أقلام وأراء
الثّلاثاء 04 فبراير 2025 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
منذ نجاح ترامب في السباق الرئاسي، وقبل دخوله البيت الأبيض، ثمة أسئلة كبرى، بل ومفصلية تطرح أمام الرأي العام حول مستقبل القضية الفلسطينية والشرق الأوسط ومكانة إسرائيل في المنطقة. فبعد أن أُجْبِرَ نتنياهو على قبول اتفاق وقف إطلاق النار، وتحريك عجلة تنفيذ المرحلة الأولى، سرعان ما توالت الأسئلة حول مصير هذا الاتفاق، وإمكانية التقدم نحو المرحلة الثانية التي كان من المفترض أن يبدأ التفاوض حولها مع نشر هذا المقال. داخل المجتمع الإسرائيلي ومقارنة بالأهداف التي حددها نتنياهو من حربه على القطاع ومقولة النصر المطلق، فقد اعتُبِرَ الاتفاق فشلاً سياسياً وعسكرياً، بينما انعكست حدة تصاعد حالة الانقسام الداخلي في أوساط الفلسطينيين على الموقف من الحرب ونتائجها، الأمر الذي ساهم في حرف البوصلة الوطنية إزاء كونها حرب إبادة وحشية، وَثَّقتها المحاكم الدولية والرأي العام الدولي رغم فشلها المريع في اجتثاث إرادة مقاومة الاحتلال وإرادة البقاء في مواجهة مخططات التطهير العرقي.
هل يصمد الاتفاق ؟ نعم، طالما أن الأسباب التي أدت إلى إبرامه قائمة، وهي إصرار ترامب على ذلك، وتحولات الرأي العام في إسرائيل، والصمود الفلسطيني، بما في ذلك استمرار فعَّالية المقاومة.
ولكن هل سيعمل نتنياهو على تخريب الاتفاق؟ بالتأكيد سيعمل على ذلك، أو على الأقل الحصول مواقف من ترامب تجعل من تنفيذ الاتفاق متطابقاً مع أهدافه المعلنة وغير المعلنة، وهي القضاء على حماس، والتهجير.
وفي هذا السياق يمكن قراءة تصريحات" بالونات" ترامب حول تهجير الغزيين إلى مصر والأردن وغيرها. كما أن هذا يفسر قرار نتنياهو بخصوص إرجاء بدء مفاوضات المرحلة الثانية، بما في ذلك نيته تغيير طاقم المفاوضات، حتى يتبين له ما سيحصل عليه من ترامب.
أولوية ترامب تتجه نحو السعودية سواء لجهة الحاجة الاقتصادية لاستثماراتها في الولايات المتحدة، أو لجهة صفقة التطبيع مع إسرائيل، وبما يشمل احتمالية الاصطفاف في مواجهة ما يمكن تسميته بالمحور الصيني الروسي الإيراني والأولويات التي يتضمنها ذلك، لجهة احتواء أو ضرب إيران. هنا يبرز السؤال ما هو الثمن الفعلي الذي ستسعى السعودية للحصول عليه من واشنطن وتل أبيب مقابل التطبيع مع إسرائيل والاستثمار في الولايات المتحدة، خاصة بعد الحرب؟ وهذا يأخذنا إلى السؤال الجوهري والمركب بأبعاده المختلفة وهو ما هي الرؤية الفلسطينية التي يمكن أن تُبقي حيوية ما وَلَّدته الحرب من تصدر القضية الفلسطينية لأولوية الاهتمام الدولي سواء على صعيد الرأي العام الشعبي وكذلك على الصعيدين القانوني والإعلامي؟ وهل يمكن تحويل ذلك إلى مواقف سياسية ملزمة للغرب والمجتمع الدولي؟ وكيف لذلك أن يتحقق في ظل المزيد من مظاهر حدة الانقسام، بدلاً من احتوائه كمتطلب وجودي بفعل الحرب وتداعياتها ومخاطرها السياسية، ليس فقط في قطاع غزة "التهجير"، بل وفي الضفة الغربية وهي المعركة الاستراتيجية لتصفية القضية الفلسطينية من وجهة نظر عتاة اليمين الفاشي داخل حكومة تل أبيب وخارجها. هنا يطل سؤال المليون والذي على مدى الإجابة الموحدة عليه يمكن للفلسطينيين أن يضعوا مصالحهم الوطنية العليا على طاولة التفاعلات الإقليمية والدولية، وهو ما هي مسؤوليتنا لتحقيق ذلك ؟
بعكس المتوقع من أي جهة فلسطينية لمواجهة المخاطر المحدقة، فقد أغرقت القيادة المتنفذة في السلطة في الوهم، معتقدة أن ذلك ربما يوفر خشبة خلاص. وبدلاً من بحث الاستراتيجيات الكفاحية، في سياق مراجعة موضوعية للخيارات السياسية والكفاحية، ومدى نجاعة خيار السمة التي سادت في أشكال المقاومة، والتوافق على رؤية وطنية جامعة، فهي تنزلق نحو صدامات أمنية ثبت فشلها، ناهيك عن تعاظم احتمال الانزلاق إلى حرب أهلية الذي يُمكن أن يترب حتى عن مجرد التفكير في تنفيذ مثل هذه السياسة الأمنية في قطاع غزة.
لا يمكن لأية جهة إقليمية أو دولية أن تأخذ الحالة الفلسطينية بجدية، ما لم يتعامل المهيمنون على القرار الفلسطيني بالجدية المطلوبة على الصعيدين الداخلي والخارجي" العربي والإقليمي والدولي، على حد سواء.
من الواضح تماماً أن الحرب الحقيقية قد بدأت فعلياً بعد وقف إطلاق النار، وملامحها الأساسية من وجهة نظر نتنياهو إبقاء الفلسطينيين غارقين في انقسامهم، بل ودفعه نحو الانفصال، لتنفيذ مخططاته في تصفية القضية الفلسطينية، سواء لتركيب هيئة حكم محلية في القطاع تتناغم مع المشروع الإسرائيلي، تمهيداً لخلق هيئات حكم شبيهة في كانتونات الضفة، أو لجهة التهجير، بمنع إعادة مقومات حياة الناس في غزة، أو تكرارها في مخيمات الضفة، على الأقل لتصفية المخيمات، متطلعة على الأقل لتصفية قضية اللاجئين بتصفية الأونروا الجهة الدولية الوحيدة الراعية لمصالح اللاجئين، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة.
في المقابل فإن استعجال اليأس من قبل قوى المقاومة إزاء إمكانية قبول الرئيس تنفيذ اتفاق بكين، و تعجلها نفض اليد منه، سيؤدي بالتأكيد موضوعياً إلى عودة صيغة الحكم السابقة. إن هذا الأمر لن يعطل الإعمار فحسب، بل وقد يؤدي إلى عودة نتنياهو للحرب، وإن تَجَّنب الغوص مجدداً في وحل غزة ورمالها المتحركة، وفي كل الأحوال مواصلة حربه لاجتثاث مخيمات الضفة، مدعياً أنه مضطر لذلك بعد أن أوقع السلطة في هذا الفخ المشين.
استمرار غياب قيادة موحدة في إطار المؤسسات الوطنية الجامعة، كما الإصرار على تفادي الوفاق، وعدم وجود أي مطبخ سياسي، ليس سوى وصفة لنزع ما تبقى من عناصر قوة، إن كان ما يزال في أيدى المهيمنين على القرار أي منها، بل والتفريط بما ولدته الحرب من بعض عناصر هذه القوة، سيما لجهة التحولات في الرأي العام الدولي، والمضي بسياسة استرضاء الاحتلال والرهان على واشنطن. من ناحية أخرى لا يُمكن التسليم بعودة معادلة الحكم والانقسام كما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، وليس في أيدينا من بديل للإنقاذ سوى ما تضمنه إجماع الفلسطينيين في بكين. هنا يجب تركيز الضغط الشعبي، والقيام بكل ما من شأنه إنقاذ المشروع الوطني، ومنع الانزلاق نحو احتراب داخلي يهدد ما تبقى من قضية هي الأعدل في التاريخ. هذه مسؤولية ملايين الفلسطينيين، ويجب منع وإسقاط كل من يغامر في تبديدها.
دلالات
الحسن موهوب قبل حوالي 22 ساعة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تحليل استراتيجي قيم ومنطقي خصوصاً الأحداث الحالية في المنطقة والأكثر حساسية وأهمية.. شكرآ لكم مع تحياتي العالية للجميع
المزيد في أقلام وأراء
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
د. رمزي عودة
محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة
وليد الهودلي
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟
سارة الشماس
نتنياهو ومبررات استئناف الحرب
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
الترامبيّة المُتحوّرة!
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
منطلقةً من بواعث عنصرية وفاشية.. دولة الإبادة تقمع مظاهر الفرح والسعادة
اللواء ناصر البوريني يستقبل سفير المملكة الأردنية الهاشمية في فلسطين
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 554)
شارك برأيك
المشهد الراهن والمصير الوطني