من يدّعي أن الحرب على الشعب الفلسطيني قد انتهت، فإن عليه مراجعة حساباته جيداً، ففي الوقت الذي سيبقى فيه قطاع غزة منكوباً لسنوات طويلة، وهو يحصي جثامين الشهداء المتكدسة تحت الأنقاض، وفي الوقت الذي لا تصلح فيه رقعة جغرافية في القطاع لعيش البشر، وكل مآلات وآثار ونتائج الحرب الإسرائيلية الكارثية، فإن جبهة الحرب الأخرى استكملتها إسرائيل بسيناريو مشابه لما فعلته في غزة، وتقوم بتطبيقه في الضفة الغربية، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة لصد هذا العدوان الذي يلتهم محافظات جنين وطولكرم وطوباس، وأسفر عن استشهاد ٧٠ مواطناً، وإصابة المئات وتدمير نحو ٢٠٠ منزل، وتهجير أكثر من ٢٠ ألف مواطن من مخيم جنين، و ٦ آلاف من مخيم طولكرم، وبدء عمليات طرد مواطني محافظة طوباس، خصوصاً الفارعة وطمون.
تدخل العملية العسكرية على جنين أسبوعها الثالث اليوم، وطولكرم بدأت أمس أسبوعها الثاني، بينما عقارب الساعة تشير إلى ثلاثة أيام على بدء العملية في الفارعة وطمون، حيث مشاهد القتل والتخريب والدمار في كل مكان، وكأن إسرائيل تسعى بشكل واضح لمنع السكان من الحياة أو حتى التنفس، الأمر الذي قد يقوض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة .
نشرت وكالة الأونروا الأممية يوم أمس بياناً على موقعها الإلكتروني، أشار إلى خطورة الوضع، ولا سيما قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير الأحياء والحارات وبعمليات تفجير للمربعات السكنية، حيث تم تفجير أحياء بالكامل دون أن يتم إخطار الأونروا، الأمر الذي يُعرض حياة المدنيين للخطر.
سيناريو قطاع غزة حاضر بقوة في مشاهد جنين وطولكرم وطوباس، بدايةً بهدم المنازل وتفجيرها، مروراً بسياسة القتل والاعتداء على الفلسطينيين، ومن ثم تهجيرهم من منازلهم، الأمر الذي يفاقم معاناة النازحين الفلسطينيين ويزيد من الأزمة الإنسانية في مخيمات اللجوء الفلسطيني.
أمس استخدمت إسرائيل ولأول مرة في الضفة الغربية المدرعات وهي تقتحم بجيشها طمون، الأمر الذي يشير إلى اتساع حجم عمليتها العسكرية على الضفة الغربية، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الأمين العام للامم المتحدة، الذي قال إن امتداد عملية جنين وطولكرم إلى طوباس يعني المزيد من القتل والدمار، ويثير مخاوف تجاوز القانون.
يتعمد الجيش الإسراىئيلي نقل معلومات غير صحيحة عن المدنيين وسكان المخيمات، ويدعي العثور على عبوات وذخيرة وسلاح وكل ذلك بهدف تبرير العمليات واستمرارها، الأمر الذي يُحملّ الفلسطينيين فوق طاقتهم، من أعباء النزوح وانعدام الأمن والسلامة، والغذاء والماء والدواء، وعدم وجود مبان ومساكن صالحة، وتدمير البنى التحتية، ليتحمل بذلك الفلسطينيون المستحيل، وهو اللاممكن، فأي إرادة يجب أن يمتلكها الفلسطيني حتى ينهي بجبروته وكفاحه ونضاله، مسلسل الموت والرعب الذي تشنه إسرائيل والذي حوّل شمال الضفة الغربية إلى منطقة أشباح، وهل ستنتقل العملية إلى نابلس ورام الله ومخيمات المحافظتين الكبيرتين قريباً في إطار تهديدات الإسرائيليين بأن عملية ما تسمى السور الحديدي ستستمر لعدة أسابيع..؟
كل شيء وارد وغير مستبعد على هذا الكيان المتوحش، والذي يتغول، ويتمادى كثيراً وهو يحاول قتل إرادة الشعب الفلسطيني التي لا تعرف المستحيل
شارك برأيك
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل