقدام إسرائيل وأميركا على تهجير الفلسطينيين سيعني فورًا سحب السفراء وقطع كل أنواع العلاقات بين الدول العربية والإسلامية بإسرائيل. كما مطلوب منها العمل لإصدار قرار ينص على اعتبار التهجير تطهيرًا عرقيًا وجريمة حرب من قبل مجلس الأمن أو الجمعية العامة إذا استخدم الفيتو في مجلس الأمن.
ثمة مسألة أخرى تستحق النقاش، وهي وثيقة الارتباط بموضوع التهجير، وتتعلق بحالة اليقين التام أو شبه التام عند أوساط سياسية وإعلامية، خصوصًا فلسطينية وعربية، من أن الحرب توقفت ولم تستأنف، متجاهلة العوامل التي تدفع إلى استئناف حرب الإبادة كما كانت وأقسى، أو عبر أشكال جديدة، على الرغم من أن أصحاب التوقعات اليقينية لم يتعلموا من خطأ توقعاتهم الخاطئة السابقة منذ بدء حرب الإبادة منذ تقديرهم أن الرد على طوفان الأقصى لن يكون كما جرى من حرب إبادة استمرت 471 يوماً، وأن إسرائيل لا تحتمل خسائر كبيرة وحربًا طويلة، وأنها لن تخوض الحرب البرية ولن تكملها إذا بدأتها، لذلك كانوا يبشرون بقرب الاتفاق مع كل جولة تفاوضية جديدة، ولم توقظهم الخيبات والصدمات من مرض التوقعات الخاطئة.
نعم، العوامل التي أدت إلى وقف الحرب لا تزال مستمرة والأقوى، وهي إصرار ترامب على وقفها، وتحول الرأي العام الإسرائيلي نحو وقف الحرب، وموقف جيش الاحتلال بأن الحرب استنفذت نفسها وأن الأهداف عالية جداً ولا يمكن تحقيقها، وحرب الاستنزاف المستمرة لقوات الاحتلال، جراء استمرار المقاومة والهدايا الثمينة التي وعد بها ترامب، وبدأ بتقديمها لإسرائيل.
ولكن، هناك عوامل قوية تدفع نحو استئناف الحرب، أهمها أولًا عدم تحقيق أهداف الحرب أو أهداف أكثر تواضعاً، وتداعيات ذلك على دور إسرائيل ومستقبلها في المنطقة. وثانيًا، مستقبل نتنياهو الشخصي والسياسي. وثالثًا، مستقبل حكومته.
ولعل وقف الشروع في المفاوضات بشأن المرحلة الثانية الذي كان من المفترض أن يبدأ بالأمس إلى حين عودة نتنياهو من زيارته لأميركا، وتعيين وزير الشؤون الإستراتيجية رون دريمر رئيسًا للوفد الإسرائيلي المفاوض، وما يعنيه ذلك من تركيز على الجوانب السياسية لا الأمنية، إضافة إلى تصريحات إيال زمير، رئيس الأركان الجديد، بأن العام 2025 عام حرب؛ ما يقتضي عدم إهمال احتمال استئناف الحرب إذا لم يتم الاتفاق على المرحلتين الثانية والثالثة أو بعدهما وتحقيق نزع السلاح وإسقاط حكم حماس، وإن لم يكن بأشكال الحرب القديمة فبأشكال جديدة.
إن المنتظر من لقاء واشنطن إما اتفاقٌ بأن تدعم واشنطن استئناف الحرب إذا لم يتحقق نزع السلاح وإسقاط حكم حماس قبل أو بعد تطبيق المرحلتين الثانية والثالثة، وهنا سيوظف الإعمار والتحكم في دخول المساعدات الإنسانية لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق بالحرب، أو حدوث خلاف أميركي إسرائيلي سيزيد من احتمالات سقوط الحكومة الإسرائيلية، والذهاب إلى انتخابات مبكرة لن تكون حظوظ الائتلاف الحالي كبيرة فيها، بل احتمال خسارة نتنياهو ستكون أكبر.
الخلاصة، إن الأولوية عند الفلسطينيين والتجسيد الأمثل للصمود والمقاومة والمعيار للحكم على المواقف والأعمال يتمثل في كونها تصب في تعزيز احتمال وقف الحرب والانسحاب والإعمار أم لا، وهذا يقتضي شراكة حقيقية وبرنامجًا وطنيًا واقعيًا وهدنة طويلة الأمد وإنهاء الانقسام عبر تشكيل حكومة وفاق وطني، أو في أضعف الإيمان الموافقة على تمكين الحكومة القائمة بعد تعديلها لحكم قطاع غزة، حيث يكون التوافق الفلسطيني عليها القاطرة التي تقود ائتلافًا عربيًا إقليميًا عالميًا يفرض نفسه على الولايات المتحدة، ومن ثم على إسرائيل التي ترفض عودة السلطة إلى قطاع غزة لتكريس الانقسام والفصل بين الضفة والقطاع ومنع قيام دولة فلسطينية. فهل نتعظ قبل فوات الأوان.
دلالات
سحب السفراء وقطع كل أنواع العلاقات بين الدول العربية والإسلامية بإسرائيل قبل حوالي 15 ساعة
لم يفعلوا ذلك وهم يقرون في بياناتهم أن الصهاينة يرتكبون جرائم إبادة وإرهاب، ولم ينفذوا قرارهم القديم بفرض المقاطعة السياسية والاقتصادية على الدول التي تنقل أو تعلن عن نقل سفاراتها أو ممثلياتها إلى
المزيد في أقلام وأراء
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
د. رمزي عودة
محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة
وليد الهودلي
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟
سارة الشماس
نتنياهو ومبررات استئناف الحرب
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
الترامبيّة المُتحوّرة!
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
منطلقةً من بواعث عنصرية وفاشية.. دولة الإبادة تقمع مظاهر الفرح والسعادة
اللواء ناصر البوريني يستقبل سفير المملكة الأردنية الهاشمية في فلسطين
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 554)
شارك برأيك
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟